خطاب مفتوح

سلمان العودة

مقدمة:

1/ صديقك من صدقك، والعاقل يثمن الكلمة الصادقة أياً كان مصدرها، وهو حديث عن وطن نشترك في حبه والخوف على مستقبله.

2/ منطلقي - ويعلم ربي - هو النصيحة للمسلمين عامتهم وخاصتهم، بالأسلوب الذي أراه مؤثراً ونافعا، وقد كتبت كثيراً رسائل خاصة ولم أجد أثرها.

3/ النص الذي أوجب السمع والطاعة بالمعروف في العسر واليسر، هو الذي أوجب قول كلمة الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.

4/ لم أفقد الأمل بعد من إمكانية تخفيف الاحتقان وفتح أفق للتدارك والإصلاح.

5/ هذا بلد قام على تحكيم الشريعة، وفيه المقدسات التي تهوي إليها الأفئدة، وأمنه وصلاحه هدف للمسلمين جميعا.

6/ الحفاظ على المكتسبات، والتي منها الوحدة الجغرافية يحفزنا إلى المناشدة بالإصلاح، فالبديل هو الفوضى والتشرذم والاحتراب.

7/ الناس هنا مثل الناس في العالم، لهم أشواق ومطالب وحقوق، ولن يسكتوا إلى الأبد على مصادرتها كلياً أو جزئياً.

8/ حين يفقد الإنسان الأمل.. عليك أن تتوقع منه أي شيء.

9/ ثمة مشاعر سلبية متراكمة منذ زمن ليس بالقصير، وقد استوحيت كلامي من كثيرين من فئات مجتمعية ومناطقية عديدة.

10/ إذا زال الإحساس بالخوف من الناس فتوقع منهم كل شيء، وإذا ارتفعت وتيرة الغضب فلن يرضيهم شيء.

11/ مع تصاعد الغضب، تفقد الرموز الشرعية والسياسة والاجتماعية قيمتها، وتصبح القيادة بيد الشارع.

12/ عند الغضب يكون دعاة التهدئة محل التهمة بالخيانة أو الضعف، ويقود المشهد الأكثر اندفاعاً ومفاصلة مع الأوضاع القائمة.

13/ ارتفاع الهاجس الأمني جعل معظم أنشطة الدولة خاضعة للرؤية الأمنية.

السجون:

14/ تم حشد كل المشتبه بهم داخل السجون.. وكانت الفرصة مواتية لإخراج كل المشتبه ببراءتهم، لكن هذا لم يحدث.

15/ السجون خلت من أي استراتيجية، وكانت عاقبتها زرع الأحقاد والرغبة في الثأر وانتشار الفكر المحارب بشكل أوسع داخل السجون.

16/ أدافع عن السجناء، وكثير منهم غير راضٍ عني، وبعض من خرجوا يهاجمونني.. ومن واجبي الدفاع عنهم.. الحقوق ليست مقصورة على من يتفقون معنا.

17/ العديد من أفراد الأسرة الحاكمة ليسوا موافقين على سياسة السجون، وهذا معروف بتويتر وفي المجالس وقد وقفت عليه بنفسي.

18/ من حُكِموا قبل عقود بالسجن لعشرات السنين في تهم انقلاب على الحكم السعودي عفي عن معظمهم بعد سنوات معدودة.

19/ معاملة السجناء ليست وفق أنظمة واضحة ولا مؤسسات، بل هي عملية فردية، وتعتمد على تقرير رجل المباحث.

20/ الإسراف في استخدام العقوبة يفقدها هيبتها، وأخوف ما يكون السجن قبل تجربته!

21/ الألم والغضب يصيب السجين وزوجته وأهل بيته وأسرته ومعارفه وأصدقاءه ومحيطه الاجتماعي.

22/ إحراق صور المسؤولين عمل رمزي يجب ألا يمر دون تأمل، وكيف بدأ؟ وإلى أين ينتهي؟

23/ سيطرة جهاز المباحث على السجين منذ الرقابة وحتى الاعتقال والتفتيش، ثم المحاكمة والتنفيذ، جعلته محروما من حقوق كثيرة.

24/ رجل الأمن حين يسيء إلى سجين فهو يقامر بمستقبل الوطن كله.

25/ السجناء ينتظرون العفو بمناسبات عدة.. فلماذا يستثنى بعضهم؟

26/ هناك حالات إنسانية وصحية صعبة يتم تجاهلها لفترات طويلة حتى تتفاقم وتتعقد ويستعصي حلها، ولعل هذا ما حفز بعض النساء على التحرك.

الإعلام:

27/ الناطقون الرسميون يعبرون عن بؤس، وينتمون إلى زمن مضى، وليس في كلامهم جاذبية ولا إقناع ولا تأثير.

28/ الأداء الإعلامي قائم على الحجب والتدخل الأمني، وكأنه لم يعلم بوجود الشبكات الاجتماعية، والكامرات المحمولة التي توثق الأحداث فوراً.

29/ الجيش الأمني في تويتر، وقنوات (شبه) حكومية، يرمي كل ناصح بأنه (محرّض)، وكل داع إلى الإصلاح السياسي بأنه (طامع)، بينما الوعي يكبر وينمو!

30/ يحتاج الناس إلى جهة لا تنتسب إلى الأمن تتحدث عن السجون وتقدم تقاريرها الميدانية، فلا يصح أن يكون الأمن هو الخصم والحكم.

31/ ابتزاز المواطنين بقضية (شهداء الواجب) متاجرة بدماء الرجال الأبطال (رحمهم الله). كلنا مع شهداء الواجب ومع إطلاق الأبرياء أيضا.

32/ إذا فقد الناس الثقة بالجهة الأمنية، فمن غير الممكن أن تكون مصدراً معتمداً للمعلومات عندهم.

33/ ترويج وجود جهات خارجية ليس حلاً، والواقع أن الخصوم يحاولون استغلال أوضاع داخلية لها أسبابها التي لا يجوز تجاهلها.

المعالجة:

34/ في الأفق غبار ودخان، ومن حقّنا أن نقلق مما وراءه، والقبضة الأمنية ستزيد الطين بلّة وتقطع الطريق على محاولات الإصلاح.

35/ أسمعونا بعد انتظار طويل ما يوحي بأن عهداً جديداً قد بدأ، عالجوا يأسنا بأخبار إيجابية صادمة وغير متوقعة.

36/ إذا أغلقت الأبواب فالمضطر قد يركب الصعب ويغفل عن المصالح والمفاسد، وإلى أين يذهب بعد توقيف من قصدوا الأبواب المفتوحة؟

37/ هل انشغلت الداخلية بقضية (الإفراج) ووسائله وضماناته كما انشغلت من قبل بقضية الاعتقال؟

38/ يجب أن يغلق هذا الملف ولا يبقى من الموقوفين إلا من ثبت تورطهم وصدرت ضدهم أحكام شرعية قطعية، وأن يعلن هذا عاجلا.

39/ اطلعت على أوضاع سجناء فيها ظلم، وحالات موت وإعاقة جسدية أو نفسية وعرقلة افراج وتجاوز لأحكام القضاء لم نسمع بياناً لحقيقتها.

40/ الخوف من سلوك السجين بعد الإفراج ليس مسوغاً لتجاوز الشريعة، ولا يجوز معاقبة الآلاف لاحتمال حدوث عنف من بعضهم.

41/ من الإجراءات الضرورية الإفراج عن معتقلي حسم وإصلاحيي جدة، وحفظ حقوقهم حفاظاً على اللحمة الاجتماعية وتكريساً للحقوق والتماساً لرحمة الله.

42/ من الخطر أن يضيق على الناس حتى لا يكون لديهم شيء يخسرونه.

43/ حقوق المواطن مشروعة وليس ممنوحة.

44/ حجب آليات التوقيف والتحقيق وسلامة الإجراءات عن القضاة والتأثير على قناعاتهم، والتدخل في اختيارهم، يؤثر في عدالة القضاء.

45/ ليس مفهوماً أن يكون (التحقيق والادعاء) مرتبطاً بوزارة الداخلية، بينما في بلاد العالم هو مستقل أو مرتبط بالعدل.

46/ ثم تجاوزات حقيقية في معاملة السجناء، يجب التحقيق فيها بجرأة ومعاقبة المتسببين ووضع آليات تضمن عدم تكرارها.

47/ الاستجابة لمطالب الناس المشروعة ليست ضعفاً.

48/ يجب الإفراج الفوري عن كل بريء والتعويض والاعتذار بشجاعة وفتح صفحة جديدة.

49/ المفرج عنهم يجب أن تعاد إليهم حقوقهم كاملة وأن يمارسوا حياتهم بكرامة لنساعدهم على تجاوز الماضي.

50/ من أسباب الاحتقان: الفساد المالي والإداري - البطالة - السكن - الفقر - ضعف الصحة والتعليم - غياب أفق الإصلاح السياسي.

51/ استمرار الحالة القائمة (مستحيل) ولكن السؤال.. إلى اين يتجه المسار؟

52/ الناس قلقون من المستقبل ولديهم تساؤلات لا يعرفون إجابتها.. وها هي هجرة الأموال وربما رجال الأعمال تتزايد.

53/ شئنا أم أبينا فنحن في قارب واحد.. وعلينا السعي في اصلاحه، ولو صاحب العلاج بعض المرارة فالمهم عاقبته.

54/ ما حدث أسهم في تمزيق النسيج الاجتماعي وإحداث قطيعة.. وهي (أزمة) يمكن أن تحوّل إلى (فرصة) للتصحيح، وفي أهلنا سماحة وقدرة على التجاوز.

55/ مهمة الحكومات تنظيم الأعمال وليس تعويقها، وإغلاق فرص العمل المؤسسي والتطوعي والخيري يدمر المجتمعات.

خاتمة:

56/ بلد يعتمد في إدارته على العلاقات الشخصية وليس المؤسسات.. كيف سيواجه التحديات؟

57/ يتساءل الناس والشباب خاصة، ما هي قنوات الاتصال بينهم وبين السلطة؟

58/ ثم مواطنون خائفون من الفوضى والانفلات، ويحتاجون إلى من يهدئ مخاوفهم بمشروع واقعي إصلاحي، يكونون شركاء فيه.

59/ لا أحد من العقلاء يتمنى أن تتحول الشرارة إلى نار تحرق بلده، ولا أن يكون العنف أداة التعبير.

60/ الثورات إن قمعت تتحول إلى عمل مسلح، وإن تجوهلت تتسع وتمتد، والحل في قرارات حكيمة وفي وقتها تسبق أي شرارة عنف.

61/ أعيذكم بالله أن تكونوا ممن قال فيهم (وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له)، وهم الذين أصمّوا آذانهم عن كل ناصح.

62/ الفرصة إذا أُهدرت فقد لا تعود، والشيء إذا تأخر عن إبّانه فقد جدواه، والوقت سيف لك أو عليك.

63/ على المؤمن أن يخاف مؤاخذة الله له في الآخرة (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله) ويحذر أن يلقى الله بمظالم يعجز عن الاعتذار عنها.

64/ الله يعلم أن قلبي لا ينطوي على غش لأحد.. وأي إساءة وجهت لي من أي كان فمحلها الصفح، وإني لا أحب لهذا البلد ـ حاكمه ومحكومه ـ إلا الخير.

اللهم إن كان فعلي صواباً فاجعله في صالح عملي، وإن كان خطأ فاجعله في سابغ عفوك.

الصفحة السابقة