حيثيات الحكم لا تشملني وهيئة المحكمة تضيف من عندها اتهامات جديدة لم يقدّمها المدّعي العام!

ملاحظات الإصلاحي علي الدميني على الحكم باعتقاله تسع سنوات

علي الدميني: مناضل وضحية

بعث الإصلاحي الشاعر الأستاذ علي الدميني الى موكليه ومحاميه ملاحظاته على حكم القضاة التعسفي ضده وزملائه، رأى ضرورة الإهتمام بها وقت إعداد لائحة الإعتراض على الحكم من أجل تمييزه.. بالرغم من القناعة بأن الحكم على الإصلاحيين كان ذا دوافع سياسية فاقعة، ولم يراع لا في الشكل ولا في المضمون أبسط أوجه وإجراءات العدالة. ويعتقد الكثيرون أن قرار محكمة التمييز سيكون هو الآخر ملوّثاً بالموقف السياسي والأمني للعائلة المالكة وخاصة وزارة الداخلية، سواء كان ذلك التلوّث والتدخل في الشأن القضائي لصالح المعتقلين الإصلاحيين أو ضدهم.

فيما يلي نص ملاحظات داعية الإصلاح الأستاذ الدميني.

ملاحظاتي الشكلية والنظامية

أ ـ الإعتراض على تحويل المحكمة الى جلسات سرية بعد أن بدأت علنيّة.

ب ـ عدم تقدير هيئة المحكمة لقبولي بالشروط التي وضعتها للمحاكمة، بعد أن رفضت قبولها لعدة جلسات، وقد قبلت بشروط هيئة المحاكمة لأسباب عديدة منها تقديري للهيئة وللمسؤولين، وقد ورد ذلك في بداية دفوعي.. ولكن المحكمة ـ مع الأسف ـ لم تقدر هذا الموقف الإيجابي مني عند إصدار الحكم، ولم تسجل ملاحظة قبولي بشروطها في حيثيات الحكم المدونة في الصك الصادر عنها.

ج ـ رغم أني قرأت الجزء الأول من دفوعي كاملاً أمام القضاة والذي تضمن أسباب قبولي بالمحاكمة السرية، ومطالبتي بتطبيق ما جاء في (الميثاق العربي لحقوق الإنسان) الذي وقعته المملكة، إلا أن هيئة المحاكم لم توثق كل ما ورد في مرافعتي تلك في دفتر الضبط، ولم تتم قراءته في جلسة صدور الحكم، ولم يتم تدوينه كاملاً في صك الحكم!

د ـ كلفت الأخ منصور البكر وكيلاً عني لتقديم ملحق دفوعي لفضيلة الشيخ محمد بن خنين، إلا أنه لم يثبت شيئاً من مضمون الدفوع والخطاب الموجه لهيئة المحاكمة في دفتر الضبط او صك الحكم، واكتفت هيئة المحاكمة باجتزاء فقرة من سياقها العام، وردت في مرفقات الدفوع، لتدبيج تهم جديدة لم ترد في لائحة الدعوى العامة المقدمة من الإدعاء العام، متجاوزة بذلك أصل الدعوى. وأتساءل ألا يعتبر هذا إجراءً مخلاٌّ بالنظام، وتحيّزاً من هيئة المحاكمة ضد المدعى عليه؟

هـ ـ سلّمت وكيلي الأخ عبد الله الكويليت خطاباً قام بإرساله للمحكمة بالبريد الممتاز مرفقاً به (الميثاق العربي لحقوق الإنسان) وقد تضمن خطابي مطالبتي للسلطة القضائية بالعمل على تطوير نظام (الأنظمة الجزائية) الذي أصدرته وزارة الداخلية ليتوافق مع ما جاء في ذلك الميثاق الذي وقعته المملكة؛ كما طالبت في خطابي باعتماد ما ورد في ذلك الميثاق من ضمانات للحقوق المدنية والسياسية للمواطن، وما كفله من حرية التعبير والنشر، وهو ما ينطبق على قضيتي باعتبار انه على السلطة القضائية في بلادنا أن تعمل على تطبيق العهود والمواثيق التي وقعتها الحكومة، لأن تلك المواثيق أصبحت جزءاً من النظم المرعية في منظومة التشريع في المملكة.

ولكن هيئة المحكمة لم تشر الى ما ورد في خطابي في دفتر الضبط او صك الحكم.

و ـ اجتزأت هيئة المحكمة جزءاً من حوار طويل شاركت فيه على موقع (الساحل) على الإنترنت، كنتُ قد أرفقته مع ملحق دفوعي حسب طلب هيئة المحاكمة لملاحظة ما أحدثه الإدعاء من تحريف في كلامي عند إيراد إحدى التهم الموجهة إليّ. وبدلاً من التأكّد مما حدث من إخلال بكلامي من الإدّعاء العام، فإن هيئة المحكمة قامت باجتزاء ذلك النص من سياقاته، وأوردته كتهمة جديدة، واعتبرت ان ما ورد فيه (يتضمن مخالفات شرعية)!

وأود أن أوضح هنا أن هذا الحوار قد نشر على شبكة الإنترنت وليس له علاقة بالقضية التي اعتقلت على خلفيتها وهي المشاركة في الكتابة والتوقيع على الخطابات المرفوعة للقيادة والتي نطالب فيها بالإصلاح السياسي في بلادنا. وإذا كان ذلك الحوار يحوي أي مخالفة نظامية أو ما شابهها، فإنني أطالب بتحويل البت في موضوعه الى وزارة الإعلام لأن هذا الحوار يخضع لقانون المطبوعات.

بخصوص التهم العامة فإنني أردّ عليها بما يلي:

ورد في الصفحة الأولى وفي السطر السابع من خلاصة الحكم ما يلي: ''لمصادقتهم على الإشتراك في إعداد وتوقيع خطاب (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله) المقدم لولي العهد المتضمن بياناً لما يرونه إصلاحات سياسية وإدارية تتعلق بالشورى والقضاء والإقتصاد والمشاركة الشعبية في القرار السياسي والإداري وإقرارهم بأنه تم مقابلة ولي العهد وسماع آرائهم، إلا أن المدعى عليهم لم يكتفوا بذلك بل تجاوزوه الى مخاطبة الشعب وندائه في مسائل كبرى تمسّ نظام الحكم في المملكة ونشر مضامينها عبر قنوات الإعلام، ووسائل الإتصال في الداخل والخارج، وجعلوها نداء للقيادة والشعب معاً''.

ثم قوله في نفس الصفحة: ''ثم عقدوا الإجتماع المشار إليه في الدعوى لأجل ذلك، منطلقين لإثبات رؤيتهم والإقناع بها.. الخ''. ومع قناعتي بضرورة تمكين أي مواطن من ممارسة حقه الشرعي وحقه الطبيعي في التعبير السلمي عن آرائه وتوجيهها الى الناس عبر الوسائط الإعلامية المتاحة، وقناعتي أيضاً بحق المواطن في دعوة الآخرين والإلتقاء بهم لعمل الخير، إلا أنني وبهدف إيضاح خطأ الحيثيات التي استند إليها القضاء في إصدار حكمه علي بالسجن تسع سنوات، أود توضيح ما يلي:

اللحيدان والقضاء الفاسد

1 ـ حسب الحيثيات الواردة في الحكم يتضح عدم تجريم مضمون خطاب (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله) ولا أسلوب تقديمه لسمو ولي العهد، وقد ساهمت في إعداده وتوقيعه، وتقبله سمو ولي العهد بصدر رحب حيث قال للذين قدّموه: ''إن رؤيتكم هي مشروعي''.

2 ـ لم أقم بنشر أو توزيع أي خطاب من الخطابات الثلاثة التي شاركت في إعدادها أو التوقيع عليها، والتي رفعت الى سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، وهي (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله) و (دفاعاً عن الوطن) و (معاً على طريق الإصلاح)، وكذلك (معاً في خندق الشرفاء)، ولم أعلق عليها في أي محطة تلفزيونية أو إذاعية أو وكالة أنباء أو على الإنترنت.

3 ـ لم أشارك في الإعداد للقاء الذي تمّ في فندق كراون، ولم أكن من الداعين إليه، وإنما حضرت مدعوّاً اليه كغيري.

4 ـ إن كل ما قمت به سواء في المضمون أو أسلوب التقديم يدخل في مناصحة الجماعة لولي الأمر، ولا يستهدف أو يؤدي بأي حال من الأحوال الى إثارة العامة وتهييج الدهماء ـ على حد تعبير الحكم الصادر ضدي ـ وإنما كان يسعى الى تعزيز العلاقة بين الحاكم والمواطن، وتمتين الجبهة الداخلية وتفويت الفرصة على الأعداء المتربصين ببلادنا لكي يتدخلوا في شؤونها تحت أي ذريعة، وهذا ما أكدته تلك الخطابات المرفوعة الى القيادة السياسية في بلادنا. وقد أكدت تلك الخطابات على أن مضي الحكومة على طريق الإصلاح السياسي الشامل وتمكين الشعب من المشاركة السياسية والإدارية في صناعة القرار، كفيل بالإسهام في التغلب على التحديات الداخلية الكبيرة التي يعاني منها المواطنون في حياتهم المعيشية، من الفقر والبطالة، وفي مواجهة بلادنا لأزمة الإرهاب. كما أن الإصلاح السياسي كفيل بتمتين الوحدة الوطنية لإعانة حكومة بلادنا على مواجهة التحديات الخارجية المحدقة بنا.

وقد سلكت مع مَن وقّع هذه الخطابات طريقاً سلمياً حضارياً لمناصحة القيادة السياسية بضرورة الإصلاح السياسي الشامل، ولم نخل بالنظام العام، كما لم نخرج على الدولة بالسلاح، ولم ندعُ الى إسقاط الحكومة، بل أكدنا في كل خطاباتنا وفي كل ما ساهمنا به، تمسكنا بالعقيدة الإسلامية، وبالوحدة الوطنية، وبالإلتفاف حول القيادة السياسية لبلادنا باعتبارها صمام الأمن لوحدة بلادنا واستقراها وتطورها.

5 ـ إن ما ساهمت به من نشاط للمطالبة بالإصلاح السياسي في بلدنا كان اجتهاداً بالتعبير عن الرأي في الشأن العام ويقع ضمن ما كفلته لي الشريعة الإسلامية من حقوق، وما تضمنته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي صادقت عليه حكومة المملكة؛ ولم ألزم القيادة به، كما لم أسع بذلك النشاط الى إثارة العامة والدهماء ـ كما جاء في حكم المحكمة ـ بل كنت مستهدياً بالآية الكريمة (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) ولم أتقصد في كل ما صدر عني أي تجاوز أو إثارة أو إساءة لبلدي أو قيادته السياسية.

6 ـ إن المطالبة بالإصلاح السياسي في بلادنا، والمشاركة الشعبية في صناعة القرار، وتمكين المواطنين من نيل حقوقهم في العدالة والحرية والمساواة، وكفالة حرية الرأي والتعبير والنشر، لا يمكن قراءتها على أنها إساءة الى بلادنا أو الى مؤسساتها الشرعية، ولكن ما يسيء لها حقاً هو صدور مثل تلك الأحكام الجائرة بحقي وحق زملائي، حيث سيقرأها الرأي العام المحلي والدولي على أنها إخلال بالتزام قيادتنا بالإصلاح السياسي وكفالة حرية التعبير عن الرأي، وسيرى فيها المتابعون عدم تطبيق النظام القضائي في المحكمة للمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعتها بلادنا، ومنها (الميثاق العربي لحقوق الإنسان).

7 ـ لقد اجتهدت كما اجتهد المئات غيري من الكتاب والعلماء والمثقفين في محاولة تحليل ظاهرة العنف والتشدد والإرهاب التي يواجهها مجتمعنا، بهدف الوصول الى أسبابها، والإسهام في إيجاد الحلول لها، وقد تضمنت دفوعي المرفقة استشهادات موثقة بتلك الإجتهادات التي كتبها غيري. لقد كان دافعي صادقاً وسليماً من الغرض والهوى، فإن أصبت في تحليلي فذاك ما هدفت اليه، وإن أخطأت فيعلم الله أنني عبرت عن رأيي مستهدياً بثوابت عقيدتنا الإسلامية وبالإنتماء للوطن، ولم أقصد من كل ذلك الإساءة للوطن أو العقيدة، أو لهذا الكيان الذي أعتز بالإنتماء إليه مهما نالني من ظلم أو نكران.

من كل ما ذكرناه آنفاً يتضح أن الحيثيات التي بنى عليها القضاء حكمه ضدي بالسجن تسع سنوات ليس لها أساس من الصحة، لأنها استندت الى خطاب لم أوقعه، أما الخطابات التي وقعتها ومنها خطاب (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله) فلم يرد في حيثيات الحكم أي تجريم لها.

لذا فإن القضاء ترك القضية الأصلية التي اعتقلت على خلفيتها وهي الخطابات المطالبة بالإصلاح السياسي، وذهب ليبحث عن تبريرات أخرى لا علاقة لها بالقضية الأصلية، حيث بنى حيثياته على تأويلات مجحفة لما ورد في حوار معي على موقع (الساحل) على الإنترنت. وإذا كان هذا الحوار قد تضمن أي مخالفة نظامية أو ما شابهها، فإنني أطالب بتحويل البت في موضوعه الى وزارة الثقافة والإعلام، لأن هذه المادة المنشورة على الإنترنت تخضع لقانون المطبوعات، وهذا ما أكد عليه أمر سمو ولي العهد الأمير عبد الله حينما أحال البت في مقالات نشرها الدكتور حمزة المزيني الى وزارة الثقافة والإعلام.

الصفحة السابقة