رجال الحسبة وتكتيكات وزارة الداخلية

يبدو أن رجال الحسبة باتوا يتقنون فنون الملاحقة وحرب الشوارع، ولأن الخدعة من ضرورات الحرب، فإن بعض رجال الحسبة لم يتورّع عن استعمال كل وسائل الخداع حتى مع المجتمع الذي يعتبره ساحة حربه المفتوحة.

أن يقبض رجال الحسبة على متلبّس بالجرم الأخلاقي فذاك غاية ما يتطلعون إليه، ولكن الجديد هو وسائل الاغارة على المشتبه بهم، والانكى من ذلك هو خروج تلك الوسائل عن الحدود الاخلاقية والشرعية.

في 4 أغسطس الجاري نشرت صحيفة (عكاظ) نبأ استدراج رجال الحسبة لشخص عبر قذف شقيقته، لينتهي الأمر في نهاية الجولة بجملة رئيس مركز الهيئة: (كذبنا عليك بوجود أختك لنقبض عليك). هكذا ببساطة تتحوّل أعراض الناس مادة للابتزاز والاستدراج، وهكذا ببساطة ايضاً ترمى محصنة زوراً وبهتاناً بهدف إحضار شقيقها للقبض عليه، في شكوى عادية ولا تستحق هذا الاسترخاص لكرامة وشرف المحصنات.

وفي الخبر كما جاء في صحيفة (عكاظ): تنظر إمارة منطقة تبوك في شكوى مواطن ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة أملج، يتهمها بقذف شقيقته، والتشكيك في سلوكها الأخلاقي، من أجل استدراجه لمكتب الهيئة للقبض عليه.

وأوضح (س. م. الجهني) للصحيفة أن رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالإنابة استدعاه عبر اتصال هاتفي لمكتبه بغية استلام شقيقته بعد القبض عليها في قضية أخلاقية، مضيفا (بعد أن توجهت إلى الهيئة فوجئت بأنها حيلة للقبض علي في قضية أخرى).

وذكرت الصحيفة بأن المتحدث الإعلامي باسم هيئة منطقة تبوك محمد عوض الزبيدي قال بأنه لا يعلم شيئا عن القضية كونه في إجازة، مطالبا بعدم النشر والتحفظ على التفاصيل. ولكن الزبيدي رفض بعد ذلك التجاوب مع اتصالات الصحيفة المتكررة لاستيضاح حقيقة الأمر على رغم وعده بإيضاح الحقائق للرأي العام.

وأوضح الجهني أن طريقة استدراج رجال الهيئة له تعد فعلاً مخالفاً للشريعة دون وجه حق، خصوصا أن مثل هذه الأخبار من شأنها الانتشار في المناطق الصغيرة وتؤثر سلباً على سمعة الفتاة وعائلتها.

وطالب بالتحقيق في القضية بعد تقديمه شكوى رسمية لإمارة منطقة تبوك، وتشكيل لجنة اختصاصية للوقوف على حقيقة الأمر ومعاقبة المخالفين في أداء مهمات عملهم.

وأوضح الجهني الذي يعمل رجل أمن، أنه اصطحب شقيقه الأصغر لدى مقر الهيئة لاستيضاح حقيقة الموقف بعد الاتصال، إلا أنه فوجئ بالقبض عليه من قبل مجموعة من أفراد الهيئة.

ولفت أن رئيس الهيئة بالإنابة اعترف باختلاقه القصة من أجل استدراجه للتحقيق معه في قضية شكوى مواطن آخر ضده لدى مركز الهيئة، مضيفا أنه جرى تحويل ملف القضية إلى شرطة المحافظة بموجب محضر رسمي.

وتساءل (أنا أعمل في الشرطة، فلماذا لم يتم استدعائي عن طريق مرجعي بدلا من نسج قصص تتعلق بقذف الفتيات في أخلاقهن، وما يترتب عليها من سلبيات مستقبلية على حياة العائلة وسمعتها).

وذهب الجهني إلى أن رئيس الهيئة بالإنابة طلب الصلح لإنهاء القضية عبر الصعود لمنبر المسجد لإعلان براءة شقيقته من التهم الأخلاقية، شرط التنازل عن الدعوى المرفوعة لدى إمارة منطقة تبوك، (إلا أنني رفضت الأمر، وأطالب بفتح تحقيق مع مركز الهيئة ومعاقبة من أساء لسمعة شقيقتي).

الصفحة السابقة