من (خادم الحرمين) الى (أبي لهب)

كانت النصيحة للإخوان من قطر وأردوغان وربما من دول غربية هي التالية: حكام السعودية متوترون من سقوط مبارك، فلا تردّوا على اتهاماتهم وحملاتهم الإعلامية عليكم. وحتى لا تستخدم الرياض التيار السلفي ضدّكم، قرّبوه ليوم العسرة، وأشركوه في الأمر!

وهكذا فعلوا، فكانت الكارثة.. شتائم سعودية تلو الأخرى، وما أن تنتهي حملة اعلامية وسياسية حتى تبدأ أخرى.

الرياض تعاملت مع مصر كدولتين: دولة الفلول: العسكر والداخلية والإعلام؛ ودولة الشارع التي يمثلها الإخوان (بالإنتخاب). مع دولة الفلول كان التنسيق السعودي كبيراً ومتطوراً، بل ان المناورات العسكرية السعودية المصرية زادت. الأموال كُبّت على الفلول وإعلامهم للتشهير بالإخوان وبالثورة عموماً والتحريض عليها وبالتالي إنهائها.

ومع الإخوان، كان الشتم والسخرية، وتصيّد الأخطاء، وافتعال الدسائس وترويج الأكاذيب وغيرها، فضلاً عن المقاطعة السياسية، التي لم تفلح زيارة مرسي للرياض لتهدئتها، رغم التطمينات والخطاب الطائفي علّه يدغدغ مشاعر آل سعود حماة السنّة كما يقول مرسي. هذا ورغم مقاطعة ايران، وإهانة رئيسها الذي زار مصر.. الى آخر الحكاية.

لكن تأبى الأقدار إلا أن تأتي عكس ما أرادته السياسة. تهدئة الإخوان، وصمتهم عن الرد، لم يغيّر موقف الرياض. الى أن دخلت الأخيرة في معركة كسر عظم الى جانب الفلول، وبدعم من الشارع أيضاً، بسبب أخطاء الإخوان وحلفائهم السلفيين.

د. صلاح سلطان، القيادي في الإخوان، وبعد خراب البصرة، وتدخّل السعودية المباشر في التحريض والقتل، خاصة بعد تصريحات الملك عبدالله الأخيرة.. ندد بالملك، واتهمه بالعمالة، وبالكذب، وقال بأن الرياض تعلم بأن نجاح الديمقراطية في مصر، كان يعني لها خسارة العروش والقروش. جاء كل ذلك على قناة الجزيرة.

لا يفيد الرد المتأخر، وهذا درس للدول الأخرى أيضاً. ذلك ان ثقافة آل سعود تفيد بأن الصمت سلاح العاجز، وليس العاقل! ولكن ال سعود يخرسون إذا ما وُوجهوا بنفس السلاح، وذاقوا من نفس الكأس. انه درس متأخر للإخوان.

بعد تصريح صلاح سلطان، هاجت العجول المخابراتية السعودية، فلماذا تتطاول قناة الجزيرة على الملك عبدالله؟!

احدهم قال شفّروها ولا تشاهدوها!

البلوغر سالم سداح قال ساخراً: (حسبي الله عليهم ونعم الوكيل! يلزم طاقم الجزيرة صيام شهرين متتابعين للتكفير والعودة للإسلام)!

لقد افتضح أمر الملك، كما قال محمد السعد، وذهبت أخرى بعيداً بأنها عشقت الملك وتوسمت فيه خيراً لتحرير الأقصى قبل ان تكتشفه! وعبدالله الشمري من حائل اعتبر الملك أطرماً ومن سلالة كانت تعبد الإنجليز. وطالب إعلامي (العلمي) وزارة الإعلام بطرد قناة الجزيرة من السعودية، وتوقع نادر عبدالإمام ان تحدث أزمة قطرية سعودية قريباً.

لكن مملكة العجائب لا تنتهي. فرغم سيطرة النظام على مشايخه وعلى الإعلام، ظهر لنا امام المسجد الحرام محمد السحيباني ليلعن من دعم الإنقلاب العسكري ـ كامل الإركان ـ في مصر!

الدنيا دُوَلٌ: يومٌ لكَ ويومٌ عليك. يقول الكاتب عبدالصمد ساعاتي بأنه لم يعد هناك ما يجدي من قطر، فلتذهب مع الشيخ القرضاوي والإخوان الى الجحيم!

وزادت سخونة الجو، تعليقات تتهم حكام قطر بالماسونية كما محمد العتيبي، فيما طالب فيصل الشنيفي باستعلاء قطر أن تحترم الخليج أو يتم شطبها، وشاكر الحربي اتهم قناة الجزيرة بالصهيونية وهي التي صمتت عن السعودية منذ اتفاق وزير الخارجية السابق مع الامير سلطان بعد برنامج (سوداء اليمامة). وأحمد آل الشيخ المتحالفة عائلته مع آل سعود رأى ان ليس من الحكمة التسامح مع قطر.

في كل الأحوال، تم وصف الملك بأنه أبي لهب، بعد ان كان خادماً للحرمين الشريفين، وقال معلقون بأن قطرة دم مسلم أغلى عند الله من الكعبة ومن خدمة آل سعود للمسجد الحرام!

ترى أين كانت هذه التعليقات، وهذا هو العراق يصطلي بنار الوهابية ومفخخات افراخ القاعدة منذ عشر سنوات؟ وأين هم عما يجري في سوريا والضحايا سنّة ـ ان كانوا طائفيين؟ وأين هم قبل ذلك عن فلسطين التي يزعم آل سعود انهم يريدون تحريرها والصلاة في أقصاها؟

شبيحة آل سعود، من مخبرين وإعلاميين، لن يقنعونا بحبهم لمصر، ولم يزعموا انهم يحبون الديمقراطية لا فيها ولا في تونس او ليبيا او العراق أو سوريا أو اليمن أو غيرها. هم يحبون أنفسهم، وحكمهم وأموالهم وأسيادهم.

تهانينا لهم، ودعاؤنا عليهم!

الصفحة السابقة