السعودية: مساعدة الحلفاء لمواجهة الإنتفاضات

  • المحلل السعودي د. خالد الدخيل: (المملكة قلقة جدا من الموجة الثورية. إنها لا تريد أن تصل الى شواطيء الخليج).
  • الناشط السعودي، محمد القحطاني: (من المثير للإهتمام أن مصر ألقت القبض على الدبلوماسي ـ الإيراني ـ بعد أن أعلنت السعودية عن الحزمة المالية)!!

نشرت وكالة رويترز في 3 يونيو الجاري تقريراً أعدّه كل من أولف ليسينج وجيسون بنهم حول الانطباعات السائدة لدى الباحثين والمراقبين عن الدور السعودي في تخريب الثورات العربية، ومما جاء في التقرير:

يرى محللون أن السعودية تستخدم نفوذها السياسي وثروتها الهائلة لاستقطاب الحلفاء بالمنطقة إلى جبهة موحّدة لمواجهة ما تعتبره تهديداً من إيران، وحالة الغضب الشعبي التي تجتاح العالم العربي ضد الزعماء الشموليين.

وانزعج الحكام السعوديون من تغير السياسة الامريكية وموقفها من الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك حليف الولايات المتحدة لزمن طويل فضلاً، عن الاحتجاجات التي تشهدها البحرين، وسلطنة عمان، واليمن في الفناء الخلفي للمملكة.

المال السعودي، والجماعات السلفية سلاحان لتخريب الثورة المصرية

وتقول الباحثة والكاتبة السعودية المقيمة في لندن مضاوي الرشيد: (السعودية تستخدم فائض ميزانيتها لإسكات الثورات او تشكيل نتائجها).

ووعدت الرياض بتقديم مساعدات لمصر قيمتها أربعة مليارات دولار، مما يساعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير البلاد، ويكافح للتعامل مع الآثار الإقتصادية للاحتجاجات التي أطاحت بمبارك. كما قدّمت مساهمة كبيرة في منحة قيمتها 20 مليار دولار للبحرين وعمان لإقامة مشاريع توفّر فرص عمل.

وتشارك السعودية الولايات المتحدة مخاوفها من أن إيران تريد امتلاك أسلحة نووية، وقد سعت جاهدة للتكيّف مع تصاعد النفوذ الإيراني الإقليمي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003، والذي أدّى إلى تشكيل حكومة يقودها الشيعة في بغداد. كما أنها قلقة أيضاً من الإحتجاجات الشعبية الداخلية.

وقال المحلل السياسي السعودي خالد الدخيل: (المملكة قلقة جدا من الموجة الثورية. انها لا تريد أن تصل الموجة الى شواطيء الخليج).

ويبحث مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية، ويضمّ في عضويته ست دول خليجية منتجة للنفط، السماح للإردن والمغرب بالإنضمام إليه، مما يضيف مملكتين أخريين للتكتل الذي يضم السعودية والبحرين والكويت وعمان وقطر والامارات العربية المتحدة.

ويقول محللون إن الدافع وراء دعوة الدولتين غير الخليجيتين وغير المنتجتين للنفط هو: الاحتياجات الدفاعية وليس المنطق الجغرافي او الاقتصادي.

ويحتاج مجلس التعاون الخليجي الذي أرسل قوات إلى البحرين في مارس الماضي للمساعدة في إخماد الإحتجاجات التي نظّمتها الأغلبية الشيعية هناك، إلى مزيد من القوة لصد ما يعتبره تهديدات عسكرية وأمنية من ايران.

وقال محلّل في الرياض: (هذا ليس له أي معنى من الناحية الإقتصادية. المغرب لا علاقة له بالخليج وبعيد جداً. السعوديون يريدون أن يدعموا حليفين).

وعلى الرغم من أن العلاقات بين السعودية وسوريا ـ حليفة إيران ـ يشوبها التوتر عادة، فإن حكام المملكة يشعرون بالقلق من تداعيات الإحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد، ويخشون أن تزعزع استقرار جيران مثل الأردن، والذي شهد أيضاً بعض الإحتجاجات. وقالت الرشيد (يريدون دعم الاردن. أعتقد أنهم قد يستخدمون الاردن كمنطقة عازلة ضد سوريا غير المستقرة).

وحاولت الرياض إبعاد سوريا عن إيران، فعرضت عليها التعاون الإقتصادي بعد زيارة الملك عبد الله لدمشق عام 2009. لكن لم تقم أي شركة سعودية باستثمارات كبيرة في سوريا. بل إن المسؤولين الأمريكيين إتّهموا إيران بمساعدة سوريا على سحق الإحتجاجات، وهو الإتهام الذي نفته الدولتان.

وتهدف المساعدات المالية السعودية لمصر إلى تفادي انعدام الإستقرار في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، وثني حكّام مصر الجدد عن تحسين العلاقات مع ايران. وقالت الرشيد: (أكثر ما يقلقهم هو أن تعيد مصر علاقاتها مع إيران). وكانت المملكة السنيّة تعتمد على مبارك في احتواء إيران الشيعية. وساند الملك عبد الله مبارك في البداية حين انتفض المصريون ضد رئيسهم. كما استضافت المملكة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي أجبرعلى التنحي.

وبعد أيام من حزمة المساعدات السعودية، إحتجزت مصر لفترة قصيرة دبلوماسياً إيرانياً واستجوبته بشأن مزاعم تجسس. وقال الناشط الكبير الداعي للديمقراطية محمد القحطاني: (من المثير للإهتمام كيف أن مصر ألقت القبض على الدبلوماسي بعد أن أعلنت السعودية عن الحزمة المالية). وحث الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مصر على إعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية قائلا: إن ظهور (قوة عظيمة) جديدة سيجبر (الصهاينة) على مغادرة المنطقة.

وتنظر السعودية الى الداخل أيضاً، فبعد عودة الملك عبد الله من رحلة علاجية طويلة بالخارج في فبراير الماضي، أعلن عن مجموعة مساعدات قيمتها 130 مليار دولار لتوفير فرص عمل ومساكن للمواطنين الذين تتنامى اعدادهم بسرعة. وقال الدخيل إن السعي لتحقيق الأمن في المملكة ـ التي تحظر التجمهر ـ يمكن تطويره، وذلك من خلال إتاحة المزيد من الحرية وإجراء إصلاحات في الداخل، بدلاً من البحث عن أصدقاء في الخارج. وأضاف: (أفضل طريقة لحماية الملكية، هي حمايتها من الداخل وليس من الخارج، سواء من حيث القدرات العسكرية أو السياسية أو الاصلاح الاقتصادي. الاردن والمغرب لا يستطيعان توفير أي حماية للسعودية).

الصفحة السابقة