حديثه عن قيادة المرأة للسيارة يشعل النقاش من جديد

الملك: المرأة يمكن أن تقود في المستقبل

غني عن التذكير أن المملكة هي البلد الوحيد في العالم الذي لا يسمح فيه للمرأة بقيادة السيارة.

وغني عن التذكير أيضاً أن المملكة تتعرّض ومنذ زمن لضغوط بشأن سجلها السيء في مجال حقوق الإنسان، والذي يشمل حقوق الجماعات الدينية والعمال الأجانب والمرأة والتعذيب للسجناء السياسيين.

والمملكة التي تحاول اليوم أن تظهر وجهاً مختلفاً عما مضى، يحاول تسويقه السفير السعودي الجديد في أميركا، الأمير تركي الفيصل، والذي يعتقد بأن هناك الكثير من الإيجابيات في البلاد يجب تسويقها لدى الرأي العام الأميركي وخاصة لدى صناع السياسة، وبشكل أخص لدى أعضاء الكونغرس الذين ينبثق منهم معارضة ضد طبيعة نظام الحكم السعودي وممارساته.

البدوية تقود والحضرية لا!

المملكة هذه تجد نفسها بحاجة دائمة الى إعلان براءتها من أمور: كالإرهاب وتمويله، والدفاع عن مدارسها ومناهجها الدينية، كما الدفاع عن رموز السلطة الذين رفعت عليهم دعاوى في أميركا بحجة دعم القاعدة؛ كما هي بحاجة الى إنجازات تبرز التزامها بالمعايير الدولية، وتخفف من حدّة النقد الموجّه لها. وفي هذا الإطار لا يوجد لدى المملكة منجزات ذات شأن تعرضها، ففي إحدى المرات اعتبر صعود الأسهم السعودية إنجازاً! واعتبرت الإنتخابات البلدية انجازاً لمجرد قيام الإنتخابات وعندها توقف كل شيء، حيث لا توجد مجالس بلدية وكأن الإنتخابات لم تقم ولم تحدث!

أما المواضيع الحساسة مثل قضية المرأة والإصلاح السياسي، فالأمراء يزعمون بأنهم سائرون في الطريق، ويقدمون الوعود، والعالم يريد التزامات ومواعيد محددة، وهم يريدون التمطيط لعشرين سنة مثلاً، كما اقترح الملك حين زار واشنطن مؤخراً!

الملك الذي لا يتقن الحديث، أجرى حواراً مع باربرا وولترز من تلفزيون ايه بي سي الأميركي، وقد أعدّ الملك نفسه للأسئلة المقترحة، وتم تلقينه الأجوبة، التي خرجت من فمه كطفل يتهجّى أبجديات القراءة. في ذلك اللقاء قال الملك حول سؤال عن قيادة المرأة السعودية للسيارة: (المسألة ما زالت تحتاج إلى بعض الصبر والوقت، ولكن أعتقد أنه مع مرور الوقت ستكون قيادة المرأة للسيارة متاحة، فالصبر شيء طيب). وأشار الى (إنني أحترم شعبي وأقدر قيمه وتقاليده ولن أفعل أي شيء يتعارض مع إرادة شعبي).

المعنى أن الملك يريد للمرأة أن تقود، ولكن الإرادة الشعبية ترفض ذلك حتى الآن، ولكنها قد تتغير في المستقبل.

ولكن السؤال: كيف عرف الملك بالإرادة الشعبية؟ هل هناك بحث؟ استقراء للرأي العام؟ أم أن إرادة شعبه تعني إرادة السلفيين الوهابيين؟ وكأن هؤلاء وحدهم يمثلون ضمير الشعب وإرادة الأمة!

هؤلاء هم من يعيرهم آل سعود بالاً، بالرغم من أقليتهم، أما الأكثرية فهي غير مخيفة، ورأيها لا يُحترم أساساً. المهم أن ترضى الطبقة الإلهية الوهابية عن الحكم، وهي التي تمد السلطان القائم بشرعية ناقصة ومزيّفة طالما تمّ انتقاضها من قبل الوهابيين أنفسهم.

هناك من يشير الى أن الملك لا يستطيع مجابهة السلفيين المدعومين من نايف، وهو قد عبّر عن إرادته من خلال ابنته عادلة التي صرحت قبل بضعة أشهر بأنها تؤيد قيادة المرأة للسيارة. ولكن نايف ضد هذا الموضوع بتاتاً، لا لإيمان منه بأن ذلك ينقض الدين، ولكنه شديد الإقتناع بأن مصير الدولة مرتبط بالحبل السرّي الوهابي.

وحين قدم عضو الشورى آل زلفه اقتراحاً لدراسة موضوع قيادة المرأة قبل بضعة أشهر، ربما بإيعازٍ من عبدالله وجماعته، تصدّى له نايف، الى حدّ أنه شتمه أمام الصحافة، وقال أنه كان يظن أن الرجل جيّد، اي أنه تكشّف له أنه سيّء لمجرد أنه قدم اقتراحاً لمناقشته في مجلس الشورى!

فيا للشورى ويا للديمقراطية ويا للحرية!

وعموماً الموضوع لم يناقش إلا عبر المنتديات والى حد ما الصحافة!

أما التيار الوهابي، فقد اعتبر إحياء دعوة القيادة للمرأة خطراً على الدين، فتجمّع حراس الفضيلة وأصدروا في 15 يوليو الماضي بياناً وقعه أكثر من مائة شخصية سلفية تندد بالدعاة وتطالب الدولة بمنع الحديث عن الموضوع أصلاً، واصفة المخالفين بأنهم أعداء الإسلام الذين يريدون تدمير دور المرأة الذي منحها إياه الإسلام، والسعي الى إفسادها بدعم من اليهود والنصارى والمنافقين المحليين!

سيبقى الوهابيون ماسكين بخناق المجتمع والدولة، وكأن تطور الجميع مرهون بتطور عقولهم الصغيرة، وعلى الجميع أن يحاسب في خطواته بالقدر الذي يخطوه المجتمع السلفي في نجد.

قال أحدهم ذات مرة: الفيدرالية مهمّة، وأهميتها تنبع من إبقاء نجد على حالها محكومة بالسلفيين، وتحرر أسر بقية الشعب!



الصفحة السابقة