إليه بدون تحيّة أو تقدير

كَمْ في الحجازِ قَتلتمُ من مُسْلِمٍ؟

عَرْبِدْ فمِثْلُكَ مَنْ يَظلُّ يُعَربِدُ

حتى يطيحَ برأسهِ العاتي غدُ

واسجن فأبوابُ السجونِ محجّةٌ

للثائرين إذا أطلَّ الموعدُ

واعدمْ فإنّ دمَ الشهيدِ بشارةُ

ببزوغِ فجرٍ كالحياةِ يخلّدُ

وانشرْ على الوطنِ الظلامَ فإنّهُ

كَفَنٌ تُلَفُّ به الطغاةُ وتُلحَدُ

إنّ الشموعَ على الدروبِ كثيرةٌ

هيهاتَ يُطْفِؤها الظلامُ الأسودُ

* * *

عَرْبِدْ فمّا غمَّ الجزيرةَ درْبُها

إمّا توثبَ روحُها المتمرّدُ

سترى الشواطئَ وهي طوفانٌ طما

وترى الصحارى وهي نارٌ توقدُ

في كلِّ نجمٍ فوقَ رأسكَ حاصِبٌ

وبكلِّ تلٍّ تحت رِجْلِكَ مَرْصَدُ

ولَسوفَ تسمعُ ما يهزُّ دويُّهُ

سمعَ الطغاةِ الحاقدينَ وتَشْهَدُ

ولَسوفَ يَخْفِقُ في السماءِ لشعبنا

عَلَمٌ تُبارِكُهُ السماءُ وتَعْقِدُ

ويَشيْعُ في الأرضِ السلامُ مُنوَّراً

خَصْباً يفيءُ له الطريدُ المُبْعَدُ

* * *

عَرْبِدْ فلم تُضِعِ السنونُ ظُلامَةً

من خلفها شعبٌ عنيدٌ نَيْقَدُ

فغداً نُقاضيكَ الحسابَ وإنّ مِنْ

عَدْلِ السما أنّ القصاصَ مؤكَّدُ

كَمْ في الحجازِ قَتلتمُ من مُسْلِمٍ

وثوى بسيفِكُمُ الغشومُ موحِّدُ

وكذا (الملوكُ) إذا تولّوا قريةً

نشروا الفسادَ بها وذلَّ السيّدُ

* * *

عَرْبِدْ فصَلْصَلَةُ الحديدِ جَهيْرَةٌ

مادامَ في سجنِ العبيدِ مُصَفَّدُ

عَضَّتْ ثُقوبُ اللوحِ في سيقانهِ

ولوى السلاسلَ في يديهِ مُقَيِّدُ

سرقَ الظلامُ النورَ من أجفانهِ

فكأنها كهفٌ قديمٌ موصدُ

وذَوَتْ كما تذوي الشموعُ شبيبةٌ

كان الربيعُ لمثلِها يُسترْفَدُ

* * *

عَرْبِدْ فلستَ بخانقٍ صيحاتنا

برنينِ كأْسٍ أو نَسيبٍ يُنْشَدُ

أوَ في كتابِ الله حُلِّلَتِ الطُلى

لكَ أمْ بدينٍ غيرِهِ تتَعَبّدُ

ومنَ المآسي أنّ دينَ محمدٍ

وكتابَهُ بهما يُتاجِرُ مُلْحِدُ

مُسْتَعْمَرٌ في عقلِهِ مُتَأمْرِكٌ

بِسُلوكِهِ مُتَصَهْيِنٌ مُتَهَوِّدُ

* * *

عَرْبِدْ وأطْلِقْ كلّ يومٍ صيحةً

كَتشنُّجِ الرّعْديدِ حينَ يُهدِّدُ

ما سَلَّ سيفَ البطشِ إلاّ خائرٌ

يخشى الهزيمةَ والمُهنّدُ مُغْمَدُ

سَتُمَزَّقونَ جزاءَ ما مزّقْتُمُ

وتُشَرَّدونَ جزاءَ مَنْ قدْ شُرِّدوا

سَيَدوسُكمْ زحفُ الحياةِ ويَرتَمي

بِمَزابِلِ التاريخِ عَهدٌ أسوَدُ

ويَعودُ للشعبِ المُجوَّعِ نَفْطُهُ

وكُنوزُهُ ورَصيدُهُ المُسْتَنْفَدُ

وتُرَدُّ للوطنِ المباحِ كرامةٌ

أغلى الكنوزِ إذِ الكنوزُ تُبَدَّدُ

ما طالَ للعملاءِ عُمْرٌ أوْ صَفَا

للخائنينَ بأيِّ شعبٍ مَوْرِد

الصفحة السابقة