السعودية: المظاهرات.. إحدى الكبائر!!

النظام لا يريد سوى نصيحة مكتومة الأنفاس. ورجاله لا يريدون قراءة النصيحة في عريضة أو منشور أو مقالة، فهم أمّيون!

فأي تخلّف وجهل أكثر من هذا؟!

والمظاهرات في السعودية، تعني لدى الطغاة في الرياض ومن يؤيدهم من مشايخ الفتنة: حرباً طائفية داخلية. حيث التجأ آل سعود كعادتهم وعادة مشايخهم الى الكذب والزعم بأن المظاهرات والدعوة لها لا يقوم بها إلا المواطنون الشيعة الذين ـ بزعمهم ـ يتآمرون على المملكة وعلى عقيدتها السلفية الطاهرة النقية!

لدى آل سعود استعداد لافتعال حرب طائفية داخلية، من اجل البقاء في السلطة. الطغاة ديدنهم واحد: إنهم يلعبون على التمايزات الطائفية والمناطقية والقبلية، واستخدامها كمصدات لحماية النظام من الغضب الجماهيري ومن مطالب الجمهور بالإصلاح السياسي.

معركة الإصلاحات التي يفترض أن تجمع المواطنين معاً، وتخلق لديهم حسّاً وطنياً قوياً بالتعاضد والتآزر، حوّلها النظام الى صراع شيعي سنّي داخلي. فيما راح وزير خارجية النظام يهدد بأن حكومته ستقطع الإصبع الذي يتدخل في شؤون المملكة!

إنها معركة أخرى مفتعلة مع الخارج.. ولكن أية خارج؟

هل هي أميركا التي نصحت حلفاءها الأمراء بأن لا يستخدموا العنف تجاه المظاهرات التي هي حق صادقت عليه الحكومة السعودية ضمن مصادقتها على ميثاق الأمم المتحدة (المادة 19)؟ اي هل امريكا هي التي يقصد آل سعود قطع إصبعها؟ أم هي إيران، التي تستخدم كشماعة ومتّكأً لكل طاغية يريد البطش بشعبه. مثلما كانت اسرائيل بالأمس وصارت اليوم حليفة حبيبة.

إذن.. المظاهرات في السعودية تمثل معركة كبيرة، ليس لدى الجمهور فيها سوى الإرادة والنزول الى الشارع. في حين يستخدم النظام كل أسلحته الدينية (الفتاوى) والإعلامية والقمعية والمخابراتية.

يمكن قمع إرادة الناس ورغبتهم في التغيير عبر القمع، كما شهدنا ذلك يوم 11 مارس، حيث طائرات الهيلوكبتر تحوم على معظم المدن السعودية الكبيرة، وحيث رجال الأمن يرابطون في التقاطعات والشوارع الكبيرة منعاً لخروج أية تظاهرة وقمعها في مهدها، وحيث الرصاص الذي أطلق على المتظاهرين مساء التاسع من مارس الحالي.

القمع بهكذا وسائل يمكن أن يلغي التعبير عن الإرادة الشعبية من أن تتمظهر علناً.. ولكن الى حين. ولربما يعبّر عن تلك الارادة بصورة راديكالية عبر العنف، كما فعلت القاعدة. فالإنسداد قد يدفع المواطنين باتجاه خيار العنف.

القمع الحكومي لن يمنع التظاهر الى الأبد. والحقيقة فإن التظاهرات وقعت رغم إرادة النظام. صحيح أنها وقعت في أكثرها وبمشاركة عشرات الآلاف أحياناً خلال العقود الماضية في المنطقة الشرقية، إلا أن تكرارها في مناطق أخرى في الغرب والوسط والشمال (في الجنوب كانت هناك مظاهرات مسلحة من قبل اهل نجران) أمراً ليس مستحيلاً، خاصة في ظل هذه الظروف السياسية القلقة حيث بوادر سقوط العديد من الأنظمة العربية، خاصة تلك المحيطة بالسعودية، مثل اليمن، أو التي تجبر على التغيير أو ربما السقوط كما في البحرين.. فهذه الثورات ستضيف الكثير من الزخم الى حركة الشعوب ولن يكون الشعب في مملكة آل سعود بأقل من الآخرين، ولا مشاكله انتهت حتى يتوقف احتجاجه.

وما يدعم هذا الرأي، الإعتصام الذي حدث يوم 13 مارس الجاري امام وزارة الداخلية والذي يطالب باطلاق سراح آلاف المعتقلين السياسيين الذين مضى على اعتقالهم سنوات طويلة دونما محاكمة.

اذا كان نظام آل سعود ذكيّاً بالقدر الكافي، فإنه يفهم بأن المواطنين (الأشرار كما سمّاهم وزير الداخلية) يريدون الإحتجاج، وأن عدم تحقق ذلك التعبير بالسلم إنما جاء بسبب القمع.. وأن القمع لا يمكن أن يبقي الشعب الى الأبد هكذا محروماً. وأن الحلّ الصحيح يعتمد على قدرة آل سعود في نزع الرغبة في الإحتجاج والتظاهر ضد نظامهم، وليس في منع التعبير عن تلك الرغبة.

إن كان آل سعود أذكياء بالقدر الكافي، فعليهم أن يبادروا الى الإصلاح (ولا نظنّهم فاعلين). لا وقت مفتوحاً لهم كما يرغبون. سيف الوقت مسلط على رقابهم، وليس ـ كما فعلوا مراراً في الماضي ـ ثلاّجة يضعون فيها مطالب الجماهير! والأوضاع الإقليمية تزيد من الضغط عليهم. غير أن (جيل العجزة) الحاكم، لا يستطيع اتخاذ قرارات سريعة، ولا أن يقلص الفارق مع شعبه الشبابي، أو يقرب بين (الهجن) و(الفيس بوك وتويتر)، ولا أن يتخلّى عما تعلمه من استخدام القوة و(السيف الأملح) الذي يهدد الأمراء الشعب به كلما طالب بحقوقه.

لهذا، وكما هو متوقع قد يكون مصير آل سعود ودولتهم الزوال، قبل أن يتحقق الإصلاح!

الصفحة السابقة