أضحك الله سنّك يا خادم الحرمين..!

محمد السباعي

يبدو أن الدعابة في السياسة أشد وقعاً من الدعابة في غيرها من المجالات، كما لها من التأثير في الرأي العام ما ليس في غيرها، ولكن دعابات آل سعود هذه الأيام خرجت عن نطاق الحكمة، لأن الدعابة تنطوي على مستوى متقدم من العقل ما يجعل المفاجأة سبيلاً الى رسم الابتسامة..

في جمعية الامم المتحدة ألغيت كلمة السعودية، وكانت الحجة المستخدمة هي أن هذه المنظمة قصّرت في حل القضية الفلسطينية. فرك المراقبون عيونهم وهم يقرؤون خبراً كهذا في الصحف، لأن من غير المعقول أن تكون فلسطين الغائبة عقوداً عن قرارات جمعية الامم المتحدة سوف تكون حاضرة في جلسة مخصصة لموضوعات أخرى، وبصراحة أكثر هي مخصصة هذه المرة لتهيئة أجواء التقارب الأميركي والأوروبي من جهة والايراني من جهة ثانية..

على أية حال، عدّت هذه القصة بسلام، ولكن فوجئنا بدعابة من العيار الثقيل من الملك عبد الله، الذي لابد أنه لحظ التجاوب السلبي والفاتر جداً في اليوم الوطني للمملكة في 23 سبتمبر، حيث هرب المواطنون في هذا اليوم من البلاد الى البحرين أو دبي أو الكويت ليقضوا يوم عطلة بعيداً عن مملكة التعصّب والوهابية المتخلفة..

تهيأت الحكومة لهذا اليوم، وتمّ تكليف فرق موسيقية والرقص الشعبي وخلافه للاحتفال بمناسبة اليوم الوطني، ولكن ماذا سيفعل الملك لو وجد رعيته تحتفل على طريقتها بعيداً عن مكان وزمان الوطن المزعوم. لم يجد بدّاً من إلغاء الاجواء الاحتفالية، وكان ينقصه المبرر أيضاً، فوجد في المأساة الانسانية السورية سبباً. فقرر إلغاء الاوبريتات الغنائية في اليوم الوطني تضامناً مع سوريا، وكان بإمكانه فعل ذلك منذ البداية بأن يبلغ الفرق الموسيقية قبل ذلك بألا تستعد بالأوبريتات الغنائية احتراماً وتقديراً وتضامناً مع الشعب السوري.

صحيفة (سبق) ذكرت في 27 سبتمبر بأن الملك عبدالله (وجّه بإلغاء جميع الأوبريتات الغنائية التي ستُقام في مناطق المملكة بمناسبة اليوم الوطني تضامناً ووقوفاً مع الشعب السوري). يعني أن الاستعدادات كانت جارية لمثل هذه المناسبة، وأن ما أوقف تنفيذها في اليوم الوطني هو الوقوف مع الشعب السوري، وكأن مأساة هذا الشعب بدأت قبل يوم أو بعض يوم من اليوم الوطني.

ولكن لنا أن نتساءل، لو كان هناك تفاعل شعبي حقيقي مع مناسبة اليوم الوطني وحضرت الحشود للشوارع للاحتفال، هل سيوجّه الملك بإلغاء الاوبريتات الغنائية؟

المعلمي: فلسطين هي الشمّاعة!

الغاء كلمة السعودية في الامم المتحدة: فلسطين!!

ألغت المملكة كلمتها المقررة في بداية أكتوبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورفض المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نسيركي تقديم أي تفسيرات لقرار السعودية بالغاء الخطاب الرسمي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال مارتن نسيركي في المؤتمر الصحفي «لم نعرف الأسباب التي دعت المملكة العربية السعودية الى الغاء كلمتها المقررة اليوم، كما أننا لا نعرف ما اذا كان المسئولون السعوديون يرغبون في القاء كلمتهم في يوم آخر أم لا)، وأضاف المتحدث الرسمي قائلاً: «عليكم بتوجيه هذه الأسلة الى البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة».

أثار قرار السعودية تساؤلات عديدة، وبقيت التكهنات تشيع في أروقة الأمم المتحدة ثم انتقلت الى خارجها، حيث خرجت جميعها سلبية. وجاءت المفاجأة في اليوم التالي، بصدور بيان رسمي من السفير السعودي الدائم في الامم المتحدة عبد الله بن يحيى المعلمي، حيث بدأ في مناقشة الشكل وقال بان إلقاء الكلمات هي خيار للدول وليست واجباً. وكانت السعودية توزّع عادة كلمتها على الوفود المشاركة قبل موعد القاء الكلمة، وهي عادة سنوية.

مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة قالت بان القرار السعودي يعكس عدم رضا المملكة من مواقف المنظمة الدولية حيال القضايا العربية والاسلامية، وخصوصاً قضية فلسطين التي لم تكن هيئة الامم المتحدة قادرة على حلها لأكثر من 60 عاماً، وكذلك الأزمة السورية ومعاناة شعبها الذي يخضع لنحو ثلاثة أعوام للقتل والحصار، بحسب صحيفة الرياض في 2 أكتوبر الجاري.

أثار استخدام الدبلوماسية السعودية للقضية الفلسطينية لتبرير إلغاء الكلمة دهشة البعض واستياء بعض آخر كونه ينطوي على استغلال رخيص لقضية تعرّضت للإهمال من قبل السعودية عقوداً طويلة، وحتى حين قررت صوغ مبادرة سلام مع الكيان الاسرائيلي جاءت على حساب الحقوق المشروعة والثابتة للشعب الفلسطيني. يضاف الى ذلك، أن المنظمة الدولية لم تعجز عن حل القضية الفلسطينية بالأمس أو ما قبله، فهو عجز يعود الى عقود سابقة، وكان يفترض أن يتخذ الجانب السعودي موقفاً قبل ذلك بسنوات بعيدة او عقود وليس الآن..

وزراء روبوت!

النعيمي: الوزير الروبوت!

(السعودية مستعدة للتعويض عن أي نقص في أسواق النفط العالمية)، عبارة تكاد لا تفارق وزير البترول السعودي علي النعيمي منذ توليه منصبه وقد يدخل عليها موسوعة غينيس، تماماً كعبارة (المملكة تقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف) التي يرددها السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري.

لا يكاد تسمع للنعيمي صوتاً الا حين يراد منه أن يردد تلك العبارة الممجوجة، وكأن تعيينه جاء حصرياً لطمأنة الدول المستوردة للنفط. ليس لديه ما يقوله سوى أن (إمدادات النفط كافية والأسعار عند مستوى ملائم) ثم يعقبها بجملته المعهودة (المملكة العربية السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وهي على استعداد لتعويض أي نقص)، هل لديه تصريحات غير هذه منذ توليه وزارة البترول؟!

وكما هي عادته في كل اجتماع لوزراء النفط سواء على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي أو في اجتماعات منظمة الأوبك، يختمه بتصريحات تطمينية (أن المعروض في السوق جيد وأن المخزون ممتاز)، وإن (المملكة تحاول على الدوام سد أي نقص وهو ما ستواصل القيام به في المستقبل نظراً لتوافر الطاقة الفائضة).

في مملكة آل سعود، هناك وزراء يعملون كروبوتات مبرمجة، حتى باتت بعض التصريحات ماركة مسجّلة لهم، فما إن أنهى وزير الثقافة والاعلام الحالي عبد العزيز خوجه نقل أوراقه الى خلفه علي عسيري حتى سمعنا ذات التصريح المعلّب (المملكة تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف)، وإذا بنا نفاجأ ببعض الوزراء وتصريحاتهم المتكررة والمملّة، كالذي طلب منه أن ينفي حقائق عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد مع أنها صارت معلومة للقاصي والداني والغريب والقريب في هذا البلد.. مساكين الوزراء في مملكة آل سعود لا يشعرون بكيانيتهم كوزراء، فهم يتلقون أوامر من نظرائهم الأمراء، ويبهدلونهم في الصغيرة والكبيرة، حتى باتوا يتصرفون بحسب ما يملى عليهم..

أسلحة نووية بريطانيا للسعودية

ذكرت صحيفة (دايلي ميرور) في 8 أكتوبر الجاري أن الحكومة البريطانية تصرّ على أن ترخيص معدات للتصدير مثيرة للجدل، تحت السيطرة الشديدة لمنع استخدمها للقمع الداخلي. وتقول الصحيفة بأن مواد كيماوية تستعمل في الاسلحة النووية قد تم تصديرها الى السعودية. وقالت الصحيفة بأن مواد كيماوية للسلاح النووي، وغاز سي إس، وقطع غيار قذائف متفجرة ومسدسات من بين البضائع التي صادقت عليها الحكومة البريطانية للتصدير لبلدان قمعية.

مذكّرة من 5000 رخصة مواد خاضعة للسيطرة منحت منذ 2010 تكشف عن طلب شراء من مصر لـ 1900 سلاح هجومي ومسدسات حصلت على الضوء الاخضر في مايو الماضي.

ومركبات ديوتيريوم، المستعملة في الاسلحة النووية، كانت من بين المنتجات الخطيرة التي تم شحنها للسعودية. غاز سي إس، ومواد غاز المسيل للدموع ومتفجرات تمّت أيضاً المصادقة عليها للتصدير الى السعودية، والتي كانت موضع اتهام باستعمالها بشكل كثيف في الاحتجاجات الأخيرة.

في رد فعل على الصفقة، قال المتحدّث باسم حملة مكافحة تجارة الأسلحة، (لقد حان الوقت لأن نقول أوقفوا بيع الأسلحة للأنظمة القمعية). وأضاف (ديفيد كاميرون يزحف نحو حكّام الشرق الأوسط ليتوسل اليهم بشراء أسلحة المملكة المتحدة، بالرغم من أنهم يقمعون المطالبين بالديمقرطية).

الصفحة السابقة