(المَصْفَعَةْ): ترحّب بغيري وأنا الوَلْهَان!

أبدع رسام كاريكاتير صحيفة مكة، وهو يتحدث عن الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، وردّ فعل شيوخ الخليج، وفي مقدمهم ال سعود، على ذلك، على وقع ألحان أغنية: (ترحّب بغيري وأنا الوَلْهَان!).

قديماً قال الشاعر:

مَنْ يهُنْ يسهلُ الهوانُ عليه

ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ

الرياض يفترض أن تتمثّل بـ (إذا طاحَ الجمل، كثرتْ سكاكينه)!

كل المؤيدين للرياض وقت الرخاء، طمعاً في مغنم، أو بحثاً عن وجاهة، أو خضوعاً لقوي، بدأون يقفزون من السفينة، ويحدّون السكاكين، انتظاراً للفريسة.

يقول علي الوردي، أن العشاير التي كانت تقاتل الى جانب الجيش العثماني في صدّ القوات البريطانية المتقدمة من البصرة، انقلبت على حليفها بمجرد أن استشعرت ضعفه، ولَحقَت بعوائل الجنود تنهب وتقتل!

وفي تجربة آل سعود في معركة جراب 1915، التي قُتل فيها الكابتن البريطاني شكسبير، وهو يقاتل الى جنب آل سعود ضد شمّر حائل وابن الرشيد، هُزم الجيش السعودي (الإخوان) فارتدّوا على أنفسهم ينهبون الرواحل والأرزاق حتى (برنيطة) شكسبير نفسه!

السنغال والسودان والمغرب والأردن وحتى المَنْسي حكمتيار، والإخوان المسلمون الفاشلون، وحماس، أعلنوا استعدادهم للحرب الى جانب آل سعود في عدوانهم على اليمن؛ طمعاً في مالٍ، او تزلّفاً مقزّزاً لتحصيل دعم سياسي، أو على الأقل مشاركة اللئام على مائدة يحصلون فيها على لقمة مغموسة بالإذلال.

لكن الأمور لم تأتِ كما يشتهون، وبدأوا بالإنقلاب على مواقفهم، أو أصابهم الخرس بعد أن توضّح انها حرب خاسرة.

سخر البعض من السيسي وهو يقول (مسافة السكّة)! ثم طلب الثمن من آل سعود مقدّما و(كاش)! حتى يرسل بعض القوات؛ ثم حرّض على مهاجمة السعودية في الإعلام والسخرية من جيشها، فاسحاً الطريق لمعارضة الحرب السعودية نفسها ان يتحدثوا وينددوا، وكل ذلك من أجل ان يبرّر عدم اشتراكه فيها. وإلا كيف تخرج مسيرة امام السفارة السعودية بالقاهرة تندد بالحرب، وتتحدث عن (سلمان الجبان) في يافطاتها، امام مرأى الشرطة؟ يومها صرخ المعارض السابق ـ كساب العتيبي ـ مخاطباً الملك سلمان: (يا بو فهد، ما دونْ الحَلْقْ إلا اليدين)!

سيكثر الهاربون من السفينة السعودية حين يتأكد أنها تميل الى الغرق الحتمي.

وسيتحوّل الإعجاب والتأييد والحماس لآل سعود، الى سيف مصلت ضدّهم.

حتى داخل السعودية نفسها، فإن مؤيدي النظام حين يكتشفون الخسارة، وضعف النظام وهزاله، سيغيّرون مواقفهم، وسيهتبلون فرصة سقوط الجمل، لينالوا حصّة منه بسكاكينهم!

من يدعم آل سعود لأجل المال، سينفضّ عنهم ويشتمهم إن توقفوا عن العطاء!

ومن يدعمهم رفقة للمنتصر، فسينفضّون عنه إن كان هو المهزوم، وسيغرسون سيوفهم في جسده!

لقد أوهم الأمراء العالم بقوتهم وعظمتهم وقدراتهم السياسية وأنصارهم الكثيرين. سيتبخّر هذا شيئاً فشيئاً، وسيتحوّلون الى (مَلْطَشةْ) أو (مَصْفَعَةْ) للغادي والرائح.

هذه هي دورة الدول: يوم لك ويوم عليك!

حين تكون الدنيا مقبلة، كما حدث لآل سعود، تجد الجميع يطلبُ ودّهم، ويتملّق اليهم، ويرفعهم الى مصافّ الآلهة؛ او على الأقل يخشاهم ولا يستطيع ان ينبس ببنت شفة.

ومع الدوران وتقلّب الأحوال، يتجرّأ المتجرّئون عليهم، ويكتشف الخائفون هزال من يخشونهم؛ كما يكتشف الطامعون بأن لا شيء لديهم؛ لا احترام ولا مكانة ولا هم بالحصان الرابح، ولا السهم الأعظم!

بدأ أُفول آل سعود منذ زمن، لكنهم حافظوا على غشاء من الكبرياء الكاذب.

بعد أن تلقي الحرب على اليمن أوزارها، سيتأكد الجميع من انقلاب الزمن كلياً على آل سعود وأنه (ما دلّهم على موته إلاّ دابّة الأرض تأكلُ منسأته)!

الصفحة السابقة