خلاف بين عمرو موسى وسعود الفيصل

ذكرت تقارير صحفية في 21 سبتمبر الماضي أن مصر ودولاً عربية أخرى تسعى لاحتواء أزمة مكتومة نشبت مؤخراً بين الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، على خلفية رفض موسى تعيين دبلوماسي سعودي رئيساً لبعثة الجامعة في نيويورك خلفا للسفير يحيى الحماصي، بسبب ما اعتبره الأمين العام نقصاً في الخبرة والكفاءة لدى المرشح السعودي.

وقالت مصادر دبلوماسية وصحافية بالقاهرة لصحيفة (العرب) القطرية، إنه لم يتم حتى الآن معرفة نتيجة جهود الوساطة لاحتواء هذا الخلاف الذي وصفته بـ (العنيف لأول مرة) بين الجانبين، خاصة في ظل علاقات ودية وتنسيق معروف بين الجانبين في العديد من القضايا.

وطبقا لمصادر دبلوماسية بالجامعة العربية، فإن الأمير سعود الفيصل طالب في كلمة ألقاها نيابة عنه مندوب السعودية لدى الجامعة السفير أحمد قطان خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير موسى بالتراجع عن قراره بالتمديد لرئيسي بعثتي الجامعة في واشنطن ونيويورك، لأن ذلك من اختصاص وزراء الخارجية. وبحسب المصادر ذاتها فإن موسى من جهته عبَّر عن دهشته من الطلب السعودي واعتبره تشكيكا في نزاهته وكفاءته.

وقال موسى خلال الاجتماع الوزاري (إنني أشم روائح كريهة بحق الأمين العام والأمانة العامة للجامعة العربية). وتساءل: (كيف يعقل أن يتدخل وزراء الخارجية في قرارات تعيين أو التمديد لموظفي الجامعة؟). وأضاف أن عملية تقييم ومتابعة موظفي الجامعة هي من اختصاص الأمانة العامة للجامعة العربية وأنه - أي موسى- الأقدر على معرفة من يصلح لهذا المكان أو ذاك.

وطبقا للمصادر فإنه مع إصرار السفير قطان رئيس وفد السعودية في الاجتماع الوزاري، على ضرورة تراجع موسى عن قراره، ارتفعت حدة لهجة موسى حتى وصلت إلى التحدي بقوله: (ما دام الأمين العام باقياً فإن حسونة والحماصي باقيان، وتنتهي فترة عملهما بانتهاء ولاية الأمين العام).

من جهة أخرى، رأى محللون آخرون بأن خلاف موسى مع الفيصل له أبعاد سياسية. فالأول طالب الدول العربية بالإنفتاح على دول الجوار الإقليمي، والمقصود إيران، باعتبار ان لا مشكلة مع تركيا، وقد سميت مبادرة عمرو موسى بـ (مبادرة دول الجوار). لكن السعوديين يرفضون أية انفتاح عربي على ايران، ولكنهم لا يمانعون من الإنفتاح على اسرائيل. وقد أبدى السعوديون غضبهم من عمرو موسى مراراً، كان آخرها أثناء القمة الأخيرة. طارق الحميد، رئيس تحرير الشرق الأوسط، كتب تحت عنوان (شكراً يا أمير) يقول نقلاً عن أحد يثق الحميد بخبرته (على وزن ما يقوله الوهابيون: حدثني من أثق به!): (ماذا يريدون من مبادرة دول الجوار؟ لا أفهم ما الذي يريده الأمين العام، هل ننتفتح على إيران وهي تتوغل في أراضينا، وتخطف القرار السياسي العربي، وتغذي الصراعات بيننا؟ نحن في حالة ضعف، نعم، لكن ننفتح على ايران في هذا الوقت، هذا خطأ فادح!). وأثنى الحميد على قول وزير الخارجية السعودي في القمة بضرورة ترتيب البيت العربي أولاً، ليخلص الى: (ليس من المنطقي مطالبة العالم العربي بالإنفتاح على دول الجوار، والمقصود هنا بالطبع إيران)!، و(الأجدى للعرب أن يصححوا أوضاعهم بدلاً من مكافأة إيران بجائزة لا تستحقها. هذه هي الحقيقة وإن أغضبت)! أغضبت من؟ مصر؟ عمرو موسى؟ المغرب العربي، وبعض دول الخليج؟!

الجائزة السعودية يجب ان تذهب الى اسرائيل، فليواصل آل سعود مبادرتهم البائسة معها، ولكن هذا لن يعيد الدور السعودي الى سابق عهده، فما فات مات! ومصر في طريقها الى الإنفتاح على إيران، رغم رفض السعوديين وغضبهم!، مثلما انفتحت من قبل وفتحت سفارتها في بغداد، فيما بقيت السعودية الشاذّة عربياً، والحالمة بإعادة مجدها عبر افتعال صراع مع ايران، وتليين الموقف مع اسرائيل.

الصفحة السابقة