المنع من السفر

وكما هو واضح فإن القمع الرسمي لا يكتفي بالاعتقال والطرد من الوظيفة والحرمان من المحاكمة العادلة، بل يتعدى الأمر الى المنع من السفر. فالمملكة هي أكثر دولة في المنطقة إن لم يكن العالم، تتوسع في استخدام هذا النوع من العقاب ضد مخالفيها الرأي، وفي أحيان أخرى لا علاقة للأمر بالرأي البتة، مخالفة بذلك ما قبلت به حين صادقت على المواثيق الدولية. فالفقرة الأولى من المادة ١٣ من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن (لكل فرد حرية التنقل، واختيار محل اقامته داخل حدود كل دولة) وفي الفقرة الثانية من نفس المادة جاء: (يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد، بما في ذلك بلده كما يحق له العودة اليه). ونصت المادة ١٢ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن (لكل فرد يود على نحو قانوني داخل اقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه، وحرية اختيار اقامته) وأن (لكل فرد حرية مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده) وأنه لا يجوز تقييد حرية الحركة والتنقل بأية قيود غير ما نص عليه القانون شرط ان تكون ضرورية لحماية الأمن).

ايمان القحطاني: المنع من السفر

العائلة المالكة لا يهمها هذا كله.. وكما ان هناك عشرات الآلاف من المعتقلين هناك أيضاً عشرات الآلاف من الممنوعين من السفر، وكما تصدر أحكام بالسجن لمعتقلي الرأي، فإنك تجد الى جانب سنوات السجن، سنوات بالمنع من السفر بعد السجن.

آخر من مُنع من السفر، الداعية المعروف الشيخ محمد العريفي، الذي اعتقل بضعة أيام على خلفية موقفه المختلف عن الحكومة فيما يتعلق بالشأن المصري. ومثله اعتقال الدكتور محسن العواجي لنحو اسبوع أيضاً ومنعه من السفر لذات السبب والتهمة. لكن منع الصحافية والكاتبة والناشطة الحقوقية إيمان القحطاني اثار ردود فعل ساخطة كبيرة غير متوقعة. فقد تم تهديد القحطاني من قبل رجال المباحث على خلفيات تغريداتها في تويتر الداعمة لجمعية حسم ومعتقلي الرأي عامة، ما جعلها تتخفّف من الكتابة منذ أبريل الماضي، لكنها فاجأت الجميع في ١٩ يوليو الماضي عبر تويتر بالقول: (حاولت الخروج قبل قليل من مطار الدمام الى اسطنبول، فتمّ منعي من السفر، وإخباري بالمنع وبالإنتظار في مكتب جوازات المطار).

وعموماً فقد كانت الفترة القريبة الماضية حافلة بالإعتقالات، وبقرارات منع السفر، وتالياً بالهاشتاقات على تويتر مدافعة عن الممنوعين من السفر وسجناء الرأي. علق الناشط الحقوقي وليد ابو الخير على المنع من السفر للعريفي والقحطاني بأن من حق كل مواطن ان يعيش كريماً لكن الإستبداد صيّره حلماً. والناشط عقل الباهلي ذكّر بأن تجاوزات حقوق الإنسان لا تصيب الفرد وحده، بل تنعكس احتقانا وغضباً ضد من اتخذ القرار. أما موقع الناشط الحقوقي المعتقل محمد القحطاني فجاء بنص من نظام وثائق السفر السعودي الذي لا تلتزم به السلطات المصدّرة له وهي وزارة الداخلية نفسه. (٥) القرار يقول: (لا يجوز المنع من السفر الا بحكم قضائي او بقرار يصدره وزير الداخلية لأسباب محددة تتعلق بالأمن ولمدة معلومة، وفي كلتا الحالتين يُبلّغ الممنوع من السفر في فترة لا تتجاوز أسبوعاً من تاريخ صدور الحكم أو القرار بمنعه من السفر). فهل تطبق الداخلية هذا القانون، بدلا ان تفاجئ المواطنين بالمنع من السفر في المنافذ الحدودية وعلى بوابات الطائرات؟.

اما الكاتب الظريف هيثم طيب، فعلق على قرار المنع من السفر، بأنه جاء (من باب تشجيع السياحة الداخلية)، في حين لاحظ فايد العليوي أنه المتفقين مع سياسة الحكومة لم يسلموا هم أيضاً من قمعها!

الصفحة السابقة