حروب صعدة وفضائح العمولات

عبدالباسط الحبيشي

التورط السعودي في بروفات الغدر والدماء. في مخاض بحثها
عبدالباسط الحبيشي
المستميت عن مخارج لكارثة الفخ الخطير الذي وقعت فيه إبان ثوراتها التحررية من الإحتلال القديم، والمتمثل في إغتصاب الحكم من قبل أنظمة سيطرت على كل المقدرات البشرية والمادية ثم جيرتها لحسابات هذا المحتل الذي أرتدى أقنعة جديدة على غرارالموضة التي يُطلق عليها هذه الأيام أبناء محدثي النعمة الـ (نيو لوك)، عزا ببعض الشعوب العربية بدافع المقاومة والدفاع عن النفس إلى بلورة بدائل وطنية قادرة على تمثيلها والدفاع عن حقوقها،

فواجهت هذه الكيانات البديلة هجمات ضارية من التشويه والتشهير من قبل إمبراطوريات إعلامية ضخمة وترسانات لجيوش مترهلة بالتنسيق مع أجهزة إستخباراتيه محلية وأجنبية في محاولات بائسة للإنقضاض عليها.

وفي خضم هذا الصراع بين قوى الإحتلال الجديد والمقاومات الشعبية نكتشف بالدليل العملي من واقع إفرازات حروب صعدة أن الهدف الأساسي من إستيراد الكميات الهائلة من الترسانات الحربية بمليارات الدولارات إنما لإرضاء أسياد الإحتلال الجديد ولتغطية عمولات السمسرة الضخمة المُختَلسة ومضاعفة الأرصدة الخاصة لتجار السلاح التابعين لهذه الأنظمة.

ولم يقتصر هذا الدورعلى السكوت عن الإعتداءت الخارجية على ألأمة العربية وحسب بل أن لهذه الجيوش وظيفة أخرى تتمحور في تهديد وقمع هذه الشعوب فيما لو فكرت في التململ من جلاديها والمتسلطين عليها. حرب صعدة تقدم لنا برهاناً عملياً بارزاً يَمْثُل أمام العالم قاطبة بدليل السكوت المطبق لكل الأنظمة العربية والدولية إن لم نقل مشاركتها.

يعترف قادة آل سعود بأن آليات جيشهم وترسانته العسكرية المتطورة تقوم بقصف المدن والقرى اليمنية دون هوادة، وكأنهم يحاربون قوات الناتو الغازية القادمة من وراء البحار لإحتلال العراق والجزيرة العربية.

فمنذ ما يقرب الشهر نشهد ونسمع عن ضراوة القصف بأسلحة متطورة ومحرمة دولياً داخل العمق اليمني دون أي مصوغ شرعي أو قانوني أو دولي في تجاوز واضح لا يصل حتى إلى سقف الأكاذيب للخلفيات المفبركة التي سوغت الغزو الإمريكي على العراق!

لا توجد أي مسوغات قانونية يستند عليها آل سعود بغزو بلد ذو سيادة وقتل وتشريد مواطنيه ورغم ذلك لم ينبس المجتمع الدولي ببنت شفه؟ وهذا له دلالات كثيرة بأن هذا الغزو الهمجي هو حرب بالوكالة لقوى أجنبية!

الحوثيون الذين لم يتجاوز عددهم عند بداية الحرب قبل خمسة سنوات الثلثمائة شخص بحسب المصادر الرسمية اليمنية قد قتل منهم الآلاف بحسب تصريحات نفس المصادر التي نسمع تصريحاتها يومياً بقتل العشرات من عناصر الحوثيين أو القبض عليهم دون أن نصل إلى نهايتهم! كما بتنا نسمع نفس السيمفونية المتوحشة من الجانب السعودي! بينما نرى من الجانب الحوثي أدلة دامغة بالصوت والصورة على قنوات الشبكة الإليكترونية تشهد بالبشاعات الإجرامية التي ترتكبها هذه الأنظمة علاوة على الحصار الشديد براً وبحراً وجواً عليهم وهم ينادون بالجنوح للسلم والحوار.

وفي المقابل ورغم خسرانها المبين المبين وفضائحها المجلجلة والمخجلة ماتزال الأطراف المعتدية تهدد وتقرع الطبول وتقصف وتقتل وتدمر دون هوادة مستمرة بغيها وبغيها وجرائمها اللاأخلاقية التي تصل إلى جرائم ضد الإنسانية بما يدحض أي فرق بين الجرائم التي حدثت في حروب البوسنا والهرسك وحروب جنوب لبنان وغزة وكلها مجازر أرتكبت ضد الإنسانية من قبل أنظمة رسمية عدوانية بهدف التطهير العرقي والعنصري بإستثناء أن تلك الحروب تمت من قبل أعداء واضحين ومن عنصريات تختلف عن الضحية وبعض مرتكبيها يمثلون أمام محكمة الجنايات الدولية.

ومع ذلك نفاجأ بذهول عند سماعنا للعاهل السعودي الذي يقول بالحرف أن بلاده "لن تسمح لكائن من كان أن يُدنس شبراً من أراضيها،" مؤكداً أن "لا خيارات مفتوحة للدفاع عن النفس سوى، النصر بعزة وكرامة أو الشهادة في سبيل الله ثم الوطن،" وذلك في معرض تعليقه على غزو قواته للأراضي اليمنية. لاحظوا مخرجات ألفاظ حامي حمى الأراضي المقدسة "تدنيس" و "دفاع عن النفس" و "النصر والشهادة" و "في سبيل الله ثم الوطن".

متى أصبح اليمنيون مُدَنِسون لإرضهم التي يعيشون عليها منذ الآف السنين والتي لايعرفون غيرها؟ وهل بات الإعتداء عليهم وقتلهم وتشريدهم دفاع عن النفس؟ تأملوا.. أليس هذا هو نفس المنطق الذي يلوكونه صهاينة إسرائيل في حروبهم الغاشمة ضد أبنائنا الفلسطينين واللبنانيين أصحاب الأرض الأصليين؟ وهل عندما ينتصر تبع آل سعود، ينالون الشهادة في سبيل الله؟ ثم ينتصرون على من؟ وهل عندما يعتدون ويقتلون أخوانهم المسلمين؟ اليمنيين؟ الذي قال فيهم رسول الله "أتاكم أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة"، يدخلون الجنة؟ أليس هذا أيضاً هو نفس منطق عناصر تنظيم القاعدة في عملياتهم الإنتحارية ضد الأبرياء؟. هل هذا هو الإسلام الذي يدعونه ويمثلونه؟ اليس "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"؟

وهل هذا هو خادم الحرمين الشريفين الذي يذود عن حياض المسلمين؟؟ هل أصبح اليمانيون غرباء ومتسللون ومُدَنِسون لتراب أراضيهم؟ ياترى من هم الإرهابيون هنا؟ ومن هم الذين يقومون بالإعتداءت على الآخرين؟ ومن يهاجم من، وأين، وكيف؟ هل يقوم الحوثيون بقصف صنعاء مثلاً؟ أو هل يقصفون الرياض ليتم قصفهم من جيش آل سعود؟ أم أن مئات الصوايخ والقاذفات والفسفور الأبيض تقع يومياً على روؤس الأطفال والعجائز والثكالى والمواطنيين العزل من السلاح وعلى سقوف بيوتهم وفي أراضيهم؟!

ثم أي حدود يتكلم عنها آل سعود؟ أليست هذه أراض يمنية محتلة تم التنازل عنها من قبل وكيلهم في صنعاء الذي تم زراعته وتنصيبه لهذا الغرض؟ هل أصبحت صعدة وحرف سفيان وعمران تابعة لآل سعود ايضاً بعد إحتلال نجران وجيزان وعسير وشرورة والوديعة والربع الخالي؟ ألا يكفيهم كل هذا بعد؟ أم أنهم فقط أسودٌ عليَ وفي الحروبِ نعامة؟

(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).

عن: صعدة اونلاين، 4/12/2009

الصفحة السابقة