شر البلية ما يضحك..

أمير سعودي ينتقد الفساد في باكستان!

ذكر موقع (سبق) الألكتروني في 4 نوفمبر الجاري أن رسالة بعث بها المكتب الخاص للأمير بندر بن خالد آل سعود الى رئيس المحكمة العليا الباكستانية افتخار محمد تشودري، سبّبت إرباكاً في أوساط الحكومة الباكستانية، بعد أن اتهمت الرسالة وزارة الشؤون الدينية الباكستانية بالفساد والاختلاس، فيما طلبت المحكمة العليا من الحكومة الباكستانية التحقيق في الأمر، وبحث القضية مع الحكومة السعودية.

وتصدرت الرسالة عناوين الصحف المحلية الباكستانية، حيث قال الأمير فيها: إن وزارة الشؤون الدينية استأجرت سكناً للحجاج بمبلغ يصل إلى 3500 ريال، رغم أن المنطقة تبعد عن الحرم نحو 3.5 كيلومتر، والسعر فيها لا يتجاوز 1500 ريال، رغم أن شركته عرضت على الوزارة مبانٍ في منطقة تبعد 2.5 كيلومتر عن الحرم وبسعر أرخص.

وقالت المحكمة العليا الباكستانية: إنها تحقق في الأمر، وطلبت من وزارة الخارجية التواصل مع الحكومة السعودية لبحث القضية، وطلبت في الوقت ذاته من وزارة الشؤون الإسلامية الرد على تلك الاتهامات.

وقال تشودري في تصريحات نقلتها صحيفة (ديلي تايمز) الباكستانية، اليوم الخميس: إن (هذه القضية جدية وقد تجلب سمعة سيئة للحكومة، ونسعى للحصول على تعليق من الوزارة المعنية بالقضية، وسنعلم وزارة الخارجية بالتفاصيل كي تقوم باتخاذ اللازم).

من جانبها، قالت وزارة الشؤون الإسلامية: إن الرسالة المنسوبة للأمير غير صحيحة ومزوّرة، وهناك (مافيا عقارات هائلة) تعمل في السعودية، ربما تكون هي التي كتبت تلك الرسالة، مشيرة إلى أنها لم تتلق أي عرض من شركة الأمير بندر.

وبصرف النظر عن صحة الخبر من عدمه، فإن في المعطيات سالفة الذكر ما يشجّع الأمراء وغير الأمراء ممن أتقنوا لعبة (تزيين) الباطل أن يتحدّثوا عن الفساد في الخارج بعد أن أصبح الداخل، والحمد لله رب العالمين الذي لا يحمد على مكروه سواه، نظيفاً جداً جداً جداً من الفساد..قبحكم الله وشاهت وجوهكم!

هل اكتفى المتزّلفون بذلك؟ كلا، ولديهم مزيد.

في 18 مارس الماضي، نشرت صحيفة (الجزيرة) الصادرة في الرياض خبراً عن زيارة وفد أمريكي الى مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. الوفد الأميركي كان برئاسة وكيل وزارة الخزانة الأميركية ستوارت ليفي، وكان هدف الزيارة هو (للتعرف على تجربة المملكة العربية السعودية في الحوار الوطني وما حققه خلال السنوات الماضية منذ تأسيسه).

الخبر يبدو عادياً حين تقتصر زيارة الوفد على مجرد (التعرّف) على تجربة الحوار الوطني، ولكن حين يضيف الخبر كلمة (ماحققه) يصبح الهدف أمراً آخر، في ضوء ما قدّم له رئيس المركز عبد الرحمن بن معمر للوفد حول رسالة المركز في الحوار، وأهداف المركز (في تكريس مبدأ الوحدة الوطنية ونشر ثقافة الحوار من خلال عقد اللقاءات الوطنية والندوات وتقديم الدراسات والبرامج التدريبية وعمل استطلاعات الرأي حول قضايا المجتمع..). فهل قال صدقاً بأن المركز نشر ثقافة الحوار (وجعله منهج حياة وأسلوب تعايش لدى أكبر شريحة من المجتمع سواء داخل الأسرة أو المسجد أو المدرسة). هل يصدّق عاقل في هذا البلد كلام المعمر عن الحوار، وقد مات منذ اللقاء الفكري الأول، حيث عزف المتحمّسون له في بادىء ولادته عن مواصلة حضور جلساته في اللقاءات الفكرية اللاحقة، فإذا كان المتحاورون الافتراضيون قد زهدوا فيه، وهم المسؤولون عن نشر ثقافة الحوار، فكيف بالأغلبية الساحقة من السكّان التي تكبّدت ويلات الواحدية وتكميم الأفواه، ولجم الرأي الآخر.

الصفحة السابقة