مملكة على الحافة

مقالة مثيرة، تحاول الاقتراب من النقاط الساخنة والمتفجرة في المجتمع والدولة معاً، وقد لامست بشيء من الايجاز ولكن الدقيق عدداً كبيراً من أزمات البلاد الحالية، ولربما كان ذلك سبباً كافياً لأن تقدم الحكومة على منع دخولها للاسواق السعودية. فكاتب المقالة قد نفذ الى أعماق المجتمع وتحدث مع مختلف شرائحه وتنقل بين مناطقه، وتعرف على المستويات المعيشية المتناقضة، كما تعرف على إتجاهات التفكير السائدة، ونقل قصصاً عن معاناة الناس. سنقوم هنا بعرض موجز للمقالة وقد أهملنا ما هو شائع ومعروف تجنباً للتكرار، وفيما يلي العرض:

كيف تبدو السعودية بعد الحادي عشر من سبتمبر، هذا ما تكفلت مجلة ناشيونال جيوجرافي الاجابة عنه في عددها الصادر في شهر أكتوبر الحالي، وهو العدد الذي صدر فيه قرار بمنع دخوله الاسواق السعودية. فتحت عنوان (مملكة على الحافة.. العربية السعودية ممزقة بين التقاليد القديمة والعالم المعاصر، السعوديون يبحثون عن توازن في أعقاب غضبة الحادي عشر من سبتمبر). أظهرت المجلة صوراً معبّرة نقلها الكاتب عن مشهدين متناقضين للحياة في السعودية، بين قاطني الأبراج العاجية والمتكدسين في خرائب، وبين الاتجاه المتسارع نحو الارتماء في أحضان الحداثة بكل أبعادها، والنزوع الشديد نحو الابقاء على تقاليد الهيمنة.

مقالة فرانك فيفانو للمجلة عبارة عن خلاصة تجربة ميدانية عاشها الكتاب خلال أربعة شهور (من رمضان الى ذي الحجة) في 13 منطقة من مناطق المملكة السعودية، بدأت بجدة التي يصفها فيفانو بأنها الماكينة التجارية في السعودية والتي يقطنها مليونا نسمة. تاريخ زيارة فيفانو وافقت شهر رمضان حيث نظام الحياة يتبدّل بصورة شبه كلية، إذ تخلو الشوارع في وقت مبكر من الليل، وتقفل المحال التجارية والمطاعم أبوابها طيلة ساعات النهار بحسب التقاليد الاجتماعية في المملكة، حيث يمضي الناس معظم أوقاتهم داخل بيوتهم، فهناك ساعات طويلة تفقد فيها الحياة ايقاعها المعتاد. ولكن ما إن يحل الظلام وينتهي الناس من تناول وجبة الافطار يبدأون بالتدفق الى الشارع بصورة كسولة ما تلبت بالتنشط تدريجياً حيث تدب الحياة في الاسواق والمحال.

يقول فيفانو بأن جدة في منتصف الليل تكون على طرفي نقيض مع السعودية المعاصرة، وبحسب سعاد اليماني، اخصائية الاعصاب (نحن نسير بإتجاهين متعاكسين في وقت واحد: الى الامام والى الخلف)، وتستند اليماني في تصورها على تجاربها مع المرضى الذين يعانون من آثار التشتت الذهني الناجم عن التغييرات التي أحدثت صدمات عميقة لمجتمع محافظ جرى نقله من القرن السابع الى القرن الحادي والعشرين خلال دورة عقود قليلة.

فبالنسبة للسعودية فإنها ليست بلداً تقليدياً آخر يحاول التعاطي مع التغيير، وكحافظ للمدن المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة إذ هي تتولى دور الراعي الرئيسي للاسلام والمركز الروحي لنحو مليار وثلاثمائة مليون مسلم في العالم. إن السعودية التي تديرها ملكلية قبلية وتمتثل لأحكام الشريعة هي حليف إستراتيجي للولايات المتحدة ومصدر ما نسبته 25 بالمئة من الاحتياطي العالمي الثابت من النفط وهذا ما جعل العائلة المالكة نافذة ومهيمنة وقوية بصورة غير اعتيادية.

إنها ـ السعودية ـ مسقط رأس أسامة بن لادن والخمسة عشر متهماً في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إنها دولة متهمة برعاية الارهاب، ولكن في الوقت نفسه سقطت هي الأخرى في مصيدة الارهاب والهجمات الارهابية داخل أراضيها كالتي حدثت قبل أربعة شهور في الرياض والتي أودت بحياة 34 شخصاً من المواطنين والأجانب.

السعودية اليوم هي في مركز اضطراب ثقافي وجيوبوليتيكي، حيث يلتقي الاسلام بالعالم الحديث، والتقليد القبلي باستهلاكوية الهاتف الخلوي والثروة الخرافية بالغموض والانسلاخ. فما يحدث للسعوديين الاغنياء بالنفط، وهم يحاولون مصارعة الارباكات الحاصلة في قلب بلاد الاسلام، يحدث إهتزازات في كل أنحاء الأرض.

يقول فيفانو ان هذا على وجه التحديد ما أتى به الى السعودية، ففي صبيحة إحدى مواسم الشتاء وجد نفسه وبصحبته إثنين من المرافقين السعوديين في سيارة تحاول الصعود نحو الشرق الى منطقة الباحة، وهي المنطقة الأكثر وعورة وصعوبة في السعودية وهي أرض القرى العشوائية والأرض القاحلة والسلسلة الجبلية والتي كانت موطناً لعدد من المتهمين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

فالطريق الجبلي الذي يبدأ من البحر الأحمر قد تم مراقبته بقفاز حريري من نقاط التفتيش، حيث يصل عدد النقاط الى ثلاث في طول 12 ميلاً. يقول فيفانو (حين وصلنا مدينة الباحة، العاصمة الاقليمية، لحظنا أن هذا مكانا غير مرغوب للعمل بسبب ظروف الطقس القاسية، حيث يكثر فيها الهنود والباكستانيون والأفغان، ويصل تعداد العاملين من دول العالم الثالث الى عدة آلاف يعملون كسائقي شاحنات وعمال في المصانع، وأيدي عاملة في محال تجارية ومحاسبين، وفي الاعمال السكرتارية).

الشباب الذين يشعرون بالملل مع فائض وقت كبير فإنهم يصوّرون أزمتهم على هذا النحو وهو إنشطارهم بين تحديث مستعار وأعراف مهددة، وهي الأزمة الجذرية التي من غابة هؤلاء إنبعثت. وعلى حد قول أحدهم فإن (الخاطفين لطائرات الحادي عشر من سبتمبر كانوا منتجاً مباشراً لأشكال فشلنا الاجتماعي ـ جيل بدون إحساس بما يتطلبه العمل، نشأ في نظام يعمل كدولة رفاه). وقد أخبرني ـ حسب فيفانو ـ مسؤول حكومي رفيع المستوى قائلاً (إننا سمحنا لهؤلاء أن ينموا في فراغ مدلل، حتى تحولوا الى متطرفين لإبن لادن في مسعى لتحقيق ذواتهم).

يزعم السعوديون بأن القاعدة تمكنت بصورة مقصودة من تعبئة صفوفها من خلال الشباب المنسلخ في المملكة. وكان هدف بن لادن، حسب اعتقادهم، هو قلب نظام الحكم في السعودية، جزئياً لاقناع الغرب بأن المصدر الاساسي للنفط متأثر بصورة حاسمة بالتطرف.

وينقل عن الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير الرياض قوله (لسنا دولة إرهابيين ومتعصبين. وليس في مقدورك القاء اللوم على الشعب بأكمله بسبب جريمة إرتكبت من قبل مجموعة صغيرة من الافراد الهامشيين). وينقل فيفانو عن شاب عمره 22 عاماً من جدة قوله بأن (المجانين المقاربين لسني، وأن الناس الذي يقولون بأنهم يجب علينا الذهاب لقتل الأميركيين هم يمثلون ما نسبته واحد الى إثنين بالمئة منا).

ويعلق فيفانو بالقول بأن مصطفى شأنه شأن كثير من المقاربين لسنه عاطلون عن العمل، وليس لديهم طموح واضح. فتقديرات البطالة بين السعوديين تصل الى ما يربو عن 15 بالمئة وتصل الى نحو 30 بالمئة في أوساط الشباب من أعمار 20 الى 24 عاماً. وفي كل عام يدخل نحو 340 ألفاً من السعوديين الى قوة العمل يتنافسون على 175 ألف وظيفة. فانسداد ابواب الجيش المتضخم بعدد كبير من البائسين، قد فرض على أعداد كبيرة تمضية أيام وليالٍ في مراكز التسوق والمشي في الطرقات دون هدف واضح. فالحل واضح: استبدال العمالة الأجنبية بعمالة سعودية. فتحت سياسة السعودة حاولت الحكومة تطبيق هذه السياسة منذ منتصف الثمانينات. إن الدولة تمنح عدداً من القروض بدون فوائد الى أي مواطن يريد تأسيس مشروع تجاري خاص، وتقدّم مرتبات للطلبة الذين يرغبون في الالتزام ببرامج تدريب مؤقته. والهدف من ذلك هو الحلول محل 60 بالمئة من العمال الأجانب بعمال سعوديين، في وظائف تتراوح بين سائقي التكسي الى المدراء الإدرايين. ولكن بعد عقدين من سياسة السعودة فإن الأجانب مازلوا يشكلون أكثر من 90 بالمئة من كافة موظفي القطاع الخاص في المملكة.

وحتى وقت قريب، كان كل شاب سعودي يعتقد بأنه يستطيع الخروج فوراً من المدرسة الى شقة فارهة (فهم يتخيلون بأن هذا المجتمع سيكون كله مدراء وليس فيه هنودا) حسب ما يقول الأمير الوليد بن طلال لأخبار العرب.

أما الآن، كما يقول خبراء الاقتصاد، فإن شيئاً ما لا بد أن يعطي، مبتدءا بالنظام التعليمي الذي فشل في استيعاب متطلبات الصناعة الحديثة. (فالشركات التي جاءت إلينا تبحث عن عمال مهرة، وتجار، ومهندسين، وفنيين) حسب ناصر صالح الحمود مدير مكتب البطالة في بريدة، وهو مركز للزراعة من 350 ألف شخص في وسط السعودية، ولكن قلة من السعوديين مؤهلين لهذه الوظائف.

أحد زبائن الحمود شاب يدعى عبد الرحمن العلي ويبلغ من العمر 25 عاماً يقول (لقد حاولت العثور على عمل لنحو عام). وقد أخبر هذا الشاب صاحب المقالة فيفانو بأنه (حين تقدّم بطلبه قال لي الناس هناك بأنهم سيتصلون بي، ولكنهم لم يفعلوا ذلك بتاتاً). فكما الحال بالنسبة لعدد من السعوديين فإن المشكلة هو في التحصيل العلمي، فالعلي حاصل على شهادة البكالوريوس في الفلسلفة الاسلامية.

يقدّم فيفانو لمحة تاريخية عن مراحل تطور الدولة السعودية منذ نشأتها في أطوارها الثلاثة والتحالف الديني السياسي بين آل سعود وآل الشيخ ودور العامل الخارجي (البريطاني تحديداً) في تأسيس الدولة مروراً بإكتشاف النفط بكميات تجارية وصولاً الى الطفرة الاقتصادية في بداية السبعينيات والتي أحدثت نقلات نوعية دراماتيكية في الدولة والمجتمع. يقول فيفانو بأن موجات الصدمة التي أحدثها اكتشاف النفط في حياة المواطنين كانت قوية بصورة غير إعتيادية، فقد شهدت الجزيرة العربية تغييراً خلال العقود الستة الماضية أكبر من القرون الثلاثة عشر السابقة. ويدلل على ذلك بالزيادة الديمغرافية الهائلة في مدينة الرياض حيث كان يقطن الرياض، والتي يطلق عليها مدينة الواحة النائمة، حتى عام 1950 نحو 60 ألفاً كان يعيش غالبيتهم في بيوت طينية. ولكن مع الطفرة النفطية في السبعينيات وبدء مشاريع البناء والاعمار المحموم والتي لم يسبق للشرق الأوسط أن شهد مثلها فإن الأمور تغيّرت بصورة إنقلابية وبحسب مسؤولين في مؤسسة التنمية العقارية فإن الرياض تحتضن ما يقرب من أربعة الى أربعة ملايين ونصف، وهي في طريقها لأن تصبح مدينة ضخمة في الجزيرة العربية. ينعكس ذلك أيضاً على الزيادة السكانية الضخمة حيث كان تقدير إجمالي عدد السكان في السعودية عام 1970 يصل الى 6.2 مليون فيما يقدّر عدد السكان في عام 2003 بنحو 24 مليون، وهي أكبر زيادة على الأرض. فالمرأة السعودية تضع أكثر من ستة أطفال في المعدل.

وهؤلاء يولدون في مجتمع منسوب الى بيئة الصحراء القاسية، ومحكومين من قبل عائلة مالكة متفردة، وقد تناموا خلال فترة قياسية في شبكة من مدن القرن العشرين غير المناسبة. إنه مجتمع يكاد يبدو مكمماً من بعيد ـ بالنظر الى الفضاء العاتم والكاريكاتير الذي يغلّف النظرات الغربية عن المملكة ـ أو في أحسن الأحوال يتحدث بصوت رسمي عن دولة اتوقراطية ظالمة.

ينقل الكاتب بعض الصور من مشاركته في مجلس ولي العهد الأمير عبد الله، حيث لحظ إجراءات أمنية مشددة عند مركز قيادة الحرس الوطني تحسباً لهجمات قد يشنّها أفراد من تنظيم القاعدة، ولكن هذه الاجراءات تتخفف فور الوصول الى المجلس الذي تبلغ مساحته اكثر من ألف قدم مربع وهو مؤثث تأثيثاً حديثاً يشبه الى حد كبير صالون لويس السادس عشر، ولكن العادات البدوية كانت حاضرة. وقد لحظ فيفانو رجلاً مسنّاً يرتدي فروة الرعاة حين اقترب من الأمير عبد الله، فبعد أن تصافحا جلس الرجل المسن أمام الأمير وبدأا يتناقشان في المشكلة رجلا لرجل، فيما كان يربت المسن عل كتف الأمير بين الفينة والأخرى للفت إنتباهه للنقاط الاساسية الواردة في الورقة التي قدّمها له. وكالعادة فإن الأمير يقوم بتسليم الطلبات الى من يليه من رجاله للبت فيها أو تحويلها الى الجهات المختصة.

يتحدث الكاتب عن مجالس عديدة تعقد في كافة الارجاء بعضها تدور حول موضوعات تجارية وأخرى فكرية وثالثة سياسية ورابعة دينية، وحسب قوله ففي هذه التجمعات فإن الرؤى المتقابلة حول مستقبل المملكة يمكن تخيلها ومناقشتها.

في زيارته للمدينة المنورة خلال موسم الحج لحظ الكاتب نموذجين من الاسلام: النموذج الاسلامي العام والنموذج الاسلامي المحلي. وحسب وصفه فإن أغلب التفسيرات السعودية للاسلام في عام 2003 تبدو كأنها العصب الطهراني الذي تحرك منذ قرنين من الزمن من قبل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، المصلح الديني الذي أضفى بتحالفه مع عائلة آل سعود مشروعية دينية على السلطة السعودية المتضخمة.

اليوم وفي كافة مساجد البلاد والمدارس الدينية المموّلة من قبل الحكومة عبر العالم الاسلامي، فإن الخطباء يناصرون المنهج الوهابي، القائم على أساس العودة الى الاسلام النقي والذي مورس في عهد النبي (ص). ولكن في روح هذا المنهج ثمة تناقض عجيب مع الاستهلاكوية التي تفجّرت في السعودية منذ اكتشاف النفط والبذخ الذي يسيطر على نمط حياة العائلة المالكة. وبالرغم من أن انتقاد العائلة المالكة بصورة علنية يبدو نادراً، ولكن بعض الخطباء يتحدثون بصراحة عن موضوعات سياسية بأصوات تميل بإتجاه التشدد. وما هو شائع هو الخطب المناوئة للغرب والتي تعاضد شعار أسامة بن لادن بأن بلاد الاسلام قد وقعت في أسر الأجانب الفاسدين.

وينقل الكاتب معاناة إحدى المدرسات اللاتي أجبرن على قطع مسافات بعيدة من أجل العمل. المدرسة وفا.م البالغة من العمر 26 عاماً مدرسة علوم، كرّست حياتها العملية لهذه المهنة، ولكنها تعاني من تعب المشوار الذي يلزمها بقطعه خمسة أيام في الأسبوع من جدة الى مدرسة ثانوية في قرية بالقرب من المدينة المنورة، حيث لا يوجد من يقوم بمهمة تدريس علم الاحياء حال غيابها. وهذا بحد ذاته يضعها على حافة التغيير في مجتمع كان فيه نصف النساء غير متعلمات حتى منتصف التسعينيات.

وبموجب القانون فإن وفا لا يمكنها قيادة السيارة، ولذلك فإن عليها إستئجار سيارة خاصة بالاشتراك مع زميلات لها. ولا يمكن لها أن تمشي في شوراع مدينتها بدون نقاب أو حجاب بما يضعها في خطر الاصطدام بالمطاوعة، ولا تستطيع السفر للخارج بدون محرم، أو قريب من داخل عائلتها.

في حديثه عن أمراء العائلة المالكة، يذكر الكاتب أن المئات منهم تلقى تعليمه في جامعات أوروبا وأميركا الشمالية قبل ثلاثين عاماً. وحين تزور بيوتهم ويتحول النقاش الى أشبه ما يكون بالحنين الى الماضي، فإنهم يوشكون ان يعيدوا إحياء طائرة جيفرسون وألبوم فرقة البيتلز ثم يديرونه في جهاز الاستيريو. فذهنيتهم هي عبارة عن خليط معقد من الالتصاق العميق بالقيم العربية التقليدية كما يرونها مجسّدة في عائلة آل سعود، ورؤية عالمية شاملة ولّدها التعليم في الخارج خلال الستينيات والسبعينيات. فهناك قوتا انشداد متنافرتين، تكاد تفوق ما هو عليه حال رعاياهم، تجذبهم في إتجاهين متعاكسين، وأن شعورهم بالأزمة حاد. وينقل عن الأمير فيصل بن عبد الله الذي يعمل في منصب إداري في الحرس الوطني قوله بأن (ما سيحدث في الخمس والخمس عشرة سنة القادمة سيكون حاسماً). ويعتقد الكاتب بأن هناك اتفاقاً عاماً على أن من سيقود المملكة سيواجه مهمة شديدة الالحاح وهو خلق تعريف سعودي للتقدم من أجل الحلول مكان تلك المستعارة أو المشتراة من مكان آخر.

ينقل الكاتب عن موظف في مكتبة الملك عبد العزيز في الرياض قوله (إذا أردنا أن نعيش كأمة، يجب علينا أن نكون جزءا من العالم مرة أخرى، ونشارك بصورة كاملة فيه) ويضيف (يجب أن نحرر أنفسنا من فكرة أننا نستطيع حماية ثقافتنا، وإسلامنا بعقول مغلقة). يعلق الكاتب بأن تطورا غير مسبوق بالنسبة لزائر يسمع في عام 2003 فكرة باتت تكتسب زخماً لمقاومة أصوات التطرف. ويذكر في هذا الصدد وفد عريضة الرؤية الذي زار الأمير ولي العهد قبل ثمانية شهور، والذي عبّر فيه أعضاء الوفد عن مطالبهم بضرورة البدء بإصلاحات جوهرية في البلاد، وأن ثمة انفتاحاً مرتقباً وجديداً من قبل الدولة على المجتمع، من خلال تدشين انتخابات ديمقراطية، واعادة تنظيم للعلاقة بين الرجال والنساء والحرية الدينية.

وينقل الكاتب تصريحاً للأمير عبد الله عقب لقائه بوفد العريضة قائلاً (إن الوقت قد حان لتجديد الروح الوطنية..ولإثبات بأن العرب قادرون على تنظيم أنفسهم كأمة باقية). ويعلق الكاتب (لقد تذكرت وفا مدرسة مادة العلوم وأن أقرأ كلمات الأمير عبد الله، والنموذج الديمقراطي الذي وجدته بين البدو. إن هناك حلماً ببلوغ عهد ذهبي جديد في المملكة للتوفيق بين الصراع بين الماضي والمستقبل بين المطوعين والهاتف الخلوي، وبين القرن السابع والعالم المتغير سريعاً للمسلمين اليوم. والحاصل النهائي سيحدد مستقبل السعودية وربما مستقبل الإسلام في الارض).

الصفحة السابقة