قضاء فاسد ومحاكمات ظالمة وعنف ودم

ال سعود.. مرحلة الجنون والإنهيار

محمدالسباعي

أن تعيشَ على أرضٍ تدَّعي الحرية والأمنَ والامان، وتطالبُ بها في الدولِ التي لا ترتضي سياستَها والسير على نهجها، وتطالبُ بالديمقراطية لآخرين بينما هي تقمعُ أيَ حركةٍ مطلبيةٍ إصلاحيةٍ، سلميةٍ، سواءٌ كانت بالكلمةِ أو القلم، في الداخل.. يعني ان يكونَ السيفُ المسلط ُ على الرقابِ مصيرَك..

هكذا يلاقي أصحابُ الحراك السلمي، والمطلبي الحقوقي، مصيرَهم، تحت وطأة دولة لا تعترف بالحقوق، ولا بالإنسان.. أحد عشر شخصا يواجهون حكم الإعدام، ستة منهم صدرت بحقهم أحكام ابتدائية، وخمسة آخرين أحكام نهائية، فيما أعدم أربعة آخرين من بينهم الشيخ الشهيد نمر باقر النمر. هذا اضافة الى صدور أحكام اعدام بحق اربعة عشر شاباً مؤخراً.

 
أمجد آل معيبد

أمجد ناجي حسن آل معيبد، هو أحد هؤلاء الشباب المحكومين بالإعدام، حكما نهائيا، وأمجد من أهالي منطقة القطيف من سكان جزيرة تاروت، وهو طالب في الكلية التقنية بالقطيف. خرج منذ بداية الأحداث التي حصلت في المنطقة و الخروج المشروع للمطالبة بالحقوق المشروعة، خرج هو مطالبا بها كغيره من مئات الشباب والمواطنين.

حاولت الأجهزة الأمنية مرار وتكرار اعتقاله، وبعد فشل محاولاتها العديدة، لجأت الأجهزة الأمنيّة إلى نصب كمين مخابراتيّ، حيث تنكّر أحد رجال الأمن السعوديين بزيّ وافدٍ آسيوي، ودخل إلى بقّالة محليّة كان يتواجد فيها أمجد، ليتمّ اعتقاله على الفور.

وبحسب مصدر مطلع، تم استهدافه عدة مرات من قبل السلطات بالطلاق الرصاص عليه قبل الاعتقال، وبتاريخ السادس عشر من يونيو 2013، اعتقل بكمين وتمت محاصرة البقالة وهو بالداخل، وتم الهجوم والقبض عليه وتصويره بالكاميرات وهم يضربونه، حتى أدخل السيارة.

وبحسب المصدر فإن السيارات والأشخاص الذين قبضوا عليه غير رسميين ويلبسون بدلات باكستانية، واصفا عملية الاعتقال بالاختطاف.

وتمَّ اقتيادُ أمجد إلى جهةٍ مجهولةٍ، دون معرفةِ إلى أين أخذوه، وبعدَ أسبوعٍ سُمحَ له بالاتصالِ بعائلته، وأخبرَهم حينها بأنه موجودٌ لدى المباحثِ العامة، حيث كانت مدة ُ الاتصال ِ لا تتجاوز ُ الدقيقتين، ليعود َ الانقطاعُ عنهم لمدةِ ثلاثةِ أشهرٍ ونصفِ الشهر.

في أول زيارة له ألتقى فيها بعائلته، كان نحيل الجسم من شدة التعذيب في السجن الانفرادي، وحاولت عائلته معرفة ما تعرض له من تعذيب، حيث كانت أثار التعذيب واضحة، وكان متعبا جدا، إلا أنه كان يقول: الحمد لله رب العالمين ويصبر نفسه وعائلته، رغم رؤيتهم أثار التعذيب واللسع بالكهرباء في يديه، وعدم استقامة رجليه، كان كل شيء في جسده يحكي عما تعرض له من تعذيب، إلا أن لسانه لم ينطق بغير الشكر والحمد لله.

بعد ثمانية أشهر حُولت معاملته إلى المحكمة الجزائية بالرياض وكانت أول جلسة محاكمة، حيث سُلمت لائحة الادعاء والاتهام من قبل المحكمة الجزائية بالرياض وكانت الاتهامات كبيرة وباطلة، وقد جرى التوقيع على لائحة الاتهام وهو في فترة التعذيب في السجن الانفرادي، وتم تهديده في فترة التحقيق، حتى أجبر بالتوقيع على الاتهامات الواردة ضده.

لم يتم إحضاره في فترة توقيع لائحة الاتهام المنسوبة إليه إلى المحكمة بل كان في السجن، ليُفاجئ بأن من ضمن التهم المنسوبة إليه بأنه يتبع منظمة إرهابية، بالإضافة إلى تهمة إثارة الشغب والخروج على ولي الأمر، وغيرها من التهم، حيث جرت جلسات المحاكمة ما بين محكمة الرياض ومحكمة جدة الجزائية.

و ليس أمجد وحده من يترقب تنفيذ حكم الإعدام بحقه، فهناك أحد عشر آخرين، محكوم عليهم بذات الحكم، والعدد قابل للزيادة، طالما أن هناك من يرفض الاستماع للمطالب، بل ويسعى لقلب الحقائق..

وبمثل هذه الأحكام وبطرق التعذيب هذه تُصادر حقوق الإنسان في مملكة تدعي الإنسانية، وباسم التشريع تُقطع الرؤوس المطالبة بالحق الذي شرعه الله.

على صعيد آخر، تتواصلُ الشهاداتُ الدولية ُ حولَ بطلانِ المحاكم ِ السعوديةِ وبُعدِها عن قيم ِ العدالةِ والشفافية، وآخرُها ما كتبته الباحثة في هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن، مديرة ُ قسم ِ الشرقِ الأوسط في المنظمةِ الحقوقية، تحت عنوان: (السعودية - متهمون بالتجسسِ يُواجهون محاكمة ً زائفة).

فقد قالت الباحثة الحقوقية إن محاكمة اثنين وثلاثين رجلا في السعودية بتهمة التجسس لصالح إيران انتهكت حقوق إجراءات التقاضي السليمة الأساسية للمتهمين. لم تسمح السلطات للمتهمين بالاجتماع بمحاميهم، كما لم تقدم جميع الوثائق اللازمة لإعداد الدفاع، طوال فترة 3 سنوات من الاعتقال والتحقيق والشهرين الأولين من جلسات الاستماع. ويسعى الادعاء إلى إصدار عقوبة الإعدام على 25 متهما من أصل 32. واضافت ويتسن ان الرجال اتهموا بالتجسس لصالح إيران، إلا أن لائحة الاتهام، التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، تحوي عددا من المزاعم التي تبدو أنها ليست جرائم معترفا بها، من ضمنها: تأييدُ المظاهرات، وتشويه سمعة المملكة، ومحاولة نشر ومد المذهب الشيعي.

ووصفت ويتسن المحاكمات السعودية بأنها تشكل وصمة أخرى في نظام العدالة الجنائية الظالم في السعودية، مشيرة الى ان المحاكمات الجنائية يجب ألا تكون صُوَرية مع أحكام مسبقة.

طه الحاجي، محام ٍ سعوديٌ دافعَ عن مجموعةٍ من المتهمين حتى مارس الماضي، حين تم تهديده فانسحب، ثم هرب الى خارج المملكة، وقد أبلغ المنظمة الحقوقية بأن السلطات احتجزَت هؤلاءِ بمعزلٍ عن العالم ِ الخارجي لثلاثةِ أشهر قبلَ السماح لهم بالمكالمات الهاتفيةِ والزياراتِ من أسرهم.

وأضاف الحاجي إن السلطاتِ لم تسمح لمحامي الدفاعِ بزيارة موكليهم أو استعراضِ ملفاتِ القضيةِ والأدلةِ ضد موكليهم، وأن السلطاتِ قررَت محاكمتَهم فجأة ً في فبراير الماضي مع فترةِ إشعار مسبق قصيرة، حيث طالبت المحامين بإعداد قوائم الدفاع خلال أسبوعين. وأضاف أنه يعتقد أن التوقيت متصل بالعداء المستمر بين إيران والسعودية، اللتين انقطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما في يناير الماضي بعد إعدام السعودية رجل الدين الشيخ الشهيد نمر النمر، واقتحام متظاهرين إيرانيين السفارة السعودية في طهران ردا على ذلك.

وذكرت وسائل الإعلام المحلية السعودية في مارس الماضي أن بعض محامي الدفاع رفضوا المشاركة في إجراءات المحكمة. وقال الحاجي إن المخاوف الأساسية للمحامين تمثلت في عدم قدرتهم على زيارة موكليهم أو استعراض الأدلة، وعدم وجود الوقت الكافي لإعداد الدفاع. وأضاف أن محامي الدفاع طلبوا من المحكمة وقف حملة التشويه في وسائل الإعلام المحلية ضد موكليهم، التي ستؤدي إلى محاكمة جائرة.

الصفحة السابقة