حصار سعودي على غزة .. تسييس الحج بعد توهيبه

المزاعم التي كانت تسوقها الحكومة السعودية بأنها ترفض تسييس الحج في سياق ردها على مظاهرات (البراءة من المشركين) التي كان ينظّمها الإيرانيون خلال موسم الحج في السنوات الماضية، باتت جليّة وخصوصاً هذا العام، إذ باتت السعودية تمارس التسييس بطريقة مثيرة للسخط، بدأت بمضايقات حملات الحج القادمة من بلدان عربية محدّدة، ورفض منح تأشيرات لدخول بعض القيادات الدينية والسياسية في الخارج مثل الشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، وقيادات فلسطينية في الجهاد الإسلامي، إضافة الى حرمان حجاج قطاع غزة من الحصول على تأشيرات سفر.

وذكر بيان لبعثة الحج الفلسطينية (أكدوا لنا ـ أي وزارة الحج السعودية ـ أن لديهم قراراً سياسياً بعدم التعامل إلا مع جهة واحدة ـ حكومة رام الله ـ التي يتعامل معها المجتمع الدولي). وقال صلاح البردويل، القيادي في حركة (حماس)، في تصريح له ما ذكرته البعثة قائلا: (هي ـ الرياض ـ تُريد التعامل مع الرئيس محمود عباس وحكومته؛ لأنها تعتبره شرعيا ويحظى بدعم أمريكي، ولكنها تشعر بالحرج إزاءنا، وتعتبر حكومة حماس غير شرعية).

ونفى الدكتور طالب أبو شعر وزير الأوقاف والشئون الدينية في الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية وجود أية إشكالية مع مصر حول فتح معبر رفح الحدودي مع غزة أمام الحجاج، موضحا أن المشكلة تكمن في منحهم تأشيرات دخول من قبل السلطات السعودية.

وقد ردّ مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية في 30 نوفمبر الماضي على تصريحات قادة حماس بالقول (إن المملكة العربية السعودية، تنظر إلى جميع الفلسطينيين بعين المساواة).. ولكن المصدر اعترف بأن تأشيرات دخول المملكة لأداء فريضة الحج (سلمت للسلطة الفلسطينية) في إشارة إلى سلطة محمود عباس.

وبالرغم من مناشدة الحكومة الفلسطينية برئاسة هنيّة نظيرتها السعودية بالتدخل الفوري والعاجل من أجل إنهاء أزمة حجاج قطاع غزة، والسماح لهم بالسفر لأداء فريضة الحج، فإن القيادة السعودية التي كان يأمل حجاج غزة صدور مرسوم ملكي أو مبادرة كريمة عنها لانهاء الأزمة، قد لاذت بالصمت، فيما عاش حجاج غزة وضعاً نفسياً بالغ الصعوبة يضاف إلى قائمة مآسي القطاع، ودخل الحصار السعودي في مشهد الحصار الشامل على فلسطين.

فكرة الحصار العربي ـ الغربي ـ الإسرائيلي لقطاع غزة واضحة. المراد إضعاف المجتمع الغزّاوي وتيئيسه، تمهيداً لاجتياح اسرائيلي عسكري ينهي حماس مرة والى الأبد، ويعيد السلطة الى محمود عباس وحركة فتح. كل الضغوط السياسية والإقتصادية والنفسية والعسكرية القائمة اليوم تستهدف الوصول الى تلك النتيجة.

الصفحة السابقة