الشيخ اللحيدان وفتوى قتل جديدة

قلنا مراراً أنه لا يوجد معتدلون بين الوهابيين.

الوهابي المتشدد يغرف من نفس معين الأفكار والمعتقدات التي يؤمن بها المعتدل أو هكذا يسمّى.

كل الوهابيين تكفيريون. كلهم. نعم كلهم تكفيريون، ومن هو غير تكفيري، فهو بالضرورة غير مشمول بالوهابية، ولا ينتمي إليها عقدياً، وإن بقي انتماؤه اليها انتماء هوية، ولا يقبل أتباعها أنه ينتمي إليهم.

الفكر الوهابي الأصلي أو الأصيل! هو نفسه الذي يتبنّاه ابن لادن والعودة والمفتي آل الشيخ والشيخ اللحيدان وعبدالله التركي وغيرهم.

هؤلاء لا يختلفون في التكفير ولا في إصدار قرارات القتل ضد المخالف.

نعم، وقد قلنا ذلك مراراً.

الفارق الوحيد بين المعتدل الوهابي بنظرهم، وبين المتشدد منهم، كما هو الحال بين ابن لادن وابن جبرين او الشيخ المنيع مثلاً، أو بين ابن لادن وبين المفتي السعودي واللحيدان رئيس القضاء.. الفارق الوحيد هو أن ابن لادن كفّر آل سعود! وأجاز قتالهم. ولو أنه لم يقم بذلك، لانعدم الفرق تماماً.

وتكفير القاعدة عامة لآل سعود، صحيح بناء على المعتقد الوهابي، وبهذا يكون ابن لادن وجماعته أكثر التصاقاً بالمعتقد الوهابي من المفتي السعودي نفسه، والذي لا يستطيع محاججة ابن لادن ومن يرى رأيه في هذه القضية وفق أصول وقواعد المذهب الوهابي وكتابات رؤسائه.

بمعنى آخر إن الإختلاف كل الإختلاف هو حول تكفير الدولة السعودية، والباقي يتفق عليه الوهابيون جميعاً من قمتهم الى أصغر شيخ فيهم.

لن نأتي بفتاوى التكفير والقتل الكثيرة لشيوخ الدولة السعودية، فهي مما يفاخر به وموجوده على مواقع اولئك المشايخ، ومن أراد الإستزادة فليذهب اليها. إنما أردنا أن نأتي بمثال هذه المرة من موقع إيلاف السعودي المقرب من الحكومة، الذي نشر خبراً عن أكبر (شخصية قضائية) وهابية في السعودية، هو الشيخ صالح اللحيدان، يحتمل أن يقال بسببه، أو يراد استخدام ما صرح به من أجل إقالته. وإليكم نص الخبر المنشور في ايلاف في 11/9/2008 تحت عنوان: (اللحيدان يستقبل الذكرى السابعة لأحداث سبتمبر بفتوى قتل جديدة).

أفتى رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية الشيخ صالح اللحيدان بجواز قتل ملاّك القنوات الفضائية، وذلك خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة القرآن الكريم في برنامج نور على الدرب الذي تبثه إذاعة الرياض الرسمية التي حرصت على إذاعتها ثلاث مرات منذ صباح اليوم. وبموجب هذه الفتوى فان كل حكام الخليج وبعض أمرائه يقعون تحت طائلة هذا (الضوء الأخضر لتصفيتهم) كونهم يستحوذون على النسبة الكبرى من بين مالكي القنوات الفضائية.

وتأتي هذه الفتوى التي من المتوقع أن تثير الجدل داخل الأوساط السعودية في تزامن مع الذكرى السابعة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر. والشيخ اللحيدان، الذي رفض إدانة الإرهاب بشكل صريح، حريص على اتخاذ مواقف متطرفة نتيجة عزم الدولة السعودية على إصلاح القضاء السعودي الذي يعيش أسوأ أوضاعه التنظيمية رغم محاولات وزارة العدل المدعومة من قبل الملك عبد الله بن عبد العزيز بغية تطوير القضاء وتقنين الشريعة. إلا أن مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه اللحيدان وقف أمام كل هذه الخطوات بالمرصاد. ولم يتوقف عند هذا الأمر وحسب بل أنه عارض الخطة الملكية الرامية إلى تطوير المسعى لاستيعاب الأعداد الهائلة من الحجاج والمعتمرين التي تأتي إلى المملكة كل عام.

وعمت الساعات التي تلت فتوى الشيخ السعودي المتطرف اتصالات خليجية على أرفع المستويات للتعرف ودراسة الاحتياطات الأمنية تجاه تطور الفتوى وترجمتها عمليا من المتطرفين ومؤيدي تنظيم القاعدة. وعلم أن أوساطاً دولية تلقت هذه الفتوى بالدهشة المشوبة بالقلق نتيجة انها تتناول العائلات الحاكمة في الخليج التي تتولى رعاية المحطات الفضائية وتمويلها وتعرضها لخطورة الاغتيالات، خصوصاً وأنها الاولى من نوعها التي ينطق بها اللحيدان جريا على عادة بن لادن والظواهري اللذين اهدرا دماء اغلبية الزعامات العربية. وسبق للشيخ أن أثار زوبعة سياسية كادت أن تتصاعد فصولاً بعد أن حصلت أجهزة الأمن الأميركية على تسجيل صوتي منسوب إليه يحث فيه الشباب السعوديين على الذهاب إلى العراق للإنضمام إلى ما يسمى بقوات مقاومة الإحتلال.

كما أنه أبدى إعتراضه على مؤتمر الحوار الوطني الذي يعقد سنويا في المملكة السعودية بقرار من الملك عبد الله قائلاً إن ما دعا إليه في مؤتمره الأخير من الحوار مع الآخر فساد معتبرا أن التسمية الصحيحة للآخر هي (الفاسق). والشيخ الذي هو على عتبة الثمانين من العمر لا يزال محترفاً في إثارة المعارك أسبوعياً إثر آخر في المملكة التي تشهد حراكاً ثقافيا لم يحسم بعد بين ما يسمون بالسلفيين والليبراليين. إلا أن هذه هي المعركة الأخطر أو قد تكون الأخيرة.

وصعد اللحيدان على سلم القضاء سريعاً بدرجة غير متوقعة؛ فبعد أربع سنوات من تخرجه من كلية الشريعة في الرياض أوائل الستينات من القرن الفائت تولى المحكمة الكبرى في العاصمة التي يعتبر كرسيه واحداً من أهم الكراسي في المؤسسة القضائية السعودية بل وأكثرها نفوذاً.

وقد حصل على رسالة الماجستير من المعهد العالي للقضاء واستمر رئيسا للمحكمة الكبرى حتى عين قاضي تمييز وعضوا بالهيئة القضائية العليا. ويرأس مجلس القضاء الأعلى منذ أكثر من 16 عاماً بعد أن كان نائباً لرئيسه مدة عشر سنوات. وعلاوة على هذا وذاك فقد كان صحافياً سابقاً في مجلة (راية الإسلام) الأمر الذي وفر له خبرة في قيادة معاركه الصحافية التي اشتهر بها خلال الأشهر الأخيرة في المملكة.

الصفحة السابقة