الباحثة جوين اوكرهليك:

قوى المعارضة في السعودية متحدة في خطابها الاحتجاجي

العائلة المالكة: عجز في استثمار مصادر مشروعيتها

''فهم المعارضة السياسية في العربية السعودية'' بحث قدمته استاذة العلوم السياسية في جامعة اركانساس الاميركية جوين اوكرهليك وهو عبارة عن خلاصة دراسة ميدانية قامت بها الباحثة في السعودية نشرتها الجامعة في الرابع والعشرين من اكتوبر عام 2001. أهمية البحث تنبع من كون المؤلفة، وهي بالمناسبة متخصصة بدراسة التنمية والمعارضة في السعودية، بذلت جهداً كبيراً في اقتفاء الجذور الاجتماعية للمعارضة السياسية والعوامل الضالعة في تشجيع نشاطات احتجاجية ذات أبعاد دولية احياناً.

في دراستها تنطلق الباحثة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر كنقطة بداية لتأسيس فهم أولي للمعارضة السياسية في السعودية، حيث تشير الى أن المتهمين بضلوعهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ينتمون الى منطقة عسير الجبلية في جنوب غرب المملكة. وأن الهجمات تأتي ضمن خط عمليات تبدأ بالمدمرة كول وتمر بعمليات كينيا وتنزانيا والرياض والخبر والصومال وبيروت. وتنفي الكاتبة أن تكون هذه الهجمات جاءت للتعبير عن حرب بين الاديان. فالدين، حسب الباحثة، جرى توظيفه كوسيلة من اجل الافصاح بصورة واضحة عن المظالم السياسية، كما هو الحال بالنسبة للمعارضين السعوديين والمتعاطفين معهم في الاوساط السكانية المحلية. فعلى المستوى المحلي، فان المظالم تتصل بالتسلط والقهر وسوء توزيع الثروة وعدم المساواة وغياب التميثل في النظام السياسي. اما على المستوى الخارجي، فإن المظالم تتمحور حول القواعد الاميركية في الاراضي السعودية، والدعم الاميركي لاسرائيل، وسياسة الحصار الاميركية المفروضة على العراق، والاسناد الاميركي للانظمة القهرية في المنطقة، وتحديداً العربية السعودية ومصر والجزائر والاردن. فالعلاقات القوية مع الولايات المتحدة في سياق الازمة الراهنة ستغذي فحسب المعارضة المحلية، حالة كانت قد انخفضت الى حد كبير قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وبسبب تزايد الربط الشديد بين هذه المظالم فإن العائلة المالكة تخشى من نتيجة ارتباطها بالولايات المتحدة. فالعلاقات السعودية الاميركية عميقة، وقوية وذات وجوه متعددة، ولكن القواعد العسكرية الاميركية في المملكة هي نقاط الضوء التي تثير المتطرفين، على حد قول الباحثة اوكرهليك.

على أن الباحثة لا ترى بأن تصوير السياسة المحلية بوصفها مواجهة بين ''معتدلين'' متحالفين مع الولايات المتحدة وطهرانيين وهابيين، فهذا التصوير يعتبر في نظر جوين تبسيط شديد لموضوع المعارضة. كما هو الحال بالنسبة للقائمة المشتملة على عرض بخيارين: ملكية مطلقة متحالفة مع الغرب او نظام ثوري اسلامي معادٍ للغرب. فالتنافس الداخلي والخيارات هي اشد تعقيداً مما يحاول هذا التصوير الساذج تقديمه. فهما نابعان من ثلاث ازمات سياسية معقدة والتي تلزم العائلة بالرد على كل واحدة منها وهي: اتفاق المعارضة على المظالم الرئيسية، وتعدد المرجعيات الدينية، والمعاناة الاقتصادية الاجتماعية.

تحت عنوان ''الحكم التسلطي والمقاومة المتقطعة'' تعتقد الباحثة جوين بأن السخط من سوء استعمال سلطة الدولة ظل ثاوياً تحت السطح في السعودية، ولكن تاريخياً كان النظام يتعرض للنقد ولكن بصورة خاصة أي غير علنية. ونادراً ما كان النقد يتفجر في مواجهة علنية. وتسوق الباحثة مثال حركة جهيمان العتيبي عام 1979 والتي استطاعت السيطرة عن طريق القوة على المسجد الحرام بمكة المكرمة في محاولة لاسقاط العائلة المالكة. على أن جهيمان فشل في كسب التأييد الشعبي كونه، حسب الباحثة، اختار موقعاً مقدساً وليس قصراً، ولكن الحدث في حد ذاته كشف هشاشة النظام. وهذا الحادث قاد الى تشديد الرقابة على السكان فيما منح النظام صلاحية اضافية للمطاوعة أو رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما تم فرض قيود جديدة على التعبير والحركة وفي نفس الوقت قدّمت وعود بالاصلاح السياسي.

وترى الكاتبة بأن النظام التعليمي الديني خلال الثمانينات ساهم بتنشئة جيل جديد من المشايخ والاساتذة والطلاب. فالصحوة الاسلامية تسللت الى البلاد، ولكن لم تكن موجهة ضد النظام، وكثير من الجماعات بدأت تجذّر نفسها شعبياً خلال هذه الفترة. وهي تعتقد بأن المجاهدين الأفغان العرب هم من حمل لواء التبشير بالصحوة، حيث يقدر عدد السعوديين الذين ذهبوا الى افغانستان بنحو 12 ألف شاباً، من بينهم خمسة آلاف تدربوا وشاركوا في عمليات عسكرية.

وتعتقد الباحثة جوين بأن الخاطفين السعوديين في أحداث سبتمبر كانوا صغار السن خلال الجهاد في افغانستان، ولذلك فإن الحدث التكويني المحتمل بالنسبة لهؤلاء كان حرب الخليج، حين دعت الحكومة السعودية القوات العسكرية الاميركية للمملكة لدرء اجتياح عراقي آخر.

في شرحها للازمات الثلاث التي أشارت الباحثة اليها سابقاً، تبدأ جوين بتسليط الضوء على توحد مطالب المعارضة. تقول بأن التسعينيات كانت عقداً صعباً في العربية السعودية، فالغضب المتنامي تفجّر بصورة فجائية مع حرب الخليج عام 1990-1991. فتموقع القوات الاميركية في السعودية قد حوّل الهوية البدائية للصحوة الاسلامية في هذا البلد الى حركة معارضة منظمة. والنقد السياسي قد أصبح الآن علنياً. وكثير من المكتوب، والموقع عليه والموثّق منه صار في عرائض مقدّمة للملك فهد. وهذه العرائض قد دعت فيما دعت اليه تأسيس مجلس شورى، ونظام قضائي مستقل، وتوزيع عادل للثروة النفطية، اضافة الى قيود على المسؤولين المعروفين بالفساد. وقد تحوّلت خطب الجمعة الى مناسبات من اجل النقد السياسي، وقد جرى اعتقال عدد من المشايخ المعروفين بسبب المضامين النقدية لهذه الخطب. المظاهرات التي يصعب السماع بها في ظل نظام تسلطي كالذي في السعودية، تفجرت للمطالبة باطلاق سراح المشايخ، وأبرز هذه التظاهرات ما حدث في بريدة، مركز الامداد الشعبي للعائلة المالكة.

فالتوحد بين قوى المعارضة السياسية المحلية على المظالم والخارق لحلقات الخلاف الداخلي: المنطقة، النوع، الطبقة، المذهب، الاثنية، الايديولوجيا، والخلفيات المدنية القروية.. بدأ يعبر عن نفسه في دعوات مثل اعادة توزيع الثروة، والعدالة الاجتماعية الاجرائية، ومحاسبة النظام، والتي تعني في جوهرها حكم القانون. فالجماهير أصبحت مدركة للحكم الشخصي العشوائي، وبسبب هذا التوحد فإن الدولة لم تعد قادرة على اللجوء الى الاستراتيجية المفضلة لديها وهو تأليب الاطراف ضد بعضها. فتجار القطاع الخاص والبيروقراطيون، والصناعيون واصحاب المحال التجارية، والسنة والشيعة والرجال والنساء يتقاسمون نفس المظالم الرئيسية. رد الفعل المتزايد من قبل الملك فهد للمعارضة الشعبية فشلت في استرضاء أحد. ففي عام 1992، عيّن الملك فهد مجلساً غير استشاري واعطى بعض الصلاحية للسلطات المحلية، حيث يتولى أفراد العائلة المالكة ادارتها. فـ ''الاصلاحات'' كما تقول جوين خيّبت آمال البعض وأغضبت بعضاً آخر. وكان من تأثيراتها تعزيز مركزية العائلة المالكة في الحياة السياسية، اكثر من كونها وسّعت مشاركة ذات معنى.

فميا يتصل بأزمة ''المرجعيات الدينية المتعددة'' تشدد الباحثة على أن الحكم السعودي يتقاسم مصيراً مشتركاً وفي الوقت نفسه صعباً مع العلماء. فالعلاقة التي يعود تاريخها الى تحالف عام 1744 بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود كان أشبه ما يكون بعملية مصاهرة بين المشروعية الدينية والقوة العسكرية. فالمتحدرون من الشيخ بن عبد الوهاب مازالوا يسيطرون على المؤسسات الدينية الرسمية التابعة للدولة. كما يصدر العلماء بانتظام فتاوى لتبرير سياسات آل سعود بلغة اسلامية، حتى وان كانت هذه السياسات لا تحظى بقبول الشعب، كما في مثال فتوى تبرير حضور القوات الاميركية خلال ازمة الخليج.

ويبقى الاسلام، على حد قول الباحثة، سيفاً ذا حدين بالنسبة لآل سعود. فهو يمنحهم الشرعية كمنافحين عن العقيدة، ولكنه في ذات الوقت يفرض قيوداً على سلوكهم بما يتوافق مع القانون الديني. فحين ينحرف بعض اعضاء الاسرة المالكة عن الصراط السوّي، فهم معرضون للنقد اذ ان زعم النظام بـ ''حقه في الحكم'' يستند اساساً على التحالف مع العائلة الوهابية. واليوم يتعرض ''التحالف'' بين النظام والمؤسسة الدينية الرسمية الى تحدٍ من قبل المعارضين وذلك لأن الاطراف (المشاركة في التحالف) لم يعد يمارسوا مهامهم في تعضيد وتحسين اداء كل منهم الآخر.

ومع اندلاع حرب الخليج، فإن العلماء المعينين من قبل السلطة، جرى تصنيع بدائل شعبية عنهم اكثر تحرراً وصراحة في معارضتها للسلطة. فالانقسام بين السلطات الدينية الرسمية والقيادات الاسلامية الشعبية بات عظيماً. وبحسب احد المعارضين ''فالعلماء القدامى يعتقدون بأن الحاكم هو نائب عن الله في الارض. وان النصيحة لا يمكن تقديمها الا في السر. اما العلماء الجدد فهم يرفضون فكرة النيابة، بل يرون أن واجب العلماء هو نقد الحاكم والعمل من اجل التغيير. فالعلماء البدائل كتبوا فتاوى خلال حرب الخليج والتي تعارض فتوى العلماء الرسميين وتقدّم أسباباً لمنع تموقع القوات الاميركية في الاراضي السعودية. الفتاوى البديلة اكتسبت دعماً شعبياً واسعاً اكثر من الفتوى الرسمية''.

والتاريخ يعيد نفسه، فظهور علماء منافسين يجعل آراءهم معروفة. فالشيخ الشعيبي وآخرين نشروا فتاوى أعربوا فيها عن تمديد فكرة الجهاد من محاربة الكفار الاجانب الى محاربة الحكومات المحلية والتي تصوّر باعتبارها حكومات غير عادلة. التعليقات الاضافية الخطيرة للشعيبي على فكرة الجهاد يمكن تفسيرها بأنها تستهدف النظام السعودي.

اما الازمة الثالثة، أي المعاناة الاجتماعية ـ الاقتصادية.. فإن الباحثة جوين ترى بأن الايدولوجية الاسلامية باتت تستعمل كلغة التعبير عن بيئة المعاناة الاقتصادية والاجتماعية. فالملك فهد فقد القدرة منذ الجلطة التي أصابته عام 1995 حيث هزّت العائلة صراعات الاستخلاف. ومنذ الأيام الذهبية للثروة النفطية، فإن الدخل السنوي قد تضاعف الى نحو الثلثين. اما معدل المواليد فقد ارتفع الى نسبة 3-3.5%، وأن غالبية السكان هم دون الخامس عشرة سنة. فهؤلاء الشباب اليافعون سيفرضون عملياً مطالبهم في التعليم، والوظائف، والسكن في وقت واحد. ولكن البنية الاساسية المشيّدة دفعة واحدة خلال سنوات الطفرة بدأت بالتعثر والتراجع والتدهور وبخاصة المدارس والمستشفيات. فالبطالة وسط خريجي الجامعات وصلت الى 30 بالمئة وربما أكثر. ومع ذلك، تبقى السعودية معتمدة بصورة كبيرة على العمال الأجانب، والذين يمثلون 90 بالمئة من القطاع الخاص و70 بالمئة من قوة العمل في القطاع العام. وفيما يبدو فإن المعايير الاجتماعية تقلل من تقارير المشاكل الإجتماعية من قبيل السلاح، والمخدرات والجريمة. هذه جميعها تهيىء حقلاً خصباً للمعارضة.

الاصوات الخلافية تصاعدت أيضاً بسبب أن التركيبة الاستثنائية للحكومة لا تعكس اختلاف السكان. فخلافاً للتصويرات الشعبية، فإن العربية السعودية ليست دولة منسجمة في الجوانب الاثنية والدينية والايديولوجية. فالمذاهب الدينية المختلفة بما في ذلك الارثوذكسية الوهابية، والتيار السني العام، والاقلية الشيعية، والمذاهب الصوفية في الحجاز، والاهم حركة المعارضة السنية السلفية ينادون باصلاح الدولة. الحركة السلفية تعارض اعتماد العلماء الرسميين على العائلة المالكة، وحكمها التسلطي، فيما ينادي الراديكاليون منهم اليوم بالجهاد، اما الاصلاحيون فيفضّلون الانتظار حتى يحين الزمان والمبررات المناسبة.

الحركة الاسلامية، الشيعية والسنية على حد سواء، هي ممثلة خارجياً عن طريق عدد من التنظيمات الاصلاحية في كل من لندن والولايات المتحدة. جماعات اخرى متطرفة في الخارج مثل القاعدة تناصر خيار العنف كوسيلة مناسبة لتحقيق أهدافها. وبينما لا يزال هناك ادانة لمآسي الحادي عشر من سبتمبر داخل السعودية، فإن المظالم المفصح عنها من قبل حركة اسلامية خارجية تتردد اصداؤها بقوة وسط معظم أجزاء المجتمع.

والاهم من أي تنظيم خارجي هي تلك الشبكات السرية غير المحددة الشكل من الجماعات الدراسية داخل السعودية والتي يمكن ان تنشط في اللحظة المناسبة. فحين جرى اعتقال عدد من المشايخ بسبب خطب في المعارضة، فإن السخط الشعبي كان عارماً. وبعد اطلاق سراحهم من المعتقل عام 1999، فإن الحركة الاسلامية أصبحت أكثر ميلاً للتهدئة. ولي العهد الامير عبد الله، بدأ الاستجابة للمظالم الداخلية والخارجية، فأطلق سراح المشايخ، وفرض قيوداً على النشاط التجاري، والاستعمال المجاني للهاتف، والطائرات والماء من قبل الامراء، فيما سمح ببعض الحرية للصحافة وعارض بصورة علنية سياسة اميركا الشرق أوسطية، وإن كان يبدو بطيئاً في مسائل أخرى.

في خط مضاد لسير البحث السابق، تعالج الباحثة جوين قضية هامة أطلقت عليها اسم ''الصمت الواضح''. تشرح أهمية هذه القضية ومدخليتها في موضوعها الرئيسي بالقول ''عوامل أخرى تعمّق الصمت الواضح للعائلة المالكة في حرب الولايات المتحدة على الارهاب. فهناك عدد كبير من اعضاء العائلة المالكة وأفراد من العوائل البارزة في القطاع الخاص يحتفظون بروابط قوية مع بن لادن. وفي واقع الامر، فإن الولايات المتحدة كانت تعلم لسنوات عديدة عن انتقال الاموال من السعودية الى القاعدة. فالتنافس العائلي كان يمنع من وجود موقف صلب. ورغم أن ولي العهد الامير عبد الله يدير البلاد بصورة فاعلة فيما يتواصل تدهور صحة الملك، فإن مسألة خلافة الملك مازالت مورد صراع وتنافس وسط بعض الآمراء الاقوياء''.

وتضيف بأنه يجب على السعودية، بحكم موقعها كحارس للاماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة وكمستضيف سنوي للحج، المساهمة في الجمعيات الخيرية الاسلامية. فهذا الدور القيادي يفوّض آل سعود بالنيابة عن البلد تمويل المنظمات عبر العالم الاسلامي. الواجب الاسلامي في الزكاة يفرض الأخذ من أموال الاغنياء واعطائها للفقراء، فهذا هو واجب ديني لا خيار فيه. وحين طلبت الولايات المتحدة الاميركية من النظام السعودي تجميد كل الجمعيات الخيرية الاسلامية، فإن الطلب وضع آل سعود في موقف هزيل. ربما كان مقبولاً تجميد حسابات شركات واستثمارات بن لادن، ولكن تجميد الجمعيات الخيرية الاسلامية فهذا من القضايا اللا مفكر فيها بالنسبة لنظام ترتبط مشروعيته بصورة حميمية بالاسلام. وكما هو الحال بالنسبة لجورج دبليو بوش، كان على آل سعود ان يقدّموا اجابات لمواطنيهم اولاً واخيراً.

الباحثة جوين حاولت ان تعيد تأسيس الجدل على أرضية منطقية من خلال افراد جانب من البحث حول ما أسمته ''أرضية وسطى واسعة''، تحاول فيه قراءة التكوين الايديولوجي والسياسي للنظام السلالي السعودي. تقول جوين بأن آل سعود أسسوا حكمهم على الفتح، والاحتواء عن طريق مصدرين: الاول توزيع المداخيل النفطية والثاني الوهابية.

وهذه المصادر التاريخية للمشروعية هي اقل اقناعاً، فالعسف خلق استياءً شعبياً، ومداخيل النفط قد تقلصت بصورة دراماتيكية، والوهابية لم تعكس البتة الواقع التعددي للسعودية. والآن يبحث السعوديون عن حكومة تمثيلية اندماجية. فالسكان يريدون حرية التعبير وحرية الاجتماع، ويريدون المشاركة في تنمية بلادهم، وبخاصة في تحقيق الحاجات الخاصة بالتعليم، والصحة والتوظيف والبنية الاساسية بالنسبة لسكان يتكاثرون عدداً. السعوديون لا يريدون اهدار المصادر الوطنية على شراء الاسلحة من الولايات المتحدة من خلال صفقات ليس لديهم سلطة عليها او قدرة على ادارتها.

حين يتحدث السعوديون عن التغيير، تقول الباحثة، فإنهم يقصدون بذلك ''حرية الصحافة، التعددية، حرية التعبير، ورفع الرقابة على الهاتف''. وبالنسبة لكثير من السعوديين فإن تحقيق آمال واحلام الاصلاحيين يتطلب من الولايات المتحدة تشجيع الامير عبد الله على مواصلة الاصلاحات الاقتصادية والسياسية وبذلك يحافظ على العلاقات السعودية الاميركية التي تمثل ذات فائدة مشتركة. وبالنسبة للامير عبد الله فإن هذا يعني ''استجابة لمطالب الاصلاحيين الاسلاميين وملايين السعوديين غير المصنّفين باعتبارهم ناشطين في الاسلام المليشيائي''.

إن عمق العسف الملكي قد عنى بأن الاصوات البديلة قد سمح لها بالازدهار. واليوم ليس هناك بديلاً حيوياً لدى العائلة المالكة يمكنها من توحيد الاجزاء المتباينة من البلاد، بل قد يعزز ذلك خيار بن لادن. ولكن ما يتحدث عنه كثير من السعوديين اليوم لا يمثل ديمقراطية كاملة كما لا يمثل ملكية مطلقة، بل هو صوت في الحكم، وحكم القانون. وأن التحدي الذي يواجه ولي العهد الامير عبد الله هو تطوير اصلاحات محلية تستوعب حقيقة اختلاف السكان وتباينهم. فصوته الوطني القوي يمكن استعماله لمقاومة قوة الحركة الراديكالية، والارضية الوسطى الواسعة بين ثورية بن لادن والعائلة المالكة التسلطية تتطلب مزيداً من الحرث.

أخيراً، فإن جوين تعتقد بأن انجذاب الاسلامويين الى الخيار الراديكالي او التطرف يعود الى افتقارهم لخيارات اخرى. وتصر الباحثة على أن الدين ليس سبب التطرف ولكنه صوت التغيير. وأن السبيل الوحيد لإضعاف صوت الاسلام الراديكالي هو في معالجة مشكلة العزل السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تقوم به السلطة.

إطبع الصفحة الصفحة السابقة