خالد الدخيل: الاصلاحات السياسية أولاً

محمد الأنصاري

خالد الدخيل

قد تكون مقالة الكاتب والأكاديمي خالد الدخيل (ماذا ينتظر المملكة بعد “الربيع”؟) المنشورة في صحيفة (الحياة) في 23 ديسمبر الماضي مثالاً واضحاً على سطوة (الربيع) على الداخل السعودي. فهو رأى بأن الربيع العربي يشكل خطاً تاريخياً فاصلاً ويؤسس لمتغيرات كبرى تقطع مع ماقبلها وتفرض واقعاً جديداً. ويعتقد الدخيل بأن هناك من يحاول تفادي الربيع ونجح وهناك من وقع تحت تأثيرها المباشر والشامل، والسعودية التي استطاعت (تجاوز كل العواصف السياسية التي هبت على المنطقة منذ بداية القرن الماضي وحتى الآن) لن تكون قادرة هذه المرة على تجاوزالربيع العربي، والسبب أن (عاصفة «الربيع» تختلف في طبيعتها وحجمها عن كل العواصف السابقة)، لأنها (كانت جميعها تتعلق بالصراعات الإقليمية وامتداداتها الدولية، أما عاصفة الربيع فمنشأها محلي، وهدفها محلي، وتتعلق حصراً بالعلاقات السياسية المحلية لكل دولة عربية). ولذلك، فإن أهم المتغيرات التي أرساها الربيع العربي يتعلق بـ (مفهوم الدولة العربية ، وطبيعتها، وعلاقتها مع شعبها، وبحقوق هذا الشعب عليها قبل علاقاتها الخارجية).

أي بكلمات أخرى، أن الربيع العربي لم يأت لمعالجة مشكلة علاقات الدول فيما بينها، وانما لمعالجة الخلل العميق الحاصل في علاقة السلطة بالمجتمع.. وبحسب الدخيل فإن هذه العاصفة (تتعلق في أصلها وفصلها بوضع حدّ للطبيعة السياسية التي كانت عليها هذه الدولة منذ نشأتها الحديثة بعد الحرب العالمية الأولى). حيث أن هذه الطبيعة فرضت نوعاَ من العلاقة بين الدولة والشعب وهي علاقة حسب قوله ذات اتجاه واحد (من القيادة للشعب). فجاءت عاصفة الربيع (لتعلن تغيّر الظرف، ولتهز هذا المفهوم، وتقول إن صلاحيته انقضت).

السؤال ماذا يجب على السعودية فعله في مثل هذا الظرف؟ يقترح الدخيل عدم الاقتصار على الهموم المالية والمعيشية للمواطن، والاهم أن تعقبها (خطوات إصلاحية أخرى تتناول القضايا السياسية، مثل الانتخاب والتمثيل، والفصل بين السلطات، وتفعيل نظام هيئة البيعة، وحرية التعبير، واستقلال القضاء، وجعل الجميع سواسية أمام القانون... إلخ).. لأن هذه الاصلاحات تترك أثرها على الاصلاحات الاقتصادية وليس العكس.

وفي التفاصيل، يدعو الدخيل الى معالجة النمو البيروقراطي الكبير الذي عرفته الدولة في العقود الأخيرة، ويتطلب ذلك أولاً: (تفعيل نظام تدوير النخبة، والتخلص من ظاهرة بقاء أصحاب المناصب العليا، أو البعض منهم، في مناصبهم لعقود من الزمن، وقبل ذلك تفعيل نظام هيئة البيعة لتأمين وتحصين عملية انتقال الحكم على أساس قانوني متين..). أما الخطوة الثالثة، فالبدء على مراحل في (توسيع سلطات مجلس الشورى، وتحوله إلى سلطة تشريعية منتخبة، وفي شكل تدريجي أيضاً، وكل ذلك يتطلب تعديلات دستورية، تفتح الباب أمام فصل سلطات الدولة، ودخول المملكة إلى مرحلة دستورية جديدة، تتكامل مع ما سبق، وتنتقل بها إلى متطلبات المرحلة الجديدة). ويرى الدخيل بأن تلك الاصلاحات ضرورية ومكملة لخطوات اصلاحية اخرى ادارية واقتصادية مثل معالجة قضية البطالة، والعمالة الأجنبية، وملف ظاهرة الفساد.


الصفحة السابقة