مكّة في وداع أحد أبنائها

رحيل الدكتور محمد عبده يماني

د. عرفان علوي

الوزير السابق للثقافة والإعلام، والمفكّر الإسلامي الدكتور محمد عبده يماني، رحل عن دار الدنيا يوم الإثنين، الثاني من ذي الحجة لسنة 1431هـ الموافق السابع من نوفمبر 2010 عن عمر ناهز 72 عاماً. والراحل هو من سلالة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد ووري جثمانه الثرى في اليوم التالي في مقبرة المعلاة في مكة المكرمة، بالقرب من قبر السيدة خديجة، زوج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أقيمت الصلاة على جثمانه الشريف في المسجد الحرام.

وكان الدكتور يماني في زيارة الى مقر إقامة الأمير خالد الفيصل، حين بدأ يعاني من جلطة في مساء الأحد، وتم نقّله الى المسستشفى السعودي الألماني في جدة، حيث فارق الحياة.

وقد ولد الدكتور يماني في مكة سنة 1938 وتلقّى تعليمه المبكّر في الحرم الشريف، ومن ثم حصل على درجة الدكتوراه في علوم الجيولوجيا من جامعة كورنل في الولايات المتحدة. وعمل محاضراً في عدد من الجامعات السعودية قبل أن يتم تعيينه في مناصب عليا، بما فيها رئاسة جامعة الملك عبد العزيز من سنة 1973 وحتى سنة 1975، ووزيراً للإعلام من سنة 1975 وحتى سنة 1983.

وقد ألّف الراحل الدكتور يماني أكثر من 35 كتاباً، باللغتين العربية والإنجليزية، في حقول مختلفة: الدين، والفكر، والعلوم. وحصل على العديد من شهادات التقدير، بما فيها ميداليات وأوسمة من فرنسا، أسبانيا، الأردن، قطر، والامارات العربية المتحدة، وبلدان أخرى.

وتعتبر وفاة الدكتور يماني خسارة كبيرة للمسلمين في كل مكان، كما ذكرت ذلك صحيفة (عرب نيوز) في 8 نوفمبر الجاري. وقد نقلت الصحيفة عن الشريف منصور أبو رياش، كاتب عمود في جريدة (الندوة)، الذي قال عن الراحل بأنه (محبٌّ لمكة وداعماً لفعاليات مختلفة ثقافية وأدبية ورياضية في المدينة المقدّسة).

وكان الراحل من بين الأوائل الذين دافعوا عن المرحوم فقيد مكة السيد محمد بن علوي المالكي الذي وجه له الوهابيون السهام متواصلة طيلة حياته.

وبدون الدكتور يماني، فإن شيوخ الصوفية في المملكة السعودية لن يجدوا أحداً نافذاً يساعدهم بالطريقة التي قام بها.

وقد كان مهتماً بالحفاظ على تراث الإسلام في الحجاز، وكانت له لافتة وضعت في الموقع التاريخي لمعركة بدر، بأسماء صحابة النبي الذين استشهدوا هناك.

ولابد من تذكّر بفخر آخر لقاء معه، حيث استعدنا تلك الأيام حين كان شيخي سيد حبيب أحمد مشهور الحداد، وشيوخ با علوي الآخرين، يقيمون إحتفالات المولد، لإحياء مولد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يماني زائراً منتظماً. وقد أهداني كتابه الشهير (إنها فاطمة الزهراء)، حول حياة بنت محمد، وعائلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وكان الدكتور يماني قد قرر مؤخراً الإنتقال مع زوجته إلى مكة، مسقط رأسه، واشترى أرضاً لبناء بيت له قبل مرضه.

لقد خسرنا شخصاً عاش حياته في خدمة خالقه، والقيام بكل جهد في خدمة القضايا الإنسانية، وتكريس حياته لعمل الخير، والتصرّف كمسلم مخلّص ضد الوهابيين التكفيريين.



الصفحة السابقة