تفاعلات الحكم بالردة على المعلم السحيمي

محـاكمـة النـوايا

في الثامن من مارس الماضي أصدرت المحكمة العامة بالرياض صكاً قضائياً يشتمل على حكم بردة المعلم والكاتب المسرحي السعودي محمد بن رويشد السحيمي واتهامه بالاستهزاء بالدين الاسلامي ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. وتضمن الحكم على السحيمي، الذي كان يعمل في مدارس ابناء ضباط القوات المسلحة في العاصمة الرياض، السجن لمدة ثلاث سنوات والطرد من الوظيفة اضافة الى 300 جلدة مفرّقة.

وكاد حكم بالردة أن يصدر على المعلم السحيمي، وهو حكم يقضي بتنفيذ حد القصاص لولا استتابته مما نسب اليه ودعوته للاقرار بالشهادتين دفعاً لتنفيذ الحد الشرعي، ولذلك اكتفى القضاء بتنفيذ الحكم بالتعزير بدلاً من القصاص.

من الملفت في قضايا الردة عموماً في السعودية أن المحاكمات تتم في ظروف غامضة بدءا من توجيه الاتهام الى شهادة الشهود واصدار الحكم وتنفيذ الحد. وفي الغالب ما تبدأ المحاكمة بتوجيه أحد الوشاة من المتشددين الدينيين تهمة ضد أحد المختلفين معه في تفسير نص ديني أو رأي فقهي خاص، ثم تقوم المحكمة التي يرأسها عادة قاض متشدد بقبول الدعوى، وترتيب اجراءات الحكم، وجمع الأدلة، وتحصيل الشهادات التي تستند في الغالب على وشايات ومزاعم أشخاص متوافقين في الموقف الديني الذي عليه القاضي وصاحب الدعوى، وفي الغالب ما تنتهي المحاكمات الى تنفيذ أحكام بالقتل كما جرى في حق عدد من المواطنين في فترات سابقة، مع الاشارة الى أن بعض المحاكمات عقدت وأن أحكام القصاص نفّذت داخل السجون.

وكانت المحكمة المستعجلة بجدة قد أصدرت في شهر يناير 2003 على المواطن اليمني (هايل المصري) حكماً بالاعدام بعد وشاية زميل له في السكن واتهامه له بسب الدين، وفور سماع هايل بخبر إعدامه حاول الهرب من قاعة المحكمة في الطابق الثالث، وقفز من النافذة مما تسبب في إصابته بجروح خطيرة.

السحيمي الذي نجا باعجوبة من حكم بالردة أكّد على حقه في الدفاع عن نفسه، معتبراً حيثيات الحكم الصادر بحقه لم تكن مكتملة وإنما جاءت في بعض أجزائها مشوّهة، وهذا ما دفع به للعمل على نشر قضيته في مواقع الانترنت وأصبحت مادة للمنتديات الحوارية، بعد أن قام السحيمي بالتشاور مع أحد المحامين الذي شجّعه على نشر صك الحكم بوصفه مليئاً بمغالطات قانونية واضحة. وقد ذكر السحيمي مراراً للصحافة ولبعض المقربين منه بأن الصك الصادر في حقه اشتمل على الكثير من المغالطات والافتراءات وقال بأن من تولى عملية استجوابه كانوا محمّلين بأفكار مسبقة عنه بغرض تثبيت إدانته وكونه معروفاً بخصومته المعلنة ضد التيار الديني المتشدد، معتبراً ما صدر بحقه بأنه حكم مبيّت.

ونضع هنا نص الصك الصادر في حق المعلم السحيمي لاطلاع القارىء على حيثيات الحكم ثم تحديد الثغرات القانونية الواردة فيه.


نص صك الحكم

الحمد لله وحده وبعد لدينا نحن القضاة بالمحكمة العامة بالرياض سعود بن عبد الله آل عثمان وعبد اللطيف بن عبد العزيز العبد اللطيف ومحمد بن إبراهيم بن خنين حضر المدعي العام بدائرة الإدعاء العام بفرع هيئة التحقيق بمنطقة الرياض المدعو/فوزان بن محمد الفوزان وأدعى على الحاضر معه المدعو/ محمد بن رويشد رشيد السحيمي حسب السجل المدني رقم 10024309481 سجل الرياض قائلاً في تحرير دعواه إنه بناء على إفادات مجموعة من المعلمين والطلاب في المدرسة المتوسطة والثانوية بإسكان القوات المسلحة بطريق الخرج المتضمنة أقوالاً منسوبة للمذكور تطعن بشكل خطير في أمور دينية وأخلاقية وبناءً عليه تم تشكيل لجنة للتحقيق فيما نسب للمعلم من أقوال حيث اطلعت على شهادة ثلاثة عشر طالباً تضمنت إدلاء المعلم بأقوال خلاصتها إباحته للزنا واللواط وعدم تحريمه لهما إضافة إلى اعتقاده بجواز سماع الأغاني ومرافقة أقران السوء وحل شرب الدخان والقول بعدم الخوف من الله وإنما المطلوب محبته والقول بأن عورة المرأة تكمن في الفرجين فقط وجواز عمل المعاصي حتى سن الأربعين وإباحة العادة السرية كما اطلعت اللجنة على شهادة بعض المعلمين وأحد الإداريين في المدرسة التي تضمنت قوله بحل الدخان ووجوب السماح للطلاب بالتدخين وترديده قول صلى الله عليه وسلم حال ذكر الشاعرين المتنبي ونزار قباني والترضي على أستاذه في الدراسات العليا بقوله رضي الله عنه وأنه يقوم بإثارة الفتن بين القبائل وقد ناصحه أربعة من زملائه المعلمين حتى يكف عن ترديد تلك المقولات والمعتقدات وقد أقر أمامهم بأنه حداثي الفكر وعلل صلاته على نزار قباني بقصد إثارة الآخرين وعدم علمه بخصوصية ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد اقترح وضع أماكن خاصة بالمدرسة للطلاب المدخنين وقد نصحوه بالتوبة أو بالاحتفاظ بأفكاره وعدم نشرها إلا أنه لم يلتزم بذلك وقد انتهى التحقيق إلى توجيه الاتهام للمذكور وذلك للأدلة والقرائن التالية:

1 ـ شهادات زملائه المعلمين بالمدرسة من سماعهم له وإقراره أمامهم حين اجتمعوا لمناصحته بأنه حداثي الفكر وهو ما أيده بقوله بأنه يقصد الحداثه التي تعني مجرد الرغبة في التجديد في الشعر والأدب دون مساس بثوابت الشرع بينما الحداثه في حقيقتها كما يعرفها معتنقوها بأنها نسف للثوابت جميعها ولا فرق بين القوالب الفنية والمنطلقات العقائدية..

2 ـ شهادات الطلاب المرفقة بخط أياديهم وكذلك شهاداتهم المضبوطة بملف التحقيق المرفق لفه (89) ص (1-8) المتضمنة قوله بحل الزنا واللواط المحرمين من الدين بالضرورة إضافة إلى قوله بحل الغناء وشرب الدخان.

3 ـ شكاوى أولياء الأمور المرفقة صورها.

4 ـ شهادة الإداري بالمدرسة الذي يفيد بترديد المذكور لفظه (صلى الله عليه وسلم) على الشاعر نزار قباني.

5 ـ تقرير اللجنة المرفق المتضمن قناعتها بما نسب للمذكور من أقوال وبالبحث عن سوابقه لم يعثر له على سوابق مسجلة وقد صدر خطاب صاحب السمو الملكي نائب وزير الداخلية رقم 25845/2س في 09/05/1424هـ بإحالة المذكور مع المدعي العام إلى المحكمة الكبرى للنظر شرعاً فيما نسب إليه والتشديد في الادعاء ضده وبيان خطورة ما أقدم عليه وحيث إن ما يعتنقه المتهم من أفكار تشكل مصادمة لعقيدة الإسلام وقيمه وينكر حرمة ما هو معلوم حرمته من الدين بالضرورة ويسعى في نشر ذلك بين أبناء المسلمين دون اكتراث مما يشكل خطورة بالغة على فكر النشء وعقولهم ولا سيما في مثل السن التي كان يتعامل معهم لذا أطلب إقامة حد الردة عليه المتمثل في قوله صلى الله عليه وسلم (من بدل دينه فاقتلوه) لما تمثله أفكاره وأقواله من ردة عن الدين كتحليله للزنا واللواط واستهزائه بالمصطلحات الشرعية وترويج تلك المعتقدات بين أبناء المسلمين هذه دعواي.

وبسؤال المدعى عليه عما جاء في دعوى المدعي العام أجاب بقوله ما ذكره المدعي العام لا صحة له وكل هذه الافتراءات لا صحة لها إطلاقاً ولا يمكن أن تصدر من معلم عاقل ناهيك أن يكون مسلماً على مذهب أهل السنة والجماعة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ويصلي خمسه ويزكي ويصوم وقد حج أكثر من مرة ويحرم ما حرم الله ويحل ما أحل الله فكل هذه الأقاويل محض افتراءات مبنية على قيل وقال ونما وذكر وحسبي الله ونعم الوكيل لذا فإنني أطلب رد دعوى المدعي العام من إقامة حد الردة لأنه باطل شرعاً ونظاماً فقد نص الفقهاء على أنه إذا ثبتت ردته بالبينة أو غيرها فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداَ رسول الله لم يكشف عن صحة ما شهد عليه به وخلي سبيله ولا يكلف الإقرار بما نسب إليه لقوله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) وحيث إن هذا يثبت به إسلام الكافر الأصلي فكذلك إسلام المرتد ولا حاجة مع ثبوت إسلامه الكشف عن ردته وإذا كان الحال كذلك والمدعي العام لا يزال يرى ردتي مع ما أوضحته في محضر التحقيق وشهادتي أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وحرمة الزنا واللواط وغيرهما مما هو معلوم من الدين بالضرورة فإن الأمر لا يخلو من حالتين : الحالة الأولى : إما أن المدعي العام يرى أن ما أدليت به في محضر التحقيق ليس إلا تهرباَ من إقامة الحد الشرعي أو كما يقال (تقيه) وهنا أقول له ما قاله صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد (هلا شققت عن قلبه).

الحالة الثانية: أو أن المدعي العام لا يرى قبول توبة المرتد إن كان يرى أنني قد ارتددت عن دين الإسلام عياذا بالله وهذا مذهب خطر يخشى على سالكه وهو إضافة إلى ذلك مخالف لنظام الإجراءات الجزائية حيث نصت المادة الثانية والعشرون على ما يلي: تنقض الدعوى الجزائية العامة في الحالات التالية: ما تكون التوبة منه بضوابطها الشرعية مسقطة للعقوبة لذا أطلب صرف النظر عن دعوى المدعي العام لما ذكر وحيث أن الأصل في المسلم السلامة وهذا يقين والقاعدة الشرعية تنص على أن (اليقين لا يزول إلا بقين مثله) وعندي شهادات تزكية من بعض العلماء وطلبة العلم وزملاء وجيران تشهد بالله العظيم على محافظتي الكاملة على الصلوات في المسجد بل دعوتي إليها هكذا أجاب بعد سماع الدعوى والإجابة جرى سؤال المدعي العام ألديك بينة على دعواك؟ فقال لدي بينة وهي ما ذكر في لائحة الدعوى وما تضمنته أوراق المعاملة وأحضر للشهادة وأدائها كلاَ من المدعو/ فؤاد بن محمد بن عبد الله الخليفة حامل بطاقة أحوال رقم 1037511589 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال أنا مدرس بمدرسة متوسطة الأبناء بطريق الخرج وأثناء عملي مدرساً بتلك المدرسة عام 1421، 1422هـ كان هذا وأشار إلى المدعى عليه مدرساً معنا في المدرسة وأثناء اجتماعنا على الفطور أو نحو ذلك كان يتحدث عن التدخين وأن المسألة اختيارية وليس فيها تحريم وإنما عائده لقناعة الشخص يقبل أو لا يقبل مثله مثل السكر فإن قلنا إن السكر حرام بالنسبة لمرضى السكر فكذلك التدخين وأيضاً يعتز برموز الحداثه مثل القباني والغذامي وأيضاً لما توفى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قال أفل نجمكم وأثناء مناقشته عن اعتزازه بالحداثيين قيل له إما أن تترك هذه الأمور أو تسكت عن نشرها قال لن أترك اعتقادها ولكن لن أنشرها بين الطلاب وقيل له أثناء المناصحة كيف تصلي على نزار قباني فقال إنني لا أعلم أنه شعار خاص بالنبي صلي الله عليه وسلم هذا ما لدي وبه أشهد كما أحضر المدعو سعود بن عبد العزيز بن محمد العفر حامل بطاقة أحوال رقم 1070554181 سجل دومة الجندل وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني من طلاب متوسطة وثانوية الأبناء وكان هذا وأشار إلى المدعى عليه يدرسنا التعبير في الصف الثاني متوسط وكان عمري أربع عشرة سنة تقريباً وكان يقول لنا بأن العادة السرية حلال والزنا واللواط والغناء حلال وما يذكره الشيخ سعيد بن مسفر من قصص كلها غير صحيحة وأن المقاهي هي بيوت العلم وكنت بالغاً أثناء سماعي لما قاله المدرس المذكور وعندما قال له أحد الطلاب عيب الزنا واللواط ليس حلالاً قال لماذا أبوك وأمك يفعلونه هذا ما لدي وبه أشهد كما أحضر المدعو فهد بن محمد بن سعيد آل مانع القرني حامل بطاقة أحوال رقم 1062360100 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال كنت أدرس في مدرسة متوسطة وثانوية الأبناء في السنة الثانية المتوسطة وعمري حوالي ثلاثة عشرة سنة وكان هذا وأشار إلى المدعى عليه يدرسنا مادة ا لتعبير ويقول إن الزنا والغناء حلال واسأل أمك وأبوك ماذا يفعلون وأن الإنسان يفعل ما يشاء حتى سن الأربعين ثم يتوب هذا ما لدي وبه أشهد فجرى سؤاله هل كان بالغاً أثناء سماعه لذلك فقال لم أكن بالغاً وقتها كما أحضر المدعو/عبد العزيز بن عبد الله بن مصلح العتيبي حامل بطاقة أحوال رقم 1039061922 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أدرس في متوسطة وثانوية الأبناء في السنة الثانية المتوسطة وكان عمري حوالي أربع عشرة سنة وكان هذا وأشار على المدعى عليه يدرسنا مادة التعبير فقال إن الزنا واللواط حلال فقال له أحد الطلاب عيب هذا حرام فقال إذا كان حراماً اسأل أبوك وأمك ماذا يفعلون في الليل وقال إن العادة السرية حلال لأنها بينك وبين نفسك وأن المقاهي هي بيوت العلم وأن الرسول كان يغني ولكن المطاوعة سموه أناشيد في الوقت الحاضر هذا ما لدي وبه أشهد فجرى سؤاله هل هو بالغ وقت سماعه لذلك فقال إنني كنت بالغاً وأعرف علامات ذلك كما أحضر المدعو/ عبد الرحمن بن على ن سلمان الخثعمي لا يحمل إثبات هوية وهو معروف من قبل الشهود السابقين وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أدرس في متوسطة وثانوية الأبناء في السنة الثانية المتوسطة وكان الأستاذ محمد هذا الحاضر يدرسنا مادة التعبير وقال لنا إن الزنا واللواط والغناء والدش والدخان حلال هذا ما لدي وبه أشهد فجرى سؤاله عن عمره وقت ذلك فقال أربع عشرة سنة ولم أكن بالغاً وقتها كما أحضر المدعو أحمد بن عطية بن أحمد الزهراني حامل بطاقة أحوال رقم 1056504515 وبسؤاله عما لديه من شهادة قال أنني أدرس في متوسطة وثانوية الأبناء في السنة الأولى المتوسطة وكان هذا وأشار إلى المدعي عليه يدرسنا مادة اللغة العربية ويقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم غنا ولكن أغانيه نشيد وأن المطاوعة من زمان مسيطرون على البلد والإذاعة تضحك عليهم أما الآن مع أناشيد أم كلثوم وكان يقول إن الرسول كان يرعى الغنم في الجبل وينوب من يقوم عنه برعي الغنم من أجل أن ينزل تحت ويدخل الحانة من أجل أن يرى الرقص وشرب الخمر لكنه يصل مرهقاً وينام ويصحى في وقت متأخر ويلحق الغنم هذا ما لدي وبه أشهد فجرى سؤاله عن عمره وقت ذلك فقال عمري ثلاثة عشرة سنة وكنت بالغاً وقتها كما أحضر المدعو رياض بن محمد بن مغرم الشهري حامل بطاقة أحوال رقم 1056716531 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أدرس في متوسطة وثانوية الأبناء في السنة الأولى المتوسطة وكان هذا وأشار إلى المدعى عليه يدرسنا مادة اللغة العربية ويقول لنا إن الإنسان لا تحسب عليه المعاصي حتى يبلغ أربعين سنة وأنكم إذا رغبتم مرافقة رفقاء السوء راجع لكم فإذا أردتم أن تنحرفوا فهذا راجع لكم وأن الدخان حلال وليس حراماً والأغاني القديمة حلال هذا ما لدي وبه أشهد فجرى سؤاله عن عمره فقال عمري وقت ذلك أربع عشرة سنة ولا أعلم هل كنت بالغاً أم لا كما أحضر المدعو أحمد بن حمود بن ناصر الجديع حامل بطاقة أحوال رقم 1022494833 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أدرس في مدرسة متوسطة وثانوية الأبناء وهذا وأشار إلى المدعي عليه من ضمن المدرسين وكان على خلق ويمتاز بالجد والصبر والقدرة على الحوار وفي يوم من الأيام دخلت على مجموعة من المدرسين في غرفة الوكيل وكان يدور بينهم نقاش حول الغناء فذكرت قول الله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) وقلت أقسم ابن مسعود بأن المقصود الغناء فقال إن قول الصحابي ليس بحجة وقلت إن الخلاف في هذا لا يثار عند من ليس له باع في العلم وفي مرة أخرى اجتمعنا نحن أحمد الغامدي وعبد الله المفرج وفؤاد الخليفة ومعنا المدعي عليه محمد السحيمي وأقر أنه حداثي الفكر وعندما ناقشته عن ذلك قال أنا حداثي الفكر ولكن لست من أصحاب الأفكار المنحرفة عن العقيدة كما أنه أقر بالصلاة على نزار قباني وعندما قلت له كيف نصلي على رجل فاسق فقال أنا أقصد إثارة الآخرين وقد ناصحته عن ذلك عدة مرات وطلب منه إذا كان لديه أي مسألة يريد بحثها فأنا مستعد بالذهاب معه لسماحة الشيخ محمد بن عثيميين رحمه الله لمناقشته وكان ذلك عام 1422هـ كما أنني قلت له إنك تقول لا مانع من إيجاد مكان لمن يدخن فقال إنني قلت هذا من أجل إن يأخذ الإنسان حريته ويترك التدخين عن قناعة هذا ما لدي وبه أشهد كما حضر المدعو/ عبد الرحمن بن صالح بن محمد العريني حامل بطاقة أحوال رقم 1029666078 وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أدرس في متوسطة وثانوية الأبناء وهذا وأشار إلى المدعي عليه ضمن المدرسين وقد صلى على نزار قباني بقوله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة وناقشته في ذلك بقولي لا تجوز وقد قال إنني حداثي الفكر ولكنني لست مثل هؤلاء أي أصحاب العقائد الفاسدة هذا ما لدي من شهادة وبه أشهد كما حضر المدعو عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله المفرج حامل بطاقة أحوال رقم 1047699184 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني مدرس في متوسطة وثانوية الأبناء وهذا وأشار إلى المدعي عليه من ضمن المدرسين وكان يثير كثيراً من القضايا فدار حديث حول التدخين فقال إن العلة ليست الضرر وإلا كان التمر بالنسبة لمريض السكر فيه ضرر فلا يتناوله كما أنه قد صلى على نزار قباني بقوله صلى الله عليه وسلم وعند مناقشته عن ذلك قال إنني لا أعلم أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنا قصدت من ذلك إثارة الآخرين كما أقر بأنه حداثي الفكر وعند مناصحته قال أنا لست مثل هؤلاء الذين يبحثون في العقائد هذا ما لدي وبه أشهد كما حضر المدعو محم بن عبد الله بن عبد العزيز مسعود حامل بطاقة أحوال رقم 1042308120 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أدرس في متوسطة وثانوية الأبناء وقد دار حوار بين هذا وأشار إلى المدعى عليه وبين بعض الزملاء من الصلاة على نزار قباني وحضرت بعد انتهائه وسمعته يصلي على نزار قباني بقوله صلى الله عليه وسلم كما أن الحوار دار حول التدخين وفهمت منه أنه يرى حله ولكنه لم يصرح بذلك هذا ما لدي وبه أشهد فجرى سؤال الطلاب الذين حضروا عن أعمارهم في الوقت الحاضر فقالوا الآن بين السادسة عشرة والسابعة عشرة وبعرض الشهود وما جاء بشهادتهم على المدعى عليه رد قائلاً أما الشاهد فؤاد بن محمد الخليفة فهو خصم لي ولا أقبل شهادته وهو ممن أثاروا هذه التهمة الكيدية واحتالوا عليها بكافة الوسائل وأما الشهود عبد العزيز عبد الله العتيبي وفهد بن محمد القرني عبد الرحمن الخثعمي من ضمن من وقعوا الشكاية ضدي وتبنوا هذه التهمة في بداية الأمر بإيعاز من بعض المدرسين كما هو موجود في دفتر التحقيق ثم فعلت عن طريق أولياء أمورهم إلى وزارة الدفاع فهم خصوم والخصم لا يكون شاهداَ على هذا شهادتهم غير مقبولة وأما رياض بن محمد الشهري وعبد الله بن هلال الثقفي وأحمد عطية الزهراني ومحمد بن ظافر القرني فهؤلاء من ضمن طلبة أولى متوسط الذين رفعوا الشكاية إلى مدير المدرسة بإيعاز من بعض المدرسين وتفعيل من بعض أولياء الأمور وتوصيلها إلى وزارة الدفاع فهم مدعون فكيف يكونون شهوداً وأما الشاهد سعود بن عبد العزيز العفر فهو من طلاب المدرسة وأعرفه ولا أعلم عن حاله وما جاء بشهادته لا صحة له وقد شهد هؤلاء الطلاب بإيعاز ودفع من الأساتذة سعيد القرني وإبراهيم العبيد وأحمد الجديع نظراً لأن الأساتذة المذكورين خصوم لي ولا أدري عن سبب ذلك وما جاء بشهادتهم قولهم إنني قلت صلى الله وسلم على نزار قباني فهذا غير صحيح وكذب وبقية ما شهدوا به صحيح فقلت إنني حداثي ولكني كنت لا أقر بإي إنحراف فكري أو عقدي كماذكر الشهود والشاهد أحمد الجديع وعبد الله المفرج وعبد الرحمن العريني هم خصوم تولوا إثارة هذه القضية منذ البداية فقد جمعوا الطلاب في المختبر في آخر يوم من أيام الدراسة وحرضوهم على الكتابة ضدي كما حرضوا بعض المعلمين وطلبوا منهم التوقيع معهم على ما يزعمون أنهم سمعوه من الطلاب وبالنسبة لما ذكره الشهود عن التدخين فأنا قلت إن المعلم المدخن يجب أن يعامل كالطالب المدخن فكلاهما بشر كيف يسمح للمعلم بالتدخين في أوقات الفراغ بينما يعاقب الطالب على نفس الجرم ولم أحلل ولم أحرم هذا ما لدي بعد ذلك جرى سؤال المدعي عليه ألديك بينة على ما ذكرته من تحريض الطلاب من قبل بعض المعلمين في المدرسة والخصومة مع أحمد الجديع وعبد الله المفرج وعبد الرحمن العريني فقال لدي بينه وأحضر للشهادة وأدائها المدعو أحمد بن معيض بن حميد السواط حامل بطاقة أحوال رقم 1063902066 سجل الطائف وبسؤاله عما لديه قال إنني أحد المدرسين بمدرسة الأبناء بطريق الخرج وفي عام 1421هـ تقريباً ولا أتذكر بالتحديد عرض على الأستاذ بالمدرسة المدعو أحمد الجديع ورقة تحتوي على عبارة يقول محمد السحيمي وتحتها عدة نقاط لا أعرف محتواها وهي منسوبة للمدرس هذا الحاضر وأشار إلى المدعي عليه محمد بن رويشد السحيمي فرفضت التوقيع عليها وأنا لم أعلم عما حصل في المدرسة إلا بعد أن عرضت على هذه الورقة هذا ما لدي وبه أشهد كما أحضر المدعو محمد بن سعد بن محمد الشليخي العنزي حامل بطاقة أحوال رقم 1024018325 سجل البكيرية وبسؤاله عما لديه قال إنني أعمل مرشداً طلابياً بمدرسة الأبناء بطريق الخرج وفي عام 1422هـ تقريباً أرسل لي عدة طلاب من طلاب المدرسة بأنهم سمعوا من المدرس في المدرسة المدعو/محمد بن رويشد السحيمي بأن الغناء حلال ونحو ذلك فتم اختيار عينة عشوائية من طلاب السنة الأولى المتوسطة والثانية المتوسطة لمناقشتهم عما لديهم باستدعاء المدرسين في المدرسة المدعو/أحمد الجديع بصفته مشرف التوعية الإسلامية في المدرسة والمدعو/إبراهيم العبيد مدرس المواد الدينية والطلاب لسؤالهم من قبلهما وذلك لنصح الطلاب وأن لا يقولوا إلا ما سمعوه وبعد نصحهم قام كل واحد منهم بتحديد ما لديه في ورقة وقمت بإعداد خطاب عليه وبعثته لمدير المدرسة هذا ما لدي كما أحضر المدعو عبد الهادي بن سعد بن محمد آل مستور القرني حامل بطاقة أحوال رقم 1016661777 سجل الرياض وبسؤاله عما لديه من شهادة قال إنني أعمل في متوسطة وثانوية الأبناء بطريق الخرج مدرس لمادة العلوم وفي عام 1419هـ أو 1420هـ تقريباً دخلت المختبر في المدرسة بحكم عملي فوجدت بعض الطلاب لا أعرف أسماءهم ومعهم بعض المدرسين وأتذكر منهم الآن محمد العريني وأحمد الجديع وعبد الله المفرج وسعيد القرني وكان الطلاب يذكرون بأن المدرس محمد السحيمي الحربي هذا الحاضر قال بحل اللواط والغناء والتدخين وبعض الأمور التي لا أتذكرها الآن وكان المدرسون ينصحون الطلاب بأن لا يقولوا إلا ما سمعوا ويتأكدوا من ذلك هذا ما سمعته وبه أشهد فجرى سؤال المدعى عليه ألديك زيادة بينة فقال لدي شهود ولن يحضروا إلا إذا الزموا بالحضور من قبل المحكمة فطلب من المدعي العام إحضار مزكين للشهود فاستعد بذلك وأحضر كلا من سالم بن علي بن سالم الخشرمي الشهري حامل بطاقة أحوال رقم 1019781960 سجل الرياض والمدعو سفر بن علي بن مهدي آل مهدي الشهري حامل بطاقة أحوال رقم 1033354398 سجل الرياض وبسؤالهما عما لديهما من شهادة شهد كل واحد منهما بحذوة قائلاً أشهد أن كلاً من أحمد بن حمود الجديع وفهد محمد القرني ورياض بن محمد الشهري وعبد الرحمن على الخثعمي وعبد العزيز بن عبد الله العتيبي وأحمد بن عطية الزهراني ثقات عدول مرضوا الشهادة كما أحضركلا من فيصل بن فالح بن عوض الروقي حامل بطاقة أحوال رقم 1059042257 سجل الرياض والمدعو عبد الرحمن بن محمد بن ظافر القرني حامل بطاقة أحوال رقم 1068288867 سجل الرياض وبسؤالهما عما لديهما من شهادة شهد كل واحد منهما بمفرده قائلاً أشهد بأن كلا من سعود بن عبد العزيز العقر وعبد الله بن إبراهيم المفرج وعبد الرحمن بن صالح العريني وفؤاد بن محمد الخليفه ومحمد المسعود ثقات عدول مرضوا الشهادة هكذا شهدواوبناءً على ماسبق من الدعوى والإجابة وبما أن المدعي عليه أنكر دعوى المدعي العام ودفع بأنه مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ولا يمكن أن يقدم على مثل ذلك وأقر بأنه حداثي الفكر فيما يتعلق بالأدب ولا يمس ذلك ثوابت الدين وبما أن المدعي العام أحضر للشهادة وأدائها مسعود بن عبد العزيز محمد العفر وفهد بن محمد القرني وعبد العزيز عبد الله العتيبي وعبد الرحمن بن على الخثعمي وأحمد بن عطية الزهراني ورياض بن محمد الشهري وفؤاد الخليفة وأحمد بن حمود الجديع وعبد الرحمن بن صالح العريني وعبد الله بن إبراهيم المفرج والذين شهدوا بما يدين المدعي عليه بما نسب له المدعي العام والمعدلين حسب الأصول الشرعية وبما أن من لم يكن بالغاً من الطلاب المذكورين أثناء التحمل كان بالغاً أثناء الأداء وعلى هذا شهادته مقبولة كما نص على ذلك ابن قدامة في كتابة المغني 14/197 بما نصه (مسألة وإن كان لم يشهد بها عند الحاكم حتى صار عدلاً قبلت منه وذلك لأن التحمل لا تعتبر فيه العدالة ولا البلوغ ولا الإسلام لأنه لا تهمه في ذلك وإنما يعتبر ذلك في الأداء إلى أن قال بغير خلاف نعلمه) ونظراً لأن المدعى عليه كان يصلي على نزار قباني بقوله صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا شعار بالنبي صلى الله عليه وسلم والخلاف وإن وقع في الصلاة على غيره فالصلاة على الفساق أمثال نزار قباني وغيره تدل على استهانة من المدعي عليه بذلك ونظراً لأنه قد ثبت لدينا إدانة المدعي عليه بما نسب إليه إلا أنه نظراً لأن المدعى عليه قد شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وعليه فلا يكشف عن صحة ما شهد عليه به جاء ف المغني لابن قدامه ما نصه (الفصل الثاني إنه إذا ثبتت ردته بالبينة أو غيرها فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لم يكشف عن صحة ما شهد عليه به وخلي سبيله ولا يكلف الإقرار بما نسب إليه لقوله النبي صلى الله عليه وسلم '' أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل ) متفق عليه إلى أن قال ولا حاجة مع ثبوت إسلامه إلى الكشف عن صحة ردته) أهـ، إلا أنه نظراً لأن ما تلفظ به المدعى عليه أمام الطلاب في المدرسة وهو معلم والطلاب محل للتلقي منه ومن علمه ومحل ثقتهم وثقة أولياء أمورهم وثقة المسؤولين عن التعليم والواجب أن يحافظ على الأمانة الملقاة على عاتقه تجاه هؤلاء النشء وتوجيههم التوجيه السليم وقد تجرأ على أمر عظيم معلوم من الدين بالضرورة وعلى ذلك يستحق عقوبة رادعة له وزاجره لغيره وعليه فقد حكمنا بدرء حد الردة عن المدعى عليه وتعزيره بأن يسجن ثلاث سنوات وتحسب منها مدة توقيفه ويجلد ثلاثمائة جلدة تفرق على ستة فترات كل فترة خمسون جلدة بين كل فترة والتي تليها مدة لا تقل عن شهر وإبعاده عن التعليم والإعلام ومصادر التوجيه ومنعه منها وبعرضه على الطرفين لم يقنعا بالحكم واستعد كل منهما بتقديم لائحة اعتراضه فأجيب لطلبهما حرر في 17/01/1425هـ وصلى الله على نبينا محمد،

القاضي عبد اللطيف عبد العزيز العبد اللطليف

القاضي محمد إبراهيم بن خنين

القاضي سعود عبد الله آل عثمان


تفكيك الصك

قبل تحليل نص الصك الوارد في قضية المعلم السحيمي ننقل ما قاله أحد المحامين المطّلعين على صك الحكم حيث أكد على أن التهم الواردة في الصك لم تثبت، وأن السحيمي يملك من أدلة البراءة ما يكفي ولكن الصك تعمّد عدم ذكرها، فيما تم التركيز على ما يدينه ويثبت التهمة ضده، بالرغم من أنها ـ أي التهمة تستند على تأويلات خاصة ونبش للنوايا وشق القلوب. اضافة الى أن الحكم الصادر بحق المعلم السحيمي يستند على إتهامات قديمة في قضايا قد ينفيها المتهم عن نفسه او يكون بدّل فيها رأيه أو تخلى عنها، ولذلك فإن ما ذهب اليه البعض بأن العملية برمتها ليست سوى تصفية لحسابات قديمة يستحق النظر.

ونقل عن المحامي قوله أن القضاء استبعد شهادة عدد من المعلمين مثل المعلم الغامدي كون شهادته تناقض شهادة المعلمين الآخرين، مع أن الغامدي عضو في لجنة المناصحة، ولكن حين علم القاضي الخنين بأن الغامدي يقدّم شهادة مغايرة سأل المدعي العام بعد سماعه شهادة الغامدي هل هذا شاهدك أم شاهد المتهم السحيمي، ومصدر الارباك لدى القاضي نابع من كون المدعي العام هو من طلب شهادة الغامدي. وهذا الخلل لدى الادعاء العام يتأكد من خلال كون عينة الطلاب التي تم الاستماع لشهادة أفرادها لم تكن عشوائية بل كانت منتقاة، وتم استدعاؤهم وإعدادهم لغرض إثبات التهمة ضد المعلم السحيمي، في المقابل ينكر كثير من الطلبة في نفس الصفوف التي وقع إختيار العينة منها المزاعم القائلة بأن العينة كانت عشوائية.

من خلال التأمل في محتويات الصك، يمكن الخروج بملاحظات أولية وعامة يمكن وصفها بثغرات قانونية حول الدعوى:

أولاً: الاعتماد على شهادة غير بالغين أو مراهقين في قضية خطيرة تتعلق بالعقيدة وتترتب عليها احكام قصوى كالقتل.

ثانياً: الاستدلال على قبول شهادة المراهقين وغير البالغين على رأي فقهي شاذ كالذي يقول به إبن قدامة، فيما يُغفل عن الاجماعات الفقهية لدى المذاهب الاسلامية على اشتراط البلوغ في الشهادة.

ثالثاً: رفض إنكار المدعى عليه لما نسب اليه من تهم.

رابعاً: ازدوادجية المعايير في قبول الشهادات وردها، حيث اكتفى القضاة بالاستماع الى ما يثبّت التهمة ورفض ما ينفيها، بالرغم مما أكّده السحيمي إضافة الى قرائن أخرى بأن الشهود هم خصوم للمتهم، مما ينفي عنهم صفة الحياد والنزاهة.

خامساً: أن الشهادة التي تقدّمت بها العينة الطلابية لم تكن عشوائية كما زعم بل كانت عيّنة منتقاة كما هو واضح من الاتفاق على صيغ الشهادات المقدّمة.

سادساً: أن القضاء لم يقم بعملية تمحيص وتدقيق في شهادات الشهود، بل زاد على ذلك بأن قام بتزكية بعضهم، ويعد ذلك خللاً كبيراً يمس نزاهة وحيادية المحكمة، في المقابل رفضت الاستماع أو إستدعاء شهود المدعى عليه.

من جهة ثانية، فإن ردود السحيمي على الاتهامات تستحق وقفة تأمل كونها تتعارض مع التفسيرات النمطية لدى القضاة بوصفهم جزءا من تيار ديني له منظومته المعرفية وايديولوجيته الدينية الخاصة. إن التباين الفكري يجب الا يندس كعنصر توجيه للحكم القضائي، مع العلم بأن السعودية تضم خطوطا فكرية متعددة، مما يجعل الاختلاف ـ في مثل هذه الحالة ـ مبرراً لاصدار أحكام قضائية متشددة.

فقد خالف السحيمي التفسير التقليدي للحداثة وقال بأن حداثته تعني (الرغبة في التجديد في الشعر والأدب دون مساس بثوابت الشرع) وقد ثبّت أحد الشهود ما قاله السحيمي بأنه ليس من أصحاب العقائد الفاسدة. والفقرة الاخيرة تنفي ما نسب اليه بتحليله للزنا واللواط، مستنكراً ما ورد في الشهادات المقدّمة ضده واصفاً إياها بالافتراءات، موضّحاً بأنها (لا يمكن أن تصدر من معلم عاقل ناهيك أن يكون مسلماً على مذهب أهل السنة والجماعة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ويصلي خمسه ويزكي ويصوم وقد حج أكثر من مرة ويحرم ما حرم الله ويحل ما أحل الله فكل هذه الأقاويل محض افتراءات مبنية على قيل وقال ونما وذكر).

ثم إن التهم المنسوبة الى المعلم مع فرضية ثبوتها لا تصلح بالنظر الى ظاهرها فحسب الى أن تشكل أساساً لحكم بالردة أو حتى بالنيل من مقدسات الاسلام او بالحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم. هذه الاتهامات لا تثبت الا في حال واحدة وهو إقرار المعلم ذاته وبمحض ارادته، ودون ذلك فليس هناك من خيار الا تفتيش النوايا.

ومن جهة ثالثة، إن الطعون التي تقدّم بها السحيمي لها وجه قانوني وجيه، وكان على القضاة ان يأخذو بها قبل اصدار الحكم، فقد اعتبر فؤاد الخليفة خصماً له، وانه وراء التهمة، وأن بعض الشهود خضع تحت تأثير آخرين للانضمام الى فريق الاتهام والخصوم، كما أن بعض الطلبة انما شهدوا بإيعاز من المدرسين المدعين عليه.

الصفحة السابقة