البيعة

(البيعة) أصابت آل سعود بالهوس، فهذا يعني وجود شرعيتين وقيادتين، ويعني مناطحة لشرعية العائلة المالكة في ان تحكم البلاد. وقد طلب الأمراء من المفتي أن يصدر فتوى حول موضوع البيعة بالذات وما يتعلق بها. لم يتأخر الرجل فأصدر في اليوم التالي لبيان الداخلية الإنفجاري، أي في 28/4 بياناً طويلاً مملاً وتقليديا، اتكأ فيه على ما جاء في بيان الداخلية من معلومات، فوصف الخلايا بأنها (إفسادية ارتكبت أموراً عظيمة هي من كبائر الذنوب، ومن ضلالات المبتدعة). وأول الأمور الإفسادية مسألة البيعة: (..ما قام به هؤلاء من مبايعة زعيم لهم على السمع والطاعة وإعداد العدة والاستعداد البدني والمالي والتسليح هذا كله خروج على ولي الأمر، وهو مطابق لفعل الخوارج الأوائل). وبالتالي فإن من الواجب قتالهم، وإن صلوا وصاموا، وادعوا ما ادعوا.

وطفق المفتي يوضح أن بيعة (الإمام) السعودي هي الصحيحة: (إنا ـ بحمد الله تعالى ـ نعيش في هذه البلاد السعودية المباركة، في ظل ولاية عادلة، قد انعقدت لها البيعة، وصحت إمامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على هذه البلاد وأهلها، ولزم الجميع السمع والطاعة بالمعروف، والبيعة ثابتة في عنق أهل البلاد السعودية كافة، لإجماع أهل الحل والعقد، على إمامته. من الكبائر العظيمة، والآثار الجسيمة، نقض البيعة، ومبايعة آخر، مع وجود الإمام وانعقاد البيعة له، وهذا خروج عن جماعة المسلمين، وهو محرم ومن كبائر الذنوب).

ونلاحظ ان المفتي يركز على خلية الـ 61 بالتحديد، ولكنه في نفس الوقت يؤكد أن كل ما يفتي به يعتمد بيان الداخلية من معلومات، حتى تلك المعلومات التي لا تخصها والتي تقول: (ومما ظهر ـ أي في البيان ـ أن هذه الفئة تكفر المسلمين وتستحل دماءهم، وهذه من أخطر جرائمهم، وأشدها وطئاً). ولا يعلم أن هذه الفئة بالذات تكفّر المسلمين. نعم نعلم أن القاعدة تكفّر المسلمين، ولكن هل هؤلاء من القاعدة؟. ثم إن الفكر الذي اتكؤوا عليه في التكفير هو نفس فكر المفتي الذي يكفر فيه المسلمين والمواطنين السعوديين. وقد أظهر المفتي أحكاماً قاطعة لوقائع لم تحدث، وإنما يزعم بيان الداخلية أنها ستحدث، مثل (الخروج على المسلمين وقتالهم وسفك دمائهم، وتدمير الممتلكات) وبالتالي يكون فعلهم (الإفساد في الأرض) والحكم عليهم بالقتل والصلب وقطع الأيدي والأرجل من خلاف كما قال المفتي. اي أنه أصدر حكمه مسبقاً كقاض، أو كأعلى سلطة دينية، قبل أن يلمّ بأطراف القضية، وقبل أن تتوضح تفاصيلها حتى للداخلية التي لم تنه تحقيقاتها، وايضاً قبل أن يسمع المفتي القصة من الطرف المتهم نفسه. بل أن المفتي زعم أشياء لم يذكرها البيان حيث اتهم المعتقلين بـ (التواطؤ مع الجهات الخارجية ضد بلاد الإسلام) في إشارة الى جهات دولية غير مسلمة، لينسج عليها حكمه (وهذه مثلبة عظمى، ومنقصة كبرى..الخ).

الصفحة السابقة