أيها الأمراء المهووسون: ماذا أنتم فاعلون؟

نعم.. ماذا أنتم فاعلون؟ أيها العباقرة.. يا من امتلكتم ثروة لم يمتلكها أحدٌ من قبلكم، ماذا فعلتم بها؟ وكان لديكم شعب مدجّن مغيّب عن الأحداث وعن العالم بأسره، ماذا جعلتم منه؟ وكان لديكم الحلفاء والأنصار في كل الدنيا، من دول ومنظمات وشخصيات وأحزاب، أين هم اليوم لينقذوكم من جهلكم ورعونتكم وهوسكم بالقوة الذي لا حدود له بعقل يؤطره، ولا بمشورة تضبطه، ولا بتحمّل من الجمهور له!

أيها المجازفون بثروة الوطن، قولوا لنا كيف بددتموها؟ قولوا لنا لماذا أكثر من ثلثي مدارسنا بيوتاً مستأجرة؟ ولماذا المياه لدينا عكرة ندفع أثماناً لها أعلى من برميل البترول الذي تبيعونه؟ قولوا لنا أين هي مستشفياتكم ومصحاتكم وشعبكم يتعالج في الخارج، أو في المستشفيات الخاصة على حسابه؟ قولوا لنا أيها العباقرة ما هي الحكمة في وجود سبعة ملايين عامل أجنبي، في حين لديكم بطالة مقنعة وبطالة غير مقنعة تشمل مئات الألوف من المواطنين نساءً ورجالاً؟

أيها الأذكياء الحاذقون!

أيها الجمع غير الرشيد في قيادة غير رشيدة. قولوا لنا لماذا لا توجد مدارس ابتدائية كافية، ولا جامعات بما فيه الكفاية، قولوا لنا نحن الشعب بأي سبب نجعل بيننا وبينكم مودة؟ إذا كنتم قد فشلتم في توفير البنية التحتية في وقت كانت لديكم التريليونات من الدولارات، فكيف ستحلون مأزقكم ومأزق هذا الشعب معكم؟

أيها المهووسون بالقوة، أين جزرتكم؟! نتلهى بها حيناً عن الحريات المهدورة والإنسانية المصادرة والكرامة المنقوصة المنتهكة؟ ماذا ستعطونا بعد أن فشلتم في توفير مقعد الدراسة والوظيفة وقارورة الدواء بل وحتى الأمن الذي تزعمونه في (بلد الأمن والأمان)!

أين هوسكم بالقوة الذي لم يستطع أن يردع الجريمة، المتصاعدة مرات ومرات كل عام وبنسب لم تشهدها دولة من قبل حتى تلك التي شهدت حروباً أهلية؟!

قولوا لنا كيف ستخرجونا من مأزق العوز والفاقة وأنتم تلتهمون الميزانية كل عام، وتتقاسمون حصص النفط ـ نساءكم ورجالكم ـ قبل بيعها، ولكل أميرة وأميرة سماسرة خاصون بهم؟ كيف ستحلون أزمة الإسكان وقد امتلكتم البر والبحر دفناً بغباء قلّ نظيره، فلم يعد إلا القلة الذين يستطيعون شراء قطعة أرض، سعرها ينافس أسعار الأراضي في عواصم غربية! يعود كل ذلك الى جيوبكم.

كيف ستحلون مآسينا أيها العباقرة، بغير السيف الأملح، وبغير عنجهية القوة، وبغير التمادي في الضلال والأنانية المفرطة؟ ها قد أصبح لديكم فائض هذا العام 112 مليار ريال! سنرى كم جامعة تبنون، وكم شاب ستوظفون، وكم ضريبة قاصمة للظهر ستخففون، وكم مستشفى ستهيئون لأمراض انتهى منها العالم الثالث كله إلاّكم! وكم منزل للفقراء ستمنحون؟

إننا نراقبكم.. جميعنا يراقب أفعالكم. يرى صغاركم وكباركم. فهل أنتم كفؤ للمسؤولية التي تحملونها؟

هل أنتم بحق قيادة لهذا الشعب؟!

أثبتوا ذلك بتصرف ينمّ عن حكمة في معالجة موضوع واحد فحسب، سواء كان سياسياً أم أمنياً أم اقتصادياً أم ثقافياً ـ فكرياً!

نقول تصرفاً حكيماً، سياسة حكيمة، قراراً حكيماً. نقول حكيماً، والحكمة لا تنحصر في استعمال العضلات، بل كلما زاد استخدامها تعطّل فعل الدماغ!

تذكروا هذا دائماً! فكما تأخذون على الأفراد نزوعهم الى العنف والقوة وأخذ حقهم بيدهم متجاوزين القانون، أرونا أنتم التزامكم بالقانون وتعاملكم بالحكمة التي تدّعون؟

أوقفوا تجاوزاتكم المالية، والقانونية والشرعية، وأعطوا للشعب قليلاً من حقوقه المدنية التي وقعتم على مواثيقها في الأمم المتحدة، وارتضيتموها بزعمكم أنكم تحكمون بالكتاب والسنّة.

شعبكم لا ينتظركم وقد آيس من صلاحكم، يا من تتحدثون عن الصلاح والإصلاح. ولكن ربما تجدون هامشاً ضئيلاً بقي من الوقت تجرّبون فيه أنفسكم فلعلكم تستعيدون بعض ما ذهب من سمعتكم ومن ثقة بكم.

ربما.. ربما!

الصفحة السابقة