الرّاقون الأفّاقون!

كثر عدد الراقون الأفاقون الذين يخادعون الله ورسوله، ويمارسون ما يسمونه بـ (الرقية الشرعية) والتي أصبحت وسيلة لضعيفي الإيمان لابتزاز أموال الناس بالباطل، وفي بعض الأحيان التعدّي على الحرمات والأعراض. ولأنّ معظم من يمتهن الرقية محسوبون على الجسد الديني الرسمي/ الوهابي، فإن تجاوزات هؤلاء غالباً ما تغطّى، ولكن اتسع الفتق على الراقع.

فقد ضبط راق في وضع مشين مخلّ بالآداب مع سيّدة داخل منزله بخميس مشيط في 24/10/2010. الناطق الرسمي بفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعسير بندر آل مفرح قال بأن ما فعله الرجل (الذي لم يذكر اسمه، ولا صلته بالجهاز الديني الرسمي) لا يمت للرقية الشرعية بصلة، وفيه تجرؤ على إهانة القرآن!

وسبق أن هزّت المجتمع القصيمي النجدي حادثة فتاة في العشرينيات من عمرها، أرسلت الى راق لمعالجتها، فأعادها جثّة هامدة، دون أن تسجل على الراقي الشهير! في بريدة أية ملاحظات. قام ذاك الراقي الذي يفترض فيه أن يقرأ على الفتاة آيات من الذكر الحكيم لكي يخلصها من الجن (كما يقال!) قام بصعقها بالكهرباء بحجة انه كان يريد قتل الجنّي!!، فقتل الفتاة التي كانت في السنة الأولى بجامعة القصيم.

وفي أبريل الماضي، قتلت فتاة عمرها 26 عاماً في محايل عسير على يد راق شهير أيضاً. والشهير لا بدّ وأنه شيخ مهم، والشيخ المهم لا يتعرض له أحد، كونه مدعوماً من قبل مشايخ السلطة وأجهزتها.

ولما كثر الكلام على الرقاة الفاسدين والجهلة واللصوص، انبرى مشايخ السلطة ليقولوا بأن هناك من يريد تشويه الرقية الشرعية، وهم يقصدون المعترضين وليس الممارسين الفاسدين. ويتردد الآن الحديث عن تأهيل نساء للقيام بالرقية الشرعية! وكأن هذا سيحل المشكلة. قال قاض ببريده وهو ابراهيم القفاري: (يجب تأهيل النساء للرقية الشرعية من خلال الدورات، لكي يتم القضاء على عملية التحرش بالنساء وابتزازهن، لأنهن أضعف من الرجال، وعاطفتهن تجرفهن نحو رقاة غير موثوق بهم). والغريب أنه دعا (الجامعات والكليات إلى فتح بعض التخصصات التي تهتم بالرقية الشرعية السليمة، لأن الرقية الشرعية باتت ضرورة ملحة في ظل انتشار السحر والعين والمس مع ضعف الإيمان، وغفلة الكثير من الناس عن التحصن بالأوراد الشرعية، إلا أنه لا يعني غفلة الرقيب عن متابعة الرقاة، وسن قوانين وأنظمة تنظم عملية الرقية لمن ترغب في الاحتساب فيها كغيرها من الأعمال الاحتسابية، كما أن سن الأنظمة يحد من انتشار الممارسة الخاطئة من بعض الرقاة وتحمي المرضى من استغلالهم من قبل المشعوذين).

والملاحظ ان المجتمع النجدي الوهابي هو اكثر ابتلاءً بهذا الموضوع، كما بمواضيع السحر والشعوذة والكهانة وغيرها. ولا يوجد في الكون كله أحد او جهة كتبت أكثر من مشايخ الوهابية في مثل هذه المواضيع لمحاربتها. ولكن مشايخ الوهابية كما محازيبهم المذهبيين أكثر الناس إصابة بهذا الهوس، بالنظر الى جفاف العاطفة، وتغوّل المشاكل المادية المحسوسة، وتضخيم مشايخ الوهابية للمشاكل بدل حلّها وفق الأسس العلمية والطبية، وحتى الشرعية الصحيحة.

الصفحة السابقة