خـطـورة تـكـفـير المـعـيـّن

مما هو متفق عليه بين أهل السنة والجماعة التفريق بين تكفير المعين وتكفير الأقوال، الأول يشير إلى تكفير شخص بعينه بأن يُشار إلى أحد من الناس بعينه بأنه كافر، أما الثاني فيشير إلى الحكم على أحد الأقوال أو الأفعال بأنها كفر، ولكن لا يلزم من ذلك تكفير صاحبها إذ قد يصاحب تلك الأقوال أو الأفعال الكفرية جهل أو إكراه أو أي مانع من موانع التكفير..

..إلا أن المدونات العقدية توافرت على تراث غير قليل من تكفير أشخاص بأعيانهم مما مهد السبيل لكثير ممن لم يؤتوا حظاً أونصيباً من العلم في زماننا هذا، من التسرع بتكفير أشخاص بأعيانهم بدون مراعاة لما قد يترتب عليه من نتائج وخيمة على مجتمعهم، آخر دورات التكفير الصريح ما اشتمل عليه بيان الحادي والستين شخصاً الذي صدر مؤخراً ضد من أسموهم (عصابة معروفة بالتوجه التغريبي) فرغم وضوح من يعنونهم في بيانهم هذا والذين أشاروا إليهم بصفة «المنافقين» أكثر من مرة، إلا أن لفظة التكفير الصريح والتي لا تحتاج إلى تأويل أو مدافعة هي ما ادعوه من أن تلك العصابة ـ كما يقولون ـ (قد شجعت كل شاذة عن الشرع خارجة على المجتمع بالإشادة بها وتقديمها كمثل ونموذج ودعمها مادياً ومعنوياً (ثم يضيف البيان بعد ذلك مباشرة) وما رواية بنات الرياض تلك الرواية الساقطة معنى ومبنى إلاّ نموذج لهذا الكيد حيث يقدم لها شخصية مسؤولة ذات مركز سياسي وثقافي فيشيد بالرواية وبالكاتبة ويدعوها إلى المواصلة مستهتراً بقيم المجتمع الإسلامية متحدياً أعراف البلد) والشذوذ عن الشرع والخروج على المجتمع ليس شيئاً آخر غير الكفر، وتسمية رواية بنات الرياض كتعريف لتلك الشاذة عن الشرع يوقعهم في حبائل التكفير الصريح بلا مواربة، ولو أنهم بدلاً من ذلك استخدموا مصدر الفعل (شذوذ) بأن أشاروا إلى أن تلك العصابة ـ حسب وصفهم ـ شجعت كل شذوذ عن الشرع لربما حُسِب على أنه تكفير للفعل وليس للفاعل، أما وأنهم استخدموا اسم الفاعل (شاذة) وأردفوا ذلك بتحديد من هي هذه الشاذة فهو في تقديري تكفير صريح لشخصية معينة هي مؤلفة الرواية، والمحزن كما المحبط في الأمر أن ممن وقعوا على ذلك البيان هم أساتذة ومدرسون للعلوم الدينية في الجامعات والمعاهد العلمية مما يشير إلى عظم الرزية وكبر البلية من أن أولئك الرهط ونظراءهم هم من يلقنون الطلبة في أخطر مراحل تكوينهم النفسي والفكري هذا النفَس التكفيري الذي لا زالت جراحنا تنزف من مخرجاته.

يوسف أبا الخيل ـ الرياض 10/7/2006

الصفحة السابقة