الخلوة غير الشرعية!

كلما خضعت مصداقية هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للمسائلة والتشكيك، أقدمت على القيام بتدابير وممارسات تثبّت مبرر وجودها ومشروعية بقائها ودورها.

قصص (الخلوات غير الشرعية) تزايدت بوتيرة متسارعة منذ أن بدأت المطالبة بتقليص صلاحية أو حتى إلغاء هذه المؤسسة التي تحوّلت الى مصدر شقاء للمجتمع، متجاوزة الوظيفة التربوية الى مجرد نموذج رديء من (شرطة الآداب).

في مايو الماضي، شهدت البلاد موجة من الغارات على خصوصيات الأفراد تحت عنوان (الخلوة غير الشرعية) من قبل رجال الهيئة. فقد تم الحكم على أستاذ علم النفس في مكة الدكتور محمد علي أبو رزيزه، بالسجن لمدة ثمانية شهور و150 جلدة بعد أن تم القبض عليه متلبساً في (خلوة غير شرعية) في مقهى عام، حيث جرى اعتقاله من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد وجّهت له تهمة مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية الواردة في موضوع الخلوة، والتي تملي على المرأة عدم اللقاء مع رجل من غير المحارم.

وكان البروفسور أبو رزيزه قد أرجع هذه العملية الى خلافات شخصية مع رجال الهيئة الذين قاموا باعتقاله، وهم من طلابه السابقين. وفي ردّه للتهمة قال أبو رزيزه بأنه طالب المرأة بأن تصحب معها محرماً خلال لقائه معه، وبالرغم من تعهّدها بالقيام بذلك إلا أنها كانت بوحدها حين وصولها. وفيما لم تظهر معلومات عن مصير المرأة منذ وقوع الحادثة، فإن منظمة العفو الدولية طالبت السلطات السعودية بالإفراج عن البروفسور وذكرت في بيانها (يجب على السعودية وقف التحقيق غير المبرر مع أشخاص مثل هؤلاء، ونريد أن نرى نهاية تامة لمعاقبة الناس في المملكة بتهمة (الخلوة).

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة (الوطن) السعودية في في الأول من يونيو بأن شاباً سعودياً ينتظر نتائج تحقيق لجنة تم تشكليها من مندوب إمارة حائل وآخر من هيئة التحقيق والادعاء، وثالث من الشرطة إضافة لهيئة الأمر بالمعروف، وذلك للكشف عن ملابسات قضية إختلاء ذلك الشاب البالغ من العمر 23عاماً مع سيدة عجوز تجاوزت الـ75 عاماً زعم أنها أمه من الرضاعة.

ووفقا لمدير فرع هيئة الأمر بالمعرف في منطقة حائل الشيخ سليمان بن عبدالله الرضيمان فإن مركز هيئة الشملي (170 كيلو مترا جنوب حائل) تلقى بلاغاً خطياً عن قيام شخصين بالدخول على إحدى النساء والإختلاء بها. وأمام ذلك تم توجيه دورية الهيئة للموقع فشاهدت رجلين يخرجان من بيت المرأة، تم القبض عليهما وتسليمهما لشرطة الشملي للتحقيق معهما.

وقال الشاب المتهم "فهد" (23 عاما) إن المرأة هي والدته بالرضاعة وزوجة خاله في نفس الوقت وأنها اتصلت به طالبة منه إحضار خبز لها نظراً لعدم مقدرتها على ذلك، وأردف: (اتصلت بصديقي هديان بن زبن الذي كان ماراً بالصدفة وأوصلني بالخبز إليها نظراً لعدم وجود سيارة معي في وقتها وبعد أن أعطيتها الخبز دخل رجلا الهيئة (حامد العوينان وفرحان جريبيع ) اللذان إدعيا في البداية أنهما من الجمعية الخيرية، وأنهما يريدان الوقوف على حالتها المعيشية وبعد خروجنا من عندها وفي الطريق تم القبض علينا من قبلهما وتم إرسالنا للشرطة التي احتجزتنا).

أما هديان بن زبن (50 عاما) الذي قام بإيصال المتهم الأول (فهد) إلى منزل المرأة لإعطائها الخبز: (إنه وبعد خروجنا من البيت وعلى بعد 200 متر تمَّ إيقافنا من قبل الهيئة وكانوا ملثمين وأكثر من ستة أشخاص ليطلبوا منا الركوب معهم بسيارتهم وعندما طلبنا منهم الأوامر القاضية بذلك قالوا تجدونها بالشرطة وتم تسليمنا للشرطة التي احتجزتنا طوال تلك الليلة دون سبب واضح لذلك).

وقال متعجبا: (أنا أبلغ من العمر خمسين عاما والعجوز تبلغ من العمر الخامسة والسبعين والولد إبنها من الرضاعة وزوجة خاله فأين الخلوة غير الشرعية من ذلك ولماذا لم تتثبت الهيئة من هذا الأمر قبل إقدامها عليه).

الصفحة السابقة