أم القـرى: ما أرخص الإنسان!

خلّ الشموع على جفوني

تسقي بأدمعها عيوني

 خلّ النجوم تهلُّ كيف تشاءُ

في زمن الجنونِ

أنا لا أرى إلاّ الدماء

تسيلُ في وطني الحزينِ

قتلت بسيفِ الآثمينَ

قداسةَ الحرم الأمينِ

* * *

رشّ الشموسَ على جفوني

لتضئَ معتمةَ السنين

قد صارت المأساةُ بركاناً

تثورُ به لحوني

يا من رأى الأقمارَ تسبحُ

في بحارِ دمٍ وطينِ

أينَ التفتّ رأيتَ أجساداً

معفّرةَ الجبينِ

والكعبةُ الشمّاء تنزفُ

بالدماء وبالأنينِ

نسيَ الحمامُ هديلهُ

بين الأباطح والحجونِ

وتجرّدَ الزيتونُ من

ريعانهِ ومنَ الغصونِ

* * *

 واقسوةَ المأساةِ ما مرّتْ

بذهني أو ظنوني

ما أرخصَ الإنسانَ في

بلد المجازر والسجونِ

مازال محكوماً بنزوةِ

مجرمٍ وأخي مجونِ

* * *

 أُمّ القرى ويح القرى

من كلِّ مأجورٍ خؤونِ

أمّ القرى إني أحسّ

العارَ ناراً في وتيني

ما للقرى أغفتْ على

بطشِ العتاة الآثمين

تركتكِ وحدكِ للجناةِ

وللرصاص وللمنونِ

في كلِّ منعطفٍ شهيدُ

تحرّرٍ وشهيدُ دينِ

واقسوة المأساةِ حين

تغيبُ في حَلَكِ الشجونِ

سرقتْ حياةَ الأبرياءِ

وعزّةَ الوطنِ الحنونِ

* * *

 أمّ القرى كيف استحالَ

الوردُ شوكاً في يميني

هُمْ يقطعونَ يدي أمامَ

العالمينَ ويسرقوني

وهمُ الأولى يزنونَ في

وضَحِ النهارِ ويرجموني

قدْ صيّروا الإسلامَ سيفاً

في رقابِ المسلمين

* * *

أمّ القرى لا ترجفي

بالحادثاتِ ولا تهوني

أمّ القرى مازالَ ليْ

أملٌ ترسّخَ في يقيني

فالفجرُ في رحمِ الليالي

السودِ يكبرُ كالجنينِ

وغداً سينشرُ في المشارقِ

رايةَ النصرِ المبينِ

الصفحة السابقة