تقاذف المسؤوليات بين الشيوخ والأمراء

معركة المحرّضين!

محمد فلالي

أشعل داوود الشريان معركة اللوم إزاء المسؤولية عن سفر آلاف الشباب من المدنيين والعسكرين للقتال في الخارج. معركة الشريان لم تقتصر على الحرب السورية، وإنما جعلها معركة مفتوحة وراح وبأثر رجعي يطالب بمحاسبة مشايخ التحريض مثل سلمان العودة، سعد البريك، محسن العواجي، محمد العريفي (وإن كان الاخير حينذاك شاباً يافعاً)، الذي حمّلهم مسؤولية تشجيع الشباب على القتال في أفغانستان تحت عنوان الجهاد، وقال ما نصّه (إن كنتم فَلَتّوا ـ أي نجوتوا ـ من أفغانستان فلن تفلتوا هذه المرة).

العودة: أكتافه لا تتحمل آثام النظام!

في السياق نفسه، عمد بعض أعلاميي السلطة بإعادة قراءة الدور السعودي في أفغانستان، باستبعاد أي دور عسكري في الجهاد الأفغاني. الاعلامي والصحافي جمال خاشقجي كتب مقالاً في (الحياة) في 15 شباط (فبراير) الماضي بعنوان (لماذا سمحت السعودية بالجهاد في أفغانستان ومنعته اليوم في سورية؟). ذكر فيه بأن المملكة (لم تشجع الشباب على الجهاد في أفغانستان، وإنما سمحت لهم بالعمل الإغاثي هناك)، حيث (استقر أكثر من 3 ملايين أفغاني في ظروف صعبة، وكانت بحاجة لتشغيل مئات من السعوديين هناك..). واعترف الخاشقجي بوجود «تحريض» على الجهاد (ولكن لم يكن محل إجماع وتراضٍ)، وأرجع ذلك الى الشيخ عبدالله عزام الذي وصفه بـ (المحرض الأكبر) وكان حينذاك في المملكة السعودية (آمن بأن الجهاد في أفغانستان من أهم فروض العين، يخرج فيه الولد من دون إذن والده، فنظر لفتواه شرعياً، وطبعها في كتاب وزع مجاناً بمئات آلاف النسخ، كان يخطب بذلك في مساجد المملكة..).

مقالات أخرى كتبت في الصحف الرسمية تنزع نحو تبرئة آل سعود من أي دور في الجهاد الافغاني، وربطاً بما يجري الآن في العراق وسوريا ولبنان واليمن، والهدف ببساطة هو نفي أي صلة للعائلة المالكة في ذهاب الآلاف من الشباب للقتال في الخارج.

عملية الاسقاط المتأخر لرواية سعودية مهترئة ومحاولة نسخ الرواية الافغانية القديمة ودور ال سعود فيها تستهدف: أولاً، التنصل من أي مسؤولية عن مقتل مئات الشباب السعوديين من مدنيين وعسكريين، والتحضير لأجواء تسمح بتصفية الحساب مع المشايخ الصحويين على خلفية التباين الحاد بين موقفي الحكومة ومشايخ الصحوة الذين يحملون تطلعات سياسية، وثانياً: تحميل فكر الاخوان المسلمين مسؤولية تحريض الشباب على (القتال في الخارج)، وتبرئة الوهابية من أي دور تحريضي، وتالياً أي صلة لها بالتنظيمات القاعدية التي نشأت على الايديولوجية الوهابية عقيدة (تكفير الآخر)، ومنهج تفكير (الهجرة)، واستراتيجية عسكرية (الجهاد).

وفيما يحمّل خاشقجي حركتي (الجهاد) و(الجماعة الاسلامية) المصريتين لبيشاور مسؤولية (الانحراف في فكر الجهاد في أفغانستان)، فإن الكاتب المصري فهمي هويدي، كشاهد على تلك المرحلة، دوّن مشاهداته في كتابه (حدث في أفغانستان) الذي نشره سنة 1988، وتحدّث فيه عن دور الدعاة الوهابيين في الجهاد الافغاني حيث كان (غاية ما شغلوا به هو ما أسموه بتثبيت عقيدة التوحيد) حسب قوله، وكانت الأسئلة الرائجة: ما هو دينك؟ ومن هو نبيك؟ وكانت المحصلة ان أنقسمت البندقية الافغانية على نفسها وبدأت تصوب طلقاتها نحو الجسد الافغاني في حرب طائفية سنية ــ شيعية في منتصف عام 1989م وانشغل المسلمون الأفغان بالدماء فيما بينهم وحكمت العداوة والبغضاء وسوء الظن علاقات الاطراف المجاهدة على خط المواجهة مع القوات السوفيياتية الغازية، وانتهى الامر الى انقسام الساحة الافغانية تعزز بوصول طالبان بنزعتها المتطرفة.

جمال خاشقجي مقاتلاً في افغانستان

على أية حال، فإن حملة مضادة قادها المشايخ ومتعاطفون معهم للرد على الحملة الرسمية، في سياق إعادة تصويب الأمور، واستعادة الرواية الافغانية الأصلية بكل شخوصها، وشهودها، وووقائعها..

بدأت الحملة المضادة باستعادة الدور الاعلامي لداوود الشريان، الذي كان يتولى خلال سنوات الجهاد الافغاني (1979 ـ 1989) رئاسة تحرير جريدة (المسلمون) ومجلة (الدعوة) المتخصصة في شؤون الجهاد الافغاني. وقد لعب الشريان دوراً تحريضياً على الجهاد، الذي تحوّل اليوم الى واحدة من (حروب كافرة) حسب توصيف الشريان نفسه في برنامجه على قناة إم بي سي.

أما الاعلامي جمال خاشقجي الذي كان هو الآخر شاهداً وشريكاً في الجهاد الافغاني، فقد استعاد مغرّدون صوراً له قديمة وهو يرتدي اللباس الأفغاني بلحية متوسّطة الحجم وكان يعلّق على كتفه سلاح كلاشينكوف، في إشارة واضحة الى التماهي مع الجهاد الافغاني ضد الاحتلال السوفيياتي.

الشيخ عادل الكلباني، إمام الحرمي المكي سابقاً، وفي رد فعل متعاطف مع زملائه المشايخ، وضع في حسابه على تويتر صورة ـ دليل، تعود الى ثمانينات القرن الماضي، وكتب على الصورة عنوان (معرض الجهاد في فلسطين وأفغانستان) وفي أسفل الصورة كتبت العبارة التالية (المعرض الثاني لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل)، وقد أقيم في مركز الخزامى بالرياض، في شهر شعبان 1409هـ الموافق لشهر نيسان (إبريل) 1989. وعرض في صورة أخرى يظهر فيها الأمير سلطان بن عبد العزيز، وزير الدفاع آنذاك، وكان يترأس (مهرجان الجهاد) الذي أقامته جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في الرياض من 4 ـ 6 شعبان سنة 1411هـ الموافق 20 ـ22 آذار (مارس) 1991م.

إرث ثقيل عن الدور السعودي منذ الجهاد الافغاني وصولاً الى القتال في سوريا، ويعمل مشايخ ومغرّدون متعاطفون معهم على إعاد نشره. بدا واضحاً أن المشايخ لم يمرّروها هذه المرة كما في المرات السابقة، فقد استنفروا لجهة الدفاع عن أنفسهم، أو بالأحرى لتقاسم المسؤولية، فانخراط الشباب في القتال خارج الحدود لم يكن يجري في الظلام، وبعيد عن أعين وآذان الأمراء، بل كانوا شركاء كاملين في معارك الخارج بدءاً من أفغانستان ومرورواً بالعراق واليمن ولبنان وانتهاءً بسوريا.

يتناقل المشايخ والمتعاطفون معهم ما جاء على لسان الشيخ صالح اللحيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق وعضو هيئة كبار العلماء (وهي هيئة يعيّن الملك أعضاءها)، حيث أفتى في نيسان (إبريل) 2011 ، بجواز قتل ثلث الشعب السوري من أجل أن ينعم الثلثان. المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أصدر فتوى في 16 آذار(مارس) 2012 (بوجوب تقديم كافة أنواع الدعم المادى والعسكرى إلى الجيش السورى الحر، فى جهاده ضد نظام بشار الأسد).وقد جرى تعميم الفتوى على كافة المساجد فى المملكة). ذكرت مواقع الكترونية نفي المفتي ولكن ليس بصوته ولا بختمه.

داوود الشريان حين كان مؤمناً!

الشيخ سعد البريك، المقرّب من الأمير عبد العزيز بن فهد، وزير الدولة، والذي ورد إسمه في برنامج داوود الشريان ضمن قائمة مشايخ التحريض على القتال في الخارج، طالب الشريان بأن يهاجم وزير الخارجية سعود الفيصل لأنه كان قد دعا للجهاد بكل شيء. وكان له تصريح واضح لا لبس فيه في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاميركي جون كيري في 25 حزيران (يونيو) 2013 حيث جاء في جوابه عن سؤال حول موقف المملكة من دعوات الجهاد فقال ما نصّه: (الجهاد هو أن يقدم الانسان ما يستطيع أن يقدم) هناك )من يجاهد بيده فليجتهد، ومن يجاهد بلسانه فهذا أقل ما يمكن، ونحن نجاهد بكل النواحي).

وفيما نفى البريك أي دور له في التحريض على الجهاد، إلا أنه عاد وعبر حسابه الرسمي بموقع تويتر وكتب تغريدة في 21 كانون الثاني (يناير) الماضي (لقد هزلت، إن كنا سنتبرأ من واجب تذكير الأمة بنصر السنة من أجل قنوات لم يعرف عنها إلا الفساد). إذاً ما المشكلة؟

بالنسبة للبريك فان الشريان فتح معركة أفرحت قلوب الأعداء، وتساءل (من المستفيد..عدونا يتفرج فرحاً على الجدل الذي سببته حلقة داود الشريان..ألا نخشى أن ينقسم مجتمعنا بهذا كما انقسم المصريون بالانقلاب؟).

مهما يكن، فإن الحملة الاعلامية التي سبقت ورافقت وأعقبت الأمر الملكي بمعاقبة المقاتلين السعوديين المدنيين والعسكريين في الخارج أحدثت انقساماً عميقاً عمودياً وأفقياً. وقد تكون من المرات النادرة الذي يحدث مثل هذا الأمر الملكي ردود فعل شعبية مستنكرة، لأسباب عديدة منها أن من قادوا الحملة الاعلامية كانوا شركاء في حملات التحريض على الجهاد، وأنهم بالغوا في تحميل المسؤولية لطرف ونفيها عن آخر هناك فيض من الأدلة على شراكته الكاملة في التحريض على القتال في الخارج تحت عنوان الجهاد، ومنها، وهو الأخطر في نظر البعض، أن الذين دفعوا الشباب نحو القتال في الخارج بعنوان (نصرة أهل السنة في بلاد الشام) تحوّلوا في نظر رعاتهم الى مجرمين وليسوا أبطال..

الجهاد الذي يريد آل سعود التبرؤ منه!

بطبيعة الحال، فإن نفي المشايخ تهمة التحريض على القتال في الخارج يتطلب هو الآخر محو كل ما رسخ في ذاكرة جيل من الشباب شارك في مشروع الجهاد الافغاني، والأهم من ذلك أنه يتطلب محو ذاكرة (جوجل) التي تحتفظ بمجموعة كبيرة من البيانات، المقالات، التصريحات للمشايخ.

فقد عقد في القاهرة مؤتمراً بعنوان (موقف علماء الأمة من أحداث سوريا) في 13 حزيران (يونيو) 2013 حضرته 70 جمعية ورابطة للعلماء في العالم الاسلامي وعلى رأسها (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (وأغلب أعضائه من السعوديين ويرأسه الشيخ يوسف القرضاوي ونائب رئيسه الشيخ سلمان العودة، ودعا البيان الختامي إلى: (وجوب النفرة والجهاد لنصرة إخواننا في سوريا بالنفس والمال والسلاح وكل أنواع الجهاد والنصرة..). كما دعا البيان الى ضرورة (ترك الفرقة والاختلاف والتنازع بين المسلمين عموماً وبين الثوار والمجاهدين في سوريا خصوصاً وضرورة رجوعهم جميعاً عند التنازع إلى الكتاب والسنة والتسليم لحكمهما، وتغليب جانب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، والحرص على الألفة والاتفاق، وتوحيد الجهود نحو العدو وحفظ القوة والغلبة والبعد عن الفشل بترك التفرق والاختلاف). ولم يأت البيان على ذكر الجماعات الارهابية مثل (داعش) و(النصرة) وغيرها بل وضع البيان الجماعات في خانة الثوار والمجاهدين! وجاء في البند التاسع من البيان (استنكار تصنيف و اتهام بعض فصائل الثورة السورية بالإرهاب...).

وقد جمع البيان علماء دين محسوبين على الخط التنويري مثل الشيخ راشد الغنوشي، ومن الذين توعدّوا بذبح أطفال (الشيعة) في مدينتي نبّل والزهراء مثل الشيخ الوهابي الكويتي شافي العجمي.

البريك: داعية جهاد ام محرض على الإرهاب؟!

من الاسماء السعودية الواردة في قائمة الموقّعين على البيان: الشيخ ناصر بن سليمان العمر، الشيخ سعود الفنيسان، محمد أحمد الصالح، خالد العجيمي، د. عوض القرني، د. علي بادحدح، د. عبد الله وكيّل الشيخ، الشيخ سلمان بن فهد العودة، د. سعيد بن ناصر الغامدي، د.محمد بن موسى الشريف، الشيخ محسن العواجي، الشيخ يوسف الشبيلي، الشيخ يحيى إبراهيم اليحيى، الشيخ عبد العزيز بن فوزان الفوزان، الشيخ صالح الدرويش، الشيخ سليمان البراهيم الرشودي.

في المؤتمر نفسه، تمّ طرح أوراق عمل من بينها ورقة للشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي، الأمين العام السابق لرابطة العالم الاسلامي، بعنوان (واجب المؤسسات). أما الشيخ الوهابي محمد صالح المنجد فأوضح أهم النقاط التي تناولها المؤتمر ومنها: (استنكار اتهام بعض فصائل المجاهدين بالإرهاب)، مؤكّداً على (نصرة مسلمي سورية بالنفس والمال والسلاح..).

وقد أشاد المسؤول الشرعي في (جبهة النصرة) مصعب القحطاني بمقررات المؤتمر، وقال ما نصّه (نحن نفرح عندما نرى موقفاً للعلماء ينصرون فيه المسلمين المستضعفين ونشكرهم على جهدهم..).

الشيخ محمد العريفي خطب في اليوم التالي للمؤتمر، 14 حزيران (يونيو) 2013 وأكّد ما صدر عن المشاركين في مؤتمر نصرة أهل الشام، وقالوا بوجوب الجهاد، وجاء في خطبته لصلاة الجمعة بمسجد عمرو بن العاص (لا حياة لنا إلا بالجهاد). وراح يصعّد في لهجة التحريض باستخدام خطاب طائفي وقال (أقسم بالله لو تمكن النظام الصفوى من بلاد الشام فإنهم فى طريقهم ماضون لبلادنا).

العريفي: حي على الجهاد في سوريا،
الملائكة تقاتل هناك!

وكان للعريفي صولات وجولات في ميدان الجهاد منها نزول الملائكة على الثوار في سوريا. فقد بثّت قناة (دليل) مقابلة مع الشيخ العريفي في 12 شباط (فبراير) 2012 نقل فيها عن مصدر (حدثوني) في إشارة الى من يفترض أنهم شهود عيان أنهم كانوا يرون الملائكة تقاتل الى جانب الثوار السوريين. وقد أثار تكرار العريفي لذكر رواية الملائكة انتقادات في الوسط السلفي الوهابي. فقد علّق الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، على القصة ساخراً بالقول (ربما كانوا شياطين)، مضيفاً إنه (يستحيل رؤية الملائكة، وهم ينزلون فقط على الانبياء والصالحين). واستنكر قائلاً (من الذي يراهم ويقول نزلت الملائكة؟! ما أحد يراهم).

الشيخ عادل الكلباني اعتبر أن (هناك فئة من محترفي الدعوة تستخدم هذه القصص إدراكاً منها لميل الجماهير إلى التسلي بالعلم والتلذذ باستماع القصص المثيرة). وقال الكلباني على حسابه الشخصي بموقع تويتر متسائلاً: (وش معنى الملائكة ما نزلت إلا مع السوريين، ليش ما نزلت مع الليبيين وإلا كان الناتو يكفي).

وكان الاعلامي المصري خيري رمضان قد علّق على خطبة العريفي في مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة وتحريضه المصريين على الجهاد، وقال رمضان على شاشة سي بي سي 2 في 15 حزيران (يونيو) 2013 بأن نصرة الشعب السوري في عرف الشيخ محمد العريفي السعودي هو الجهاد، وبيدعو المصريين للجهاد. وتسائل: هل يقدر العريفي على دعوة السعوديين للجهاد في سورية؟ وسأل أيضاً: من وجّه الدعوة للعريفي في مثل هذا اليوم؟ واعتبر رمضان أن خطبة العريفي في وقت سابق في مدح مصر وأرض الكنانة لم تكن بريئة، فقد حان وقت استثمارها عبر اطلاق دعوة الجهاد للمصريين. بل ذهب أبعد من ذلك: لماذا لا يفتح باب الجهاد في فلسطين؟ مع أنها تتهوّد.

الشيخ سلمان العودة الذي ورد إسمه في قائمة الموقّعين نفى أن يكون شارك في المؤتمر أو التوقيع على البيان، وأن إسمه وضع دون علمه، وقال بأنه (لم يعلم الا من النت). واكتفى العودة لتوضيح اللبس بكتابة تغريدة في توتير (اجتماع العلماء في القاهرة وبيانهم بشأن سوريا بادرة إيجابية وتمنيت أن أكون معهم ولكن حبسني العذر، والحمد لله). وفي اليوم التالي كتب تغريدة أخرى (لأني مع ثورة سوريا أحذر غير السوريين من مباشرتها لئلا ترتبك المسيرة..وأرى أن واجبنا إمدادهم بكل ما يحتاجون بواسطة من نثق بهم وهم كثير..اللهم اشهد). وقد فهم البعض من هذه التغريدة معارضته لمضمون بيان القاهرة الداعي الى النفرة للجهاد في سوريا. ولكن عبارة (واجبنا إمدادهم بكل مايحتاجون..) تثير سؤالاً كبيراً حول معنى (كل) الذي يشمل المال والسلاح والنفس. وإن تحذير غير السوريين من مباشرة الثورة قد تحمل معاني كثيرة منها مباشرة القيادة لا المشاركة فيها، وإن الثورة شيء والقتال شيء آخر.

الكلباني ليش ما نزلت مع الليبيين
وإلا كان الناتو يكفي؟

وقد سئل الشيخ العودة عن موقفه من الذهاب الى سوريا وإشادته باجتماع القاهرة وورود إسمه ضمن الموقعين على البيان الذي يحرض على الذهاب الى هناك، ولكن العودة لم يجب عن السؤال. وقد حمل عبد السلام الوايل في مقالته (سلمان العودة والموقف من النفرة إلى سوريا) في جريدة (الشرق) بتاريخ 23 كانون الثاني (يناير) الماضي عدم الاجابة على احتمالين: الاول، المجاملة لمؤتمري القاهرة وتابعيهم. الثاني، خوف الفقيه التقليدي من غضب الجمهور والأتباع. . في كل الاحوال: أن إثارة المسألة بشكل مستمر حول موقفه من النفرة لمواضع الجهاد (أشرع بابا للغموض بعدم إجلائه الموقف حيال بيان القاهرة..). يضيف الكاتب (ما أستغربه أكثر هو تجاهله الرد على السؤال المرسل له لجلاء هذا الغموض).

مهما تكن تبريرات العودة، فإن الاكتفاء بتغريدات على تويتر لتوضيح موقف من بيان بحجم بيان القاهرة الذي حظي باهتمام كبير وجرى توزيعه على نطاق واسع كمن ينادي على شخص وسط حشد مليوني صاخب. فالبيان يُرَدُّ عليه ببيان، وأن يحرص العودة شخصياً على توزيعه على نطاق واسع، وأن تكون عبارات البيان واضحة لا لبس فيها ولا تخضع لتفسيرات متعددة. والحال، أن العودة يلجأ كعادته للغامض من العبارات بما يجعل مواقفه مترددة بين القبول والرفض والسلب والايجاب..

مها يكن، فإن تقاذف المسؤوليات بين الأمراء والمشايخ قد بدأ، وله انعكاسات في الاعلام وفي الشارع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك في دولة آل سعود من يعمل على خلط الاوراق وتبرئة جانب الحكومة ومعاقبة المشايخ الذين استجابوا لرغبتها في البداية ولكن حين خسرت الرهان أرادت القاء اللوم عليهم وتصفية الحساب معهم.

الصفحة السابقة