سلطنة عُمان تواجه قنابل وهابية

النفوذ السعودي السياسي يعضده النفوذ الديني، والعكس صحيح. حين انحسر النفوذ السعودي سياسياً، انحسر النفوذ الديني الوهابي، وانحسرت مكانة السعودية في العالم الإسلامي.

في الماضي كان القرار الديني، فيما يتعلق بتوقيتات وتواريخ المناسبات الدينية كالأعياد يعتمد على السعودية. فإذا ما قررت الأخيرة يوما ما أن يكون عيداً، فإن معظم الدول الاسلامية تقتفى خطاها. في السنوات الأخيرة انحسر النفوذ السياسي السعودي، حتى بين دول الخليج نفسها. حتى الدول الصديقة للسعودية بدأت تميّز نفسها سياسياً ودينياً عن السعودية ومؤسستها الدينية الوهابية.

كان هذا ولازال مؤشراً على اضمحلال مكانة الرياض. كما انه مؤشر على الخوف من أيديولوجيتها الدينية المتطرفة، وخشية الدول العربية والإسلامية بأن تكون المرجعية الدينية السعودية سبباً في انتشار الوهابية وبالتالي انتشار التطرف والقتل ـ كما صار واضحاً اليوم في منتج الوهابية القاعدي والداعشي.

مصر ومنذ سنوات طويلة تصرّ على مرجعية الشعب المصري لما يقرره الأزهر، وليس ما يقرره مشايخ السعودية، فيما يتعلق بتحديد يوم عيد الفطر. بل ان الأزهر اظهر تشدداً حتى بالنسبة للمصريين في الخارج، وطلبت منهم اتباع تحديد الهلال في الصوم، او في العيد على ما يقرره الأزهر.

دول اخرى عديدة رأت ذات المسألة، من جهة فصل مؤسستها الدينية عن المرجعية الدينية السعودية الوهابية المخيفة والمتطرفة، ومحاولة تكوين مؤسسة دينية وطنية جامعة لشعوبها، وتلتزم بآرائها، بدلاً من ترك الحبل على الغارب لتقرر المؤسسة الوهابية عنها.

وكانت دولاً عربية عدّة تلتزم بموقف السعودية بشأن تحديد يوم بدء الصوم او يوم العيد؛ ولكن الكثيرين الآن لا يعتمدون على رؤية المؤسسة الوهابية، خاصة وأن الأخيرة تحاول ان تستبق قرار الآخرين بإعلان يوم العيد؛ وفي كثير من الأحيان تكون هناك استحالة لرؤية الهلال او حتى ولادته، ومع هذا يعلن مشايخ الوهابية يوم العيد، ثم يتضح ان الشهود في رؤية الهلال كاذبين، وان هدفهم الحصول على المكافأة لمن رأى الهلال!

وقد حدث في رمضان عام ٢٠١١ ان اعترفت المؤسسة الوهابية بخطأ يوم العيد، الذي كان يجب ان يكون آخر يوم من رمضان، واضطرت الى أن تطلب من السلطات السعودية ان تدفع الكفارة عن كل الشعب السعودي الذي أفطر واحتفل بالعيد. في حين كان يجب ان تدفع الكفارة عن كل من التزم بالقرار السعودي الديني الخاطئ.

التسرع في اتخاذ القرار الديني سمة سعودية وهابية بامتياز. وهذه المؤسسة لا تعترف بغير الرؤية المجردة بالعين، ولا تسترشد بالعِلوم الفلكية فيما يتعلق بإمكانية الرؤية، كما ان مشايخ الوهابية لا يقبلون شهادة الرؤية للهلال إلا من اولئك الذين هم على نهج الوهابية. ولهذا، فإن هناك أسباباً كثيرة سياسية وأمنية ودينية تمنع المؤسسات الدينية الأخرى في العالم الاسلامي من اتباع المرجعية الدينية الوهابية.

هذه السنة، وفي عيد الفطر المبارك الماضي، اعلنت سلطنة عُمان أنها لن تفطر في اليوم الذي قررته السعودية وهو الإثنين، لاستحالة الرؤية بالعين المجردة، وحتى بالتلسكوبات، وقررت اكمال صيام ثلاثين يوماً. اما دول الخليج الأخرى ـ خاصة البحرين ـ فتابعة تماماً للقرار السعودي. هنا انزعج طبّالو آل سعود، ووضعوا هاشتاقاً بالمناسبة للتنديد بالخطوة العمانية، فيما رد بعض المغردين العمانيين بصورة مهذبة كما هي عادتهم.

الصفحة السابقة