طفولة وشيخوخة تتعذّب

عمره خمسة أعوام، إسمه فيصل، يتيم تبناه كافل في الرياض عقيم، فعذّبه حتى الموت فقط لتبوّله غير الإرادي. أخوات فيصل قرأن خبر وفاته في الصحافة تحت عنوان (كافل يتيم اراد تربيته فأزهق روحه)وفي التفصيل بشاعة حيث توفي إثر نزيف في الدماغ نتيجة ارتطام، ووجود اصابات متعددة في الراس والبطن والعنق وكذلك اصابات داخلية وحروق بالغة في عضوه الذكري تمّت في اوقات زمنية مختلفة.

شُيّع فيصل الى مثواه الأخير، والحقوقيون يطالبون وزارة الشؤون الاجتماعية بالتحقيق في الأمر ولماذا تم تسهيل تبنيه لشخص لا تنطبق عليه الشروط حتى في توفير الجوانب المعيشية؟

وكما الطفولة المعذّبة، هناك شيخوخة تتعذب ايضاً في مملكة الإنسانية. اسوة بشباب ونساء محرومين من حقوقهم.

مئات الألوف بلا جنسية.

ملايين تعيش تحت خط الفقر.

من له حق في المهلكة؟

وملايين الشباب والشابات بلا عمل.

من هو السعيد إذن في مملكة الإنسانية؟

هنالك امرأة تم تداول فيديو بشأنها تعيش وحيدة في الصحراء.

تسعون عاماً عمرها، بلا زوج ولا أهل ولا عشيرة، تدمر منزلها (الهبوب) اي الرياح. وتغرقها قطرات مطر.

ألفتها مع ماعزها، تعيش عليهم وبهم ولهم.

تتنفس هواءهم وتنام في خبائهم!

وعدها من وجدها في عمق الصحراء، المرة تلو الأخرى بأن الحكومة ستعينها، ولكنها تبدو غير مبالية بالوعود وكأنها سمعتها من قبل.

هي لا تستطيع ان تحمي نفسها من السراق، ولا من ذئاب الصحراء.. فقال لها بأن حقها لن يضيع!

عمرها ضاع، فهي بلا منزل ولا خدمة ولا ضمان اجتماعي ولا أية حقوق.

قالت له بأنها لا تحتاج الى ابلاغ الحكومة فالحكومة (خابرة) يعني تعرف ما يجري، اللي راح واللي جاء! رجالها لم يفعلوا شيئاً ولن يفعلوا!

يعدها من وجدها وصوّر مأساتها ببيت وخادمة.

وهي تتمنى كيف تستطيع ان ترقع الخِدْر حين ينزل عليها.

العيش مع الغنم صار أشرف من العيش مع شعب رأسماله الزعم بأنه الأفضل والأتقى والأكرم والأكثر عروبة وأصالة!

ابشري بالخير، قال لها!

ولسان حالها: هيّن بس!

من يبشر من؟

تبحث عما وعمن تبقى من ظلال بشرية.

ابشري بالخير الحكومة الآن درت بمعاناتك. هكذا قال لها!

 قالت الحل: الناس قلّ دينهم.

فهل قصدت الحكومة ورجالها واعتبرتهم من الناس؟ اذا لم تنضبط سلطة ما بقانون، فماذا يتبقى بعد ضياع الوازع الذاتي الديني والوطني؟

الجواب : مملكة نهب الى نهب الى نهب.

لقد رأينا معجزة التسعينية وهي تقاوم عاديات الزمن والمرض والعجز وحيدة في صحراء العرب: لا زوج ولا ابن ولا أحدٌ البتة.

في مملكة الإنسانية يأتي السؤال: من له حق أصلاً؟ وبعده: من أخذ حقّه؟

الصفحة السابقة