هيئة للصحافيين السعوديين

هناك الكثير من الموضوعات الهامّة التي تطرح للنقاش في مواقع سعودية على شبكة الإنترنت، حيث يفصح المتحاورون عن بعض من مكنوناتهم الداخلية وضمن هامش معقول من الحرية، بحيث يمكن رصد هذه الحوارات واعتبارها بشكل عام مؤشراً على اتجاهات الرأي العام السعودي، بأكثر مما تعبر عنه الصحافة والإعلام المحليين.هناك على شبكة الإنترنت، يقوم أفراد ممن يمكن اعتبارهم منتمين الى الطبقة الوسطى العريضة في المملكة بالتعبير عن اتجاهاتهم وميولهم وآرائهم. هؤلاء في مجملهم وكما يبدو من الحوارات العديدة مسكونين بأنواع مختلفة من الهموم الجمعية، لم تجد لها متنفساً في الإعلام المحلي، ولا يمكن طرحها إلا بكثير من الحذر حتى لا يحظر الموقع محلياً، مع أن أكثر المواقع الحوارية السعودية أصبحت محظورة.

ما يهمنا هنا، هو استجلاء للآراء المختلفة بين السعوديين في قضايا وطنية مصيرية بالغة الحساسية. وسنقوم في كل عدد بعرض قضية من القضايا، وآراء المختلفين، الذين لم يجدوا إلاّ مواقع الإنترنت لطرحها على بساط النقاش. الموضوع التالي منقول عن www.tuwaa.com

* * *

لتكن هيئة الصحفيين نواة المجتمع المدني الحقيقي

كثيراً ما كنا نرى، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، بأنه قد حان وقت فصل''الرضيع الصحفي'' وبشكل كامل عن أجهزة الدولة، وذلك لإعداد الكوادر القادرة على مجابهة المنافسة المهنية والمصداقية الإعلامية محلياً ودولياً. ولسوف يؤدي هذا الفصل أو البتر إلى تعزيز دور الرقابة الصحفية على أداء الأجهزة، وإعانة المسئولين على تلمس مواقع القصور أو الخلل أو الانتهاك في أي مرفق أو جهة أهلية أو حكومية، كما أنه سيرفع عن كاهل الجهات الرسمية عبء اجتهادات أو تخرصات الصحفيين والكتاب، والتي تحسب عادةً على الجهات الرسمية. وبمثل ما تلعب الدول الأخرى بورقة ضغط الرأي العام، فإن الجهات الرسمية ستتمكن من استثمار ما يطرح في الصحافة المحلية من رأي عام يسند ما تودّ أن تعبر عنه تلميحاً أو تصريحاً.

ولذا، فإن موافقة وزارة الاعلام على إنشاء هيئة للصحفيين السعوديين في المملكة، تطلّ كعلامة دالة على سيرنا نحو تعزيز القدرة على اتخاذ القرار الصحفي والمهني المناسب من جهة، وكذلك نحو تفعيل وجود جمعيات المجتمع المدني وتبيئة حضورها في بلادنا.

وفي الواقع، فإن بلادنا تزخر بالعديد الفاعل من هذه الجمعيات، مثل إدارات الغرف التجارية المنتخبة، وإدارات الأندية الرياضية المنتخبة، وإدارات الجمعيات الخيرية النسائية المنتخبة، بينما تزخر أيضاً بالكثير غير الفاعل منها مثل جمعيات المحاسبين والمهندسين والصيادلة وسواها. وتفاعلاً مع الإعلان عن الموافقة، فإنني سأتمسك بالجانب الإيجابي من الخبر، وهو مشروعية قيام هيكل تنظيمي للصحفيين السعوديين، أسوة بغيرهم في بلاد العالم، فقيرها وغنيها، متقدمها ومتخلفها، آملاً أن يأخذ الصحفيون المبادرة لدفع الموافقة إلى موقعها الملائم، بحيث يتجاوزون، وبطريقة فعالة، مأزق التجارب المماثلة التالية:

الأول، هو مأزق مجالس إدارات الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وأعضائها المعمرين الذين ضربوا الرقم القياسي في التمسك بالكرسي أكثر من أي وزير أو عضو معين في مجلس آخر، بحيث لا يخرجون من مواقعهم إلا إلى المقبرة.

والمأزق الثاني، هو تكاسل المثقفين والمهتمين، وعجزهم عن أخذ زمام المبادرة لتحويل الموافقات إلى واقع عملي يمشي على قدميه، مثلما حدث لموافقات سابقة وقّعت عليها بلادنا، منها الموافقة على تشكيل جمعيات أهلية وحكومية لحقوق الإنسان، والموافقة على تكوين اللجان العمالية والتي صدر بشأنها قرار من مجلس الوزراء برقم 12 وتاريخ 8/1/1422هـ، وكذلك التوقيع على وثيقة عدم التمييز ضد المرأة والتي لم تقم المرأة أو من يتعاطفون مع حقوقها بتفعيل العمل بهذه الوثيقة.

وكما أن الحديث ذو شجون، فإن له ضوابط أيضاً، ولذا أعود إلى موضوع جمعية/ هيئة الصحفيين، لأركز على ما يلي:

(أولاً): لكي يحقق هذا الكيان دوره، الذي لا نشك في صدق نيات القائمين عليه، فإنه ينبغي أن يتأسس على المنطلقات التالية:

أ- تعزيز حرية التعبير المسئولة، للكتاب والصحفيين، للقيام بدورهم التنويري والحواري والرقابي والإبداعي، في كافة المجالات وفي مختلف وسائط الإعلام.

ب- أن يكون لهيئة الصحفيين كيانها الاعتباري الخاص بالصحفيين والكتاب، وأن يلتزم أعضاؤها بنظامها الداخلي، وأن يتم تشكيل مجلس إدارتها ولجانها العاملة وفروعها بالانتخاب الحر من قبل الجمعية العمومية، والتي تضم كافة الكتاب والصحفيين (رجالاً ونساءً) العاملين في الحقل الصحفي ومجالاته المتعددة.

ج- أن تتم مشاركة المرأة ككاتبة وصحفية في مختلف أنشطة ولجان وفروع الهيئة، مع الأخذ بعين الاعتبار المواضعات الاجتماعية الخاصة بالمرأة في بلادنا.

د- الدفاع عن أعضاء الهيئة أمام كافة الجهات وانتداب المحامين المختصين للترافع عنهم.

هـ- التزام الأعضاء بشرف المهنة الذي يتطلب منهم التميز في الأداء المهني للوظيفة، والتزام الصدق والنزاهة والمعرفة والابتعاد عن الأهواء والمصالح الشخصية، والتوثق من مصادر الخبر وحيازة الأدلة التي تؤيد ما يعالجونه من قضايا، بلا لبس أو مواربة.

و- الاتفاق مع وزارة الإعلام على ألا تكون الجهة التي أقامت الدعوى هي جهة التقاضي، وأن يتم إحالة كافة قضايا التجاوزات إلى القضاء العادل.

ز- أن يكون للهيئة حق مراجعة كافة مواد نظام الصحافة بحيث يتم تعديل أي بند يحد من فعالية عمل الجمعية.

(ثانياً): تشكيل جمعية تأسيسية لوضع النظام الداخلي لهيئة الصحفيين السعوديين وبتكون أعضاؤها كالتالي:

1. ثلاثة أعضاء من رؤساء التحرير السابقين من ذوي الخبرة والكفاءة المهنية العالية ومن الذين أعفوا من رئاسة التحرير نتيجة لنشرهم مواد صحفية.

2. ثلاثة أعضاء من رؤساء التحرير الحاليين المشهود لهم بالكفاءة المهنية والاهتمام بكافة قضايا الوطن والمواطن بأمانة و شجاعة.

3. ستة أعضاء من الكوادر الصحفية المتفرغة للعمل الصحفي والتي تتمتع بالثقافة والوعي والكفاءة المهنية والحرص على مقاربة القضايا الحيوية التي تهم الوطن والمواطن.

4. ستة أعضاء من الكتاب غير المتفرغين وممن يمتلكون المعرفة والخبرة والممارسة الطويلة في الاشتغال على قضايا الوطن ومستقبله وتحدياته المختلفة.

5. عضوان من المشرفين على مواقع المنتديات المشهورة على شبكة الانترنت السعودي.

(ثالثاً): مهام الجمعية التأسيسية

1. وضع مسودة النظام الداخلي للهيئة، وعرضه على عدد كبير من ذوي الاختصاص المهني والمعرفي في كل منطقة، والأخذ بالملاحظات المهمة وإقرار الصيغة النهائية للمسودة.

2. رفع المسودة النهائية الى وزارة الإعلام لإقرار العمل بها بصورة مؤقتة لمدة عامين، يتم بعدها إجراء التعديلات المناسبة من قبل الجمعية العمومية.

3. الدعوة إلى انتخاب أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء فروع المناطق، والاشراف على عملية الانتخابات.

(رابعاً): تشتمل مسودة النظام الأساسي للهيئة على ما يلي:

أ- تحديد شروط العضوية.

ب- وضع التصور العام لآليات تطوير المهنة.

ج- تحديد الإطار العام لحرية الكتابة وحرية النشر، وضوابط الشرف المهني.

د- تحديد حقوق الواجبات المهنية والحقوقية للأعضاء.

هـ- تحديد صلاحيات مجلس الإدارة المنتخب، وتفويضه للمشاركة في الملتقيات ذات الصلة في المحيط العربي والدولي، والحصول على العضوية في الاتحادات القارية والدولية، وتخويله إبداء الرأي باسم هيئة الصحفيين السعوديين في الشأن العام الوطني والعربي والدولي.

و- تحديد الجهة التي يتم التقاضي أمامها، فيما يخص حقوق التعبير والنشر، أو التجاوزات الناتجة عنهما.

ز- تحديد مكاتب محاماة متخصصة للاستعانة بها للدفاع عن الأعضاء في قضايا النشر والتجاوزات.

ك- تحديد مصادر التمويل وأوجه صرفها.

ل- تحديد آلية انتخاب مجلس الإدارة والفروع واللجان المختلفة.

م- وغير ذلك مما سيتم التطرق إليه مستقبلاً بالاستفادة من الحوار المفتوح على موقع طوى وغيره من المواقع حول تشكيل هذه الهيئة الجديدة، والذي نأمل في تقديمه لمن يتم اختيارهم لمهمة ''اللجنة التأسيسة''، فيما بعد.

علي الدميني

* * *

من يعلق الجرس؟!

بدءا دعوني أحيي الرائع علي الدميني

لم أستطع أن أحييه مع الجميع لانني خجلت من أن تتقازم مشاعري نحوه، وهو يعلم أي تقدير أكنّه له منذ أن طرقت بابه ومعي حلم وليد اعتنى هو به ليرى النور. أرى أهمية إنشاء موقع لهيئة الصحافيين، فرأي مدروس وجاد كالذي وضعه الاستاذ علي لا يجب أن يهمل مع مرور الوقت. إنه صوت التجربة والوعي التنويري لعالم صحافي ما زال يعيش الفوضى لدينا.

ناهد باشطح، كاتبة سعودية

* * *

لن اتفاءل كثيرا.. سأضع حيزاً بسيطاً للتفاؤل، لمجرد التفاؤل، ليس أكثر. لا ثقة لدي بهذه الهيئة. فارس بن حـزام، صحفي سابق. لاحظ (سابق) مع أن عمره لم يتجاوز الـ(26) عاما!

فارس بن حزام

* * *

حوار لا بد أن أعود له في وقت آخر، ولكن خطر على بالي الآن إقتراح ربما يختصر الطريق كثيراً.. لماذا لايتم إنشاء موقع إلكتروني للهيئة، يتم عن طريقه إستقبال الإقتراحات، والمرئيات؟.

* * *

الهيئة لن توجد صحافة ولا صحفيين غير موجودين أصلاً اليوم، مع احترامي للجميع. الصحافة رغم أنها مرآة الأمة، لكنها الآن لا تمثل شيئا له أثر سواء كان محلياً أو عربياً، بل من يحسب لها حساب أصلاً.

عبد الله بن جرسان، جدّة

* * *

موقع على الانترنت ''للهيئة الجديدة''.. إقتراح عملي وغير مكلف.

سيكون ذراعكم القوية (بشرط أن يكون تحت سيطرة مجلس جماعي، أي يدار بديمقراطية وإلاً سيكون مسخرة لو تحكّم فيه شخص واحد).

* * *

لدي بعض التساؤلات: ما هو التعريف المهني والدقيق لمصطلح (صحفي)؟ ألا يشمل هذا المصطلح العاملين في وزارة الاعلام كـ (المذيع، المعدّ..الخ)؟

هل سيكون للهيئة شخصية إعتبارية تخولها الوقوف أمام الجهات الاخرى، أم أنها ستشغل بالدفاع عن نفسها؟!

* * *

ما قدمته مجرد أفكار عامة أتمنى أن يعمل المتفقون معها على توسيع دائرة الحوار حول منطلقاتها العامة سواء في مواقع الانترنت او في الصحافة المحلية. وأرى أن ما طرحته يمثل الحدّ الأدنى الذي ينبغي التمسك به وتدعيم ضرورات تطبيقه. إن موقع ''طوى'' مؤهل رغم الحجب بتبني مواصلة الحوار حول ما طرحته من مقترحات، وما تفضل به الاخوة الاعضاء من تعقيبات، ولذا يمكن وضع عنوان رئيسي على صفحة المحتويات إلى جوار الندوة العامة، والمقهى، بعنوان ''هيئة الصحفيين السعوديين'' ويستمر الحوار فيه، بدلاً من استحداث موقع جديد غير معروف من جهة، ولأننا أيضا غير مخولين بافتتاحه لأن ذلك يجب أن يترك فيما بعد للجمعية التأسيسية. المهم هنا هو إغناء الحوار وطرح الأسئلة وإيصال ما يدور فيه إلى الكتاب والصحفيين في مختلف المواقع والمؤسسات الصحفية في بلادنا.

إن المقترحات التي أوردتها في مشاركتي تتعلق فقط بالكتاب والصحفيين الذين يستقون الاخبار ويحررون الريبرتاج الصحفي والندوات والمقالات والزوايا الصحفية، أي الذين يعبرون عن الرأي العام ويتعرضون للمساءلة نتيجة لما يطرحونه من رأي أو انتقاد، بحيث نوفر لهم الحرية المسؤولة الكاملة والدفاع الحقوقي المطلوب لمواصلة عملهم. أما الذين يعملون في الحقل الإعلامي في مختلف مراحلة ونوعياته الاخرى كالمذيع او المخرج، أو المصحح أو الموزع، فإنهم مع غيرهم ومع نفس الصحفيين المعنيين يخضعون لنظام العمل والعمال من جهة - والذي ينبغي إعادة النظر فيه ليتواكب مع أحدث النظم في العالم - كما يمكنهم التعبير عن تظلماتهم وشكاويهم المهنية والمعنوية أمام اللجنة العمالية المنتخبة - والتي هي أشبه بالنقابة - التي ينبغي أن تتأسس في كل مؤسسة حكومية أو أهلية حسب قرار مجلس الوزراء الموقر الصادر في هذا الشأن.

علي الدميني

* * *

الأصدقاء في حوار جمعية للصحفيين السعوديين. أشاطركم كافة التساؤلات والقلق والسخرية الحادة حيال هذا المشروع، ولكنني أرى أن بإمكاننا طرح تصوراتنا لما ينبغي أن تكون عليه هذه الجمعية وربما يمكننا إيصال خلاصتها للجهات المعنية، لعلنا بذلك نسهم في وضع الحد الأدنى لشروط نجاحها أمام المسئولين.

علي الدميني

* * *

ماذا عن إتحاد الكتاب؟ هناك العديد من الأدباء غير الصحفيين! هل مات الحلم بمجرد إعلان هيئة دمية، يرأسها ابن السلطة الذي يقبض حوالي ربع مليون ريال شهريا؟!

* * *

هل يحق لنا أن نسمي ما يطبع من مطبوعات في الداخل بأنها صحف في ظل مفهوم الصحافة الدقيق؟ أغلب ما يطرح فيها هو مجرد مجاملات للمسؤلين وقليل من المطالب الشعبية المنشورة على استحياء. أعتقد ان القريبين من الوسط الصحفي يعلمون أن السواد الأعظم من الصحفيين ليسوا ممتهنين ولا متخصصين في الصحافة وبعضهم لا يحمل حتى شهادة الثانوية العامة. يعني هم صحفيون بالتلقين. ولو أردتم الاسماء فأنا على استعداد أن أسميهم واحداً واحداً من الوطن الى الندوة نساء ورجالاً. إن إنشاء مثل هذه الجمعية لا يقدم ولا يؤخر، فلن تتغير المحاذير الصحفية، ولن يتغير الرقيب، ولن يتحسن وضع موظفي الصحف، ولن يكون لهذه الجمعية أي تأثير فيما عدا حقوق العاملين بالصحف واعتقد ان هذا مهم بالنسبة لضمان لقمة العيش والأمان الوظيفي اما ماعدا هذا فردد: يا ليل ما أطولك.

تباشير هيئة الصحفيين السعودية لا يسيل لها اللعاب.

* * *

مازلت أصرّ على ان نتفاءل دون سلبية. أنا لستُ صحفية بالمعنى التقليدي، أي الخروج الى الميدان واللهاث وراء الخبر الصحفي وذلك لسببين: الأول أنني حقيقة لا أستطيع أن أقوم بهذا الدور اللاهث المربك ذهنياً وجسديا.. ولا أظن أن المجتمع يحبذ ذلك. ثانياً، طالما تساءلت بيني وبين نفسي عن كيفية أدائي العمل الصحفي دون خلفية علمية، ولذلك قرأت كثيرا في الصحافة، لكن صادف احترافي لها قبل عدة سنوات إستخدام الإنترنت لدينا وتدريجياً بدأ العالم العربي يتحدث عن الصحفي الاليكتروني وصحافة الانترنت وهي مستقبل الصحفيين اليوم، فانخرطت بها ولذلك حصلت على جوائز دون أن أمارس العمل الميداني مثل باقي الزميلات.

في الصحافة ليس المهم النزول الى الميدان بتقليدية.. المهم ان تقدم للقارئ صورة المجتمع كما هي.. وأتفق مع القائل أنه لا بد ان توجد صحافة من الميدان. أنا لا ألغيها، ولكني لا اؤكد عليها بالنسبة للعنصر النسائي.

ناهد باشطح

* * *

يهيأ لي أن العمل الجاد للمطالبة بأن تكون الهيئة هيكلاً جديداً يحظى بشرعية جمعية صحفيين حضارية ومتناغمة مع ينبغي العمل عليه، من حيث تمتعها بالحرية الكافية للتعبير عن الرأي الصادق والصريح والشجاع، وكذلك قيامها على أساس من الانتخاب الحر من قبل الجمعية العمومية، سوف يرسي أول التقاليد الهامة في حياتنا لتشكيل جمعيات المجتمع المدني في كافة المناشط الحيوية. ولذا فإنني أرى أن الفرصة مناسبة الآن للتفكير في المطالبة بالسماح لقيام جمعيتين تكملان دور جمعية الصحفيين.

الأولى جمعية الأدباء (وتضم المبدعين والكتاب والنقاد المهتمين بالحركة الأدبية)، والثانية جمعية الفنانين وتضم (المسرحيين كتابا ونقادا وممثلين ومخرجين، وأيضاً الفنانيين التشكيليين، والموسيقيين تأليفا وتلحينا وغناء). وأرى أن ما طرحته من أطر عامة وأساسية في مقترحاتي حول ''هيئة الصحفيين السعوديين''، تصلح أن تكون أرضية عامة يمكن الاستفادة منها في صياغة آلية قيام هذ الجمعيات وسواها.

علي الدميني

* * *

تذكروا أن ما أعلن عنه هو (هيئة). ما معنى هيئة في المفهوم الحكومي السعودي، وكيف تم تشكيل الهيئات الموازية. ما نتعلّق به هو ما نتمنى وليس ما أعلن، إلا إذا كان هناك تنظيم جديد للهيئات عموما. تخيلوا هيئة الأمر بالمعروف وهي تخضع لنظام الجمعيات والاتحادات المفترض الذي نتحدث عنه!! الموضوع حتى الآن يوضح مدى الهوة بين العقلية الرسمية ورغبات النخبة.

أيضا تذكروا الأعداد الهائلة من العاملين في حقل الإعلام، فهؤلاء لن يسمحوا لمكتسباتهم أن يقتحمها مثقفون مزعجون ليسوا إلا عبئا على العمل الإعلامي في نظرهم، واسألوني فقد جربت مجاورة هذه الصحف في العمل الثقافي، ولم أر ما يسرّ خاطر المثقف سواء كان صحفيا أو كاتبا يحاول قليلا من الاستقلالية، ولكن أعيد السؤال مرة أخرى: هل هناك مؤشرات على أن ما أعلنته الحكومة هو تكوين نقابي كما نتصور، أم أنها كانت واضحة وقالت (هيئة) لنفهم ونتواضع قليلا في احلامنا؟

* * *

تكاسل المثقفين

توقفت طويلا عند قولك: (تكاسل المثقفين والمهتمين، وعجزهم عن أخذ زمام المبادرة لتحويل الموافقات إلى واقع عملي يمشي على قدميه، مثلما حدث لموافقات سابقة.. الخ). نعم سيدي الكريم والرائع علي: نحن المثقفين كسالى وإلا هل يعقل أن أحداً منا لم يناقش البنود التي وضعتها وذهب بنا النقاش منحنيات كثيرة الا المنحنى الذي نرجو به توحيد الرؤى وعرضها على المختصين أو المسئولين. سيقولون لك: لن يأخذوا بها. لو كان هذا توجهنا في عالم الكتابة والصحافة ما كتبنا يوما حرفا واحدا!

ناهد باشطح

* * *

استاذ الدميني

لفت نظري، وأنا لم أمارس الصحافة كمهنة، أن لديك تركيزاً على حماية الصحفي. إذا كان من الجائر أن يقطع رزق الصحافي ويفصل بدون حماية أو رقابة قضائية ولا يوجد من يفسر هذه المسالة وهذا الفراغ حتى الآن إلاّ لكونه عملاً سيادياً للحكومة، فأي شكل للقضاة وللمحكمة التي تدعو اليها. هل هناك على سبيل المثال بلد في العالم لا توجد فيه محاكم مرورية، التي ضحاياها بالملايين، ابتداء من حصانة الشرطي الذي يعطي مخالفات واحكام بدون حماية قضائية، فهو القاضي والمدعي والسجان؟ توقعك مبكر جداً فيما يتعلق بإنشاء محاكم او لجان محايدة لقضايا الصحافة.

* * *

يبدو ان كلامي لم يصل بالشكل الذي أردته. قصدتُ من كتابتي تكوين رأي عام حول ما يجب أن تكون عليه هيئة الصحفيين من حيث حرية الكتابة المسئولة وحول ضرورة ان تكون الهيئة منتخبة. أنا أتحدث عما يجب أن تكون عليه الهيئة، وليس عما هو معلن عنها، وعلينا الحديث عما يجب ان تكون عليه الهيئة والمطالبة بأن تتمتع بهذه الشروط الاساسية لكي تكون فاعلة، لا أن تكون واجهة ديكور. هل أوضحت؟ أرجو ذلك.

علي الدميني

* * *

الحصان هو من يقود العربة، ولا يمكن أن تقود العربة الحصان، وأنا اعتقد أنه ليس هناك لا حصان ولا أحصنة. والصحف من يعرف أرقام توزيعها الحقيقية لربما يُصدم، البركة في اليانصيب، أو ما يسمى بالجوائز.

* * *

أود في البداية أن أتساءل عن سبب الموافقة على إنشائها رسمياً، لأن ذلك يعطينا فهما لدورها في المجتمع بشكل نظامي لا يقبل الخروج عليه. هذه الهيئة يراد لها ان تكون بديلا عن النقابة ولكنها تحت هيمنة الاعلام، لذا من المفترض وجود آلية لتنفيذها وهذا هو دوركم كصحفيين في خلق هذه الآلية من خلال رفع مقترحاتكم سريعاً الى الجهات الرسمية التي لها سلطة الاشراف وهي الاعلام او ربما المجلس الاعلى للاعلام. أخذك لجانب المبادرة بوضع تصور لما يجب أو يفترض أن تؤسس عليه الجمعية خلط أوراقاً كثيرة ولفرز هذه الاوراق قد يعنيك أن تعيد الكتابة لوضع مصطلحات أو تعريفات لكل فرع أنت تقترحه وخصائصه ومهامه التي سيضطلع بها. وأخيراً فيما يتعلق بانتخابات الغرف التجارية سأفترض أن هناك إنتخابات ولجاناً تمارس أدوارها، لكن هناك فارق في التمويل وأهمية وأعداد الأعضاء. وأهمية الجمعية في المجتمع تكمن في دورها وارتباط واستغناء أعضائها عنها، فهل تتخيّل تجارة بدون غرفة تجارية؟ ولكني من الممكن أن أتخيل صحفياً بدون جمعية صحفيين. يوجد رابطة مشجعين ولا توجد رابطة أدباء أو فنانين والا أصبحت الديناصورات بلا مستقبل.

* * *

المعنيون بالهيئة أو الجمعية في رأيي هم الكتاب والصحفيون المتفرغون أو المتعاونون الذين يحضعون لطائلة المساءلة والتحقيق (بسبب تعبيرهم عن آرائهم) من قبل جهات عديدة تبدأ من رئيس التحرير إلى الامارة إلى المباحث، وهنا أضفنا بعداً آخر حول الجهة التي ينبغي للجهات الرسمية تخويلها للمساءلة والمحاسبة وتوقيع الجزاء أو العقوبات.

* * *

المسألة قد تتشابك وتتنازعها مختلف الجهات التي سوف تعتبر نفسها طرفا في الموضوع. الصحافة وسيلة إعلامية تتخذ من النشر وسيلتها لتبليغ رسالتها للاخرين. الابداع وسيلة لتقديم رؤية أدبية أو فنية وتتخذ لها وسائلها الخاصة لتبليغ رسالتها للاخرين: ومن وسائلها النشر والعرض والسماع. اذا كان هناك قواسم مشتركة تنقسم وتتواصل فيما بينها كشرايين المجتمع فلماذا لا يتقاسمون همومهم المشتركة تحت ظل نقابة او هيئة الصحفيين والادباء = هيئة الصحفيين والادباء؟ أما الفنانون فلهم ان شئت مظلتهم الخاصة. لكن المشكلة أنني قرأت تعيين تركي السديري رئيسا لهذه الهيئة وهذه إحدى المعوقات الحضارية، فوزير الإعلام الفارسي يكرس مفهوم البروقراطية المتخلفة ويعطي بعدا جديدا لمعنى استهبال البشر. أنتم أدرى بشؤونكم أيها الأدباء والصحفيون، فانتخبوا من ترونه يمثلكم في مواجهة تعسف الحكومة ممثلة في وزارة الاعلام والداخلية بفروعها المختلفة، ولن تكون لكم حماية في مواجهة تعسف السلطة سوى هذا الاتحاد الذي اذا اعتقل العضو الصحفي تداعى له جسد الثقافة بالحمّى والسهرعن طريق إيجاد لجان قضائية خاصة لتكون مساءلته مهنيا واخلاقيا على انتهاكه واجباته المهنية وفقا لقانون الصحافة والنشر، على فرض انه موجود بالفعل، او وفقا للائحة الهيئة المنشودة، وليس تجريمه على أقواله التي هو حر ومسؤل عنها مسؤولية شخصية، وكذلك منحه الاعتبار والحصانة اللائقة به عن طريق توكيل محاميه الذي يختاره أو تختاره له الهيئة بموافقته.. وتكون الهيئة متعاقدة مع أحد المكاتب المعروفة للدفاع وحمايته من بطش السلطة بإبراز القضية إعلاميا، وليس كما هو الوضع الحالي يختفي الصحفي ويسجن ويفصل دونما أحد يسمع عن مشكلته شيئاً.

دعوا الاعلام يرفع يده من هذه الهيئة لأنها شأنكم ولحمايتكم من قرارات وزارة الاعلام والداخلية والمباحث وغياهب السجون. عضوية الصحفي والأديب في هذه الهيئة بما فيها الرئيس يفترض الا تخضع لسلطة الادارة والحكومة.

* * *

ستكون (هيئة الصحافيين) مجرد لافتة، ومجموعة (أبواك وأختام) في درج تركي السديري أو في أحسن الأحوال خالد المالك.. وكلاهما في جيب وزير الأعلام، والأخير في جيب (...)!

* * *

لا تتفاءلوا.. الأمير نايف بشّرنا بأنه (سيعلن) قريباً إسم رئيسها. يعني (يعيّن)، ويعني أيضاً لا لجنة تحضيرية، ولا جمعية عمومية، ولا مجلس إدارة منتخب. أي أنها هيئة تكون في أحسن الأحوال لإيصال المطالب، والتوسط في الهبات لذوي الحاجات من الصحفيين. المشكلة أن مثل هذه الهيئات والمؤسسات الغائبة عن كافة قطاعات وفئات المجتمع ليست في حاجة إلى إعلانها بهذه الصفة الإفرادية وكأنها هبة لهذا القطاع أو ذاك، إن ما يجب اتخاذه هو صدور تنظيم شامل يمنح الحق لكافة الفئات في تأسيس تجمعات مدنية تحت مظلة قانون موحد معلن، وهنا يصبح المجتمع على عتبة التمدن الحقيقي. إعلان هيئة الصحافيين باختصار استمرار لتفتيت البناء الصحيح للمجتمع المدني، والأمر ليس جديدا!

* * *

نعم جمعية للصحافيين وليس للصحافيات.. الجمعيات النسائية للاسف ليست حلماً ولا أمنية بل خرافة، وقد حاولت شخصياً البدء بهكذا فكرة بعد عودتي من حضور منتدى المرأة والاعلام في الامارت فبراير 2002م، وكانت تجربة مؤلمة رغم حصولي في ذلك المنتدى على جائزة عربية.. المؤلم ان السعودية هي الدولة الوحيدة ضمن جامعة الدول العربية التي لم يكن لديها وفد رسمي ولا أي تمثيل، وكانت دعوتي بسبب الجائزة لانها كانت عن المرأة العربية ليس إلاّ. ولكي أقاوم الإحباط، قررت أن أتحرك، خاصة ان الوزارة لم ترفض إنشاء جمعية للصحافيات، لكننا رفضن. جمعية الصحافيين هذه وليد بدأ يرى النور، دعونا لا نتكهن بنموه، لكنني أجزم بأن المرأة إن لم تتحرك فسوف يكون نصيبها من الهيئة الصحافية مثل نصيبها في الأقسام النسائية في المؤسسات الصحفية: مجرد واجهة فقط. دمتم في وعي.

ناهد باشطح

* * *

(هيئة الصحفيين السعوديين).. هذا هو اسمها بحسب الأمر السامي. إن الـ (هيئة) صفة شبه رسمية بعكس (جمعية) والتي عادة ما تكون أهلية. حسب علمي كانت هناك بعض الاعتراضات من بعض الصحفيين على النظام الاساسي لهذه الهيئة أثناء مناقشتها في مجلس الشورى.

* * *

يعني ذلك أن أعضاءها ضمنوا وظيفة ومعاشاً محترمين. هنيئاً لهم.

* * *

أنا مع التفاؤل ويجب أن لا نتنازل عنه. من المعلوم أن التدرج هو سمة القادم من إصلاحات. إذا كانت الجمعية تضمن فقط حق الصحفيين في هذه المرحلة، فهي خطوة طال انتظارها وتستحق التشجيع. أما حرية الصحافة فلا ينكر الا مكابر بأن المساحة المتوفرة منها الآن لم تكن ولا في الأحلام قبل فترة قريبة.

* * *

لا أتشاءم من المرحلة القادمة وعندي معلومات ليست للنشر بأن ليس كل ما ينشر هو الواقع فيما يخص الهيئة. بين يدي نظام المطبوعات والنشر واللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات ونظام المؤسسات الصحفية في كتيب. في الباب الخامس عنوان ''إنشاء الجمعيات الاعلامية'' وفيه ثلاث مواد: المادة التسعون ''الترخيص للجمعيات وأهدافها''؛ المادة الواحدة والتسعون ''ترخيص إنشاء الجمعيات''؛ المادة الثانية والتسعون ''رقابة الجمعيات''. فيما يتعلق باعتراض الصحفيين فأعتقد أنه بشأن عدم تضمين نظام المؤسسات الصحفية لأي بند يحمي حقوق الصحفي، وحين ناقشت الدكتور فهد العرابي حول هذه النقطة في خيمة الجنادرية، أوضح لي أنه لم يقرأ النظام لأنه أنكر أن يكون النظام قد غفل عن حقوق الصحفي. والواقع وحسب ما هو أمامي، فان هناك مادتين فقط من مواد لائحة المؤسسات الصحفية تحدثت عن الصحفي وهما المادة 22،23، ولم يذكر في أي منهما أي حقوق للصحفي بل واجباته فقط وكيفية انتهاء خدمته.

وكيل وزارة الاعلام الجاسر يصرح بأن الهيئة مستقلة ولا ترتبط بوزارة الاعلام، بينما في مواد النظام مادة كاملة عن رقابة الوزارة للجمعيات الاعلامية وهي المادة 92.

ناهد باشطح

* * *

إخوتي الحريات المسلوبة في السعودية ليست من الصحفيين بل من الكتاب. مثال: معروف عن الصحفي أنه يقوم يالتحقيقات وجمع الاخبار وتصوير المواقع الساخنة، ولا أظنّ أن هذه المجموعة تعاني من سلب الحقوق. ولكن لنتذكر بعض الكتاب الذين منعوا من الكتابة هل هؤلاء صحفيين. ليس هدف الجمعية حماية الصحفيين بقدر ما هو إظهار البلد بشكل حرّ لدى الغرب للحصول على دعم اعلامي وسياسي، وليتذكر الجميع منظمة التجارة العالمية وشروطها القاسية.

* * *

حالي مع عالم الكتابة والصحافة حافل بالمر والحلو عبر 16 عاماً. لستُ أعمل بغير الكتابة والصحافة منذ ان تخرجت من الجامعة، يعني يفترض أني محترفة، ومع ذلك لم أوقع يوما عقداً يضمن لي حقوقي. عدد الصحافيين المتفرغين او المتعاونين غير معلوم لدي أو لدى وزارة الإعلام. اكتشفت ذلك حينما دعيت الى مؤتمر للاعلاميات العرب في الاردن وكان من ضمن شروط ورقة العمل: كتابة تقرير عن وضع الصحافة النسائية في قطر المشاركة. وبدأت الاعداد لورقة العمل، وجاء دور التقرير، وكان المأزق أنه لا يوجد أي إحصاء، وكان عليّ أن أحادث كل صحيفة وأطلب منها معلومة عن عدد الصحافيات، وكنت أعرف ان د. عبد الله الجحلان لديه بحث عن الصحافة النسائية، لكنني حين اطلعت على بعضه، وجدت معلوماتي على فقرها أغزر مما كتب. في النهاية قررت ان اعتذر بدلا من اعلان فقر معلوماتي على الملأ.

* * *

أنا اتفق مع الاستاذ علي الدميني بأن علينا أن نتفاءل ونناقش ونبدي الرأي.. لأننا لا نملك خيارا سوى ذلك. أما الاستهزاء بمولود لم ير النور، فهي جناية على المستقبل.

ناهد باشطح

إطبع الصفحة الصفحة السابقة