جيل ثالث انتهت صلاحيته

أمواتٌ غير أحياء!

وفاة أمير الرياض سطام والتغيير عبر (ملك الموت)!

الأمراء الحاكمون: (أمواتٌ غير أحياء وما يشعرون)

عبدالحميد قدس

كان أمراً متوقعاً أن تكرّ سبحة الموت فتتخطف أبناء مؤسس الدولة عبدالعزيز آل سعود، بحيث أن الفارق بين وفاة أمير وأخيه تتقلّص الى أشهر قليلة بعد أن كان يُحسب بالسنوات.

عدد الأخوة كبير، وتواريخ ميلادهم متقاربة، وبالتالي فإن أعمارهم متقاربة أيضاً. وفي حين أن الأعمار بيد الله، فإن سنته في الموت ماضية على الجميع.

اكثر من 36 ولداً كانوا أبناء مؤسس الدولة. أولهم (وهو تركي) ولد في الكويت عام 1900؛ وآخرهم حمود الذي ولد في الرياض عام 1947. تركي توفي عام 1919 بالحمى الأسبانية، وحمود توفي عام 1994؛ وما بين ولادة الإثنين اقتربت الأعوام أكثر فأكثر، ولنشهد وفاة العديد من الأمراء في السنوات القليلة الأخيرة مثل: سلطان ونايف وحديثاً سطام، امير الرياض الذي توفي في 12 من هذا الشهر (فبراير).

لماذا لم يفكر الأمراء في مسألة استقرار حكمهم من جهة ترتيب شؤون الخلافة، قبل أن يحشروا في أرذل العمر، ويضطروا الى تغييرات متتابعة تنهك الدولة واستقرارها؟ ثم مَن بقي حيّاً من الأمراء الـ 36؟

المتوفون حسب التاريخ (20 من 36 أميراً وملكاً):

1/ تركي (1900-1919)؛ كانت وفاته بسبب الوباء الذي فتك بآلاف من البشر.

2/ منصور (1918-1951)؛ من أحب ابناء ابن سعود الى نفسه، وهو أول وزير دفاع منذ تأسيس الوزارة عام 1944، كان مرشحاً للحكم، وتصارع مع أخويه فيصل وسعود عليه في حياة أبيه. اشتهر بالقسوة وقد سجل دبلوماسيون اجانب جوانب من فتكه وبطشه وسحله لمواطنين.

3/ ثامر (1937-1953)؛ أمه نوف الشعلانية بنت زعيم قبيلة الرولة، انتحر في ميامي بامريكا، حيث صبّ الزيت على ملابسه وأشعل في نفسه النار في يونيو 1953.

4/ الملك سعود (1902-1968)؛ ولد ليلة احتلال الرياض، وتوفي في المنفى باليونان في نوفمبر 1969 بعد عزله عام 1964.

5/ الملك فيصل (1906-1975)؛ كان ملكاً ووزير خارجية ورئيس مجلس وزراء. قُتل على يد ابن اخيه فيصل بن مساعد انتقاماً لمقتل أخيه خالد بن مساعد. قيل ان السي آي أيه دبرت مقتله بالتعاون مع فهد.

6/ الملك خالد (1913-1982)؛ كان شخصية ضعيفة، ومنذ توليه الملك عام 1975 كان مجرد اسم، وكان فهد يدير البلد بالنيابة.

7/ ناصر (1913-1984)؛ أول من تولى امارة الرياض في 1947، واشتهر بالفجور الى حدّ ان والده اضطر الى جلده علناً.

8/ عبدالمحسن (1925-1985)؛ وزير داخلية سابق في عهد الملك سعود؛ ثم خرج معترضاً ضمن قائمة (الأمراء الأحرار)، وقد أغراه فيصل بالعودة، وكافأه بأن ولاّه أمارة المدينة المنورة وبقي في منصبه حتى وفاته. كانت سمعته سيئة، كما كان متجاهراً بالتحلّل، وقد وقعت بينه وبين المشايخ مشاجرات!

9/ محمد (1910-1988)؛ لقبه أبوه بـ (ابو الشرين)، فقد كان شرساً، قاتلاً كما سطرت ذلك الكتب للنساء والأطفال، عيّنه ابوه أميراً للمدينة فور احتلالها في ديسمبر 1925. أيضاً كان متجاهراً بالسكر والفسق، وجلده أبوه امام الملأ، كما يذكر وزير العراق المفوض في السعودية امين المميز في مذكراته. ومحمد شقيق الملك خالد، وقد تنازل له بأن يكون ملكاً، لأنه يعلم بانه ليس رجل دولة. محمد كان كبير العائلة وكانت كلمته مسموعة، وله دور في مقتل الأميرة التي تزوجت أحد ابناء العامة، وفضح الأمر في (فيلم موت أميرة).

10/ سعد (1915-1993)؛ لم يتولّ مناصب رسمية.

11/ حمود (1947-1994)؛ لم يهتم بالموضوع السياسي وكان منشغلاً بأعماله التجارية.

12/ مشاري (1932-2000)؛ وهو الذي قتل نائب القنصل البريطاني في جدة سيريل اوسمان بالرصاص في نوفمبر 1951، وكان في حالة سكر، وبسبب شجار بسيط وقع بينهما. قيل ان القنصل رفض تناول الخمر معه، فقتله! كما دون ذلك مؤرخون. الملك اعطى زوجة المتوفى (دورثي) عشرين الف جنيه كفدية وارتحلت الى جنوب افريقيا. اما مشاري فقد اختفى الى ان هدأ والده، ولم يعاقب. ولكن ـ ربما بسبب تلك الحادثة ـ قضي على آماله السياسية ان كان لديه تطلع بشأنها.

13/ ماجد (1938-2003)؛ تولى وزارة الشؤون البلدية والقروية ثم عيّن أميراً لمكة حتى وفاته. كان يعتبر نفسه مختلفاً عن آل سعود، وكان متواضعاً محبوباً من النخبة الحجازية، ومكروهاً من الجناح السديري. لكن أداءه الإداري لم يكن متميزاً، وكان السديريون يتعمدون إفشاله بتخفيض مخصصات أمارة مكة، ما أوقع تلك المنطقة في مشاكل الى اليوم.

14/ الملك فهد (1923-2005)؛ عين ابتداءً وزيراً للمعارف ـ التعليم بين عامي 1953-1960، وان كان لم ينه حتى شهادة السادس الإبتدائي! وكان يدير الوزارة وكيله عبدالوهاب عبدالواسع. ثم اصبح في 1962 وزيراً للداخلية بعد ان اصطف مع فيصل ضد سعود؛ ليصبح ولي عهد خالد، ثم ملكاً غير متوج عام 1982. في 1996 اصيب بجلطة في الدماغ اقعدته وأقعدت البلد وجمدت الحياة فيها حتى وفاته عام 2005.

15/ عبدالمجيد (1941-2007)؛ عُين أميراً لمنطقة تبوك حتى 1987 لينقل بعدها الى امارة منطقة المدينة، ثم الى أمارة مكة بدعم من الملك عبدالله الذي رأى فيه دعماً لجناحه مقابل السديريين. لكن القدر لم يمهله فقد أًصيب بالسرطان وارتحل الى امريكا للعلاج، ثم عاد ومات. لم يشهد له انه كان متميزاً في الإدارة، وقد اتهم بالنهب والفساد شأنه شأن أفراد عائلته الآخرين.

16/ فواز (1934-2008)؛ كان من الأمراء الأحرار!، وعاد فعيّنه فيصل أميراً لمكّة، وقد اشتهر بالفسوق والمجون، وكُتبت عنه كتب توضح مسلكه من قبل غربيين، وقد هاجمه جهيمان من المسجد الحرام علناً، وبعد اسبوعين من وقوع حادثة احتلال الحرم أُقيل من منصبه في ديسمبر 1979 لتهدئة الرأي العام.

17/ سلطان (1931-2011)؛ تولى في عهد أبيه رئاسة الحرس الملكي، ثم عيّن كأول وزير للزراعة عام 1953؛ فوزيراً للمواصلات عام 1955 حتى عام 1960، ليصبح بعدها وزيراً للدفاع عام 1962 حتى وفاته، اضافة الى توليه ولاية العهد بعد وفاة الملك فهد. كان مقرباً من فيصل وأبناء فيصل، وكان أكثر من اشتهر بالفساد والنهب واطلق عليه (الوهّاب النّهاب)، وكان كثير الكلام، واطلق عليه فيصل لقب (أبو الكلام)! لم يكن الملك خالد يثق به ورآه مخادعاً معتدياً على المحارم.

18/ نايف (1934-2012)؛ كان اميراً للرياض برهة من الزمن؛ ثم وكيلاً لوزارة الداخلية في عهد شقيقه فهد، ليصبح وزيراً كاملاً عام 1975 بعد مقتل فيصل، وليصبح ايضاً ولياً للعهد بعد وفاة شقيقه سلطان. عرف عنه الشدّة والقسوة وقتل الخصوم وتعذيبهم، كما عرف عنه تملّقه وتقرّبه من المشايخ الوهابيين ليكونوا في صفّه، فأطلقوا عليه (حامي السنّة)! أسس مركزاً باسمه باسم (السنّة النبوية) امعاناً في التضليل وترضية للمشايخ الذين أحبوه لقمعه خصومهم الأيديولوجيين ومنافسيهم من الليبراليين والإصلاحيين والشيعة. اشتهر عنه قوله في منتصف الثمانينيات: (المرأة لن تقود السيارة ما دمتُ حيّاً)!

19/ هذلول (1942-2012)؛ لم يشغل منصباً سياسياً، وانقطع الى أعماله التجارية.

20/ سطام (1940-2013). وهو شقيق ماجد، كان نائباً لسلمان في أمارة الرياض، وبعد تعيين سلمان ولياً للعهد ووزيراً للدفاع، اصبح سطام تلقائياً اميراً للرياض. ولم يعمّر في منصبه إلا أشهراً قليلة.

الأحياء حسب ترتيب السنّ (16 أميراً بينهم ملك):

1/ بندر (1921- 92 سنة)؛ لم يتول مناصب رسمية، وابنه امير لمنطقة القصيم.

2/ مساعد (1923- 90 سنة)؛ لم يتول منصباً رسمياً، واتهم بالجنون كونه تزوج من شمرية، اي من قبيلة حكام نجد السابقين، وقد قتل ابنه خالد بأمر من فهد وزير الداخلية عام 1964، ولكن ابنه الآخر فيصل قتل الملك فيصل لاحقاً في مارس 1975، ثم تم إعدامه.

3/ الملك عبدالله (1924- 89 سنة)؛ تولى رئاسة الحرس الوطني منذ 1963، وقد أقنعه عبدالعزيز التويجري بأن يقبل المنصب ويعود الى المملكة، وكان معترضاً ومقيماً في بيروت، وذلك لأن المنصب يمكن ان يكبر به ويحفظ له موقعه في السلطة. وهذا ما حدث. لم يتخل عبدالله عن الحرس الوطني إلا بعد ان اصبح ملكاً ليحول رئاسته الى ابنه متعب. عبدالله كان ولياً للعهد منذ 1982، وكان السديريون يتمنون ازاحته ولكن محمد ابو الشرين أوقفهم، فلم يستطيعوا إزاحته. وتشاء ارادة الله ان يتوفى أقطاب الجناح السديري قبله (فهد وسلطان ونايف)! ما منحه فرصة لتعديل مسار الحكم، وتعيين عدد من أبنائه في مناصب كبيرة وفق ما يشتهي في غياب كبار الامراء وعجزهم. الملك يعتبر عاجزاً عن أداء مهماته، ولكنه متلكيء في نقل السلطة الى الجيل الثالث.

4/ مشعل (1925- 88 سنة)؛ شقيق منصور، واصبح وزيراً للدفاع بعد وفاة شقيقه (1951-1957)، ثم تولى امارة مكة برهة من الزمن. يعتبر من لصوص الأراضي الكبار (ملك الشبوك)، وكان قد تنازل لسلطان بولاية العهد مقابل مليارات الدولارات ومساحات شاسعة من الأراضي. وهو يرأس هيئة البيعة حالياً، مع ان الهيئة لا قيمة له ولا مكانة ولا تأثير حقيقي في تحديد مسار الخلافة.

5/ متعب (1928- 85 سنة)؛ تولى وزارة الإسكان عام 1975، ثم وزيراً للبلديات، واعترض على تعيين نايف نائباً ثانياً ـ اي ولياً للعهد مستقبلاً ـ فرفض الحضور الى جلسات مجلس الوزراء. تولى ابنه منصور الوزارة وراثة من أبيه.

6/ طلال (1931- 82 سنة)؛ هو ابن مناير، زوجة ابن سعود المحببة، وكان يسميها (البقرة الحمراء) كونها جارية. تولى وزارة المواصلات عام 1954، اعترض على الملك سعود عام 1958 ودعم فيصلاً، ثم انقلب على هذا الأخير فاستعاد سعود صلاحياته عام 1960 واصبح طلال وزيراً للمالية بين 1960-1961، ثم استقال وقاد مجموعة الأمراء الأحرار التي تطالب بالإصلاح وكان معه (فواز، وبدر، وعبدالمحسن، وسعد بن فهد) ومنذئذ لم يتسلم منصباً، ونُظر اليه معادياً من قبل الجناح السديري.

7/عبدالرحمن (1931- 82 سنة)؛ من السديريين السبعة، تولى نيابة وزارة الدفاع والطيران بين عامي 1979-2012 اي حتى إقالته العام الماضي حين تم تعيين شقيقه سلمان وزيراً للدفاع. ايضاً يعتبر من لصوص الأراضي الكبار، وهو جاهل بالسياسة والإدارة، ولكنه غاضب على إزاحته من منصبه، ورأى لنفسه الحق بأن يكون الملك القادم (حسب السنّ).

8/ بدر (1932- 81 سنة)؛ تولى وزارة المواصلات بين 1960-1961 قبل ان يلتحق بطلال الى المنفى؛ ثم عاد وشغل منصب نائب رئيس الحرس الوطني، قبل أن يبعده الملك عبدالله ويعين ابنه متعب.

9/ تركي الثاني (1932- 81 سنة)؛ ولاه فيصل نيابة وزارة الدفاع والطيران عام 1969 وبقي فيها الى 1979، حين غضب عليه إخوته لزواجه من هند الفاسي، فاستقال او اقيل وارتحل الى مصر وبقي فيها الى عام 2010، حيث توفيت الزوجة وعاد تركي مع اولاده.

10/ نواف (1933- 80 سنة)؛ عين وزيراً للمالية لبرهة بعد رحيل طلال معارضاً عام 1961؛ وفي 2001 عين رئيساً للإستخبارات خلفاً لتركي الفيصل؛ واستمر في منصبه حتى 2005، ليعين مكانه الأمير مقرن ـ النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء حالياً.

11/ ولي العهد سلمان (1936- 77 سنة)؛ تولى امارة الرياض من 1954 الى نوفمبر 2011 (عدا فترات قصيرة). وهو يمتلك كل اسرار العائلة ومشاكلها ما أعطاه قوة غير مسبوقة، حيث كان يبتزّ الجميع. في 2011 عين وزيراً للدفاع بعد وفاة سلطان، وبعد أشهر عينه الملك ولياً للعهد بعد وفاة شقيقه نايف، وذلك خارج اطار هيئة البيعة. وسلمان يمتلك الحصة الأكبر في الشركة السعودية للأبحاث والتسويق، ويتولى ابناؤه العديد من المناصب. عرف عنه خشونته حتى على أبنائه، الذين توفي بعضهم بسبب الإدمان (فهد نائب امير الشرقية السابق؛ وأحمد رئيس الشركة مثلاً) كما أنه متهم بقتل أحد أبنائه ـ غير الشرعيين.

12/ ممدوح (1939- 74 سنة)؛ عيّن عام 1986 اميراً لتبوك؛ ولما وجد فهد أن ضبط طموحاته صار صعباً، خدعه بأن اقنعه بالتنازل ليتولى منصب رئيس (مركز الدراسات الاستراتيجية) والذي تحتاجه البلاد! صدق ممدوح الأمر، وتمت الإقالة من الإمارة والتعيين في المركز الذي لم ير النور الى اليوم، ولا توجد له حتى طاولة وليس مكتباً!

13/ عبدالإله (1939- 74 سنة)؛ عين اميراً للقصيم عام 1980 وحتى عام 1992، وفي 1999 عين اميراً لمنطقة الجوف، ليقال منها بعد ثلاث سنوات ويعين كمستشار للملك، ولازال! بمعنى أن منصب الإستشارية مجرد من أية صلاحيات.

14/ مشهور (1942- 71 سنة)؛ لم يتول مناصب ومنشغل في أعماله التجارية.

15/ أحمد (1942- 71 سنة)؛ من السديريين السبعة، عينه فيصل وكيلاً لإمارة مكة، وفي 1975 عيّن نائباً لنايف في وزارة الداخلية، وبقي في المنصب حتى يونيو الماضي 2012، حيث تمت ترقيته ليصبح وزيراً للداخلية ولكن لأقل من خمسة أشهر (تم اعفاؤه في 5/12/2012). وكان متوقعاً ان يكون احمد ولي عهد شقيقه سلمان، لكن تبين ان توزيره في الداخلية اصطدم مع الرجل الأساس والقوي فيها محمد بن نايف الذي كان يديرها كاملة في عهد والده، واراد أحمد ان يسحب الصلاحيات من ابن اخيه، وحدث صراع قوي فضّل معه الملك إزاحة أحمد، لصالح ابن الأخ محمد بن نايف، المرغوب أمريكياً جداً.

16/ مقرن، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء (1945- 68 سنة)؛ خدم كطيار في القوات الجوية ثم أصبح آمراً فيها، وفي 1980 تم تعيينه أميراً لحائل لمدة 19 عاماً، لينقل الى امارة المدينة في اواخر 1999، وليمضي فيها ست سنوات حتى تعيينه عام 2005 رئيساً للإستخبارات العامة خلفاً لنواف. وفي يوليو 2012 اطيح به من جهاز الإستخبارات لصالح بندر بن سلطان، وليتولى هو منصباً استشارياً اسمياً. لكن السماء منحته ما لم يتوقعه، ففي الأول من هذا الشهر فبراير تم تعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، أي أنه سيكون ـ ما لم يحدث أمر غير متوقع ـ الملك القادم بعد سلمان. والأعمار بيد الله!

ملاحظات عامة

الأولى ـ أن القيادة السعودية هرمة جداً، فمن بين الأحياء من أبناء عبدالعزيز، وعددهم 16 أميراً، هناك 10 منهم تجاوزوا سن الثمانين وبينهم الملك الذي يقترب من التسعين عاماً (بعضهم تجاوز التسعين كمساعد وبندر). ايضاً هناك 5 من 16 تجاوزوا السبعين عاماً، وبعضهم اقترب من الثمانين حتى (مثل ولي العهد سلمان). ولا يبقى سوى أمير واحد هو مقرن والذي لم يتخط عمره سقف السبعين (68 عاماً)؛ مع انه بالتقويم الهجري ـ المعتمد في السعودية ـ وصل الى السبعين عاماً (مقرن من مواليد 7/11/1364هـ، ونحن الآن في شهر 4 من عام 1434هـ).

وبناء على هذا، فإن هذه القيادة المعمّرة، اذا اعتبرنا ان الحكم ينتقل من الأخ لأخيه، فإن تعيين أصغر ابناء ابن سعود لا يغير من شيخوخة القيادة التي هي متحكمة الآن بالسلطة، وإن حُصرت في الملك وولي عهده. لا تستطيع السعودية ان تمضي في طريق التعافي بمثل هذه القيادة.

الثانية ـ مثلما اقتربت تواريخ الولادة لأبناء ابن سعود، فإن تواريخ وفاتهم ـ والأعمار بيد الله ـ ستكون متقاربة، ذلك أن الأغلبية الساحقة من أبناء عبدالعزيز (15 من 16) هم فوق السبعين، وبعضهم تجاوز التسعين. ما يشير الى موت متسارع، لا يفصل الواحد عن الآخر إلا قليلاً، اي أشهر فحسب. هذه الفاصلة التي تصغر مع الزمن، تسبب الإرباك لأي حكم، خاصة مع وجود عدد هائل من الحفدة (ابناء الجيل الثالث) الذين أصابت الكثير منهم الشيخوخة أيضاً، وبعضهم أكبر من أعمامه سنّاً. وهنا تكمن الملاحظة:

بين عام 1919 وحتى عام 1960، توفي ثلاثة إخوة، في 41 عاماً، بمعدل يزيد عن 13 سنة كفارق بين المتوفين.

بين 1961 وحتى 1980 توفي إثنان في عشرين سنة، أي أن الفارق تقلّص الى 10 سنوات.

وبين 1981 وعام 2000 توفي سبعة إخوة، في عشرين سنة، بفارق تقريبي يصل الى أقل من ثلاث سنوات.

وبين 2001 وحتى الآن 2013، توفي ثمانية أخوة، في 12 سنة وشهرين، بفارق يتقلص الى سنة ونصف بين كل وفاة (معدلاً).

ماذا يعني هذا؟

إنه يعني ضرورة التجديد لمسألة الوراثة، بل حتميته، فالتأخير لا يزيد الأمور إلاّ سوءً، واقتراب الموت من الطبقة العليا، بدون ترتيب الخلافة الى الجيل الثالث، ولا ترتيب أمور الجيل الثالث نفسه فيجعلهم متوائمين متفقين، بسبب غياب النظام والمرجعية التي تحكم عملية الخلافة.. يعني تفجير الوضع برمته بعد غياب الملك وولي عهده سلمان. لا ننس هنا عجزة الجيل الثالث أيضاً ـ المبتلين بالأمراض والعاهات ـ مثل:

ـ خالد الفيصل، من مواليد 1941، وهو امير مكة الآن، ويبلغ من العمر 72 عاماً.

ـ سعود الفيصل، من مواليد عام 1940، وهو وزير الخارجية منذ 1975، ويبلغ من العمر 73 عاماً.

ـ تركي الفيصل، وهو اصغر ابناء الملك فيصل، وهو من مواليد 1945، اي انه في عمر عمّه مقرن، 68 عاماً.

ـ خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع، ومالك جريدة الحياة، وهو من مواليد 1949 ويبلغ من العمر 64 عاماً.

ـ محمد بن فهد، الذي تولى امارة المنطقة الشرقية لثمان وعشرين سنة (من يناير 1985 وحتى يناير 2013)، وهو من مواليد 1950 ويبلغ من العمر 63 عاماً.

ـ بندر بن سلطان، رئيس الإستخبارات العامة، سفير السعودية في واشنطن سابقاً. وهو من مواليد 1949، ويبلغ من العمر 64 عاماً.

هذه عيّنات أسماء بلغت من الكبر عتيّاً، وهي تحسب على جيل (جديد) او (جيل ثالث).. هؤلاء يفترض أن لا يتولوا مناصب جديدة، ان اريد تجديد شباب الدولة!!

بوفاة أمير الرياض (سطام)، يتزايد صراع الأمراء لخلافته، من جيلي الأبناء والحفدة، ولكن الأزمة الحقيقة ـ اضافة الى أزمة الخلافة ـ هي أزمة (شرعية النظام). فحتى لو تمّ الوصول الى حلول جذرية او مؤقتة لمسألة وراثة العرش، فإن هناك شعباً بدأ بفتح عينيه على واقع السلطة المهلهل، وعلى واقع الفساد المستشري في العائلة المالكة، وهو يطالب بالتجديد والإصلاح، وإلا فالتغيير الشامل. السؤال كيف سيتعامل الأمراء مع هذه المطالب الشعبية المتصاعدة وغير المسبوقة تاريخياً؟

الصفحة السابقة