السعودية.. مهلكة الإنسانية

الإعدام لأشرف فياض لتحرّشه بالذات الإلهية!

توفيق العباد

إنها مملكة القتل والاعدام والدم.

مملكة الإرهاب وداعش والتطرف والتكفير.

أكبر نسبة إعدامات مسجلة في تاريخ السعودية حدثت في عهد الملك سلمان!

عشرات ينتظرون تنفيذ أحكام الأعدام بمبررات واهية، كالتظاهر او القاء زجاجات حارقة.

في كل يوم تسرب وزارة الداخلية خبر قرب اعدام ٥٢ شخصاً، بعضهم من القاعدة، وبعضهم من الشيعة وبينهم الشيخ النمر الذي يرفض استخدام الحجارة ضد النظام وليس فقط لا يؤمن باستخدام السلاح!

لكننا هذه المرة أمام حدث جديد.

هو حدثٌ مدهشٌ وقع بحق الأديب والمؤلف والرسام التشكيلي والشاعر الفلسطيني أشرف فياض المقيم في أبها عاصمة منطقة عسير جنوب المملكة. فقد حكم قُضاة آل سعود عليه بالإعدام لأنه قال في قصيدته شعراً فهموا منه أنه (تحرّشٌ بالذات الإلهية) حسب جهالتهم.

الإعدام دفعة واحدة، لشخص غير سعودي، ولأديب وكاتب، وبسبب بيت شعر قابل للتفسير؟.

هذا لا يحدث إلا في (مزرعة البقر السعودية). وللعلم فإنه لم يُحكم على سعودي بالإعدام لأنه ملحد او كافر، رغم اعتقال بعضهم، ورغم أن أكبر نسبة إلحاد في العالم الإسلامي تقع في مملكة آل سعود الذين أخرجوا الناس من دين الله أفواجا بسلوكهم واستغلالهم للدين في القمع والإرهاب وتغطية الخيانة والفساد.

كان وقع الحكم بالإعدام على فيّاض كالصاعقة على الكتاب والصحفيين والحقوقيين داخل وخارج المملكة. وبسبب انفجار المشاعر ضد النظام وقضائه الفاسد، حاولت احدى الصحف ترطيب الأمر بالقول ان حكم الحدّ بتهمة الكفر غير نهائي.

الخبر طارت به الصحف والمجلات وقنوات التلفزة.

وتنادت جهات حقوقية وشعبية للتنديد بالنظام السعودي الجاهلي.

وبسبب الإحراج تحركت هيئة حقوق الانسان الرسمية للبحث في الأمر وقالت انها تتابع الأمر؛ وازدادت المأساة حين سقط والد أشرف فياض بجلطة بعد أن سمع بخبر حكم الإعدام على إبنه.

لا تختلف أحكام داعش عن قضاء آل سعود، وحسب تعليق أحدهم، في هاشتاق #أنور فياض: (لو تحطّ شعار داعش بدلاً من وزارة العدل. ومحكمة دير الزور بدلاً من محكمة أبها، ما راح تحسّ بالفرق). مغرد آخر قال: (إذا سقمتَ من مظلمة، وبكَ قلّةٌ من حيلةٍ.. فاعلمْ بأن قضاءنا قد بلغَ من الظُلمِ عِتِيّا). ويسأل الصحفي خاشقجي: (قضية أشرف فياض ليه؟) يعني لماذا اختلقتم ايها البلهاء هذه القضية والمشكلة لكم ولغيركم؟. والصحفي الإعلامي طراد الأسمري يوجه سهامه للحقوقيين: (سيختبرُ هذا الوسم ـ وسم أشرف فياض ـ مدى صدقكم أيها الحقوقيون. فإما أن نصدّق نظرياتكم، أو تسقط وتسقطون هنا). 

والمغرد عبدالله بن عباد يرى أن قصة أشرف فياض وقبله رائف بدوي (تُغنينا عن الحديث عن داعش، وتفجيرات باريس، وعن كل كلام التسامح والسلام) المزعومين سعودياً طبعاً. وبندر يرى أن الحكم بقتل فيّاض (يجعلنا أمام عملية داعشية حقيقية)؛ وطالب الحكومة بالتدخل لمكافحة الإرهاب. لا يا بندر: آل سعود ودولتهم أساس الإرهاب والمروج له داخلياً وخارجياً. لهذا تسأل المغردة جود: (ما أفهم وِشْ وجه الإعتراض على داعش من قبل الحكومة السعودية، وهي تعدم الناس بسبب أفكارهم).

حقاً.. فإن (إعدام أشرف فياض بسبب قصيدة، قد يوحي للعالم أجمع بأن تنظيم داعش مجرد تلميذ صغير عند حكومتنا الرشيدة)، كما علق احد المغردين. 

أما الكاتبة سارة الدريس فتتحدث عن (كلبٍ يغتصب ابنته ويقتلها ضرباً، ثم يطلع براءة ويُعتبر ما فعله إسراف في التأديب. بينما شاعر يكتب قصيدة، فيحكم بالأعدام، بتهمة التحرش بالذات الإلهية).

تحرّش بالذات الإلهية؟! يسأل أحمد. ويضيف: (ما هذا الجنون)؟!

حقاً لقد جُنّ نظام آل سعود سياسياً وامنياً، وحلفاؤه المتطرفون من المشايخ صارت لديهم صلاحيات واسعة للقمع والإرهاب. وهناك من يسأل: (ممكن قانوني يعرّف لي معنى تحرّش. عندنا يعني غمز او لمس أو قرص أو بوسةْ هوا)!

إعدام بسبب أبيات شعر؟ (أقلّها رحّلوه للصهاينة في بلده فلسطين. هناك عنده مجال يقاوم مصيره، ويستطيع ان يرفض وينتفض وأن يقول: تباً لكم)! كما تقول المغردة ندى. والكاتبة دلع المفتي تتحدث عن فيحان الغامدي مرة أخرى فتقول: (يغتصب ويقتل إبنته فيخرج بمناصحة. آخر يكتب شعراً، فيُحكم بالإعدام).

الأديبة هيلدا اسماعيل، لم يبلغها زوجها بخبر أشرف فياض، مراعاة لمشاعرها، فقد كانت تعرفه جيداً. تقول: (الدموع التي أختنق بها لا تكفي أبداً يا أشرف. أبداً أبداً. يا رب. ليس لنا إلاّكَ من ملجأ. سخِّر له من يرحمه يا أرحم الراحمين).

الصفحة السابقة