الأمراء السعوديون متوترون

سلطان: المعارضون كلاب تنبح!

إعترفت الحكومة السعودية مؤخراً وعلى لسان وزير دفاعها بأن هناك عسكريين أميركيين في قواعد المملكة، بعضها لمراقبة العراق منذ 12 عاماً ومهاجمته. وبعضها بحجة الإغاثة الإنسانية حيث أُغلق مطار عرعر لأربعة أشهر لهذا السبب، وبعضها كما قال الأمير سلطان لمساندة المملكة ضد أي هجوم يأتي من إسرائيل، وهذا استدعى وجوداً أميركياً مكثفاً في قاعدة تبوك وإجراء تمرينات مشتركة لمواجهة العدو!، وأخيراً هناك قاعدة الأمير سلطان جنوب الرياض التي يتم من خلالها قيادة المعارك القادمة من العراق مثلما قادوا نظيرتها في أفغانستان. هذا غير قاعدة حفر الباطن بالقرب من الحدود العراقية التي تحولت الى قلعة أميركية عسكرية خلال الأسابيع الأربعة الماضية.

اعترف الأمراء بأن هناك ستة آلاف جندي أميركي انتشروا في السعودية مؤخراً، هذا والسعودية لاتزال ضد الحرب على العراق، ولا ندري كيف سيكون الحال إذا ما كُشف المستور وتبيّن أن العائلة المالكة اتفقت مع أميركا على كل شيء بما في ذلك إخراج ومونتاج خبر المشاركة والدعم السعوديين.

من جهة أخرى لايزال الأمير سلطان ـ كما هم الأمراء الآخرون هذه الأيام ـ متوتراً. ففي تصريح للصحافة السعودية (عكاظ 9/3/2003) أبدى توتراً غير معهود حين الحديث عن الوجود الأميركي والكنائس المقامة لهم، ووصم المعارضين للحرب أو لسياسات العائلة المالكة بأنهم (كلاب تنبح) بل وجرّدهم من هويتهم وانتمائهم لوطنهم، فمن ينبحون في الخارج ـ حسب قوله ـ ليسوا سعوديين. بالطبع السعودي هو الذي ينتمي للعائلة المالكة، والسعودي هو الذي تتفضل عليه العائلة المالكة بالإنتماء الى (السعودية). العائلة المالكة والوطن شيء واحد، بل أن الثاني ملك للأول، ومن يعترض على آل سعود فهو غير مواطن ''ويتعدى على الدين والقيم'' وبالتالي فهو ''مجرم''. إذا استمر الأمير على هذا النحو من تجريد المعارضين من الجنسية فإنه سيجد عدد السعوديين مقارباً لعدد الأمراء! زائداً عدد من ''ينبحون'' مدافعين عنهم!

وإذا كان الأمير عبد الله قد استهدف بسبب كلمته العصماء في القمة العربية، فلنقرأ كلام سلطان المعدّل من الصحافة.. يقول: ''اما ما تنبح به الكلاب في الخارج والذين يقولون انهم سعوديون فليس هنالك سعودي خارج المملكة يسمى سعودي .. فالسعوديون هؤلاء الموجودون والمواطنون والعاملون داخل المملكة وخارجها.. واضاف اما من لبَّى الاجرام وتعدى على دين الله سبحانه وتعالى وعلى قيمنا الاسلامية والعربية فهو مجرم ومن صدقه فهو أخون منه ولذلك اقول الكلاب تنبح والأمور في موضعها الحقيقي''. وهكذا فمن يعترض على آل سعود أو يهرب من طغيانهم فهو مجرم تعدّى على الله ورسوله ودينه، ومن يصدق كلاماً غير كلام الأمراء فهو ليس خائناً بل أخون من المعارضين أنفسهم. هذا ونحن ـ كما يزعمون ـ على حافة (الإصلاحات) (والشفافية) (والإعتراف بالخطأ)!! هذا رغم وضوح تآمر آل سعود على العراق وأهله كما هو ديدنهم من قبل.

وحسب هذا المنطق، فإن كل ما يقال عن سياسات المملكة ورجال الحكم فيها مجرد شائعات، وهذه الشائعات تزداد هذه الأيام بحسب رأيهم، وهو لا يعدو انكشاف الكثير من الحقائق، ولكن للأمير سلطان رأي في الشائعات، فهي لا تصدر من الداخل بل من الفضائيات التي لم تلتزم بالميثاق الإعلامي لوزراء الإعلام والداخلية، فكشفت الفضائح أو بعضها على رؤوس الأشهاد، وحسب قول الأمير سلطان ''لو طبق ـ الميثاق ـ لما وجدنا هذه الغوغائية العربية مثلما يتمّ الآن''.

وملخص القول، فإن كل معارض مجرم خارج عن الدين وبالتالي فهو غير سعودي، ولا حق له في الجنسية. الجنسية ليست حقاً مكتسباً كما هي في كل العالم، بل هي منحة ومكرمة ملكية، وإذا ما غضب أمير على مواطن هدده بسحبها، وكأن المواطن عامل أجنبي انتهى عقد عمله! أفبعد هذا: هل هذا هو الوطن الذي نحن ندافع عنه؟ أم هل هذه هي القيادة التي تحمي الحمى وتحفظ الكرامة؟!

إطبع الصفحة الصفحة السابقة