دعاء المهالك الوهابي!

الشيخ ابن باز يقول بأن الدعاء لولاة الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات. ولا يقصد الشيخ ولا غيره من مشايخ الوهابية من ولاة الأمر سوى آل سعود وبطانتهم. ومثل ذلك كان الشيخ ابن جبرين يرى في الدعاء لآل سعود من أفضل القربات، وأن فيه إبراء للذمة. ولما قام بعض الوهابيين ضدّ آل سعود ورأوا كفرهم، انبرى المشايخ الى تعظيم الملوك والأمراء والدفاع عنهم والدعاء لهم، وراح الشيخ اللحيدان يوضح مشروعية الدعاء لهم: (الواجب علينا أن ندعو لهم) حسب قوله. ووزارة الأوقاف طبعت كتاباً بعنوان (الدعاء لولاة الأمر) وذلك حين اشتدّ ?للغط، وراحت الصحف المحلية تروّج الى ضرورة الدعاء للملك وإخوته. وفي نفس الوقت: أخذت الحكومة السعودية تمنع الدعاء على الصهاينة وعلى أميركا، بل أنها منعت الدعاء لنصرة المسلمين في أفغانستان ولبنان وفلسطين. في لبنان خاصة أفتى الوهابيون بعدم جواز الدعاء لحزب الله وذلك أثناء حرب تموز، حسب ابن جبرين وغيره، ودعوا بهلاكه وتمنّوا هزيمته.

الدعاء مسيّس إذن، والدعاء لولاة الأمر لم يكن موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، كما هو معلوم، وقد جاء بسنّة الدعاء الحكام الأمويون. ومع ان مشايخ الوهابية يرون كل فعل بدعة إن لم يطبق في عهد الرسول والخلفاء الراشدين، لكنهم هنا يتجاوزون الأمر ويقصرون الدعاء على آل سعود، وإن اتخذ لفظة عمومية (ولاة الأمر).

وقد استخدم مشايخ الوهابية الدعاء للطعن في الآخرين، ومقاومة المخالفين لهم في الرأي أو مخالفة آل سعود في السياسة. فكل من اختلف مع آل سعود، دعوا عليه، حاكماً أو شعباً حتى. حتى ان الدعاء لم يعد وسيلة تهذيب وصلة بين العبد وربه، بقدر ما هو سلاح سياسي يثير الضغينة بين المسلمين، ويحرّك كوامن الخلاف فيهم.

ومع أن الوهابية تؤمن بشرعية حكم الغلبة، وحكم التسلط، وحكم الوراثة، إلاّ أنهم ـ وهم الذين قبلوا ذلك كلّه من آل سعود ـ لم يقبلوا أن يمددوا رأيهم الى بقيّة الحكومات، خاصة في عصر الثورات العربية، التي قسموها الى قسمين: حرام إن حدثت في السعودية أو البلدان الحليفة لها، وبالتالي لا يجوز التظاهر، بل الخضوع والطاعة لولاة الأمر؛ وهناك ثورات حلال يجوز فيها القتل والتحريض والكذب والتظاهر إن كانت تختلف مع حكم آل سعود وسياستهم.

وقد توسع الوهابيون في الدعاء على خصومهم الدينيين والسياسيين، واستخدموا أبشع العبارات فلم يبقوا أحداً، من الشعوب ولا من علماء المسلمين أو كتابهم أو أصحاب الرأي فيهم؛ لا من الشيعة، ولا من الصوفية، ولا الإخوان المسلمين، ولا معظم أهل السنّة؛ فلا إسلام ولا مسلمين في الأرض سوى في السعودية، وتحديداً في (نجد) حيث الوهابية، وحيث (قرن الشيطان) كما وصفها رسول الله، حيث تظهر منها الفتنة، واليها تعود.

وإزاء تغوّل الدعاء المسيّس، صار كل واحد يدعو على الآخر إن خالفة في الرأي حتى من بين الوهابيين أنفسهم. فالتطرّف يبدأ ضد الآخر وينتهي ضد الذات.

يجوز الدعاء على الأسد وعلى القذافي، ولكن لا يجوز أن يكون على آل سعود أو علي صالح أو حسني مبارك أو زين العابدين بن علي أو أية طاغية آخر!

ويجوز الدعاء على الخميني وعلى عبدالناصر وعلى صدام حسين، ولكن ليس على بوش، ولا على أوباما. ويجوز الدعاء على حسن نصر الله وذكره بالإسم، ولكن ليس على شارون ولا أولمرت ولا نتنياهو، ولا أضرابهم!

من الأدعية الوهابية التي لا تخلو من طرافة: (اللهم سلط على الشيعة الزلازل المهلكة، والبراكين المحرقة، اللهم سلط الشيعة على اليهود؛ وسلط اليهود على الشيعة)!

ومن الأدعية المعتادة ضد الخصوم، ما جادت به قريحة العريفي: (والله وأنا في هذا المكان والخبيث لايزال على عرشه. والله كأني أنظر اليه الآن يقاد بالسلاسل الى سجنه... نسأل الله أن يعجل عليه بها؛ نسأل الهي ان يهلكه، نسأل الله أن يرينا فيه عجائب قدرته، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك؛ اللهم لا ترفع له راية، اللهم اجعله لمن خلفه آية؛ اللهم مزق ملكه؛ اللهم فرق جمعه؛ اللهم شتت شمله؛ اللهم إنه قد تكبر في البلاد؛ وطغى في البلاد فأكثر فيها الفساد؛ اللهم فصب عليه سوط عذاب؛ وكن له بالمرصاد؛ اللهم أرنا فيه وفي أبنائه الظلمة عج?ئب قدرتك؛ اللهم اقلب قوته ضعفا؛ واقلب غناه فقرا؛ واقلب صحته سقما؛ واقلب عزه ذلا؛ اللهم مزقهم في البلاد تمزيق الريح الجراد).

ومن دعاء الشيخ الوهابي الزغبي: (اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك بالروافض؛ اللهم جمد الدماء في عروقهم؛ اللهم جمد الدماء في عروق مرجعياتهم وأئمتهم، وعلمائهم؛ اللهم سلط عليهم الغلاء والبلاء والوباء؛ اللهم جمد الدماء في بطونهم وظهورهم؛ اللهم سلط عليهم السرطان؛ اللهم احفظ بلادنا منهم، اللهم احفظ مصر منهم، اللهم احفظ المملكة العربية السعودية منهم، اللهم احفظ الكويت منهم، اللهم احفظ البحرين منهم، اللهم احفظ بلاد المسلمين جميعاً من الروافض؛ اللهم انصرنا عليهم). ولكي يكون هذا الدعاء مبرر?ً: (اللهم إنهم تطاولوا على كتابك، اللهم إنهم تطاولوا على نبيك... اللهم دمرهم تدميرا، اللهم إنهم تطاولوا على هذا الدين، اللهم إنهم صاروا حرباً على المسلمين، اللهم دمر أمرهم واقطع نسلهم، اللهم اجعل تدبيرهم تدميرهم، اللهم طهر المسجد الحرام من أقدامهم، وطهر المسجد النبوي من أقدامهم، وطهر بلادنا من أقدامهم، اللهم عليك باليهود، وعليك بالصليبيين، وعليك بالروافض).

وتضاف فقرات من الأدعية حسب الشيخ الخطيب وحسب الجهة، فالصوفي الملحد يدعى عليه بإخراس اللسان، وتكسير الأسنان، والضرب بالسنان!؛ وإذا كان الشخص أو الجهة من المكروهين جداً لدى الوهابية، فإنه يضاف: اللهم اجعلهم هم وأموالهم غنيمة للمسلمين؛ اللهم يتّم أطفالهم، وأيّم نساءهم، واقطع نسلهم، ومكّنا من رقابهم! اللهم سلط عليهم يداً من الحق حاصدة؛ اللهم سلط عليهم ريح عاد، وصيحة ثمود، وطوفان قوم نوح؛ اللهم سلط عليهم ما نزل من السماء، وما خرج من الأرض؛ اللهم اجعلهم في قبضة عبادك (وكأن المدعو عليهم ليسوا عبيداً لله!).

ومن الأدعية المتكررة على الأشخاص العاديين، وهي كثيرة الإستخدام: اللهم شلّ أركانه، اللهم اخرس لسانه، اللهم إنه ألحد في دينك فشلّ يده، اللهم عليك به، اللهم انتقم منه، اللهم جمّد الدماء في عروقه واجعله يتمنّى الموت فلا يجده؛ اللهم اعم بصره وبصيرته.

ترى أيّ دين هذا الذي جاءت به الوهابية؟! وماذا أبقوا من رحمة للعالمين جاء بها الإسلام ونبيّ الإسلام للبشريّة؟!

الصفحة السابقة