بضاعتكم رُدّت إليكم!

انعكاسات انتصارات داعش في السعودية

محمد السباعي

لا مكان مثل (تويتر) يمكن من خلاله قراءة الرأي العام الشعبي في مملكة آل سعود. فقد أصبح تويتر الوسيلة الشعبية الأولى (وهي تسبق الفيس بوك) في التعبير عن الهموم والآراء، وفي البحث عن التحولات في الإتجاهات السياسية والفكرية والنفسية للمواطنين. لا عجب أن تجد مثقفي البلاد وناشطيها وحتى مسؤوليها لهم مواقعهم على خارطة هذا الوافد الجديد في صحراء الاستبداد. المملكة من الخارج شيء مختلف، تصنعه الدعاية الرسمية الحكومية، أما في الداخل فهناك عالم متلاطم من الأفكار والنشاطات والإبداعات ترسم صورة أخرى لها ولشعبها ولنظام الحكم فيها.

في كل عدد نختار بعضاً مما يشغل المواطنين ويستقطب اهتمامهم، من خلال متابعة الهاشتاقات.

كان المزاج السعودي العام منصبّاً ـ وخلال شهر كامل ـ على موضوعين أساسيين: الكرة ومباريات كأس العالم؛ والثاني موضوع داعش وسيطرتها على الموصل وتداعياته. وقد اختلف السعوديون الذين وجد كثير منهم أنهم فرحون بانتصار داعش في العراق في اصطفاف طائفي، في وقت يعتبرونها هم أنفسهم خارجية ارهابية في سوريا او السعودية. وصار هناك فريقان: فريق فهم الموقف الحكومي من داعش انه لا ينسحب على الموقف منها في العراق فأيدها؛ وفريق استمر على وصمها بالإرهاب، وان ما قامت به سيؤدي الى مأساة جديدة.

يسخر الشيخ حسن المالكي من الذين لم يجف حبر اقلامهم في وصف داعش بالإرهابية، واذا بهم يطلقون التأييد والتشجيع لها نظير ما قامت به العراق. يقول: (كانت داعش في سوريا ارهابية وصناعة ايرانية. وصلت العراق، واكتشفنا انها سلفية سنيّة لا شِيَةَ فيها! واذا ما وصلت الى السعودية فقد نكتشف أنهم أنبياء وملائكة)!

والمعارض المقيم في لندن كساب العتيبي فرح وهو يغرد بصورة ابن عمه الداعشي: (عبدالملك بن كساب ـ ابن عمي ـ الشاب الذي يرفع سبّابته اصطاد خمسة جُرذان، وحطّهم في العراوي. خلّوا المالكي ينفعكم).

وفيما يظهر المقاتلون السعوديون الداعشيون بأسمائهم مهنئين بالإنتصارات، تأتي أسماء اخرى قتلت هناك. يأتي خبر بأن قوات العقيد حفتر في ليبيا قبضت على مقاتل سعودي قاعدي، فيعلق مغرد: (ما شاء الله عليهم، مُوزَّعين جغرافياً في كل أنحاء العالم ما عدا إسرائيل)! يرد ابو صالح بسخرية ممضّة: (انه ابتعاث يا صديقي لاكتساب مهارات قطع الرؤوس تحت شعار نشر سماحة الإسلام)!

هل الحكومة السعودية مع ما تفعله داعش في العراق؟ نعم هذا هو رأي الأكثرية الشعبية في منطقة نجد! بمن فيهم كتاب السلطة ومحطات التلفزة كما هو واضح من تغطياتها. والمغرد الغسلان يشير الى دعم آل سعود لداعش في العراق وسوريا ولكنه يطرحه بتساؤل: (في الثمانينات حرّك المال السعودي مجاهدي مصر والجزائر الى أفغانستان. ترى مال مَنْ اليوم ذاك الذي يحرك داعشيي السعودية في سوريا والعراق؟!).

اما المغرد وليد بوخمسين فليس قلقاً كثيراً من نتيجة الحرب الداعشية: (العريفي دعم مرسي فكان مصيره الخلع. وساند معارضة سوريا فاندحرت. وشجّعَ فريق الجزائر الكروي فانهزم. لا تنسَ داعش من دعائك يا شيخ، فهم في حاجة الى وقفتك معهم)!

# الدولة الاسلامية في العراق والشام على الحدود السعودية

الوهابيون الداعشيون في المملكة المسعودة محتارون من الموقف من داعش. فرغم ان فكرهم داعشي كم هو فكر فقهائهم؛ ورغم أن المال الداعشي سعودي في أكثره، ورغم إسهام الداعشيين السعوديين في قوات ابي بكر البغدادي أساسية.. إلا أن حيرتهم ـ رغم انحيازهم الواضح لها هي والقاعدة ـ لم تنته.

هم ـ كما حكومتهم السعودية ـ يؤيدون القاعدة وفق المكان والعدو.

القاعدة وداعش وأضرابها مطلوبة للعمل في سوريا؛ ومطلوبة للعمل في العراق؛ وفي إيران ـ إن أمكن. لكنها غير مطلوبة في السعودية أو اليمن ـ على الأقل الآن.

اضطرت الحكومة الى اعلان براءتها المتأخرة من داعش (دون جبهة النصرة) في سوريا، حتى لا تُتّهم بتفريخ الإرهاب ودعمه، رغم ان العالم كله مقتنع بذلك الدعم، وإن لم يفصح عنه بشكل واضح.

وحين كانت الحملة الإعلامية ضد داعش في سوريا في أوجها، احتلت الموصل، فانقلب المزاج الوهابي، واستقام مع هويته وموقفه الطبيعي: دعم الدواعش ضد الحكم في العراق، باعتباره يصبّ في مصلحة ال سعود والحكم الفئوي في نجد، وباعتبار ان داعش شريرة اذا ما قتلت السنّة، اما الشيعة فدمهم مهدور!

وصلت داعش الى الحدود الأردنية، الى المركز الحدودي في الرطبة، فاضطرب حكم الأردن؛ واضطربت الرياض لقرب الدواعش من حدودها؛ لكن النصر يجلب المؤيدين الذين أفصحوا عن أنفسهم داخل المملكة الداعشية: قادمون يا جزيرة محمد! يقول أحد شعارات داعش.

انتشى الداعشيون المحليون، فظهرت فجأة (ولاية بريدة) شمال الرياض التابعة لدولة داعش تنتظر قوات ابي بكر البغدادي! وكيف لا تكون كذلك، وهي عشّ الوهابية؟! انها بريدة المقدسة أو أن اساس داعش من هناك؟ تتساءل العتيبية الحرّة.

ومن جبال طي حيث ولاية حائل شمال بريدة، يعلن دواعشها أنهم جزء من دولة العراق والشام! ويظهر داعشي يرفع علم القاعدة على بعد كيلومترات من الحدود مع الأردن ودولة الدواعش.

سجن الحائر، حيث يقبع المعارضون، بمن فيهم بعض أتباع القاعدة ينتظر داعش. فيا أبا بكر: تقدّم الى سجن الحائر لتخلّص أتباعك! تقول اليافطة.

قبل انتصارات داعش الأخيرة ببضعة أشهر ظهرت نسوة سعوديات قاعديات يطالبن إمامهن البغدادي بالقدوم لنصرتهن وتخليصن من حكم آل سعود بالمتفجرات.

الان وقوات داعش تقترب من الحدود تعاظم الأمل فلم يبق سوى فتح مكة، وتطهيرها من رجس آل سلول كما يقولون.

الآن أُسرجت الخيول، فتجهزوا أيها الدواعش!

الآن تنطبق أحاديث الفتح على جزيرة العرب، بعد فتح الوهابية الأول، ليأتي الفتح الوهابي الداعشي الثاني!

الآن يعلن الدواعش المحليون اشتياقهم للمفخخات التي تضرب وزارة الداخلية! كما ينشر مغردوهم!

الآن وقد اقتربت قوات داعش، فعلى وزير الداخلية ان يتحسس رقبته، كما يطلب ابو المقداد الِعْنِزِيْ. فيما يهدد آخر: (يا كلاب بن نايف، ويا كلاب الطوارئ وحثالة المباحث والإستخبارات، تحسسوا لرقابكم، والله إننا بالمرصاد لكم)! الان بدأت الحرب النفسية، حيث تتوالى النصائح للقوات السعودية على الحدود ان اعتزلوا قتال دولة البغدادي: (دعوها تدخل الجزيرة بسلام. متشوّقين)؛ تقول الداعشية تماضر. وكما سقطت الموصل في أقل من ساعتين، ستتفاجأون بسقوط الرياض في نصف ساعة، كما يقول داعشي سعودي مقاتل في جيش البغدادي!

لم تعد هناك مسافة بعيدة ـ بالنسبة للدواعش المحليين ـ عن النصر: فقوات الإمام البغدادي تبعد مجرد مائة كيلو متر عن عرعر: (يعني يمكن أقعد الصبح، ألقى نفسي بولاية عرعر)! حسب مزحة مواطن. ولمن شاء من شباب الدواعش فإن النفير لم يعد صعباً، فقوات البغدادي على مرمى حجر أو (حَذْفَةْ عصا). بإمكانك ايها الشاب ان تختفي عن دورية الحدود وتخرقها للوصول الى قوات الإمام! وتقول ديما النجدية الداعشية: لقد رُفعت راية الدولة الإسلامية على أسوار الجوف وغداً سترتفع داخلها بإذن الله. الويلُ لآل سلول وشبّيحتهم. الله أكبر!

مادامت النبوءات ستتحقق، والقوات الداعشية على الحدود، فلا بد أن يتجهز شباب الجزيرة ـ ليسوا كلهم وإنما الموحدون فقط اي الوهابيين ـ ان يتجهزوا بالأسلحة، فالأيام القادمة قد تجلب المفاجآت، ولتكن لكم يد في عودة الخلافة، يقول داعشي مُسعود! إذن هو الإستعداد للحرب، (فقد قَرُبتْ الأسود الجائعة من جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم. فيا أيتها الأسود الرابضة داخل الجزيرة. جهزوا أنفسكم بالسلاح)! ولا مانع من الإغراء وبيع الوهم ايضاً: (نُبَشّر أكثر من مليون عاطل وباحث عن العمل، أن هناك وظائف شاغرة ورواتب جيدة وقريبة من بيوتكم)!

مرحى مرحى! فهذا داعشي متعطش للدم يستعير شعراً:

ألا مُبلغٍ عنّا طغاةً

على أرضِ الجزيرةِ حاكمينا

بأن سيوفَنا مُتَعَطّشاتٍ

ولنْ يُغمَدْنَ حتى يرتوينا!

هذه التعليقات تؤكد مرة أخرى ان مركز داعش ليس بغداد او دمشق ولا أفغانستان او اليمن. بل أن مركز الفتنة والخوارج هي نجد، وسط السعودية، كما قال رسول الله: (نجد قرن الشيطان؛ منها الفتنة واليها تعود). ولربما حان وقت عودتها الى عرينها الأصلي بعد أن صدرها ال سعود وخربوا بها ديار الآخرين.

صَدَقَ الداعشي الوهابي السعودي عبدالرحمن المرزوقي حين قال: (الحاضنة الشعبية للدولة الإسلامية في الجزيرة العربية أكثر منها في أي مكان، وهذا يسهّل دعوة الدولة وعملها هناك). الحقيقة ان حاضنتها في نجد فحسب لا في الحجاز ولا في الشرق ولا في الجنوب.

أما الحجازية لمياء الطيب، فقد أصابها شيء من الخوف من دواعش الوهابية، فلأهل الحجاز تجربة مريرة بسبب المجازر الكثيرة. تقول: (الخوف هو من دواعش السعودية. اللهم انا استودعناك وطننا ومقدساتنا).

ويتساءل المغرد أبا الخيل بقلق: (يقولون ان داعش على بعد أقل من مائة كيلو متر من حدودنا. الحقيقة ان الفكر الداعشي معشعش بيننا وهذا هو الخطر). لماذا عشعش إن لم يكن منتجاً وهابياً رسمياً تمت رعايته؟ والصحفي الحميدي العبيسان يرسم سيناريو نجاح داعش بالسيطرة على السعودية، فيؤرخ لحدثٍ قد يقع: (وفي أحداث سنة ٢٠١٤، هاجم الدواعش موزمبيق ـ ويقصد السعودية ـ وبسبب العاطفة الدينية لجنودها، لم يقاومهم أحد. وبدأت الإعدامات الجماعية حيث وجدوا حواضن اجتماعية لم تخطر لهم ـ أي للدواعش ـ ببال). في حين يعتقد فتى العرب أن أنصار داعش في السعودية أكثر عدداً من عناصرها المنظّمين المسلحين الآن!

بيد ان الصحفي يوسف ابا الخيل يهوّن الأمر بالقول: (دولتنا قوية) ولكن لا أحد يصدق قوتها. لن تضرنا همهمات الدواعش، وأن آخر ما تفكر فيه داعش مهاجمة السعودية. لكنه يعترف بأن المناسبة تتطلب التحذير من الفكر الداعشي! المحلي طبعاً. ومن رأي عبدالرحمن انه إذا كان الحوثيون على الحدود الجنوبية، وفشل الجيش السعودي في صدهم، فما بالكم بمن هو أقوى شمالياً؟

الاعتراف فضيلة. بضاعتنا رُدَّت إلينا، تقول المغردة راجحة الجُهَني: (انه نتاج سنين وسنين من الأدلجة الحركية والتشويق للجهاد و٧٢ حورية). ويقول مغرّد آخر: (قبل ساعات فقط كانت داعش (وااااو) و (فُلّهْ) وتدعو لها بالنصر على الكفار؛ وفجأة صاروا على حدود السعودية. لقد استجاب الله لدعائكم)، يقول أحمد ساخراً! أيضاً فإن الدكتور بندر قدير يسخر وهو يخاطب الشيخ العريفي: (يالله يا عريفي، الحدّ الشمالي يناديك)! في إشارة الى ان العريفي لبس لباس العسكر ليحارب الحوثيين واتجه الى منطقة الحد الجنوبي! يعني تعال أرنا (مَرْجَلَتْكْ). فيما تُعنّف ريم الصالح بعض الخائفين من داعش وهم قد كانوا بالأمس يمدحون قتلها في العراق وسوريا وغيرها: (الا تحتقرون أنفسكم وأنتم خائفين منهم؟ أنتم الذين كنتم تؤيدونها في سوريا والعراق؟).

من حق سليمان ان يعترض على هاشتاق: (الدولة الإسلامية على حدود السعودية) فيقول: (على حدودنا؟! داعش طالعة من حدودنا. موجودة داخل حدودنا. منّا وإلينا، كانت كذلك ومازالت هنا) أي في السعودية! والمغرد رويبضة يعلق على وصول قوات داعش قرب الحدود السعودية بالقول: (داعش هي نفسها السعودية، وهي التي ترسل أذنابها لتشعل الفتن في أي منطقة تخشى تمردها) فيرد عليه صاحب العقل الحر: (انقلب السحر على الساحر، وعلى نفسها جَنَتْ بُراقِشْ).

الدكتور وليد الماجد يتساءل بسخرية عن التحول في الموقف من داعش: من ثوار مجاهدين في سوريا، الى ارهابيين بأمر حكومي، الى ثوار في العراق بعد احتلال الموصل، الى مجرمين بعد الوصول الى الحدود السعودية: (وراكم قَلَبْتوا عليهم؟). انهم نفس الثوار العظماء المجاهدين في سوريا والعراق! ويعود وليد بوخمسين ليسخر مرة أخرى ايضاً: لماذا تخافون منهم، إنهم ثوار العشائر في العراق وليس داعش (حسب الخطاب الإعلامي الرسمي التضليلي).

ومن التغريدات الجميلة قول سعود الرويلي: (هذا اللي خايف منه من زمان، انهم ـ اي الدواعش ـ يلعبون على أرضهم وبين جمهورهم) اي على الأرض السعودية وجمهورها القاعدي. وعلياء عقاد تقول: (من دَعَشَ دَعْشَةً لأخيهِ اندعشَ فيها). والطبيبة ريما تؤكد هي ايضاً حقيقة انها: (بضاعتكم رُدّت اليكم. اللهم اشغل المسلمين بالمسلمين وأخرجنا من بينهم سالمين) وهي تقصد أن الدواعش على طرفي الحدود لا يرون الآخر إلاّ كافراً، ويسمّون انفسهم كما في الدولة السعودية بالمسلمين: (السلام عليكم يالمسلمين! حيّا الله المسلمين) كما لاحظ ذلك امين الريحاني.

لاما القطيفي تقول بأن الذي يتباكى ويرفض دخول داعش للسعودية وأن تحكم أرضها، هو نفسه الذي كان يبارك لها اجرامها في سوريا والعراق ويعتبر اعضاءها ثواراً. ثم ان مقاتلي داعش هم سعوديون أولا وأبناء البلد، ومن حقّهم أن يرجعوا لأرضهم. وتساءلت أين الليبراليون السعوديون الذين أزعجونا بدعم داعش في سوريا والعراق؟ وأيضاً فإن المغردة حنّو تنتقد المثقفين السعوديين الذين هم بلا مبدأ، اذ يؤيدون داعش في سوريا والعراق، وأما في بلدهم فيعتبرونهم (إرهابيين).

والطريف أن المغردة هند الشريف تخيّلت للحظة واحدة أن يجتمع العراقيون والسوريون والمصريون لإقناع المواطنين السعوديين بأن داعش في حال هجومها على السعودية، إنما تقوم بثورة كرامة وحريّة. تماماً مثلما فعلت السعودية واعلامها! وفالح العودة ينتقم ايضاً: (بضاعتكم رُدّت اليكم. يالله خلّي نشوف داعش الان: هل هم ثوار عشاير أم ارهابيين عندكم؟).

وتفاجأ أحدهم بالموقف من داعش: (قالوا حنّا على أسوار بغداد. أشوفهم الحين على أسوار السعودية)! لقد احتار بعد أن أيّدهم، فرد عليه الداعشي العبودي: (ادعُ لهم بالذهاب لتحرير السعودية لكي ينشروا اسلامهم. نعمل لهم طريق بدون عقبات الى مكة آل سلول) وليس مكة محمد بن عبدالله!

لهذا ينصح الصحفي انس زاهد: (قبل ان تتحمّس لما يُسمى بثورة العراق: تخيّل لو أن داعش حكمت الحي الذي تقطنه. طبعاً سيأخذون ابنتكَ سبيّةً لمجرد انها تذهب للمدرسة او الجامعة).

بقي ان نشير الى مجموعة تغريدات المفكر محمد علي المحمود. وللحق فإنه كتب أفضل المقالات والأبحاث عن الفكر الوهابي وخطره، دون ان يسميه بالوهابي بل كان يسميه الفكر السلفي التقليدي.

يعتقد المحمود بأن (وعاظنا في أحسن الأحوال يتحدثون عن اخطاء داعش. لكنهم لا يتحدثون عن كونها تنتمي الى الخوارج فكراً وسلوكاً. لا يصرحون بأنها خارجية؟). ونحسب ان المحمود يعرف السبب، ففكر الوهابية قاعدي خارجي من اساسه فكيف بها تنتقده؟ ومن رأي المحمود بأن السنّة وبكل أطيافهم يتحملون مسؤولية تاريخية في ضرورة اعلان براءتهم من الفكر الخوارجي قولاً وفعلاً بعد ان وصلت الى الحدود السعودية. ويضيف: (متى نفهم ان عداءنا للمالكي ولحلفائه لا يعني عدم الوقوف معه صفاً واحداً في مواجهة داعش وحلفائها أياً كانوا). والسبب حسب قوله: (منذ حربنا مع الإرهاب الخوارجي قبل عشر سنوات قلت: إن خطر هؤلاء الخوارج لا يعدله أي خطر داخلي أو خارجي). ولكن هذا ليس رأي آل سعود، الذين لازالوا يعتقدون بانهم وحدهم من يفهم الوهابية ويستغلها دون ان يخسر ويدفع ثمن النار التدميرية التي يشعلها بوجه الآخرين. وحسب احد المغردين: (السعودية اكثر الدول استثماراً في الإرهاب، ولذا فهي تعرف مداخل ومخارج اللعبة فلا تسوّقونها على الكبار رجاءً)، يعني لا تهولوا من خطر داعش على الحدود السعودية.

# إعلان الخلافة

كانوا يدعمون داعش في سوريا باعتبارهم (الثوار)! ثم ـ وبعد خراب البصرة، أو الثورة ـ أعلنت الرياض ان داعش منظمة إرهابية! لم يجف الحبر الدعائي والحملة ضدها، حتى احتلت الموصل، فأطلق النصر فرحة في أصقاع عديدة، خاصة داخل الوسط السلفي النجدي الذي كان يشتمها بالأمس.

بعد أيام، وصلت قوات داعش الى الرطبة وعرعر بالقرب من الحدود السعودية، فانقلب الفرح الى عزاء! وعادت الشتائم من جديد من مؤيدي الحكم.

زاد القلق السعودي بإعلان البغدادي دولة الخلافة التي ستشمل مُلك آل سعود، ففرح قومٌ لأن السمّ الذي أذاقته الرياض خصومها عبر دعم القاعدة، يمكن أن يرتدّ عليها. وخشي قومٌ على أنفسهم لمعرفتهم هذا الصنف الداعشي، فهو من أسس مملكة آل سعود (إخوان من طاع الله) وهو من دمر المقدسات في الحجاز وألحقها بمملكة نجد الوهابية، وهو الذي أقام المجازر في الطائف والجنوب وغيرها.

وفجأة أيضاً، وفيما يواصل اعلام ال سعود النيل من المالكي الذي كان يدعم داعش برأيهم، والتي تقف على أبواب بغداد، واذا به يشتم المالكي لأنه سحب جنوده من الحدود مع السعودية، وترك الرياض لوحدها في مواجهة الإمام البغدادي!! فأرسلت الرياض ثلاثين ألف مقاتل، يعني نحو خُمس قواتها الى الحدود.

أهم ما في الأمر هو إعلان الخلافة، الذي يعني أن لا شرعية لأي نظام بما في ذلك النظام السعودي، ولا لأي تنظيم ديني او غير ديني، وعلى الجميع مبايعة البغدادي. هنا رد فعل المغردين السعوديين على إعلان البغدادي.

أبو عاصم التبوكي، من شمال المملكة وعلى حدود دولة داعش، يقول حين سمع خبر اعلان الخلافة: (نزلت من السيارة وسجدتُ سجود شكر لله، بإعلان الخلافة، فشاهدني رجال كبار في السنّ، فقالوا: بَشِّرْ! ليه سجدت؟ قلت لهم الخبر، ففرحوا وكبّروا). ويواصل حسين بالنيابة عن التبوكي ساخراً منه: (وسَجَدَتْ السيارات في الطريق، وسَجَدت البنايات، وكتبتُ ذلك في تويتر، فسَجَدَ المتابعون وسجد أمير المؤمنين الداعشي).  التقطت مغرّدة الخيط لتواصل: (ثم بكوا، وبكى المارة، والسائقون، وماتوا جميعاً من الفرحة)!

يقدم لنا مغرّد صورة للبغدادي: فهذا هو خليفة المسلمين ابراهيم البدري، فمن أراد البيعة فليتعرّف عليه. ونعم الخليفة! وهنا قدّم آخر صورة للبغدادي قبل ان يصبح خليفة، فقال: وهذا هو الخليفة أيام التحرر، حيث يلبس ربطة عنق كافرة! يسأل الصحفي الكويليت: (هل يمكن المبايعة أون لاين؟) ويضيف: (الله يِخْلِفْ على الأمّة التي أنتجت هذه العقول).  لكن مغرداً يتساءل عن مصير خلفاء آخرين، فكيف يبايع جديداً منهم، وهو لا يعلم مصير السابق: (إلاّ وِشْ صار على الخليفة أردوغان؟ هل أُحيل الى التقاعد المبكّر؟ أم لعبها البغدادي بشكل أفضل منه؟).

إبشروا بالخلافة أيها المسلمون، خاصة أنتم أيها السعوديون؛ فيضع أحدهم صورة ليكمل: (أعطنا الجَمْرْ يا غلام، فبدون الشيشة لا نستطيع القتال)! وهنا تستجيب العتيبيّة شيمة: (نبايعك يا خليفة المسملين على قطع الأعناق)! وليس على السمع والطاعة!

إعلان الخلافة يعني عودة الجزء الثاني من كليلة ودمنة، يقول مازن، فأحدهم (يقصد آل سعود) أطلق المارد من المصباح ولن يكون لخدمته هذه المرّة. والداعشي المرزوقي الذي يقاتل في صفوف دولة الخلافة يقول أن الأخيرة أعلنتها خلافة على منهاج النبوة، في حين أن الحمقى لا يزالون مشغولين: هل داعش عميلة لبشار أم لإيران. ويضيف: (لك الحمد ربي أن جعلتني من جنود الخلافة) (الخلافة حلم جميع المسلمين لذلك أنصحهم بمبايعة الخليفة أبي بكر القرشي البغدادي). 

الرويلي يسخر من توقيت إعلان البيعة: (ويلٌ لجماعة تُعلن الخلافة أثناء كأس العالم. مَنْ يَبِيْ يبايعكم باللهِ؟). لكن الدواعش المحليون يواصلون اعلان فرحهم: (الحمد لله الذي أحيانا لهذا اليوم)؛  والفاتح النجدي يقول ان عينه دمعت لهذا الخبر، ويضيف: (أُشهدُ الله أني أبايع الكرار أبي بكر البغدادي القرشي خليفة للمسلمين).

أحدهم تحمّس وسجل صوته مؤيداً للخليفة والخلافة من الحرم المكي؛ والنجدي عبدالعزيز أعلن بيعته للبغدادي؛ والصفواني نعتهم بالغباء والنفاق: (ألستم قبل ايام بايعتم خادم الحرمين؟). والمغرد المؤمن يطالب السعوديين المهنئين الكثر بالخلافة ان يجيبوا: (هل داعش صناعة ايرانية ام جماعة جهادية ربانية). لا تسأل يا هذا، فهم فعلا احتاروا فيها. في حين سخر كريم من دولة الدواعش التي قال أن (لديها تسهيلات بنكية متطورة، حيث من الممكن تسديد رسوم الجزية أون لاين، أو عبر تطبيق الهواتف الذكية). اما عبدالرحمن البسام، المغرد النشط، فاستغرب من داعش ومن يدعمها وتساءل: (حَوْلْكُمْ شيء؟ أريد أجرّب صنفكم، وأصدّق ما تقولون، وأعيش أجواءكم المخدراتية الجاهلية).

فهد يقول ما كان يجب أن نزعل، فقد أعلنها الرجال (خلافة)، كما كانوا يدرّسوننا عن عظمتها، (فهم يطبقون ما في الكتب فقط).  والمغرد السماعيل يرى أنها ليست خلافة على منهج النبوة، بل على منهج داعش الغدر والخيانة والتفخيخ والتكفير. اما خالد الحماد فرأى إعلان خلافة داعش ساذجة. ولكنه كأي طائفي لا يستطيع تحليل الأمور إلا من منظار الطائفية لذا أضاف: (أعتقد ان فيديو اعلان الخلافة سجل في احد ستوديوهات طهران) ويحمد الله على بعده عن مذهب الخوارج وأهل البدع.

يسأل الكاتب عبدالسلام الوايل بسخرية: (هل سَيَنْفُذ الخليفةُ جيشاً لأفريقية؟ ومتى يكتب لأوباما: من ابي بكر أمير المؤمنين الى أوباما كلب الروم؟). بيد أن المغردة هديل مطر تبارك لداعش: (الله يهنّيهم بخلافتهم، مثلما هنّى غيرهم بمملكتهم). وهي تقصد آل سعود، فهم أيضاً كانوا دواعش وملكهم قام على القتل والتكفير.  لكن المقاطي يوضح الخلاف معهم: (هم يكفرون ما عداهم من المسلمين، لذا يقصدون بكلمة المسلمين تنظيمهم فقط). وهذا بالضبط ما كان يفعله دواعش الوهابية حين احتلوا الجزيرة العربية: (السلام يالمسلمين، حيا الله المسلمين)! وكانوا يقتلون غيرهم لأنه كافر ويستبيحون ماله وعرضه، كما حدث لقبائل عديدة.

ويحمد زيد الله أن اعلان الخلافة جاء في عصر تويتر، وإلا لأقنع المشايخ ومدرسو السلفية نصف الشعب أنهم الحقّ وأنه يجب نصرة ومبايعة البغدادي.

(إنها دولة الأوغاد) كما يراها فارس ابا الخيل، ويتحدى: (لن تقوم دولة الإرهاب)؛ ثم يؤكد تحذيره بأن ما جرى في سوريا والعراق مجرد تمرين قبل المعركة الرئيسية في السعودية! اما الطبيب بندر قدير فيعلق: (يعني كذا وصلنا لخلافة على منهاج النبوّة. يبقى لنا اربعين سنة وتقوم القيامة، ونَفْتَكّ . يلاّ هانَتْ!). وباعتبار البغدادي خليفة للمسلمين، يتمنى ظافر الشهري من أئمة المساجد السعوديين عدم الإستعجال بالدعاء له ولبطانته حتى نفتح لهم سفارة: (سفارة الخلافة)! يقول ذلك ساخراً.

ويعتقد بدر العامر أن مجرد تبني فكرة الخلافة من قبل داعش يعني قتال كل الكيانات السياسية القائمة حتى تخضع لصاحب المشروع، اي ان المعركة مع المسلمين. تحليل صحيح، لكن الداعشيين لا يعتبرون المسلمين مسلمين حقاً، شأنهم شأن الوهابية يرونهم كفرة ومشركين. ويسأل لماذا تتوجه دولة الخلافة الى السعودية وتهددها وتتوعدها في الوقت الذي يغيب فيه تهديد اسرائيل وايران؟ نجيب بالنيابة: السبب انك وأمثالك علموهم التكفير لكل أحد، فصار آل سعود ومشايخهم كفاراً أيضاً، لا يختلفون عن الشيعة ولا غيرهم.

اما الناشط الحقوقي يحي العسيري فيرى صورة دولة داعش نسخة من سابقتها السعودية فيعلق: (لو كُتب لهم نجاح، اي الدواعش، وتحالفوا مع الغرب لبيع نفط العراق، وشبعوا منه، فسيكون لهم هيئة كبار علماء يرأسها حفيد العدناني). اما الناشط عبدالله المقبل فرأى الكف عن السخرية فالأمر جاد ذلك أن (أدبيات داعش ليست غريبة علينا. لا جديد في الأمر. هذه بضاعتنا رُدّت إلينا).

ولهذا بمجرد أن أن ظهر هاشتاق (البغدادي خليفة للمسلمين) اسس رجال مباحث النظام هاشتاق مقابل: (خليفة المسلمين عبدالله بن عبدالعزيز) وكأن الملك السعودي لم يكفه ان يكون خادم الحرمين. وان مجرد اعلان احدهم نفسه خليفة فإنه أعلن حرباً على شرعية الحكم السعودي.

عون العون يقول: (المؤهَّلْ شرعياً للخلافة الإسلامية هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله). يرد عليه احدهم: (هذا ملك وليس خليفة!! لقد سالت بسببه دماء المسلمين. ندعو الله أن يعجل بحكمه، لأن بقاءه يعني مزيداً من الدماء). لكن صاحب الحساب الساخر: المستكلب لولاة أمره، يعود فيؤكد:(غصبٌ عليكم سيدي خادم الحرمين الشريفين هو خليفة للمسلمين، وهذا هو الدليل يا حاقدين) حيث يلحق صورة لتصريحات عبدالله يعتبرها الوهابيون كفراً.

يرد داعشي: (أول مرة أسمع عن ملكٍ خليفة. إن الملوكَ إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزّةَ أهلِها أذِلّة). وهنا تأتي المغردة الموالية سحابة الخير لتقول بأنه لم يخلق الله اثنين كالملك!

والله ما مِثْلِكْ على الأرضِ إنسان

ولا انْخَلَقْ ـ في ذمّتي ـ مثلكْ اثنين!

ذمتها واسعة حتماً!

لكن المهم الآن: هل ستنتهي ظاهرة القاعدة وداعش والوهابية المتطرفة؟ 

كلا. فظاهرة الخوارج ـ حسب المفكر المحمود ـ لن يتم القضاء عليها تماماً، لأنها إفراز مَرَضِيٌّ للتديُّن ذاته. هي كالجريمة، لا تستطيع إلا الحدّ من انتشارها. ومن المثير ما قاله المغرد التميمي: (فعلاً هذا هو وقت اعلان الخلافة الإسلامية، حتى يرى الناس في القرن العشرين رأيَ العَيْنِ ماذا فعلت الخلافة والخلفاء في الإسلام والمسلمين، صورة بالألوان).

ويختم عبدالرحمن الهرفي بنص عن الإمام علي كرم الله وجهه وكأنه يصف دولة البغدادي: (اذا رأيتم الرايات السود فالزموا الأرض، فلا تحركوا ايديكم ولا أرجلكم، ثم يظهر قوم ضعفاء لا يؤبه لهم، قلوبهم كزُبر الحديد، هم أصحاب الدولة، لا يفون بعهد، ولا ميثاق، يدعون الى الحق وليسوا من أهله، أسماؤهم الكُنى، ونسبتهم القُرى، وشُعورهم مُرخَاةٌ كشعور النساء، حتى يختلفوا فيما بينهم، ثم يؤتي الله الحقّ من يشاء).

# خليفة المسلمين يخطب بالمسلمين

طبعاً المقصود هنا بخطبة الخليفة البغدادي في الموصل؛ حيث انبرى الدواعش السعوديون للمقارنة بين الخليفتين! وشتان بين من يخطب بالمسلمين ويذكرهم بالله، وآخر يشرب مع الصليبيين، حسب الداعشي شامان!

محتوى خطبة الجمعة للبغدادي مستنسخة من الخطاب الديني الوهابي الرسمي، وهذا هو رأي الصحفي عبدالله العلويط، لا فرق، فكلاهما يؤيد السيف في فرض الدين، وكلاهما مع الجهاد، (ولكن اصحابنا يقولون ننتظر قليلاً)!

البغدادي قال بأنه ابتلي بالخلافة؛ فسخر البعض منه، فهو طالب سلطة مثل آل سعود. وشيمة العتيبي تعلق: (مصدّق نفسه، ويقول: ابتليتُ بالخلافة! والله حنّا اللي ابتلينا بخلافة الهمجية والوحشية في أجزاء من العراق وسوريا). اما المغردة ترانيم فتوجه كلامها للشيخ العريفي (الذي ترمز له بقرّة عيني): (طاح سوقك يا قرّة عيني؛ الحين الصحويات يتهاوشون من منهنّ ستصبح جارية لمولانا، وخصوصاً معلمات الدين)!

# نحر رجل أمن في شرورة

كثيرة هي الهاشتاقات التي تحدثت عن غزوة شرورة جنوب المملكة، او (غزوة الثأر للأسيرات/ اسيرات القاعدة)؛ والتي قامت بها قاعدة الجزيرة العربية ومقرها اليمن. لقد اقتحم عدد من أعضاء القاعدة الحدود ودخلوا الى مبنى المباحث، ثم فجر اثنان نفسيهما، وقتل في العملية أربعة جنود، وجرح نحو خمسة عشر آخرين، في حين قُتل من القاعدة خمسة حسب المصادر الرسمية.

كان مفزعاً للسلطات السعودية ان يأتيها تهديدان في وقت واحد، من الشمال حيث داعش، التي قامت باطلاق صورايخها على المدينة الحدودية عَرْعَرْ؛ بغية فتح الحدود الشمالية كيما تتوسع دولة الخلافة التي يرأسها البغدادي. أما الهجوم الآخر فجاء من الجنوب من القاعدة، في منافسة واضحة بين الإثنين، وكلاهما يريد اثبات جدارته بفتح الحدود، فيما ينتظر القاعديون والدواعش الكثر في السعودية ساعة الصفر.

قاعديو الجنوب وكلهم سعوديون ـ حسب المصادر الحكومية ـ وكانوا خريجي برنامج آل سعود العجيب في المناصحة، واطلق سراحهم من السجن؛ هؤلاء القاعديون قاموا بذبح جندي سعودي، مثلما فعل أشياعهم وأقرانهم في الشمال في العراق وسوريا وغيرها. الذبح سنّة وهابية سواء كانت قاعدية أم داعشية، وهي ليست جديدة، فقد تمت تجربة عمليات الذبح قبل قرن ايضاً في الطائف وتَرَبة وأماكن أخرى من المهلكة السعودية.

العصيمي متألم بأن القاعديين نحروا رجل أمن، وكأنه يستغرب فعلهم، إذن لم التصفيق لفعلهم في البلدان الأخرى طيلة السنوات العشر الماضية على الأقل؟ لهذا تقول لاما بأن الدنيا دوّارة. فاليد التي نحرت رجل الامن في شرورة هي ذاتها التي نحرت رجال الأمن في سوريا والعراق بحجة أنهم حماة الطواغيت! ثم ان هذا الذبح منهج الوهابية، ويكفينا ما يكتبه محمد البراك استاذ الدين في جامعات السعودية الذي يحب حز رؤوس الزنادقة من الكتاب. ويتوقع حسين اليوسف أن من طبّل لداعش اكتشف بعد نحر رجل الأمن السعودي أنه طبّل للفواحش! بيد ان العتيبية لا ترى مانعاً من ذبح الروافض، وانما هي منزعجة من تكفير حكام السعودية فقط! ويبدو انها لم تتعلم الدرس بعد! ومن هنا انفجرت فاطمة على العتيبية وتساءلت: (ألا تستحون ولو قليلا؟ أفبعد هذا الوباء الذي حلّ بكم تطالبون بنحر الشيعة). (انه وباء عام تفجر في وجوهنا) يقول طارق القحطاني. أما المغردة حنّو فترى ان الإنسان الطبيعي لا بد وأن يحزن لحزّ راس جندي سعودي او عراقي او سوري (اما السافل، فيطالب بتركه بلده، وذبح الناس في بلدانهم)!

ولأن من هاجم شرورة كانوا قد خرجوا من السجن بعد تخرّجهم من لجان المناصحة وعادوا الى سيرتهم التكفيرية والعنفية الأولى، رأت الكاتبة والناشطة خلود الفهد بأنه يجب ان ينظر في تلك اللجان، فكيف لمتطرّف أن يدعو متطرفاً مثله للوسطية والإعتدال؟! اذا كانت ثقافة حزّ الرؤوس وصلت الى الأكاديميين فكيف لها ان تنتهي. في الحقيقة فإن صالح الفهيد يعتقد بأن تلك الثقافة مصدرها هؤلاء الذين يزعمون انهم أكاديميون خريجو الجامعات الإسلامية. انهم من يروج لتلك الثقافة ويشجع عليها كما فعل البرّاك.

الملا أويس القاعدي او الداعشي يكتب شعراً يبشر نجد وأسيرات القاعدة بالفرج اما من الشمال او الجنوب:

حانَ اللقا يا نجدْ عُقْبِ الفراقِ

لاجل الأسيرةْ ما نعرفْ الخطورةْ

أرتالنا تأتي من آرضِ العراقي

واهل اليمنْ بارتالهم في شرورةْ

الشيخ الطريري تألم من الغلاة الذين يتدينون بقتل المسلم! وكأنه هو وجماعته وحدهم المسلمين كما فعل أجدادهم الذين لا يطلقون لفظ المسلمين إلا على أنفسهم (السلام عليكم يالمسلمين/ حيّا الله المسلمين)؛ واذا تبين ان من سلموا عليه من غير نهجهم يعودون ويطالبون: (ردّوا لنا سلامنا)! فهل هؤلاء الغلاة يمثلون اسلام الوهابية الصحيح حينما كانوا يقتلون الآخرين في سوريا والعراق ولبنان وغيرها، وحين جاء الدور عليكم اصبحوا بغاة وغلاة كما هي العادة، وكما حدث من قبل مع (اخوان من طاع الله) ومع جهيمان وغيره؟ وفعلاً ـ كما يقول مغرد ـ فإن مشايخ الوهابية حالهم كالشيطان (كمَثَلِ الشيطان إذْ قال للإنسان اكفرْ فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله) والعريفي مثال ذلك.  فقد كان يحرّض على القتل والذبح، وحين وصلت النار الى خباء المكفراتية صانعي الأحقاد والطائفية ومنتجي فكر التكفير اعتبروا ذلك (نذير خطر لفكر منحرف يستوجب تعاون الكل لمحاربته). أنتم لستم كفؤاً لمحاربة فكر يقوم تفكيركم وفعلكم عليه نفسه؟

اما الشاعر صالح السهلي، مرهف الإحساس، فقد ظلّ صامتاً على ما تفعله داعش والقاعدة من قطع الرؤوس، الى ان وصل الأمر الى بلده، ولذا فإنه هنا يخاطب الداعشي بالصوت والصورة: (ردّ أيها الخارجي المارق من الإسلام، لِمَ قتلتَ والدها، ويتمتها وأخويها)؟ الجواب عندنا: لأن هذا هو فكر الوهابية، ولأن أحداً لم يقل لهم بأن ما تفعلونه حرام وخطأ، حتى وصل الدور عليكم!

واخيراً يقدم لنا أحد المغردين صورة لأحد منفذي الهجوم على مبنى مباحث شرورة، فهو شاب ربما في العشرين من العمر، سمي بأبي عوف الشروري: أصبح ارهابياً هالكاً، حسب التوصيف، ولو كان موقع الغزوة في الشمال من السعودية، لأصبح (الشهيد بإذن الله)!

الصفحة السابقة