خارجية بريطانيا عن سجل السعودية الحقوقي:

ستستمر المعاناة ولا تغيّرات ملموسة

محمد السباعي

نشرت الخارجية البريطانية تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان، وخصّت السعودية بمادة وافرة باعتبار سجلها الحقوقي مثير للقلق في تقرير مطوّل ومنفصل نُشر في الرابع عشر من أبريل الجاري، شمل قضايا عديدة، لها علاقة بالحق في الإنتخاب وحرية التعبير والتجمع، وقمع نشطاء حقوق الإنسان، والإشكالات في نظام العدالة والتعذيب وعقوبة الإعدام، والحريات الدينية، وحقوق المرأة والطفل، اضافة الى قضايا أخرى.

في مقدمة التقرير اشار الى قضايا العمال الأجانب، والى الاحتجاجات والتظاهرات في المنطقة الشرقية المستمرة، ولكنه قال بأن عدد تلك الإحتجاجات انخفض خلال عام ٢٠١٣ ولكنها مستمرة، دون ان يشير الى الأسباب هل كانت بفعل القمع المتصاعد ام بفعل الاستجابة الرسمية لمتطلبات الوضع. ايضا اشار التقرير الى احتجاج النساء من اجل قيادة السيارة في اكتوبر الماضي واعتقال ٢٦ سيدة، والى استمرار الإعدامات.

ويتوقع تقرير الخارجية البريطانية تطوراً منخفضاً في سلوك النظام فيما يتعلق بحقوق المرأة، وبعض الاصلاح في جوانب محدودة في النظام القضائي. اما بشأن المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع الأهلي، فستستمر معاناتهم حسب التقرير، ومثل ذلك الإعدامات والإعتقالات التعسفية بدون محاكمة والتعذيب، والقيود على الحريات الدينية، فهذه كلها ـ كما يتوقع تقرير الخارجية البريطانية ـ ستستمر هذا العام ٢٠١٤.

ويزعم التقرير ان أهداف الخارجية البريطانية لعام ٢٠١٤ فيما يتعلق بالملف الحقوقي السعودي، هو الاستمرار في دعم الإصلاح، وتشجيع الحوار العملي مع الحكومة، وكذلك دعم الجهود لزيادة المشاركة السياسية، والشفافية والمحاسبة وتفعيل الأجهزة الرسمية السعودية، وتشجيع حكم القانون، وتخفيض نسبة الفساد، والترويج للعدالة والمساواة بين المواطنين، وتخفيض التمييز على أساس الجندر والمعتقد وغيرهما.

الإنتخابات في السعودية محدودة، يقول تقرير الخارجية البريطانية، ولكن بريطانيا مستعدة لمساعدة السعوديين في اجراء الانتخابات البلدية العام القادم ٢٠١٥، التي قال ان نصف الاعضاء سيكونوا منتخبين والنصف الآخر بالتعيين، حيث ستشترك النساء هذه المرة في الإنتخابات مرشحة وناخبة.

فيما يتعلق بحرية الرأي والتجمع، قال انه رغم حظر التجمعات، شهد عام ٢٠١٣ مظاهرات عديدة، خاصة في المنطقة الشرقية، وهي مظاهرات سلمية بالرغم من تقارير عن سقوط ضحايا، واطلاق نار سواء بين قوى الأمن او المحتجين. واشتكى التقرير من قلة المصادر، والتضييق على موظفي السفارات الأجنبية في الذهاب الى المنطقة الشرقية ولقاء اولئك المحتجين.

ولاحظ التقرير تصاعد الاحتجاجات في مناطق مختلفة من السعودية شارك فيها نساء وأطفال يطالبون بإطلاق سراح معتقليهم بدون تهم وعلى قاعدة جرائم ارهابية، وقد جرى اعتقال العشرات من النساء في بريدة بحجة دعم الإرهاب ايضاً.

وفي ذات السياق تصاعدت الإحتجاجات ضد حظر قيادة المرأة، وأشار التقرير الى تحذيرات وزارة الداخلية للنساء المحتجات بعدم المشاركة في قيادة السيارات، وقد اعتقل العديد ممن رفض الخضوع.

ويقدم تقرير الخارجية البريطانية صورة عن استخدام السعوديين لمواقع التواصل الاجتماعي، فيشير الى أن ٤١٪ من السكان يقومون بالتغريد بشكل منتظم على تويتر الذي اصبح منتدى شعبياً للنقاش وعرض الآراء. ويضيف التقرير بأن مواقع التواصل الاجتماعي مراقبة من السلطات السعودية، وان عدداً من المواطنين احتجزوا لتغريداتهم، وقد ناقشت الحكومة البريطانية السلطات السعودية حول الأمر.

ايضا انتقد تقرير الخارجية البريطانية قانون مكافحة الإرهاب السعودي، وقال ان تعريف الإرهاب فضفاض ويمكن استخدامه لقمع النشاطات السلمية المشروعة وحرية التعبير السياسي.

وتحدث تقرير الخارجية البريطاني عن قمع المدافعين عن حقوق الإنسان، وبالخصوص قيادات جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) وانتقد عدم منح السلطات ترخيصاً للجمعيات الأهلية للعمل، كما انتقد الإتهامات الفضافاضة الموجهة لهم، والأحكام الطويلة بالسجن التي صدرت بحقهم؛ شأنهم في ذلك شأن وليد أبو الخير، الناشط الحقوقي المعروف. ويقول التقرير ان المملكة المتحدة تراقب عن قرب هذه القضايا وانها تزمع حضور المحاكمات ان كان ذلك ممكناً، مشيراً الى ان بعض عوائل المعتقلين طلبوا من السفارة البريطانية عدم حضور المحاكمات لأن ذلك يهدد مصداقيتهم ولن يكون الحضور في خدمتهم.

وانتقد التقرير نظام العدالة السعودية، وقال انه لا يتوافق مع المعايير القضائية الدولية، ويتسم بالتأخير في المحاكمات لسنوات طويلة. وبشأن التعذيب في السجون يقول التقرير بأنه من الصعب التحقيق فيها، مع ان الحكومة البريطانية تضغط على السعودية من اجل المزيد من الشفافية، والتوقيع على البروتوكول الإختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

أما بشأن الحريات الدينية في السعودية، فإن التقرير البريطاني يصفها بأنها مقيّدة جداً، فغير المسلمين لا يسمح لهم بالعبادة علنا، وقد نوقش الأمر مع السفير السعودي في لندن، وكذلك مع الحكومة السعودية مباشرة، ومع لجنة المراجعة الدورية الشاملة، ولكن لا يؤمل ـ يقول التقرير ـ بأن يحدث تغيير فوري في الموقف السعودي تجاه هذه القضية.

الصفحة السابقة