هبّة حجازية:

منع مخطّط الهدم الوهابي للقبّة الخضراء

يحي مفتي

لا يكاد يمرّ عام الا ويذكّر الوهابيون أنفسهم بالمخطط المبيّت الذي أفصحوا عنه في مناسبات عديدة وخطّوه بأقلامهم فتاوى وخطب ونشرات، وتوعّدوا بتنفيذ هذا المخطط يوماً ما..إنه مخطط هدم القبة الخضراء في مسجد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وإخراج قبره وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من داخل المسجد.

وقد سعى الوهابيون منذ بدء غاراتهم على الديار المقدّسة الى هدم القبة الخضراء والقبر النبوي الشريف ومن ثم إخراج القبر من المسجد. وقد رصد الشيخ عبد الرحمن الجبرتي في (عجائب الآثار في التراجم والأخبار) ما جرى بعد غزو القوات الوهابية للحجاز. وذكر ما نصّه: في شهر محرم الحرام سنة 1218هـ حضر الشريف عبد الله ابن سرور وصحبته بعض أقاربه من شرفاء مكة وأتباعهم نحو ستين نفرا وأخبروا انهم خرجوا من مكة مع الحجاج وان عبد العزيز بن مسعود (هكذا والصحيح سعود) الوهابي دخل إلى مكة من غير حرب وولّى الشريف عبد المعين أميراً على مكة والشيخ عقيلاً قاضيا وأنه هدم قبة زمزم والقباب التي حول الكعبة والابنية التي أعلى من الكعبة وذلك بعد أن عقد مجلسا بالحرم وباحثهم على ما الناس عليه من البدع والمحرمات المخالفة للكتاب والسنة وأخبروا ان الشريف غالبا وشريف باشا ذهبا إلى جدة وتحصنا بها وانهم فارقوا الحجاج في الجديدة. (ج2، ص585-586).

وفي تفصيل عملية الهدم للقباب المقدّسة، كتب الجبرتي عن شهر رجب الفرد سنة 1120هـ: وفيه وردت الأخبار بأن الوهابيين استولوا على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد حصارها نحو سنة ونصف من غير حرب بل تحلقوا حولها وقطعوا عنها الوارد وبلغ الاردب الحنطة بها مائة ريال فرانسة فلما اشتد بهم الضيق سلموها ودخلها الواهبييون (هكذا والصحيح الوهابيون) ولم يحدثوا بها حدثا غير منع المنكرات وشرب التنباك في الأسواق وهدم القباب ما عدا قبّة الرسول صلى الله عليه وسلم. (ج3، ص91).

وفيما يخص سرقة ذخائر وهدايا الروضة النبوية قال الجبرتي (حضر الوهابي واستولى على المدينة وأخذ تلك الذخائر فيقال انه عبى أربعة سحاحير من الجواهر المحلاة بالألماس والياقوت العظيمة القدر ومن ذلك اربع شمعدانات من الزمرد وبدل الشمعة قطعة الماس مستطيلة يضيء نورها في الظلام ونحو مائة سيف قراباتها ملبسة بالذهب الخالص ومنزل عليها الماس وياقوت ونصابها من الزمرد واليشم ونحو ذلك وسلاحها من الحديد الموصوف كل سيف منها لا قيمة له وعليها دمعات باسم الملوك والخلفاء السالفين وغير ذلك. (ج3، ص249-250).

وقد أضمر مشايخ الوهابية نيّة هدم القبّة الخضراء وإخراج القبر النبوي وفكانوا لا يكفّون عن تخفيض شأن زيارة قبره الشريف، حتى أن بعضهم قطع على نفسه عهداً بأنه لن يزور قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل هدم القبّه وإخراج قبره الشريف من المسجد.

فقد دعا الشيخ ناصر الدين الالباني في كتابه (تحذير الساجد/ ص/68/69) لهدم القبة الخضراء وإخراج قبر النبي عليه الصلاة والسلام الى خارج المسجد، وذكر بأنه طلب أيام الملك سعود بأن يهدم هذا الوضع القائم ويجعل القبور الثلاثة منفردة عن المسجد .

وكتب الشيخ ابراهيم بن سليمان الجبهان في كتابه (تبديد الظلام وتنبيه النيام.. ص 389) المطبوع بإذن رئاسة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد برئاسة المفتي السابق الشيخ عبد العزيز بن باز تحت رقم 1144/5 بتاريخ 11/7/1400هـ (وإن إدخال قبره ـ أي قبر المصطفى ـ في المسجد ــ أي المسجد النبوي ــ أشد إثماً وأعظم مخالفة) ويضيف بأن (سكوت المسلمين على بقاء هذه البنية لا يصيّرها أمراً مشروعاً).

وذكر الشيخ بن عثيمين في خطبة له مشهورة حين سئل عن بقاء القبة الخضراء، فأجاب (عاد القبة الله يسهّل هدمها).

وقد نذر أهل الحجاز الأوفياء قديماً وحديثاً أنفسهم للدفاع عن مقدّسات المسلمين والأمانة التي شرّفهم الله بالحفاظ عليها، حيث لا زالوا يجهرون بأصوات الرفض لأي مساس بتلك البقاع الشريفة..فقج حافظوا على ما يمكن المحافظة عليه من آثار الإسلام في تلك البقاع الطاهرة، وقد نشرت صحيفة (البلاد) في عددها الصادر في الخامس والعشرين من جمادى الأول 1370هـ ـ الموافق الرابع من مارس 1951م مقالاً بعنوان (مدرسة ومكتبة في الأماكن التاريخية) ورد فيه خبر حصول الشيخ الحجازي عباس قطان على منحة عبارة عن (الأرض البيضاء المعروفة بدار السيدة خديجة زوجة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنها لإقامة مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم على أنقاض هذه الدار..)، كما حصل على منحة أخرى وهي عبارة (المكان الذي ولد فيه الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم لبناء مكتبة ضخمة يؤمها رواد العلم وطلابه..).

ويعرف مكان المكتبة تاريخياً بموضع المولد النبوي الشريف وتقع المكتبة بشارع القشاشية في شعب علي أو شعب المولد التي تسمى في الوقت الحالي بسوق الليل. وكان الشيخ عباس قطان أمين عاصمة مكة سابقاً يسعى لاقامة مكتبة عامة فاتفق مع أصهاره آل الكردى على شراء مكتبة المرحوم الشيخ ماجد كردى الشهير بالمكتبة الماجدية ونقل محتوياتها الى هذه الدار صيانة للموضع الذي ولد فيه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه من أن يبقى معرضاً للإهمال وتكريماً له بإقامة عمل نافع للناس.

وقد تصاعدت في الآونة الأخيرة دعوات وهابية لاحياء مخطط هدم القبة الخضراء، الأمر الذي استدعى استنفاراً من شرفاء الحجاز من كتّاب وعلماء وأدباء للتصدي لمثل هذه الدعوات الخطيرة التي لا تهدف سوى الى دق إسفين في كرامة الأمة وقيمها الروحية، والنيل من رمزها، سيد الكونين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

فقد كتب الاستاذ والكاتب الحجازي عبد الرحمن بن محمد الأنصاري مقالاً في صحيفة (البلاد) في 28 مايو الماضي عبّر فيها عن مشاعر الغضب والحرص على آثار النبوة والإسلام في الديار المقدّسة، وقال ما نصّه:

تابعتُ بشيء من الاهتمام والاستغراب، ما يُثار الآن من الحديث عن القبة الخضراء على أشرف قبرٍ، قبر سول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق رضوان الله عليهما، وإنّي لأعُدّ تناول ذلك وإثارته في هذا الوقت، ثَلْماً في فهم الدين ومقاصده، لدى من يُثير ذلك، وبخاصة عند حديثه عن تلك القبة الشريفة على أنها من البدع والمحرمات والذرائع المؤدية إلى الشرك، وأنّ هدمها وإزالتها مما يتعيّن وجوباً..ذلك أننا لو أخذنا بذلك وسلّمنا به وقبلناه، فإنّ أخذنا له سيكون على أساس منافاته للنهي الوارد في البناء على القبور واتخاذها مساجد، والصلاة إليها بجعلها في قبلة المصلين، وذلك ما لا يكفي في تحقيقه، هدم القبة على القبر الشريف وإزالتها بل ستتبعه دعوةٌ أخرى إمّا لانفصال المسجد عن القبر، أو بانفصال القبر عن المسجد بنبشه ونقله عنها.. وأنا أقول ذلك وأكتبه توصّلاً لما أريد قوله، ومع ذلك فإنّ أوصالي ترتعد من مجرد تصور نبش القبر الشريف.. لقد كان قولاً وإثماً مبيناً، ذلك القول المشكّك في صحة وسلامة استقرار القبر الشريف، في نفس البقعة المطهرة التي اختارها الله له، فمع مصادمة تلك المزاعم التي أُثيرتْ حول القبر الشريف، لإجماع الأمة الذي له صفة العصمة، فإن مجرد الفكر فضلاً عن القول بنقل قبر سول الله صلى الله عليه وسلم من مكانه بنقله خارج مسجده، أو تحويل المسجد عنه، هو فتنة نائمةٌ لا يعلم إلاّ الله المدى الذي كانت ستصل إليه لو استيقظت من سباتها، وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها ما معناه: ( لولا أن قومك حديثي عهد بكفر، لهدمتُ الكعبة وأعدتُ بناءها على قواعد إبراهيم وجعلت لها بابين بابا للدخول وآخر للخروج) الحديث...ومع أن تلك الحداثة بالكفر قد زالت بتغلغل الإسلام في النفوس وعزّته وعزة أهله، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه، أبقوا الكعبة على ما بنتها بها قريش...واليوم يأتي من يتحدث عن ضريح رسول الله صلى الله عليه وسلم في مأرز الإيمان ومنطلقه، ويتحدث حديث عُدوان وجفاء عن القبة الخضراء المنصوبة على ذلك القبر الشريف، فهو بذلك من حيث يعلم أو لا يعلم، يستدرك على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، منذ إضافة بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلى مساحات المسجد النبوي الشريف، وهي فترة كانت حافلة وعامرة بالصحابة والتابعين، وكان “عَمَلُ أهل المدينة “ فيها مُعتبراً ومحتجاً به في العبادات والأحكام، وفهم نصوص الشرع، ومع ذلك فإنّ صوتاً لم يُسْمع لقائل بترديد ما ردده أولئك المتنطعون، الذين لو كان الأمر إليهم، لفعلوا بالإسلام وأهله ما لم يفعله بهم، هولاكو، وجنكيز خان، والتتار...

وأما المضحك المبكي فهو ذلك الحديث عن القبة الخضراء الشريفة والدعوة إلى هدمها.. فهل سبب الدعوة هو أن تلك القبة هي السقف المظلِّل للقبر الشريف، أم بسبب لونها الأخضر المميز، أم لكونها مجرد قبة، والقباب مما لا يجوز بناؤه على القبور؟

والإجابة على تلك التساؤلات والشُّبه هي: أن رسول لله صلى الله عليه سلم ليس كغيره من البشر، فقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن مدفن الأنبياء حيث تُقبض أرواحهم )..وإذا كان البناء على القبور ليس مما يُقرّه الإسلام، فإنه لا أحد ممن يُعتدّ بقوله سيُجادل أو يُماري في أنّ القبر الذي حُفرله عليه الصلاة والسلام ودُفن فيه، إنما كان في جوف حجرة أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها، وهي حُجرة لها سقفٌ ولها باب.. والمعنى: تميّز قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قبور سائر أمته بأنه قبر داخل بناء...ولم يقل أحدٌ من أهل القبلة بهدم سقفه، كما نسمع اليوم عن المطالبات الآثمة ضدّ القبة الخضراء الشريفة على القبر الشريف.

وهنا مسألةٌ توضّح بجلاء أنّ الحديث العدواني عن تلك القبة وبدعيتها المزعومة هو حديث خرافة، فما تمثله تلك القبة اليوم من كونها السقف للقبر الشريف، هو نفسه ما كان يمثّله بالأمس سقف حُجرة أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها المدفون فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم...فالعمارة الإسلامية كانت منذ فجرها وبداياتها الأولى، تتجه إلى تشييد القباب على المساجد ودور العلم، لما في ذلك من الفوائد الصحية والبيئية، فالناس عندما يجتمعون ويتكدسون في حيّز جغرافي محدود المساحة فإنّ حرارة أجسادهم، وما يخرج منها من الأنفاس و الأبخرة، إن لم تجد منفذاً تخرج منه عادت عليهم بالضرر والعدوى، وقد اكتشف المهندسون المعماريون المسلمون في وقت مبكّر أنّ جعل القباب سُقُفاً للمساجد ودور العلم هو المهرب والموئل لتلك الحرارة والأبخرة التي تنبعث من الناس داخلها، ومن أجل ذلك كانت التوسعة العثمانية للمسجد النبوي، كلها قباب، بما فيها القبة الشريفة على القبر الشريف المميزة فقط عن بقية القباب بشيئين: لونها الأخضر، وانفرادها، إذ ليست كبقية قباب المسجد المتصلة، واليوم كل التوسعات الحديثة التي شهدها الحرمان الشريفان، اتُّبع فيها أسلوب القباب، مراعاة لذلك الذي سبق ذكره.

والسؤال: لماذا إثارة ذلك القول البغيض عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت.. أفلا يسع متنطّعي اليوم، ما وسع علماء الأمة وأولي الأمر فيها منذ فجر الإسلام وحتى اليوم؟!

من جهة ثانية، طالب الكاتب الدكتور زيد الفضيل أمير منطقة المدينة المنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد بأن يتدخل ويعيد القبة الخضراء إلى الشعار الثقافي والتاريخي للمدينة المنورة لمناسبة “المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م”، وقال في مقالة نشرته صحيفة (المدينة) في 31 مايو الماضي بعنوان “نداء إلى أمير المدينة: رمزية القبة الخضراء في ثقافتنا”. وقال بأن المدينة ما كانت لتكون، وما كان ليعلو شأنها، ولتصبح منورة، لولا شرف وجود سيد السادات، وخاتم الأنبياء والمرسلين.. وكتب ما نصّه:

أثار إقرار اللجنة المكلفة باختيار خارطة العالم الإسلامي بديلاً للقبة الخضراء، كشعار للمدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، الكثير من الشجى والحزن في نفوس الكثرة الكاثرة من محبي المدينة وعاشقوها على ساكنها وآله أفضل الصلوات وأتم التسليم. ذلك أن القبة الخضراء التي باتت رمزًا خالدًا للمسجد النبوي بما يمثله من قيمة روحية كبرى، وما يعكسه من أهمية دينية وتاريخية واجتماعية، قد تم تغييبها عن أهم شعار للمدينة المنورة خلال الفترة المقبلة. وواقع الحال وبمنأى عن الخوض في الجدال العقيم الذي يستأنس له بعض المتنطعين، الذين غرر بهم الشيطان فقذفوا المسلمين بتهم الشرك، وعمدوا إلى تبديع الأمة وتفسيقها، لمجرد وجود القبة الخضراء فوق بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بل الأدهى والأمر حين عمد البعض منهم إلى المناداة بهدمها، لما في بقائها من شرك وبدعة بحسب آرائهم المتنطعة، دون أخذ بالاعتبار لموضوع إقرار الكثير من العلماء والفقهاء لمشروعية وجود بناء القبة الخضراء كسقف لبيت النبي، ودون وعي بأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، ودون إدراك حقيقي لمعنى وقيمة الأشياء ودلالاتها المعنوية والمادية؛ بمنأى عن كل ذلك أحب أن أذكر نفسي والجميع بأن المدينة ما كانت لتكون، وما كان ليعلو شأنها، ولتصبح منورة، لولا شرف وجود سيد السادات وخاتم الأنبياء والمرسلين وأفضل الناس أجمعين بها، فله تهوي الأفئدة زائرة مسلمة، وتصلي عليه بأمر ربها راضية مستبشرة، وقد ارتجى كل أحد فينا شفاعته ومجاورته في أعلى عليين، وما كانت لتكون لولا روضته ومسجده الشريف، الذي تتزاحم النفوس شوقًا إلى الصلاة فيه، فكيف نتغافل عن القبة الخضراء التي ترمز إلى كل ذلك حين يتم تدشين شعار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية، وأي ثقافة إسلامية لا يكون النبي حاضرًا في وجدانها وشعارها، ثم كيف سنواجه العدو الصهيوني في صراعنا اليوم معه حول مسألة الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية لمدينة القدس الشريف، التي يُرمز إليها بقبة المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ونحن من أسقط القبة الخضراء من ذاكرة تاريخنا الإنساني، لاسيما إذا ما أدركنا أن المناسبة ستنتهي لكن شعارها سيبقى على مر التاريخ، دليلا على تهاوننا في لحظة تاريخية معينة. بقي لي أن أنادي سمو أمير المدينة المنورة راجيًا منه أن يتدخل ويعيد القبة الخضراء إلى الشعار الثقافي والتاريخي للمدينة المنورة، حفاظا على روح المدينة التي يتشرف اليوم برعايتها نيابة عن ولي الأمر، ومنعًا لأي فتنة قد تحدث من قبل بعض المتنطعين، وقطعًا على العدو الإسرائيلي من أن يجعل من هذا الحدث متكأ له لتهميش قبة المسجد الأقصى والصخرة وإغفالهما من أي شعار ثقافي مستقبلي.

واستنكر المفكر الإسلامي والباحث التاريخي في المدينة المنورة الأستاذ عاصم حمدان إزالة القبة الخضراء لحضرة النبي محمد صلى الله عليه واله من شعار (المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية) في العام القادم 2013م،واستبداله بخريطة العالم الإسلامي، وذلك من خلال رسالة وجهها إلى معالي الدكتور محمد علي العقلا رئيس اللجنة العليا للاحتفال بالمدينة كعاصمة للثقافة الإسلامية.

واعتبر الحمدان شعار القبة هو الشعار الرسمي للمدينة المنورة من الدولة السعودية وكذلك على مدى تاريخ الأمة الإسلامية ولا يمكن إلغاء ذلك بأي حال من الأحوال.

وقال الحمدان في رسالته: (نعم لم نسمع اعتراضاً من كبار مشائخنا على هذا الأمر فكيف يأتي بآخرة كما سمعت من يعترض على ظهور القبة الخضراء القائمة منذ قرون إسلامية عديدة وأصبحت رمزا على مثوى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضي الله عنهما).

وقد استنجد الكاتب محمد معروف الشيباني بالامير عبد العزيز بن ماجد عندما قال له.. نستنجد اليوم وعيَ (أميرِ عاصمةِ الدولةِ الإسلاميةِ كلِّها يوماً ما).

الكاتب الشيباني قال إستنجاده في مقاله المنشور في 31 مايو الماضي بصحيفة (البلاد) اثر قيام بعض اعضاء اللجنة المكلفة باختيار شعار المدينة المنورة كعاصمة للثقافة الاسلامية بازالة القبة الخضراء من الشعار ..قائلاً انهم لم يفكروا كيف إن امراً مثل هذا سيحرج السعودية ايما احراج أمام العالم الاسلامي.

وقال الشيباني موجها كلامه لاعضاء اللجنة أنهم لم يستَحضروا إجابةَ سائلٍ مغرِضٍ يستهدف إحراج السعودية: (أَتَزْدرونَ القُبّةَ الخضراء؟أَتُخْجِلُكُم مكانتُها؟.لِمَ لا تُزيلوها كلّيّةً؟). وأكّد أنهم أيضا (لن يجدوا جواباً..و سيُحيلوا الأزمة التي ابتكروها للحُكْمِ، لأنهم أولياءُ مدارسهِم و جامعاتِهم و كراسيهِم).

المقال جاء على خلفية قيام اللجنة المكلفة بدعم مشروع المدينة عاصمة للثقافة الاسلامية، بازالة القبة الخضراء من الشعار، إثر اصرار بعض اعضاء اللجنة المتشددين الذين يرون ان القبة لاتناسب معتقادتهم الخاصة.

وعاد الشيباني ليذكّر بخطورة الموضوع مرة أخرى وكتب في اليوم التاي مقالاً بعنوان (مرة أخرى (القبّةَ الخضراء).!) وكتب ما نصّه:

نعم..قررها بجرَّةِ قلم باستبعادها من (شعارِ) احتفالية المدينة المنورة كعاصمةٍ للثقافة الاسلامية.

و هذا يعيد للطرح البَوْنَ الشاسع بين (الحُكْمِ) بوعيِه وصيانتِه وحدةَ المسلمين و بين غيره من المسؤولين الذّائدين عن كراسيهم.

بعض رجال (الحكومة) يُفترض أنهم امتداد عمليٌ لمنهجِها، لا (مُستَحدِثونَ) لمآزقَ و مزالقَ في غِنى عنها.

تَناسوا شعاراتِ الغوغاء أمام سفارتنا بمصر مؤخراً..ما فكّروا لو تكررت غداً بكل عاصمة..ما استَحضروا إجابةَ سائلٍ مغرِضٍ يستهدف إحراج السعودية :(أَتَزْدرونَ القُبّةَ الخضراء.؟.أَتُخْجِلُكُم مكانتُها.؟.لِمَ لا تُزيلوها كلّيّةً.؟.). لن يجدوا جواباً..و سيُحيلوا (الأزمة) التي ابتكروها (للحُكْمِ)، لأنهم أولياءُ مدارسهِم و جامعاتِهم و كراسيهِم.

نستنجد اليوم وعيَ (أميرِ عاصمةِ الدولةِ الإسلاميةِ كلِّها يوماً ما)..الذي (طولِبَ) جَدُّه من قبلُ بإزالةِ (الخضراء) فكان رده أبلغ..و ما غيَّر ذلك من عقيدته و لا منهجِه شيئاً.

لا تَزيدوا أزماتِ الوطن..قليلاً من الحكمة..فمعظمُ النار من مُستَصغرِ الشرر.

الصفحة السابقة