معاقبة تركيا.. بجريرة قطر!

في الثقافة الشعبية، إذا اختلف اللصوص لا تعرف من هو على حق ومن هو على باطل..والحال في السياسة لا يختلف كثيراً، خصوصاً حين يزدحم المسرح السياسي بعدد كبير من اللاعبين. بل والأهم من ذلك وأخطر، حين ينعدم تماماً الحس الإخلاقي بين اللاعبين، إذ يكونوا جميعاً محكومين لمنطق الغلبة وليس القيم أو حتى الجدارة.

اشتعلت حرب إعلامية سعودية ـ إماراتية على قطر، وطاولت كل شيء، وتجاوزت كل محرّم أخلاقي وشرعي وإنساني وقبلي، وهبطت الى ما دون القاع. بصرف النظر عن الأسباب والدوافع، فإنها لم تقتصر على قطر، وإنما بدأت تتمدد الى كل من هو محسوب حليفاً لقطر أو على علاقة مع جماعة الإخوان المسلمين.

وطالما أن الحرب الاعلامية بدأت بقطر، فكان من الطبيعي أن تستوعب في زمن ما قريب جداً تركيا. وأول مؤشر كان اعلان صحيفة (حرييت) التركية في 29 مايو الماضي عن إلغاء السعودية لصفقة مع شركة ترسانت توزلا التركية بملياري دولار لشراء 4 سفن حربية. ووفقًا للصحيفة فإن الشركة التركية كانت تعلّق آمالًا كبيرة على صفقة السفن، وتسعى لخلق فرص عمل جديدة، إذ تعاني الشركة من ضائقة مالية منذ عام 2008، الأمر الذي اضطرها الى طرد آلاف العمال.

لم يصدر أي تعليق من الجانب السعودي، ولكن مسؤولاً تركياً نفي الخبر ولكن دون حسم. وقال إسماعيل دمير، مستشار الصناعات الدفاعية التركية، في 30 مايو الماضي، أن الأخبار المتناقلة عن إلغاء السعودية لصفقة السفن الحربية غير صحيحة، بل على العكس مستمرة. وأكد المستشار أنه إلى الآن لم يأتِ أي رد سلبي من الجاب السعودي حول الصفقة المنتجة في إطار مشروع «ميل غم»، للصناعات الدفاعية البحرية المحلية. وفي إطار نفيه للأخبار المتناقلة، قال دمير إن السعودية وجهت رسالة مباشرة أمس حول الموضوع، مؤكدةً استمرار الصفقة. وأشار دمير إلى استمرار اللقاءات بخصوص مشروعي «أتاك» و»ميل غم» مع باكستان والسعودية، في إطار الصناعات الدفاعية.

في السنوات الأخيرة عزّزت السعودية علاقاتها مع تركيا على قاعدة تحشيد المزيد من الدول السنيّة ضد إيران، وزادت من حجم الشراكة التجارية وتعد السعودية شريكاً تجارياً مهماً بالنسبة إلى تركيا، ووصل حجم التجارة الخارجية بينهما لنحو 5.5 مليار دولار مؤخراً، في حين كان يبلغ حوالي مليار دولار عام 2004. وفي آواخر 2015 تشكّل المجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين. ولكن، بعد زيارة ترامب الى المملكة السعودية، باتت التحالفات السابقة الاقليمية غير ذات ضرورة، وأن الخصومة مع قطر على خلفية العلاقة مع الاخوان الملسمين سوف تنسحب تلقائياً على تركيا وعلى حكومة أردوغان، بهويته الإخوانية الواضحة.

الصفحة السابقة