من شورى الحجاز الى شورى نجد الى المجلس الوطني الحقيقي

حتمية الإصلاح السياسي أو انهيار الدولة السعودية

آل سعود لا يستقيمون والشورى.. ذلك أنهم يرون فيه نقيضاً لاستبدادهم واستئثارهم بالحكم، في حين أن الحكم والسياسة شأن شخصي حكرٌ عليهم، أخذوه بالسيف (الأملح) كما يزعمون، وكما يطالبون الآخرين بأخذه منهم عبر ذات الطريق إن استطاعوا. من هذا شأنه، لا يؤمن بالشورى ولا بحقوق الآخرين في اختيار الحاكم ولا المساهمة بالرأي في إدارة شؤون الدولة.

في بداية عهد الحجاز تحت الإحتلال السعودي، رأى الملك عبد العزيز بدهائه وبعد نظره، أن إرضاء شعب الحجاز وتهدئة مخاوفه واستقطاب معارضي الإحتلال إليه وتخفيفاً لضغط العالم الإسلامي الذي ضجّ من سيطرة الوهابية عليه، رأى أن يعطي لشخصيات الحجاز القيادية دوراً في إدارة شؤونهم الداخلية، خاصة وأن النجديين لم يعهدوا المؤسسات المنظمة وخدمات الدولة بعد.

مجلس شورى الحجاز

ألقى الملك بعد سقوط مكة سنة 1924م خطاباً في جمع من أعيان الحجاز بتاريخ 22/5/1343هـ جاء فيه:

(إن دياراً كدياركم تحتاج الى اهتمام زائد، فأنتم أعلم ببلدكم من البعيدين عنكم، وما أرى لكم أحسن من أن تلقى مسؤوليات الأعمال على عواتقكم، وأريد منكم أن تعينوا وقتاً يجتمع فيه نخبة العلماء، ونخبة الأعيان، ونخبة التجار، وينتخب كل صنف من هؤلاء عدداً معيّناً كما ترتضون وتقررون.. ثم هؤلاء الأشخاص يستلمون زمام الأمور فيعينون لأنفسهم أوقاتاً معينة يجتمعون فيها ويقررون ما فيه المصلحة للبلد).

وأضاف الملك:

(تجدون بعض الحكومات تجعل لها مجالس للإستشارة... ولكن كثيراً من تلك المجالس تكون وهمية، تشكل ليقال أنه هناك مجالس وهيئات، ويكون العمل بيد شخص واحد.. أما أنا فلا أريد هذا المجلس الذي أدعوكم لانتخابه أشكالاً وهمية، وإنما أريد شكلاً حقيقياً يجتمع فيه رجال حقيقيون يعملون جهدهم في تحري المصلحة العامة. فأرجوكم بعد هذا المجلس أن تجتمعوا بالسرعة الممكنة، وذلك بعد أن تنظموا لي قائمة بأسماء الذين سيجتمعون من كل صنف من الأصناف الثلاثة وأقابلها على القائمة التي عندي، فأتحقق من أن جميع أهل الرأي اشتركوا في انتخاب المطلوبين).

لقد اعتبر الملك الحجاز كينونة سياسية منفصلة أو بالأصح مستقلة، يظهر ذلك من قوله (دياركم، بلدكم)، كما أنه أعطاهم الحق في إدارة شؤونهم المحلية على أساس (أنتم أعلم ببلدكم من البعيدين عنكم) والبعيدون هم النجديون، ولكن هذه الفلسفة لم يتذكرها أحد من أبنائه أو حفدته حتى اليوم، ونظام المناطق دليل على ذلك. أيضاً توجه الملك الى النخبة التقليدية الحجازية من تجار وأعيان ورجال دين ليختاروا من بينهم من يمثلهم على أن يكون له الرأي النهائي في تعيينهم. والملك عبد العزيز لم يقل كما هم أبناؤه اليوم بأن المملكة شأن مختلف ولها خصوصية دون العالمين! بل قال حين وجد البرلمانات تقام في العراق ومصر وغيرها من الدول التي خرجت من قبضة الإستعمار، ولو نسبياً، قال بأن العبرة في حجم صلاحية البرلمان لا في طريقة تشكيل المجلس (تعييناً أو انتخاباً) في حين أن أبناءه لا يؤمنون بصلاحية حقيقية للمجلس كما لا يؤمنون إلا بالتعيين المباشر من قبلهم، وليس التعيين بعد انتخاب ذوي الرأي من يمثلهم (النموذج العماني).

وفق خطاب الملك، تمّ ترشيخ 13 شخصاً للمجلس برئاسة الشيخ عبد القادر الشيبي، وتشكل (المجلس الأهلي) وهو شبيه للمجالس التي كان العثمانيون يقيمونها في مناطق نفوذهم في الجزيرة العربية (اليمن والأحساء والقطيف وغيرها). لكن هذا المجلس (الحقيقي) لم يرَ النور، فتم تشكيل مجلس جديد بعد بضعة أشهر في عام 1344هـ برئاسة محمد المرزوقي، وبعدد غير محدد من الأعضاء عيّنهم ابن سعود جميعاً!!

حدد الملك ابن سعود صلاحية المجلس بالشؤون الداخلية التنفيذية للحجاز ولا شأن له بالسياسة الخارجية، وذلك وفق بيان أصدره بهذا الشأن حوى اختصاصات المجلس الأهلي، وشملت: (تنظيم أمور البلدية ووضع لوائح صالحة لها؛ النظر في نظام المحاكم الشرعية؛ تدقيق مسائل الأوقاف؛ النظر في حفظ الأمن داخل البلاد الحجازية وترتيب الشرطة؛ تعميم التعليم الديني والسعي في تعميم القراءة والكتابة؛ والإهتمام بالتجارة ووسائل البرق والبريد؛ وأخيراً تشكيل لجان دائمة لحل المشاكل الداخلية).

لكن هذا المجلس لم يقدم خدمة حقيقية، ولم يعط فرصة في الحقيقة للقيام بعمل إيجابي، إذ ما لبث أن شكّل بعد أقلّ من عام (أي في مطلع 1345هـ) مجلس الشورى برئاسة فيصل (النائب العام) وبعضوية 12 شخصاً اختارهم الملك جميعاً، بينهم 4 معاونين لفيصل (حافظ وهبة، حمزة الفعر، حسين عدنان، عبد العزيز العتيقي). الثمانية الآخرون هم: شرف باشا عدنان، عبد الله الشيبي، ماجد كردي، حسين باسلامة، عبد الوهاب عطار، عبد الرحمن الزواوي، الشريف شرف رضا، ومحمد سعيد أبو الخير).

لاحقاً لتشكيل المجلس صدرت في 21/5/1345هـ (1926) أي بعد سقوط جدة والمدينة بيد السعوديين بعد نحو عامين من الحصار العسكري، صدرت (التعليمات الأساسية للحجاز) والتي شكلت دستور الدولة الحجازية المستقلة في داخليتها وخارجيتها. حوى القسم الرابع من التعليمات (الدستور) أمراً بتشكيل مجالس شورى: في مكة وفي المدينة وفي جدة، إضافة الى مجالس النواحي ومجالس القرى والقبائل. ولكن كل هذه المجالس لم ترَ النور عدا مجلس شورى واحد صدر في 9/1/1346هـ مرسوم ملكي ينظمه في 15 مادة.

هنا بدأت النزعة النجدية تطلّ من وراء النصوص؛ فقد قضت المادة الأولى أن يتألف مجلس شورى الحجاز من ثمانية أعضاء: أربعة أعضاء تختارهم الحكومة بعد الإستشارة، وأربعة آخرين تختارهم بمعرفتها على (أن يكون إثنان من هؤلاء من نجد)! وقررت المواد الأخرى أن يتولى فيصل ـ نائب الملك على الحجاز ـ رئاسة المجلس، وتكون العضوية سنتان يغير نصف الأعضاء كل سنة. ونصت المادة 14 على أن يكون (للملك حق حل مجلس الشورى وتغيير أعضائه أو عزلهم). أما صلاحية المجلس فحددتها المادة السابعة حيث تعرض الحكومة على المجلس أعمال مثل: البلدية، الرخص، ونزع الملكيات، وقرار استخدام الموظفين الأجانب، إضافة الى سن القوانين والأنظمة التي تتطلبها الدولة الحجازية، والمهمة الأخيرة هذه أنجز المجلس كثيراً منها وأصبحت تشكل جزءً أساسياً من أنظمة الدولة السعودية حتى اليوم.

المشكلة الأساسية التي عانى منها المجلس كما المجالس الأخرى، هي قصر العمر، ففي كل عام أو نحوه هناك مجلس جديد، حيث لا استقرار في المناصب ولا صلاحيات حقيقية.

يرشدنا الى هذا انه في العام التالي 1347هـ شكل مجلس جديد لا يختلف عن سابقه، سوى في عدد الأعضاء، حيث نص نظام المجلس هذا على: أن (يؤلف مجلس الشورى من العدد الذي تصدر الإرادة السنيّة بتحديده). وتوالت المجالس في عام 1349هـ وعام 1351هـ وعام 1355هـ وغيرها. وكان مجلس الشورى قد فقد صلاحياته تدريجياً منذ أعلن تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1932/ 1353هـ، وكذلك تأسيس مجلس الوكلاء 1350هـ ثم مجلس الوزراء 1373هـ على أنقاضهما، حيث تولى مجلس الوزراء مهمة وضع الأنظمة والتشريعات إضافة الى سلطته التنفيذية.

بقي مجلس الشورى مجرد واجهة لا قيمة لها قبل عقدين من تأسيس مجلس الوزراء، وكان التعيين للأعضاء قد أصبح مناصفة بين النجديين والحجازيين، وحين طالب سكان الشرق الشيعة بحصتهم فيه، هددهم ابن جلوي، حاكم المنطقة الشرقية، بأن من يطلب مثل هذا الأمر ليس له سوى السيف! آخر مجلس شورى تمّ تعيينه كان في عام 1372هـ (1952) بعضوية 25 شخصاً، ثم صدرت الأوامر بإحالة معظم أعضائه الى التقاعد أو نقلوا الى وظائف أخرى، ولكن لم يعلن عن حلّه حتى اليوم!

لقد حقق المجلس أهدافه، من وجهة نظر العائلة المالكة، فقد كان تأسيسه لخدمة مرحلة سياسية حاسمة في تاريخ الدولة السعودية وتذويب الدولة الحجازية فيها. خلال عمل المجلس اختفت دولة الحجاز، واصبح مجلس شوراها يعني كل المملكة، واستثمر آل سعود النخبة الحجازية لوضع أسس وتشريعات الدولة الحديثة، وعند هذا الحدّ انتهى غرضه. لم يكن يراد منه أن يساهم في الشأن السياسي، أو يمثّل إرادة الشعب، إن في نطاقه المناطقي (الحجاز) أو للشعب (السعودي) قاطبة، فمات دون أن يعلن في الجريدة الرسمية خبر موته.

مجلس شورى نجد

بعد أربعين عاماً من الوعود المكرورة والمخادعة من قبل الأمراء بشأن (دستورنا القرآن) و (الشورى مطبّقة ولا نحتاج الى ديمقراطية كافرة).. أُعلن في مايو 1992 عن أنظمة الحكم الثلاثة: النظام الأساسي (الدستور)، ونظام المناطق، ونظام مجلس الشورى. الملاحظات حول هذه الأنظمة كثيرة، ولكن ما يهمنا هو مجلس الشورى بالتحديد.

أول الملاحظات، هو تعيين جميع أعضاء المجلس (60 عضواً حتى وصل اليوم الى 120 عضواً). والحجّة في التعيين هي أن رأي الجمهور لا يأتي بالأصلح عبر الإنتخاب، بل رأي العائلة المالكة عبر التعيين. وقد اصبح المجلس بسبب التعيين ممثلاً للعائلة المالكة وليس الشعب، وصلة هذا الأخير به مفقودة ولا تلزم أياً من الأعضاء.

الملاحظة الثانية: إن صلاحيات المجلس محدودة للغاية، فهو مخوّل فقط في النظر في القضايا التي يأمره الملك بدراستها وإبداء رأيه فيها. وهو لا يصدر قرارات بل توصيات، إن شاءت السلطة التنفيذية (الملك وإخوته) الأخذ بها، وإن شاءت تجاوزتها. لا سلطة رقابية أو محاسبية للمجلس، ولا دور له في إقرار الميزانية، أو في السياسية والداخلية والدفاعية. بمعنى أن المجلس لا وزن له، ولم يثبت خلال السنوات العشر الماضية من عمره أنه جدير بالبقاء فضلاً عن الثقة، فهو لم يغيّر من وضع شعب المملكة، بل أن أمراء العائلة المالكة سعوا ويسعون لتحميله قرارات لا يجرؤون أنفسهم على إعلانها، مثل موضوع فرض الضرائب على المواطنين (ضرائب الدخل بالتحديد).

الملاحظة الثالثة: إن المجلس خلا من تعيين أي عنصر نسائي، انسياقاً مع توجهات المؤسسة الدينية التي تحرّم ذلك! الملاحظة الرابعة: يزعم أمراء آل سعود، بأن عضو المجلس يمثل كل الشعب، ولا يمثل الفئة التي انحدر منها: طبقية أو مناطقية أو مذهبية أو قبلية. يأتي هذا كجواب على الإحتجاجات الداخلية والخارجية حول حقيقية أن معظم أعضاء المجلس هم من النجديين الذين لا يشكل تعدادهم أكثر من 27% من السكان في حين أنهم يستحوذون على ما يقرب من 66% من مجموع أعضاء المجلس. من الواضح أن تمثيل المناطق الأخرى غير متوازن ألبته الى درجة الغياب، وهذا ما يؤكد جهوية الدولة السعودية في نشأتها واستمراريتها وأهدافها.

الملاحظة الخامسة: لم تأتِ أنظمة الحكم وبينها نظام مجلس الشورى إلاّ تحت الضغط الداخلي وانكشاف حقيقة العائلة المالكة وأخطائها وفسادها بعد أحداث احتلال الكويت والحرب ضد العراق. أي ان التنازل الذي جاء بعد نصف قرن كان رغماً عن العائلة المالكة، ولهذا السبب بالتحديد كانت الأنظمة مبتسرة ضئيلة المضمون، وصيغت بشكل إطلاقي وعمومي، ولم تقدم تفسيرات شارحة للنظام الأساسي، أو تفصيلات تتعلق بمستقبل نظام مجلس الشورى وتطويره.

كان الشعور العام لدى النخب في المملكة، إن وجود الوعاء ـ أي أصل الأنظمة ـ مهم، يمكن بعدها تعديلها والإضافة اليها. لكن التجربة الماضية أقنعت حتى الموالين، بأن ما صدر من أنظمة يصعب البناء عليه، وإن ما يعتقد أنها تعديلات إضافية، هي في الحقيقة تغييرات جذرية حتى يمكن المقاربة بينها وبين نظيراتها في الدول الأخرى، وبينها دول الخليج المجاورة. وكما جاء (الوعاء) تحت الضغط، فإن المحتوى لن يتغير إلا بضغط شديد، يجري على أرض الواقع الآن داخلياً وخارجيا.

فهل يتحول مجلس الشورى النجدي الى مجلس شورى وطني حقيقي في المستقبل القريب؟

مؤكد أن إصلاحات وتغييرات عميقة ستحدث انعكاساً لتغيّر مزاج المواطنين ومطالب الغربيين. ومع أن العائلة المالكة تحاول الظهور بمظهر القوة، والقدرة على مقاومة الضغوط، فإنها تغامر في حقيقة الأمر بانهيار نظام الحكم، وربما انهيار الدولة السعودية (الثالثة).

مؤشرات التغيير أم ماذا؟

لأول مرة منذ تأسيسه في عام 1993، فاجأ أميران في أعلى سلم القيادة السعودية وهما وزير الدفاع الأمير سلطان، ووزير الداخلية الأمير نايف الجمهور بحضور جلسات مجلس الشورى المعيّن من قبل العائلة المالكة والذي يضم نحو 120 عضواً. التساؤل حول الهدف والتوقيت، وهل يعتبر ذلك بادرة باتجاه تطوير ما لعمل المجلس أو زيادة صلاحياته.

لا يخفى أن مجلس الشورى السعودي فقد جاذبيته منذ زمن بعيد، فمهامه يوكلها إليه حسب نصوصه القانونية رؤوس السلطة وهم أمراء العائلة المالكة، وهؤلاء لم يحوّلوا إليه شيئاً ذا بال، وقد قيل في الآونة الأخيرة أن العائلة المالكة بصدد إيكال إصدار قرارات من المجلس في المواضيع الحساسة التي يريد رموز السلطة التنصّل من مسؤوليتها، فيما يتعلق بالرسوم، وفرض ضريبة على الدخل، وما شابه ذلك.. وهي أمور يعتقد بأنها ستثير الشارع ضد الأمراء المتهمين بالفساد وتبديد الثروة العامة، والفشل في توفير الحدود الدنيا من حاجات المواطنين من ذوي الدخل المحدود وهم الأكثرية الكاثرة في المجتمع.

وبشأن توقيت زيارة الأميرين للمجلس، فإنها تأتي وسط ضغوط داخلية شعبية وخارجية (أميركية بالتحديد) على العائلة المالكة كي تشرع في إصلاحات سياسية وفي مقدمتها توسيع صلاحيات مجلس الشورى وبالذات في مجال المحاسبة وإقرار الميزانية وهي أمور دعا اليها الأمير طلال بن عبد العزيز في نوفمبر الماضي في لقاء له مع قناة المستقلة. فهل كانت الزيارتان تمهيداً لإصلاح من نوعٍ ما، خاصة وأن سعود الفيصل أشار في لقاء له مع وفد من الكونغرس (انظر العدد الأول من الحجاز) الى الإصلاح، وبعدها قال تركي الفيصل في محاضرة له في صنعاء بأن الإصلاح السياسي في منطقة الخليج أصبح أمراً لا مفرّ منه.

ومما يعزز هذا الشعور، هو أن رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح الحميد، طالب في خطابه في المجلس وبحضور الأمير سلطان بزيادة صلاحيات مجلس الشورى، وقد فُسّر البعض تلك الدعوة بأنها جاءت بإشارة من الأمراء أنفسهم، فيما قال آخرون بأن التصريح يعكس واقع الحال السعودي الداخلي وإلحاحه في مجال المشاركة السياسية الى حدّ لم يستطع معه النواب المعيّنون أنفسهم تحمّل الوضع فجاء التصريح تجاوباً مع الشارع، حتى وإن أدّى ذلك الى أن يدفع الثمن بإقالته في أول فرصة تسنح.. مثلما فعل أحد الأعضاء الذي كتب مطالباً بتعزيز الشورى عبر الإنتخاب وإشراك المرأة، فكان نصيبه عدم تعيينه في المرة التالية. وهو بهذا أراد أن يقول بأن قيمة عضو المجلس أصبحت متدنية وغير مغرية في الأساس وأنها تفقد مع مرور الزمن ما تبقى من مكانة.

الشعور السائد لدى الحاكمين والمحكومين هو أن التغييرات قادمة.. فالأمراء يشعرون بأهميتها من جهتين: فهي تخفّف الضغط الأميركي الذي يتهمهم بتمويل الإرهاب وخلق بيئة ملائمة لنموه في الداخل ولتصديره الى الخارج، ومن جهة أخرى، يمكنهم من إعادة اللحمة مع الجمهور الذي خسروا الكثير من ولائه ودعمه لهم.

بيد أن القضية اليوم لا تنحصر في مجرد عزم الأمراء من عدمه في القيام ببعض الإصلاحات.. فالأهم من ذلك هو حجم تلك الإصلاحات ومدى جديتها وقدرتها على امتصاص المشاكل الداخلية، وما إذا كانت ستأتي قريباً استجابة للظروف السياسية الإقليمية على الأقل، وفي مقدمتها الحرب المتوقعة ضد العراق، والتي ـ إن وقعت ـ ستحدث زلزالاً هائلاً في المنطقة سيكون للمملكة منه نصيب الأسد.. أم تتأخّر فيأتي الطوفان الذي لا يفيد معه التراجع والإصلاح.

إطبع الصفحة الصفحة السابقة