ما ومن وكيف؟

تراجع القدرة الشرائية للريال

عبد الوهاب فقي

نفهم أن ترتفع اسعار المواد التموينية في شهر رمضان المبارك، ونستوعب زيادة أثمان مواد البناء، وندرك ارتفاع أسعار الوقود، ولكن ما لايمكن فهمه أن تتدنى القدرة الشرائية للريال في الوقت الذي تتزايد فيه مداخيل الدولة بمعدلات غير مسبوقة، بل هناك فائض يصل الى ما يربو عن تريلونين ريال (530 مليار دولار)، فيما لا وجود لأزمات اقتصادية أو انهيارات مالية مفاجئة تؤول الى هذا التراجع..

بلغنا بأن الريال خسر من قيمته مقابل الدولار، فهناك 30 دولار إضافية في تحويل ما يعادل من الدولار بقيمة 500 ريال. اليوم ومع جنون الأسعار، الريال لم يعد يحتفظ بقيمته الشرائية، فإذا كان سعر كيس الرز (10كغم) بمائة ريال بات مع تراجع القدرة الشرائية للريال يصل الى 135 ريال.

تقول وكالة رويترز في 26 يوليو الماضي بأن القدرة الشرائية للسعوديين تراجعت بنسبة 43% بين عام 1989 ومايو الماضي (2013). في ظل هذا التراجع، بات الراتب بمثابة سلفة أول الشهر، حيث يتبدد في الأسبوع الأول من الشهر، كونه لا يكفي لسداد المتطلبات الضرورية والاساسية اليومية. ولا غرابة في التفاعل السريع مع وسم ـ هاشتاق (الراتب ما يكفي الحاجة) حيث استقطب قطاعاً كبيراً من المواطنين حيث تجاوز الوسم أكثر من 18 مليون تغريدة، ولا تزال التغريدات تنهال على الوسم، الذي بات أول وأعلى وسم يتفاعل معه المواطنون بهذا القدر من الاهتمام والتفاعل منذ استخدام موقع تويتر. ويتصدّر الوسم المرتبة العاشرة ضمن أقوى الوسوم العالمية، وبلغ متوسط عدد التغريدات مليونا و214 ألف تغريدة يومياً، بواقع خمسين ألفاً وستمائة تغريدة في الساعة.

وبحسب تقارير رسمية أخيرة أصدرتها المصلحة العامة للإحصاءات والمعلومات يتوزع 86% من دخل الأسرة الذي يبلغ 1500 ريال (400 دولار) فما دون على السكن والملبس والغذاء، في حين تصل النسبة إلى 20% من الدخل بالنسبة للأسرة التي تنفق 25 ألف ريال (6665 دولارا) شهرياً فأكثر.

وكشفت دراسة أجرتها وحدة التقارير الاقتصادية بصحيفة (الاقتصادية) نشرتها الشهر الفائت (يوليو) أن القوة الشرائية للعملة المحلية سجلت تراجعاً بنسبة كبيرة اقتربت من النصف منذ عام 1989 حتى نهاية شهر مايو/أيار الماضي، وتحديداً بنسبة 43%، أي أن الريال (26 سنتاً) في عام 1989 يساوي الآن 57 هللة (قرابة 15 سنتاً)، علماً بأن الريال يساوي مائة هللة. وقد تراجعت القوة الشرائية للريال خلال الفترة الممتدة منذ عام 2000 حتى نهاية شهر مايو/أيار 2013 بنسبة 35.3%، أي أن الريال في عام 2000 يساوي حالياً وبنهاية شهر مايو/أيار الماضي 65 هللة (17 سنتاً).

وهناك دعوات من قبل خبراء اقتصاديين بزيادة مستوى الأجور بما لا يقل عن 121% لكل من القطاعين الحكومي والخاص، ويتوقع أن تمتص الزيادة الكبيرة المقترحة في الرواتب ارتفاع الأسعار.

وكانت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قد كشفت في 28 يوليو الماضية أن نحو 1.16 مليون شخص في سوق العمل السعودية يحصلون على رواتب متدنية لا تتجاوز 500 ريال شهرياً، وهي شريحة تشكل نسبة 21% من سوق العمل، وخمس العاملين في القطاع الخاص.

وأشارت المؤسسة في إحصاءات حديثة نشرتها صحيفة الحياة، إلى أن عدد المشتركين الذين يحصلون على مبلغ يتراوح بين 500 و1000 ريال بلغ 1.7 مليون مشترك، فيما بلغ عدد الموظفين الذين يحصلون على رواتب تجاوزت الـ10 آلاف ريال أكثر من 250 ألف موظف.

وذكرت أن أغلب المشتركين في نظام التأمينات الاجتماعية للعام 2012 يتركزون ﻓﻲ ﻓﺌﺎت اﻷﺟﺮ الأﻗﻞ ﻣﻦ ألف رﻳﺎل، إذ ﻳﻤﺜﻠﻮن ما نسبته 52% ﻣن مجموع المشتركين، ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻧمو ﺑﻠﻐﺖ 12%ﻋﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ.

وبلغ عدد المنشآت المسجلة في نظام التأمينات الاجتماعية في نهاية عام 2011 أكثر من 274 ألف منشأة بنسبة زيادة 12.1% عن العام السابق، وذلك مع النمو المتواصل في حجم الأعمال بالمملكة.

وبلغ عدد المشتركين على رأس العمل في نهاية العام أكثر من 4.5 مليون مشترك، يمثل القطاع الخاص 96% منهم، وهذا يتماشى مع نسبة عدد المنشآت في القطاع الخاص إلى مجموع المنشآت.

وأوضح الإحصاء تفوق الذكور على الإناث من حيث الاشتراك في نظام التأمينات الاجتماعية في السعودية، إذ إن عدد المشتركين الذكور يمثل 96.2% ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﻴﻦ، ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻧﻤﻮ ﻋﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ بلغت 12.9%، في مقابل نسبة نمو لعدد المشتركات الإناث بلغت 26.2%.

وأوضحت المؤسسة أن محافظة الجبيل تتصدر المحافظات السعودية من حيث مستويات رواتب العمال السعوديين، بحد أعلى يصل إلى تسعة آلاف ريال، في مقابل 1500 ريال يتقاضاها الموظف السعودي في محافظة الدوادمي، وهي الرواتب الأقل للمواطنين على نطاق محافظات مناطق المملكة الـ13.

وأشارت المؤسسة إلى أن منطقة حائل سجلت أدنى مستوى للأجور على مستوى البلاد لغير السعوديين، إذ بلغ فيها متوسط الأجور 509 ريالات، وفي نجران قفز الرقم إلى 514 ريالاً.

هل تعني تلك المعطيات شيئاً بالنسبة لآل سعود، وقبل ذلك للمواطن الذي يرقب هذا التناقض بين مداخيل فلكية للدولة في مقابل أرقام فلكية أيضاً في اعداد الفقراء والعاطلين عن العمل، فمن ياترى المسؤول هل هم أصحاب الفتنة والحاسدين،على حد قول أمين عام مجلس الوزراء السدحان، أم هي دولة النهب التي تكاثر الرصوص فيها وحولها، وكيف الخلاص من هذا العذاب الذي يعيشه وطن ومواطنون؟

الصفحة السابقة