إبراهيم بن عبدالله الكتبي

هو إبراهيم بن عبد الله بن محمد نور الكتبي المكّي الحنفي، المحدّث، المدرس بالمسجد الحرام. ولد سنة 1263هـ في عائلة مشهورة بالعلم والفضل، فوالده هو العلامة الفقيه عبد الله بن محمد نور الكتبي المكي أحد علماء الحرمين الشريفين، أدركته المنية في بلاد الهند رحمه الله. وعندما بلغ الشيخ إبراهيم سن التعليم حفظ القرآن الكريم وجوّده، مع إتمامه لبعض القراءات، ثم درس أولاً على يد والده مبادئ العلوم الدينية، ثم طلب منه أن يسمح له بالسفر الى العراق لطلب العلم فسمح له بالسفر فسافر وعمره أربعة عشر عاماً، فوصل الى العراق واتجه الى بغداد، وفيها تلقى العلوم على أيدي العلماء المشاهير بها، حتى أصبح من فريدي تلاميذهم، إذ مكث عندهم عدة سنوات حتى نال منهم الإجازة في بث العلم ونشره، ثم عزم على السفر والعودة الى مكة المكرمة عن طريق المدينة المنورة، فمكث بالمدينة عاماً واحداً، وأخذ بها عن جهابذة علماء المسجد النبوي الشريف ونال إجازتهم، ثم قدم مكة المكرمة وطاف بحلقات المسجد الحرام يتلقى من علماء المسجد الحرام، ومن مشايخه فيها الشيخ أبو بكر خوقير والشيخ عبد الله سراج مفتي الحنفية بمكة المكرمة والشيخ المهاجر إمداد الله التهانوي، ثم المكي والمحدث عبد الغني بن أبي سعيد الدهلوي، والشيخ محمد ناصر الحازمي، والشيخ عبد الرزاق البيطار، وعن السيد المحدث جعفر الكتاني، وقد نال الإجازة منهم في عهد الدولة العثمانية.

تصدّر للتدريس بالمسجد الحرام وكانت حلقته بباب السلام يدرّس فيها الحديث والتفسير والفقه وغير ذلك من العلوم. اعتزل التدريس سنة 1343هـ لكبر سنه، وكان من أبرز تلامذته الشيخ محمد ياسين الفاداني والشيخ إسحاق قاري مدير المدرسة الفخرية بمكة المكرمة، والشيخ نواب علي وغيرهم.

كانت له عناية بالرواية منذ صغره الى آخر عمره، فكان يروي عن كبار المسندين. ترجم له الأستاذ محمد جميل كتبي في كتابه (رجال من مكة المكرمة) العاصمة المقدسة بقوله: (وجدي الشيخ العالم الفاضل إبراهيم محمد عبد الله كتبي فهو من مواليد الهند في زمن الإستعمار الإنجليزي وقبل تقسيمها الى باكستان والهند وسيلان، وولد رحمه الله في بلده (فيض آباد) في شهر صفر من عام 1275هـ، التابعة في الوقت الحاضر للحكومة الهندية، ولوجود القلاقل والمصادمات بين المسلمين والهندوس وعدم استقرار الأمن آنذاك، فقد سمح له والده بالسفر من الهند لطلب العلم والمعرفة وأن ينهل من العلوم واللغة العربية ودراسة أصول الفقه للتمشي بالكتاب والسنة من البلدان العربية، فسافر جدي الشيخ إبراهيم من بلدته وهو يبلغ الرابعة عشرة من عمره وذلك عام 1289هـ، واتجه شمالاً الى أفغانستان، ومن أفغانستان الى إيران فالعراق، واتجه الى العاصمة العراقية بغداد) .. الى أن قال: (درس الكثير من العلم والمعرفة حتى نال الإجازة من أولاد الشيخ عبد القادر الجيلاني في بث ونشر العلم والمعرفة، وطلب منهم الرخصة في السفر فمنحوه الإجازة في التدريس وأجازوا له السفر).

وأضاف: (وشدّ جدّي رحاله مع القوافل المتجهة من بغداد الى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج والعمرة، ثم عاد مرة أخرى الى المدينة المنورة وبقي مقيماً فيها عاماً، ثم رجع الى مكة المكرمة، واتخذها مقرّاً له).

وكان الشيخ إبراهيم كتبي يستورد الكتب من المملكة المصرية آنذاك، وكان يبيع الكتب بالجملة والإفراد، وقال: (وجدتُ أن الشيخ أبو المحاسن وجيه الدين ابن الإمام المحدّث المسند محمد ابن الفقيه المجدابي زيد عبد الرحمن بن محمد زين الدين الشهير الكزبري هو أحد المشايخ الذين درس على يدهم جدي الشيخ إبراهيم كتبي، فلقد ورد إسمه ضمن قائمة تلاميذ الشيخ الكزبري، وذلك في كتاب: ثبت الكزبري، ويليه إتحاف السري بأسانيد الكزبري لمؤلفه الشيخ أبي الفيض محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكّي الصادر عن دار البصائر بدمشق. أما مؤلف تشنيف الأسماع فقد أورد ترجمه تشبه في مضمونها ترجمة الشيخ إبراهيم كتبي مع اختلاف في تاريخ الولادة والوفاة، فأنس كتبي أثبت تاريخ ولادته سنة 1261هـ، وتاريخ وفاته سنة 1361هـ، مع عدم ذكر مكان الولادة، وزهير كتبي أثبت تاريخ ولادته سنة 1275هـ، من مواليد الهند في بلدة (فيض الله آباد) وتاريخ وفاته سنة 1368هـ بمكة المكرمة. ومؤلف تشنيف الأسماع قال في ترجمته: إبراهيم بن عبد الله بارشاه الدهلوي المكّي الكتبي، الأستاذ المعمّر الناسك المسند الدهلوي ثم المكّي الحنفي، ولد رحمه الله بدهلي في 19 رجب 1251هـ، وطلب العلم صغيراً على علماء الهند، ثم قدم مع والده في سنة 1261هـ الى مكة المكرمة لأداء الحج، ولقي في عامه هذا العلامة المسند عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الكزبري.. واختار لنفسه بعد مدة الجلوس بمكة المكرمة لجوار الكعبة المشرفة، وحمل أهله الى الحجاز من الهند.... ورحل الى العراق والشام ومصر، وكان مجتهداً في تحصيل العلم وطلبه بالجد والنشاط مع العناية بعلم الحديث خاصة، واستفاد بمكة كثيراً من المهاجر المرشد الإمام إمداد الله التهانوي، وورى عن عبد الله سراج مفتي الحنفية بمكة المركمة والشيخ أبو بكر خوقير، والمحدث عبد الغني ابن يابي سعيد الدهلوي، والشريف محمد بن ناصر الحازمي، وعبد الرزاق البيطار والسيد جعفر بن إدريس الكتاني وخلائق غيرهم. كان عالماً صالحاً ورعاً يتكلم العربية الفصحى، له عناية فائقة قلّ نظيرها في الكتب، ولذلك لقب بالكتبي، وكان له دكان يبيع فيه الكتب يقصده الطلاب للإستفادة والإرشاد والأخذ عنه. وقد عمّر الى فوق المائة بثلاث سنوات، فتوفي رحمه الله بمكة المكرمة في 18 رمضان 1354هـ)(1).


الهوامش:

(1) كتبي، أنس يعقوب. في ملحق ألوان من التراث بالمدينة، العدد 9595 في 9/3/1414هـ، ص3، وفي ولادته سنة 1263هـ ووفاته 1361هـ.

كتبي، زهير محمد جميل. رجال من مكة المكرمة ـ العاصمة المقدسة، جـ3، ص 110-113، وتاريخ ولادته 1275هـ، ومكان الولادة في بلده (فيض الله آباد) في الهند، ووفاته سنة 1368هـ بمكة المكرمة.

أبو سليمان، محمود سعيد، تشنيف الأسماع، جـ20، وفيه تاريخ الولادة سنة 1351هـ ومكانها بدهلي، وتاريخ الوفاة 1354هـ.

الفاداني، محمد ياسين بن محمد عيسى. قرة العين في أسانيد شيوخي من أعلام الحرمين الشريفين، جـ1، ص 10، وفيه: المعمر الشيخ إبراهيم بن عبد الله بارشاه الكتبي، العلامة، المحدّث الأصولي اللغوي، المعمر الشيخ برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله بارشاه بن يار محمد بن فضل اله الدهلوي ثم المكي، الملقبّ باللحياني لكبر لحيته، وبالكتبي أيضاً لأنه كان يبيع الكتب في دكانه بمحلّة القشاشية بمكة المكرمة.

الصفحة السابقة