على مذهب السلف!

 اليوم أنقل لكم فتوى عجيبة وقعت عليها بعد أن وصلتني عبر الانترنت، وهي تبين كيف أن بعض الذين تلقوا العلوم الشرعية لم يعوا أن الدين - كل دين- إنما جاء لتسهيل أمور الناس، لا لتعقيدها.

الفتوى موقعة في العام الهجري 1423 أي قبل ما لا يزيد على ثلاث سنوات فقط. موضوع الفتوى هو تحريم كرة القدم، إلا بضوابط حددها المفتي واسمه عبدالله النجدي، وفتواه مطبوعة متداولة! علة التحريم هي (مشابهة الكفار والطواغيت وأعداء الدين من أميركا وفرنسا وروسيا وأذنابهم). ومن فضل الله علينا وعلى الناس أن فضيلة المفتي لم يحرم لعب الكرة على الإطلاق بل وضع ضوابط تبيح لعب الكرة، منها:

(تلعبون الكرة بدون الخطوط الأربعة لأنها من صنيع الكفار)، والبعد عن (ألفاظ القانون الدولي الذي وضعه الكفار والمشركون كالفاول والبلنتي والكورنر والقُول والآوت كل هذه الألفاظ وغيرها تُترك ولا تقال. ومَنْ قالها منكم يُؤدب ويُزجر ويُخرج من اللعب. ويقال له علانية: إنك قد تشبهت بالكفار والمشركين، وهذا حرام عليك)، ويبدو أن سماحته خلط بين محكمة العدل الدولية والفيفا نفع الله بعلومه!

يقول أدام الله ظله:(من سقط منكم أثناء اللعب وكسرت يده أو قدمه أو مست الكرة يده فلا يقال فاول ولا يُوقف اللعب من أجل سقوطه، ولا يعطى من كسره وأسقطه ورقة صفراء ولا حمراء. بل الأمر لتحكيم الشرع عند الكسور والجروح، فيأخذ اللاعب المكسور حقه الشرعي كما في القرآن وأنتم يجب عليكم أن تشهدوا معه على أن فلاناً تعمد كسره). وفي هذا الشرط تحريض على اللعب النظيف من سماحته. أما الشرط الرابع فيتعلق بعدد اللاعبين ويخاطب المفتي اللاعبين: (أن لا تُوافقوا الكفار واليهود والنصارى وخاصة أميركا الخبيثة بالعدد، بمعنى ألا تلعبوا أحد عشر شخصاً، بل تزيدون على هذا العدد أو تقلُّون). وأنبه هنا أن فضيلته غفل عن التأكيد أن العدد إن قل فيجب ألا يوافق لاعبي كرة اليد أو السلة أو الطائرة لأن فيه مشابهة للكفار في ألعاب أخرى، ولعلها غفلة الصالحين.

لكنه حفظه الله لم يغفل عن الزي، فوجه اللاعبين على الشريعة الإسلامية، (تلعبون بثيابكم أو ثياب النوم وغيرها، بدون السراويل الملونة والفنايل المرقمة حيث إن السراويل والفنايل ليست من ملابس أهل الإسلام بل هي ملابس الكفار والغرب فإياك والتشبه بلباسهم). ولأن الكرة وسيلة وليست غاية فقد نبه المفتي العظيم إلى ضرورة (أن يُقصد من لعبكم بالكرة إذا طبقتم الشروط والضوابط تقوية البدن بنية الجهاد في سبيل الله تعالى والاستعداد له في وقتٍ يُنادى للجهاد. لا لضياع الأوقات والأعمار والفرح بالفوز المزعوم). ولأن الأوقات ثمينة فقد نالها تبينه سماحته فقال:(لاتجعلوا وقت لعبكم 45 دقيقة، كما هو الوقت المرسوم عند اليهود والنصارى وجميع دول الكفر والإلحاد وكذا هو الوقت المعمول به عند نوادي الضلال، فعليكم بمخالفة الكفار والفساق وعدم مشابهتهم بشيء، ولا تلعبوا على مدار شوطين، بل شوطاً واحداً كما تسمونه، أو ثلاثة أشواط حتى تتم مخالفتكم للكفار والمشركين والفساق والعصاة)، ونهى فضيلته عن البلنتيات والأوقات الإضافية، ووجود حكم، أو جمهور لأن المشاهدة لا تقوي البدن ولا تحرض على الجهاد.

هذه هي الكرة على مذهب السلف الصالح، فمن يتعظ؟!.

تركي الدخيل

العدد 10894 بتاريخ 5/3/2005

www.wajhat.com

مؤسسة الإمارات للإعلام

الصفحة السابقة