جيش السعودية هو القاعدة

رسائل المناورة العسكرية السعودية

سامي فطاني

قالوا أنها أكبر مناورة في تاريخ السعودية! بل انها اكبر تمرين عسكري في الشرق الأوسط كما زعم اعلاميون سعوديون ـ وهو غير صحيح طبعاً؛ شارك فيها مائة وخمسون ألف جندي من الجيش والحرس الوطني والحرس الملكي ووزارة الداخلية، وسمّوها (سيف عبدالله) مذكرين إيّانا بمسرحية عبدالحسين عبدالرضا (سيف العرب) التي قصّت حكاية احتلال الكويت! وقد حضر المناورة وفود من كل دول الخليج، عدا قطر، حتى أن أمير البحرين المُتملّق حضر بنفسه شخصياً!

العائلة المالكة وحاشيتها بحاجة ماسّة الى منجز تقدّمه. هي بحاجة الى اظهار عضلات ارتخت منذ زمن، والمواطنون الذين يرون التحديات تحيط بهم وببلادهم، لا يرون إلا نظاماً منهاراً، وجيشاً اطلقوا عليه صفة (جيشة الكبسة).

لهذا كانت المناورة مهمة: فالسعودية تحمي نفسها دون حاجة لأميركا، هكذا يراد ان يقال!

والسعودية تستطيع ان تواجه المخاطر، والدليل صواريخ بعيدة المدى الصينية التي شبعت صدأً منذ منتصف الثمانينات الميلادية.

اذن النظام يريد ان يقنع المواطن بأنه قوي وأنه كفؤ لمواجهة التحديات. وهناك من المواطنين من يريد ان يصدّق بأن لديه جيش حقيقي لا تهزمه ميليشيات الحوثيين، ويستطيع ان يقوم بمناورة او تمرين عسكري، مقابل ايران التي صارت الآن بنظر آل سعود أخطر من اسرائيل، والتي تجري مناورات كل شهرين تقريباً!

أين هي عضلات السعودية العسكرية؟

انها في (تدريب سيف عبدالله)!

يا له من منجز، فقد استطاع الجيش السعودي ان يجري مناورة وحيداً بدون رفقة اميركان او غيرهم.

ابداً كان الأجانب حاضرين، وبينهم قوات باكستانية، حاول الإعلام عدم تسليط الضوء عليها إلا لماماً.

هل هناك رسائل أخرى؟

ربما، ولكنها قد تكون غير مقنعة:

قد تكون هناك رسالة الى دول الخليج، بأن الرياض قوية ويمكن الثقة بدعمها وحمايتها لها! لكن من يقتنع بذلك؟ فهذه الدول جميعاً تعتمد الحماية الغربية، الأميركية والبريطانية وحتى الفرنسية، وإذا ما حضر الماء الغربي، بطل التيمّم السعودي! وفضلاً عن هذا، فإن الرياض التي قامت ولازالت على الحماية الغربية ـ الاميركية والبريطانية ـ كيف لها ان تحمي غيرها؟ وحتى بعد مناكفتها مع امريكا، فإنها لاتزال تستشعر الحاجة للحماية الخارجية، وإلا لماذا ذهب ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير سلمان الى الباكستان، سائلاً اياهم استقدام ثلاثين الفاً من جنودهم الى الأراضي السعودية؟

رسالة اخرى غير مُقنعة أيضاً، فقد تكون الرياض بحاجة الى الفات نظر الإيرانيين بأنها قوية، وان لديها صواريخ بعيدة المدى، ولو قليلة. ولكن لماذا؟ فإيران ليست في وارد الحرب مع الرياض. فهل كانت الأخيرة تبحث عن تقوية وضعها التفاوضي مع طهران حول ملفات المنطقة اذا حان حين ذلك؟

ربما. لكن هذا غير مقنع أيضاً.

فالمناورة وقيمتها على ارض التفاوض تساوي شيئاً قريباً من الصفر!

بقي ان نقول ان الأمراء السعوديين قد يكونوا ارادوا ان يطمئنوا انفسهم في عملية تضليل ذاتي، وكثيراً ما يلجأ الفاشلون المبررون لأنفسهم الى أوهام الذات وخديعتها؛ وقد لا يكون القصد بادئ الأمر تضليل النفس، ولكن مجرى الأحداث السياسية يقود الى أوهام، خاصة في بلد لا تعتمد مقاييس علمية لا في سياسة ولا اقتصاد ولا عسكر ولا غيره.

# سيف عبدالله

هذا واحد من الهاشتاقات على تويتر التي ناقش وسخر فيها المواطنون من المناورة.

الصحفي جمال خاشقجي تساءل مادحاً: (لماذا تتحرّك نفس السعودي فخراً وإيماناً وهو يشهد مناورات سيف عبدالله؟) يجيب: (انها روح جهادية تكمن في خلايا المسلم، يسعى جاهلٌ لوأدها بتشويه الجهاد). يعني الجيش السعودي هو جيش الجهاد الوحيد، لا عجب فقد حرر الأرض وحمى العرض! وهو الجيش المسلم المجاهد الوحيد، لا جيش داعش والقاعدة اللتان شوهتا الجهاد!

إنها مصادرة حقاً! ففي حقيقة الأمر، لا جيش لدى السعودية الا جيش القاعدة! وجيوش الغرب الحامية للعرش!

صحفي اخر هو سلطان القحطاني يقرّر بعُجْبٍ كاذب: (حين يشاهد الأعداء ذلك التمرين العسكري الضخم، سوف يراجعون كثيراً حساباتهم)! الرجل واثق من حساباته، فالجيش السعودي معروف حجمه وتسليحه وإمكاناته وتجربته، وهو لا يخيف الأدنين، ولن يسمع أحد حتى بالمناورة او التمرين هذا!

ومثل السابِقَيْنْ محمد سعيد بيك الذي يتوقع ان يتصدّر خبر المناورة الوكالات العالمية ويستحوذ على اهتمام اقليمي ودولي. لم يحدث هذا يا محمد! فالجميع يعرف البير وغطاه!

اما المشيقح فارتُجَّ عليه، وظنّ ان المناورةَ حربٌ حقيقية؛ وصار يهدد: (اتّقِ شرّ الحليمِ اذا غضبْ)! ليتبعه آل موجان: (اضرب بسيفكَ كلنا لك سيوف! اضرب جِعِلْ عدوّك ما يقوم). الى حدّ ان مغردة خشيت على نفسها وهي تتابع قناة بوليوود السعودية وظنّت ان هناك حرب قامت او قريبة الوقوع: (وشْ السالفة: نبايعك يا عبدالله.. وكلنا سيف عبدالله؟! وشْ بيصير؟ حرب ولا أيش؟).

المغرد القنّاص يفاخر: (السعودية تشهر سيف عبدالله من غمده، وتحذّر: لن نسمح بالتدخّل في شؤوننا)، فيرد عليه أحدهم: (أقول! لا تستغفلْ الناس. ترانا عارفين الى أين وصل حال جيشنا)! ومشاعل الجعيّد تريد ان تقنعنا بدعايات النظام بأنه: ثاني اقوى جيش عربي؛ وثاني أقوى سلاح جو في المنطقة، وأنه جيش حرر الخفجي، لتصل الى (يطلعْ جاهل وجبان يسخر من مناورة سيف عبدالله)! لكن مشاعل لا تعلم ان من حرر الخفجي هو الحرس الوطني القطري!

لكن مغرداً يرد: (لا أعلم هل نصدّق تطبيل الصحف، أم نصدّق واقعنا؟ طالما جيشنا قوي كما يقولون.. إذن ماذا تفعل القواعد العسكرية الأميركية لدينا؟). ما يلفت ان عدداً كبيراً من الأمراء شاركوا في هاشتاقات التمجيد بالمناورة العسكرية. هذا احدهم يغرد:

مَنْ يظنْ حدودنا تِسْهَلْ عليه

او يِطاوِلْ في عنادَهْ او يديه

دونكِ رجالٍ بواسلْ ما تِلينْ

ما هو من هاليوم من ذيكِ السنين!

خالد القويز اعتبر اجراء المناورة مكسباً لوزير الدفاع ولي العهد سلمان وعدّ ذلك نقلة استراتيجية، وأوضح ان وجهة المناورة هي رسالة لإيران: (الإيرانيون يجرون سنوياً مناورات عسكرية ضخمة، ودول الخليج تتفرّج او تُنظّم مهرجانات. فمرحى بسيف عبدالله). بيد ان منال لِعْنِزي رأت ان عضلات النظام العسكرية موجهة للشعب: (لن أدعو للسعودية بالنصر، لأن الشعب عدوها. ها هي إيران قبّلوها بالرأس؛ ودعموا اسرائيل من تحت الطاولة) تقصد آل سعود.

وبمناسبة المناورة غرّد لنا الشيخ العريفي حانثاً في شهادته: (أنا أشهد أني زرتُ قواعدنا العسكرية، والتقيت بعشرات الآلاف من جنودنا وبمواقع الحرب. رأيتُ شجاعة وقوّةً وصدقاً وصلاةً واحتساباً). وهنا ردّ عليه الشيخ حجّاج العجمي من الكويت: (واضح جداً شجاعتهم في تسهيل ضرب العراق واحتلاله)! هذا الردّ تحوّل الى هاشتاق شارك فيه كثير من الطبّالين ضد العجمي ذي الميول القاعدية والداعشية شأن معظم مشايخ السلفية.

الشيخ طنف اتهم العجمي بأنه حرامي الطحين؛ وبندر يقول انه سارق التبرعات للسوريين؛ وآل الشيخ وصم العجمي بأنه جاهل نسي فلسطين، وكأن الجيش السعودي يتذكرها! محمد العمر هاجم الإثنين: العريفي والعجمي: (اثنينهم ذريّة بعضُها من بعض. اجتمعت المُترَدّيَةْ على النَّطِيحَةْ). كذلك فعل فيصل الشنيفي الذي يقول بأن حجّاج معروف، اما العريفي فمنافق كذاب، يقول انه ذهب للحرب، في حين انه ذهب للتصوير وبشهادة الجيش، ولم يصل لخط النار!

المتحمّس لوليّ أمره الصحفي سعود الريّس فُجِعَ من نقد العجمي للجيش المُسَعْوَدْ فقال: (عندما تسقط الأقنعة، وجوه يسكنها الخزي على استحياء).

الصفحة السابقة