بندر يعود الى الأضواء من جديد:

تجنيد المرتزقة من باكستان لصالح البحرين

(مجلة أوت لوك إنديا. كوم - 25/4/2011)

لفترة طويلة، كانت المملكة السعودية إحدى اليدين الخارجيتين (الأخرى هي الولايات المتحدة) التي تهز مهد السياسة الباكستانية، وتدير سمسرة الهدنة بين القادة المتحاربين، وتوفّر ملجئاً لهؤلاء المنفيين، وتغدق الأموال على الدولة التي تفتقر للنقد. لكن انفجار المشاعر الديمقراطية في غرب آسيا يحدث دوراً معاكساً ـ إنها مساعدة باكستان التي سعت عوائل مالكة عربية لقمع الثورات في بلدانها، معيدة الى الأذهان ذكريات عام 1969، عندما حلق افراد من القوات الجوية الباكستانية بطائرات حربية سعودية لدرء غزو من جنوب اليمن.

وفق كل الحسابات، تبدو باكستان حريصة على أن تصبح حصناً للعائلات المالكة ضد الغضب الشعبي في الشارع العربي. ويقال أنها أبقت على استعداد فرقتين عسكريتين للإنتشار في المملكة السعودية، في حال توسع نطاق السخط المتزايد هناك. تقوم اسلام آباد أيضا بتوظيف أفراد سابقين في الجيش لتعزيز الحرس الوطني البحريني، والذي قام بقمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في المملكة ـ البحرينية ـ المجاورة للسعودية.

حوّلت باكستان نظرها نحو آسيا الغربية بعد الزيارات التي قام بها، أولاً، الأمير السعودي بندر بن سلطان بن عبد العزيز ومن ثم وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في نهاية مارس الماضي. على الرغم من أن المشاعر المؤيدة للديمقراطية لم تجمع كتلة وازنة في السعودية، فإن الرياض تخشى من أن الهبّة الشعبية في البحرين، وهي بلد ذات أغلبية شيعية،على حكم الملوك السنة، يمكن، مع الوقت، أن تعبر الحدود. وتقول المصادر أن الأميركيين أيّدوا قرار الرياض بطلب المساعدة من إسلام اباد. في المقابل، عرض الأمير السعودي الدعم لإنعا? الإقتصاد في باكستان وتلبية احتياجاتها من الطاقة. المحلل الشهير الدكتور حسن عسكري رضوي، مع ذلك، لا يعتقد بأن باكستان ستلزم قواتها النظامية ببلد آخر غير المملكة السعودية. وأضاف: "حتى في هذه الحالة، سيكون الشرط أن القوات الباكستانية سوف تؤدي واجباتها فقط داخل العربية السعودية".

بندر: التآمر وظيفة مستمرة

إحتجاجاً على التوظيف في اسلام اباد

لكن نشر القوات النظامية في غرب آسيا ليس الخيار الوحيد أمام إسلام اباد. بالفعل، فإن خدمات فاوجي الأمنية، وهي شركة تابعة لمؤسسة فاوجي، حيث أن الجيش الباكستاني أنشأها عام 1993 لمساعدة موظفيها المتقاعدين الذين يسعون لاعادة التوظيف، وقد جنّدت نحو 1000 من الرجال في شهر مارس وحده، وأن 90 في المائة منهم قد خصصوا للخدمة في البحرين. إن إجراء الاختبارات والمقابلات، تقول مصادر، هو من فريق يتألف من البحرينيين والضباط الباكستانيين كذلك عدد قليل من المدّربين الأمريكيين. وعد المجنّدون براتب شهري يصل الى 1.174 دولار، ونفقات طبية مجانية وإقامة. وفي الشهر التالي تم التعاقد مع 1500 شخص آخر. ومنذ سيطرة الشيعة على الحركة الاحتجاجية في البحرين، ?ان يعتقد أن من الحكمة استبعادهم ـ أي استبعاد الباكستانيين الشيعة ـ من التوظيف هنا.

من الصحيح، أن البحرين كانت منذ فترة طويلة حسنة الطالع بالنسبة لأفراد الجيش السابق الباكستانيين ـ والذين يقدّر عددهم بنحو 10000 يعملون في الاجهزة الامنية المختلفة في البحرين. ومع ذلك، فإن الإلحاح على مجندين جدد تولّد نتيجة إعلان في صحيفة يومية أوردية تدعى (جنك)، والتي تنص على أن الحرس الوطني البحريني يطلب على نحو عاجل أناساً لديهم الخبرة كمدرّبين على مكافحة الشغب. كما أثار الإعلان صفوف الضباط الذي ترغب حكومة البحرين استئجارهم.

في مقابل المساعدة ، فإن السعوديين سيساعدون في انعاش الاقتصاد الباكستاني ، وتلبية احتياجاتها من الطاقة.

بالفعل، وفإن حضور الباكستانيين في قوات الأمن البحريني دفع القوى المؤيّدة للديمقراطية لاستهداف الجالية الوافدة. وقد أبلغت السفارة الباكستانية في البحرين عن مقتل اثنين من رجال الشرطة الباكستانية وثلاثة مدنيين وإصابة 40 آخرين بجروح في اشتباكات بين قوات الامن والمتظاهرين، وبعضهم قال لوسائل الاعلام بأن من تعرّض لهم كان رجال يرتدون الزي الرسمي ويتحدثون اللغة الأوردية. كتب الكاتب الباكستاني سيريل ألميدا في صحيفة الفجر في 28 مارس: "إن الهجمات المروعة على المواطنين الباكستانيين في البحرين...ربما لفتت لأول مرة انتبا? أفراد الأمن المستأجرين، الذين يسافرون من باكستان للدفاع عن المملكة البحرينية والطبقة الحاكمة ".

يشعر المحللون أيضاً أن باكستان يمكن أن تتورط في التناحر السني الشيعي من أجل التفوق في غرب آسيا. وسائل الاعلام الايرانية توقّعت مرارا دوراً بارزاً لباكستان في آسيا الغربية، متهمة اسلام اباد "بالتعاون مع الحكام السنة في البحرين". تم استدعاء السكرتير الثاني في السفارة الباكستانية في طهران الى وزارة الخارجية الايرانية، حيث نقلت إليه تحفظاتها الشديدة حيال التجنيد المتواصل في باكستان للقوات المسلحة البحرينية. وفي حال عدم توقّف ذلك فوراً، فقد تم تحذير المسؤول الباكستاني من أن العلاقة بين باكستان وإيران سوف تتأثر سلباً.

فهم الخطر، كتبت صحيفة (إكسبرس تريبيون)، وحتى قبل اندلاع الانتفاضة، كان الكثير من الباكستانيين يخدمون في قوة الشرطة البحرينية. منذ بدء الاضطرابات، تقوم البحرين بتجنيد المرتزقة من باكستان لتعزيز الشرطة والقوات المسلحة. البحارنة غاضبون، وذلك أمر مفهوم. من خلال السماح للمرتزقة بخدمة النظام الملكي البحريني، اتخذت باكستان مواقف خطيرة التي يمكن أن تكون كابوس جيوسياسياً وعرقياً. إيران تدعم بشكل طبيعي المتظاهرين في حين تقف السعودية الى جانب الملك. وبفضل المرتزقة، فإن الاتطباع الذي سيبرز هو أن باكستان على الجانب الم?ادي لإيران.

بعبارة أخرى، فإن إسلام آباد، سواء عن عمد أو عن غير قصد، أصبحت دولة مواجهة لحماية سيادة الاسلام السني. يقول امتياز علام، الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام لرابطة جنوب اسيا للإعلام الحر، "إن دور باكستان بوصفها' دولة مواجهة للاسلام السني 'لن يؤخذ على محمل الجد من قبل إيران، التي لديها القدرة على خلق المشاكل في مقاطعة بلوشستان الباكستانية"وبصورة مخفّفة، يضيف عالم:"في ظل الظروف الراهنة، سوف لن ينظر إلى القنبلة النووية الباكستانية بوصفها 'قنبلة إسلامية، ولكن "'قنبلة سنيّة".

ومع ذلك فإن معظم المحللين يظهر حماساً إزاء دور باكستان في غرب آسيا. خذ، على سبيل المثال، الدكتور رشيد أحمد خان، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة البنجاب، الذي أشار إلى انه "رغم أن الوضع يتطور بسرعة فيما يرتبط بالشراكة الاستراتيجية الأميركية مع الهند وبصرف النظر عن الخطاب الأمريكي حول بروز الهند في منطقة المحيط الهندي، يبقى أن الواقع الجيوسياسي الصعب هو الوضع الفريد لباكستان لخدمة الاستراتيجيات الأمريكية الإقليمية في مجالات رئيسية مثل آسيا الوسطى وآسيا الغربية". الاحتجاجات ضد دور باكستان لم تعد، إلى حد كبير? قائمة، على الرغم من عشرات الناشطين الذين ينتمون إلى منظمات صغيرة تقوم بالاحتجاج خارج نادي الصحافة في إسلام اباد، وتشجب توظيف مرتزقة من قبل الجيش الباكستاني لقمع القوى المؤيدة للديمقراطية في البحرين وتقسيم المجتمع على أرضية الخطوط الاثنية المتوترة للشيعة والسنّة.

مع انتفاضة البحرين التي تحظى دون جدال بقاعدة شعبية، يرى البعض بأنها ـ أي الانتفاضة ـ ستجعل البحرينيين حتماً ضد الباكستانيين.. بالنسبة لبلد عليه أن يتحمل رد فعل سلبي من كونها دولة مواجهة في الحرب على الإرهاب، فإن دوراً آخر من هذا القبيل في مرجل غرب آسيا يثبت بأنه محفوف بالمخاطر.

الصفحة السابقة