أهل مكّة أُخرجوا من ديارهم كرهاً

سلطان الطاس

في مكة: بلدوزرات بن لادن في كل مكان! وأهل مكة غادرها قليل منهم بسبب تردي الخدمات، والغالبية العظمى أُخرجوا كرهاً.

لقد تأثر النسيج الإجتماعي المكي بعد إبعاد أهل مكة عن الحرم، وبعد هدم الأحياء التاريخية، فأصبح مفهوم “الجوار” وصوره وأدبياته شيئاً من التاريخ.

أنا أتحدث عن محو كل تاريخ مكة تقريباً وليس بعضه. التطور والتوسع سنن كونية، والدول المتقدمة تحاول مجاراة الحداثة إلى جانب الحفاظ على الشواهد الحيّة للتاريخ، والنماذج لا حصر لها. و الزائر للمدن المتقدمة في العالم يشاهد نماذج تطويرية وإنمائية مختلفة تناسب جغرافية المكان وتاريخه في إطار أنظمة صارمة تحافظ على هوية السكان. ولكن:

وأصبح بطن مكة مُقْشَعِرَّاً/ كأنّ الأرضَ ليس بها (أَنَامُ)!

في آخر ليلة قبل السفر.. وكعادتي أمر على مواضع ببطن مكة؛ كانت لي فيها ذكرى؛ وليست مفارقة أن أجدها وقد درست جميعها وأصبحت دون أثر.

لك الله يا مكّتي.

وقفت على حي النكاسة بنفسي، وكانت المنازل مرقّمة تمهيداً للإزالة قبل ما يقال عن تراجع المطور.

مكة ليست بحاجة أن تتحول إلى نسخة مشوهة من مدن الترفيه العالمية، بل الى المحافظة على عراقتها، وأن لا يتاجر بأراضيها. هي بحاجة الى إيقاف نسف جبالها لغير حاجة!

هناك توجه فعلي للتركيز على المنطقة المركزية، وتسارع في الهدميات هناك أكبر دليل على الدافع الإستثماري، وآخرها هدم: خندمة والشراشف. لطالما كنت في ريب من تطوير العشوائيات خارج المركزية مثل النكاسة والمنصور، بسبب ضعف العائد المادي من إستثمارها بالمقارنة مع المنطقة المركزية. ما يسمّى بتطوير العشوائيات تحكمه المصالح وموازين الأرباح والخسائر.

الصفحة السابقة