الطبقة الملائكية ما فوق المخمليّة

يطلق هذا التعبير السياسي ـ غير الشائع ـ على تلك الجماعة (العائلية خاصة) والتي ترى نفسها فوق مستوى المحكومين وفي بعض الأحيان فوق مستوى البشر، ويزيّن هذا الشعور لدى أصحابه بأنهم (العنصر الأعلى والأسمى) وأنهم دون غيرهم يحق لهم الإستئثار بالحكم، واعتبار الشعب مجرد قطيع من الرعاع، وأن مقدرات الدولة حقّ خاص، ولذلك ترى أنهم يعتقدون ـ عن صدق ـ بأن مطالب الإصلاح السياسي والإقتصادي ووقف الفساد والتعدي على الأملاك العامة كالأراضي وميزانية الدولة، تدخّل وتجاوز على أملاك خاصة، ويعتبرونه تعدياً على حقهم ومنازعة لهم في أمور لا يمكن لهم أن يقبلوها. أي أنهم ينظرون الى مطالب الشعب تعدياً على حقوقهم الخاصة في الحكم والثروة وغيرها. هم يعتقدون بأنهم إن أعطوا أو أصلحوا فذلك مكرمة منهم وتفضلاً وتحنّناً على أولئك الرعاع، وإن لم يفعلوا وعبثوا بالسلطة والثروة، فذلك يدخل في تصرّف المالك في ملكه، لا يحقّ لأحد التدخّل والإحتجاج.

الطبقة الملائكية في البلاد، تتصف بأمور أخرى كثيرة غير هذه، فهوسها بنفسها وعظمتها الخارقة للعادة، دفعها لأن تسلط الأضواء على نفسها في كل شأن، وتحتل كل الصفحات والمانشيتات الأولى في كل جريدة، وتسبق أخبار أعضائها في التلفزيون والراديو كل الأخبار مهما كانت تافهة، وتزين كل الشوارع الرئيسية بأسمائهم، وكذلك أسماء البنايات، وأسماء المطارات، وأسماء الجامعات، وأسماء المتنزهات على قلّتها ورداءتها، وأسماء السفن وبواخر النفط وعناوين المؤتمرات.

والطبقة الملائكية، لا تصاهر العامّة بالمعنى المتعارف عليه، فهي تأخذ ولا تعطي، تشرِّف ولا تُشرَّف!، وأعضاؤها يرون أنفسهم غاية في الذكاء والدهاء والثقافة، وهم يعلمون أنهم ليسوا كذلك، ولكنهم يظهرون بمظهر العلماء في السياسة والدين والكرة والإدارة والقانون!.. هم الشيوخ الأبخص، والعباقرة الذين لم تلد أرض الجزيرة العربية مثلهم. هؤلاء لا يدرسون مع العامّة في جامعاتهم، فقط يسجّلون ولا يختبرون، وفي نهاية العام ينالون رتبة الأوائل مع مرتبة الشرف الأولى، وغالباً ما يتخصصون في القانون، وحين يتخرجون لا تجد إلا النادر منهم من يفقه شيئاً. ليتهم استثمروا أموالهم في تعليم أنفسهم في أرقى جامعات العالم، بدل شهادات الدكتوراة الفخرية، والمشتراة، والشهادات التي تزين حيطان عقولهم، إذن لتحركت هذه البلاد خطوة الى الأمام. لكنهم أعلى من أن يدرسوا في جامعة، أياً كانت محلية أو خارجية، دراسة حقيقية، إلا ما شذّ وندر، لأنهم ـ مثل آبائهم ـ تخرجوا من جامعة الحياة، ومن مدرسة الوالد المؤسس!

حتى (بزرانهم) الذين يدرسون في مدارس خاصة، لا يمكن أن ينافسهم أحد، فهؤلاء خلقوا من (طينة) مختلفة عن البشر، ولا بدّ أن يكونوا الأوائل على مدارسهم وعلى مستوى المملكة. أما أبناء العامّة، فمهما كافحوا وجدّوا، فإن المراتب الأولى لن ينالها أحدٌ منهم، كيف يكون ذلك، وهذه العائلة المتألّهة تتناسل وتفرّخ كالورم! أين يضعون أبناءهم ووظائف الدولة يحتلونها ـ سياسية وعسكرية ـ ومراتب التعليم كلّها لا تكفيهم، لعددهم المهول!

في هذا العام احتلّ الأمراء الصغار نفوساً وعقولاً، معظم المراتب العليا، في اختبارات الثانوية، وسيكون الحال نفسه بالنسبة للجامعات (مع مراتب الإمتياز والشرف). قال أحدهم: إن أبناء الأمراء يتنزل عليهم الوحي من السماء! فرد عليه آخر مازحاً: بأن أبناء العامّة لم تصحّح أوراقهم (زين)، ومثل هذه النتائج لم توجد في مجرة درب التبانة، وأن العيب ليس في الأولاد ولكن يتعدّاهم الى آبائهم، وعمّا قريب سنراهم في مراكز الدولة العليا التي تليق بهم!

ثالث قال أن الإحتمالات التي جعلتهم يفوزون قد يكون سببها: أنه تمّ اختبار الأمراء في فصل لوحدهم! أو أنهم أُعطوا الإجابات بدلاً من الأسئلة، أو أن الأخويا كتبوا الإجابات، أو أن تكون الإختبارات الشهرية تحولت الى اختبارات نهائية، أو سمحوا لهم بإدخال الجوالات، أو أن طويل العمر أُعطي استراحة وأجيب عنه، أو تمّ تغيير الطلبة كلياً في الوقت الضائع، أو تم تغيير المدرسين مع أول دقائق الإمتحانات، أو أن السبب يكمن في كل ما ذكر!

قال رابع لأصدقائه (أحسنوا الخط، أقصد الظن).. هؤلاء نالوا ما نالوه عن جداره، وجدارة هي زوجة السيد جدار!. لكن التخلّف كما كتب في الشبكة العنكبوتية، سببه آباؤهم الذين يستغفلون الناس ويرون أبناءهم منزلين من السماء! موتوا من القهر يا شعبنا العظيم! لماذا الإختبار من أساسه، لقد تفوقوا في أكبر من ذلك، فلم الغرابة على طلاب السبع نجوم؟!

* * *

لقطة:

هدد نايف وزير الداخلية بسحب الجنسية السعودية عن بعض أبناء أسامة بن لادن، أسوة بوالدهم. سؤالنا: وهل الجنسية ملك آل سعود حتى يتلاعبوا بها هكذا؟! الجنسية حق أصيل لا يغير سحبها شيئاً من حقيقة أنهم مواطنون. أن يحاكموا وينزل بهم العقاب إذا تجاوزوا القانون مسألة مختلفة عن سحب الجنسية، ولكن آل سعود ـ وكما قلنا ـ آلهة، قد تجد نفسها يوماً طريدة العدالة فتبحث عن مكان آمن تقيم به فيأبى حتى أصدقاؤها منحها مجرد الإقامة، كما حدث للشاه.

الصفحة السابقة