كيف يُدار الإعلام السعودي؟

إدفع بالتي هي أخشن!

يحي مفتي

الدفوعات المالية هي أساس الإعلام السعودي، لكنها ليست كل شيء قطعاً.

فالرياض تمتلك ماكنة اعلامية فاعلة على المستوى العربي، ولكنها فاشلة على المستوى المحلي. بمعنى ان الإعلام السعودي رسم صورة جميلة عن اداء آل سعود وعن مملكتهم، وقد ضلل الكثيرين. لكن الإعلام ذاته الخارجي منه والداخلي، فشل في إقناع المواطنين انفسهم، بأداء الحكومة، ونزاهة الأمراء، وصلاح المنهج السياسي. والسبب يكمن في حقيقة أن اعلام آل سعود لا يستطيع ان يضلل المواطن كونه مُبتلى بمشاكل يعيشها يومياً، ولا يستطيع الاعلام إقناعه بخلافها.

اضافة الى الماكنة الاعلامية، وشراء الوسائل الإعلامية: صحفاً، ومجلات، ومحطات تلفزة وراديو وغيرها، هناك أسلوب العقاب والملاحقة والمقاطعة. المهتمون بالإعلام على مستوى الخارج كثر: وزارة الاعلام، وزارة الخارجية، وزارة الشؤون الاسلامية، وغيرها من الجهات والمؤسسات والأجهزة، بما فيها الاستخبارات السعودية. وفي السابق لم يكن هناك تنسيق بين هذه الجهات الرسمية بشكل قوي، لكن، وهذا ما يهمنا هنا، تغيّر الوضع فيما يبدو، حيث تشكلت لجان شبه متخصصة تدير الجهد الاعلامي والترويجي السياسي للرياض، بأوسع من مسألة الدفوعات لتشمل التخطيط.

وعليه: كيف تستطيع الرياض إدارة جهازها الإعلامي وتحسين صورتها، خاصة بعد تفجيرات واشنطن ونيويورك القاعدية في سبتمبر ٢٠٠١؟ فقد بذلت الرياض جهوداً جبارة للحفاظ على ما تبقى من سمعتها، والقيام بهجومات مضادّة.

تكشف وثائق ويكيليكس السعودية عن صور شتى لإدارة الرياض لمشروعها الاعلامي، الحامي لسمعتها، والمروّج لسياستها، والناشط في الدفاع عن أيديولوجيتها الوهابية.

شركات غربية لتجميل الوجه السعودي القبيح

تضمنت وثائق ويكيليكس عدداً من البرقيات عن محاضر اجتماعات لما يسمى (لجنة التنسيق/ فرع الاعلام الخارجي)، وهي لجنة مشكلة من ممثلين عن وزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، والاستخبارات العامة، ووزارة الاعلام وغيرها، بصلاحيات كبيرة، ويبدو ان اللجنة تبتّ في قضايا لها علاقة بتوجهات السياسة الاعلامية في الخارج، وتتواصل مع الوزارات الحكومية بما فيها وزارة التربية والتعليم، وكذلك وزارة التعليم العالي وغيرها. مثلاً، في رسالة الى وزيري الخارجية والداخلية، مؤرخة في عام ٢٠٠٣ (١٨/١١/١٤٢٤هـ)، هناك موافقة من اللجنة على: الاستمرار في برنامج حملة العلاقات العامة في امريكا التي تقوم بها شركات امريكية، وتطوير الرسائل الاعلامية للمملكة في الخارج بالتشاور مع السفارات حتى يتفاعل معها الرأي العام المحلي في الدول المضيفة. وتقترح اللجنة (تحويل رسائل الحملة في امريكا من الجانب الدفاعي عن المملكة، الى ابراز الأبعاد الانسانية للمجتمع السعودي… وضرورة التركيز على المشاعر الانسانية المشتركة التي تعاني منها أسر ضحايا التفجيرات الارهابية سواء في امريكا او المملكة… وكذلك الحديث عن حقوق المرأة في المجتمع السعودي… وأن تركز.. على أهمية دعم حقوق المرأة واعطاءها الدور الذي تستحقه للمشاركة).

يلاحظ هنا ان الرسائل التي تريد الرياض ايصالها الى الأميركيين واضحة: انها ضحية الارهاب القاعدي مثل الأمريكان، وان المملكة تعطي المرأة حقوقها مثلهم.

وفي رسالة لوزير الخارجية والداخلية مع نسخة لوزير الشؤون الاسلامية ووزير الاعلام، اقترحت لجنة التنسيق/ الاعلام الخارجي في اطار تقييمها الشامل لمسار حملة العلاقات العامة للمملكة في امريكا التوصيات التالية: (التحدث بصفة علنية عن اجراءات المملكة المتخذة في مكافحة الارهاب، والعمل بكل قوة لدحض الاتهامات)؛ كما اوصت اللجنة على ايجاد لغة وارضية مشتركة مع اليمين الامريكي المحافظ بحيث يتم (وضع رسالة اعلامية تنطلق من الأرضية المشتركة بين التيار الديني المحافظ داخل امريكا، وبين ثقافة المجتمع السعودي المتدينة، وترسيخ المبادئ التي نؤمن بها جميعا، مع الاستفادة من الدراسة التي اعدتها سفارتنا في لندن عن الدين الاسلامي والدين المسيحي في تصميم الرسالة المطلوبة، وكذلك الاستفادة من لجنة الحوار الموجودة في رابطة العالم الاسلامي). الرسالة المراد ايصالها لليمين الامريكي هي: (تضامن المتدينين من مختلف الديانات السماوية لنبذ التطرف الديني ومواجهته من جانب، ومواجهة العلمانيين من جانب آخر… وأن ما يحمله بعض الأفراد المتدينين لا يعني بالضرورة انهم ارهابيون). ويقترح ان ينفذ المشروع من قبل شركتي علاقات عامة في امريكا وبريطانيا.

واضح هنا ان الرياض تستميت للدفاع عن نفسها ازاء تحميلها مسؤولية العنف والاجرام القاعدي وتغذيته والمشاركة فيه بأبنائها وفكرها وايديولوجيتها وأموالها.

ومن بين المقترحات ان تقوم وزارة الاعلام بالاتفاق مع مخرج امريكي او بريطاني جيد لإنتاج فيلم وثائقي باللغتين العربية والانجليزية (يوضح مواقف المملكة وجهودها في مكافحة الإرهاب، على ان يُبث في القنوات التلفزيونية العربية والاجنبية، وان يتم ذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية)!

في محضر اجتماعات لجنة التنسيق، آنفة الذكر، في العام التالي ٢٠٠٤ (٣/٣/١٤٢٥هـ)، اقترحت اللجنة في رسالة بالتاريخ المذكور على وزيري الاعلام والخارجية: الاستعانة بالخبرات الأجنبية لتطوير التلفزيون المحلي ـ يسميه السعوديون غصب ١)؛ كما اقترحت ان يقيم مسؤولو الاعلام الخارجي علاقات شخصية مع منسوبي وسائل الاعلام الأجنبي، الأمريكي بشكل خاص، وتوجيهها نحو المؤثرين (مثل المحررين، ومنتجي الشبكات التلفزيونية، وصانعي الأخبار، وذلك بهدف التأثير في صناعة الخبر، وتبادل المعلومات بشأنه) حسب نص الوثيقة.

وفي محضر اجتماع ثالث للجنة التنسيق في الاعلام الخارجي، وافقت اللجنة على خطة تقضي بـ (مواصلة الجهود لجذب الاهتمام الشخصي للرئيس بوش لموقف المملكة) بشأن موضوع تلبسها بالإرهاب، وأكدت اللجنة (على اهمية ضبط التصريحات الصادرة عن المملكة والتي تعتبر الوقود الذي يغذي التوجهات السلبية للمناهضين للمملكة في الولايات المتحدة واستثمارها في حملتها ضدها) وأيدت امراً ملكيا قضى (بضرورة وجود متحدث بإسم الدولة لتغطية الأحداث الداخلية والخارجية).

كتاب للخدمة، واعلام ومساجد محلية خارج السيطرة

يلاحظ ان الرياض تعتمد في تحسين صورتها الاعلامية في الغرب خاصة في امريكا وبريطانيا، وبشكل كلي تقريبا، على شركات العلاقات العامة التي تقترح الخطط في اطارها العام، ثم يقرّها السعوديون ويضيفون عليها، ثم تبدأ الشركات بتنفيذها في اكثر من بلد. وهذا ما أكدت عليه وثيقة من اللجنة مرسلة لوزير الخارجية، مع نسخة لوزير الداخلية واخرى لرئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء (مؤرخة في ١٨/١١/١٤٢٤هـ ـ ٢٠٠٣م)، وشددت على أن تعالج احدى شركات العلاقات العامة العاملة مع السعوديين وضع رسائل اعلامية موجهة للرأي العام الامريكي في مواضيع مثارة ضد السعودية مثل (الإرهاب، حقوق الانسان، حقوق المرأة، الإصلاحات الداخلية، المشاركة السياسية، السياسة التعليمية، وغيرها). ومن المقترحات الموافقة على (المشروع المقدم من نواف عبيد والمشتمل على تأليف كتاب عن التغييرات التي شهدتها المملكة منذ أحداث ١١ سبتمبر، والموجه للرأي العام الأمريكي، على أن يتم نشر الكتاب عن طريق جامعة هارفرد… وعلى ان يتم الصرف على ذلك من المبالغ المخصصة للحملة في امريكا). ومعلوم ان نواف عبيد يعمل مع جهاز الإستخبارات السعودي، وهو يظهر نفسه بشكل مستقل وانه اكاديمي وكاتب لا علاقة له بآل سعود!

والحقيقة ان اللجنة لديها قائمة بالأسماء التي تتعاون معها، والتي تمّ شراؤها سعودياً. ففي محضر احدى جلسات لجنة المتابعة/ الاعلام الخارجي، تضمنت رسالة موجهة الى وزراء الخارجية والداخلية والاعلام، توصية تقول بـ (أهمية عدم ترك الساحة خالية لمثل هذه الكتب ـ يُقصد الكتب والدراسات الغربية العديدة التي صدرت بعد احداث سبتمبر والتي تربط آل سعود بالإجرام والإرهاب والفساد ـ والتي ستكون مرجعية للباحثين في الشأن السعودي في المكتبة العالمية خلال السنوات القادمة، الأمر الذي يحتّم العمل على مواجهتها، من خلال قيام سمو سفيرنا في لندن ـ المقصود تركي الفيصل ـ بتأليف كتاب يوضح علاقة المملكة بحركة طالبان في أفغانستان وأسامة بن لادن…. وكذلك رسالة الدكتوراة للباحثة الأمريكية ناتانيا ديلونغ عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب…. والاتصال بالدكتور مأمون فندي لبحث إمكانية وضع كتاب عن الجهاد في الإسلام وظاهرة العنف وابن لادن، والإتصال بالدكتور اكبر أحمد ـ باكستاني الجنسية وباحث في الجامعة الأمريكية بواشنطن ـ لتأليف كتاب يتناول جهود المملكة في مجال الدعوة للحوار بين الأديان واعتدالها ونبذ التطرف وغيرها من القضايا الراهنة).

لكن التطرّف عميق في مملكة داعش السعودية، ولا تستطيع العائلة المالكة ان تسيطر عليه، فكتابها ومشايخها والمدافعون عنها، متطرفون، ما سببوا لها حرجاً. وتقول احدى الوثائق التي حوت محاضر اجتماعات لجنة التنسيق، أنها توصي بـ (العمل على السيطرة على ما ينشر في بعض الصحف المحلية من مواقف متزمتة، لتأثير ذلك على جهود حملة العلاقات العامة في الخارج). كما اقترحت في اجتماع آخر على وزير الخارجية سعود الفيصل ان ينسق ويتشاور مع وزير الشؤون الاسلامية في موضوع (إيقاف التهجّم على الديانات الأخرى، وأصحابها من على منابر المساجد في جميع أنحاء المملكة بشكل حاسم). لكن لا فائدة، فإلى هذا اليوم، لا توجد قدرة على ـ او الرغبة في ـ السيطرة على الخطاب المتطرف العنفي الوهابي، فالدواعش والقواعد هم خريجو جامعات ومؤسسات الدولة الدينية، ولهم حضورهم في الإعلام، وسيطرتهم على المساجد مطلقة.

وأيضاً لضبط التصريحات من قبل الوفود السعودية التي تسافر للخارج، فقد اقترحت اللجنة (تنظيم الوفود الحكومية وغير الحكومية التي تغادر للخارج في مهام علاقات عامة، تحت الاشراف المباشر لوزارات الداخلية والخارجية والثقافة والإعلام).

دعم صحف ومجلات ومحطات تلفزة

هذا الفعل امرٌ اعتيادي، بمعنى أنه عملٌ تقوم به دولٌ عديدة. لكن المشكلة بالنسبة للسعودية هي هوسها بالسيطرة على كل الإعلام وكل ما يُنشر. هناك دول كثيرة تدعم صحفاً بعينها لترويج سياسة بعينها. الرياض ليست على هذا النحو، ولا تقوم سياستها على اختيار دقيق في دعم وسائل اعلامية لها تاثير، وبغية الترويج او الدفاع عن سياستها بالضرورة.

يدلنا على هذا أمران:

الأول ـ أن مروحة الدعم السعودي للصحف والمجلات تشمل كل دول العالم تقريباً. فحيثما وجدت سفارة لآل سعود في بلد ما، يمكنك ان تتوقع ان هناك دعماً مالياً لوسائل اعلام في ذلك البلد، بغض النظر عن طبيعة تلك الوسائل. وهذا يعني ان الرياض تنفق الكثير من المال. لكن الأغرب هو التالي:

الثاني ـ فلسفة آل سعود في شراء الصحف والصحفيين مختلفة نوعاً ما. فهي تدعم الصحف والمجلات في كثير من الاحيان، بغرض: (كفّ الأذى) أي بغرض ان لا تهاجم تلك الوسائل الإعلامية السعودية وسياساتها، وليس بغرض الإنخراط في الدفاع عن السياسة السعودية، او تبنيها. وهذا أمرٌ لا تفعله الدول عادة، على حد علمنا، ولا نظن أن هناك دولة، تدعم صحفاً وصحفيين وقنوات، ووسائل اعلامية اخرى، وتشتري كتب مؤلفين، فقط لغرض كفّ الأذى. ما يطرح السؤال: هل الرياض ضعيفة وقابلة للكسر تجاه أي نقد محتمل؟ لماذا هذا الهوس بل النرجسية السعودية إزاء ما يُنشر ويكتب عن مملكة آل سعود وشخصياتهم؟ ثم الا تشجع الرياض بفعلها هذا الآخرين على ابتزازها إن لم تدفع؟

الرياض، وبالنسبة للصحف والمجلات، اعتادت وعبر وزارة الإعلام ومن خلال السفارات السعودية، على الإشتراك السنوي فيها بأعداد محددة، كأشهر وسيلة من وسائل الدعم. في بعض الأحيان تقدمه بصورة أخرى: على شكل اعلانات مثلاً، أو بغطاء آخر مختلف. فيما يتعلق بالصحف المعارضة او التي لا تتماشى مع السعودية، فإن الرياض تحاول اختراقها من خلال شراء عناصر في صحيفة او مجلة ما، ربما تؤثر في المستقبل في السياسة العامة للمطبوعة، او تحاول هذه العناصر جهدها ان تعوق اي مادة اعلامية تتعرض للرياض وتنقدها!!

وثائق ويكيليكس السعودية، أظهرت لنا من خلال المراسلات بين السفارات السعودية ووزارة الخارجية، اسماء عشرات الصحف والمجلات في بلدان عديدة يتم دعمها عبر الاشتراكات، وفي احيان قليلة تبدو الاشتراكات تافهة، بحيث يظهر انها ليست لشراء مواقف اصلاً وانما للمتابعة والمراقبة. وكما قلنا فإن الاشتراكات تتم باوامر وزارة الاعلام وتقوم بها السفارات بالنيابة. رأينا مثلاً اشتراكات لعشر صحف ومجلات موريتانية لمدة عام (كان ٢٠١٠)؛ وهناك اشتراكات في صحف ومجلات لبنانية، وكويتية مثل السياسة ومجلة المجتمع واليقظة وغيرها، اضافة الى اشتراكات لصحف ومجلات اردنية، اغلبها اسلامية، وكذلك في سفارة آل سعود بابو ظبي هناك اشتراكات مع مجلة الأيام والفجر والاصلاح، وفي دمشق مع مجلة المنارة والثقافة.

ويلاحظ ان الوثائق السعودية ترتبط اكثر ما ترتبط بمطبوعات دول فقيرة، او فاسدة احيانا. في نيجيريا هناك اشتراك في اربع صحف مثلاً وقد سلم لهم المال في شيكات. في استراليا هناك دعم لصحيفة التلغراف، وميدل إيست تايمز، وجريدة النهار وصحيفة المستقبل، وقد اعطيت كل مطبوعة عشرة آلاف دولار استرالي، حسب اوامر الخارجية السعودية. اما في اندونيسيا فالسعر أرخص عادة، وهناك اشتراكات مع مجلة ألو اندونيسيا، وثلاث صحف أخرى، الأولى اعطيت عشرة آلاف دولار، والأخريات ثلاثة آلاف دولار لكل منها.

ويجب ملاحظة أن السعودية تحاول ان تشتري او (تُخصي) الاعلام العربي المهاجر في كل بلد، أو تراقبه من خلال الإشتراكات، سواء كان باللغة العربية او بالأجنبية. خذ مثلاً ان الرياض تشترك في كندا مع اربع صحف: (الرسالة، المهاجر، الدبلوماسي، الأخبار).

احدى البرقيات من وزير الاعلام الى وزير الخارجية سعود الفيصل تخبره بأن سفارة المملكة في غينيا تذكر بالمساعدة السعودية السنوية لوكالة انباء غينيا وهي مجرد ألفي دولار أمريكي. وهناك شكوى مماثلة جاءت من ثمان مطبوعات تريد من سفارة آل سعود في مالي تجديد الاشتراكات وهي تبلغ في مجموعها مائة وعشرين ألف ريال سنويا.

أخرى سرية مرسلة من (نجدية بريتوريا) (نجدية تعني سفارة في ثقافة نجد التي تسيطر على الدولة رغم أقلويتها) وهي مؤرخة في (١٥/٢/١٤٢٩هـ ـ ٢٠٠٨) وتفيد بأن شبكة المراجعة الاعلامية تحدثت عن اعتقال المواطن الدكتور مختار الهاشمي (لازال معتقلاً حتى الآن) بصورة غير قانونية ولمجرد انتقاده للوجود الأمريكي في العراق، والمطالبة بالاصلاح الديمقراطي. السفارة السعودية اقترحت عدم الرد وأضافت بأنها (ستعمل على عقد لقاء مع الشبكة لتصحيح مفاهيمها الخاطئة حول المملكة، في محاولة لاحتوائها أو تحييدها على الأقل)، هكذا نصاً! وقد وافقت الخارجية السعودية على هذا الإجراء!

لا نحتاج الى كثير ذكاء لنعرف ان السفارة لا بدّ وانها حاولت اغراء واغواء وشراء الشبكة لتخرس عن النقد! ولا نعلم ما اذا كانت قد نجحت ام لا!

مستشار رئيس بوروندي ونائب رئيس الحزب الحاكم في تنزانيا، طلب في ٢٠٠٨ من (نجدية دار السلام/ سفارة آل سعود) دعما مالياً لإذاعة (سلامة) وتغطية رواتب الموظفين لأربع سنوات قادمة!، والكلفة النهائية ١٢٠ الف دولار. الخارجية السعودية سألت (نجديتها) عن معلومات حول الاذاعة وتوجهاتها ومرئيات السفارة، ليتقرر الدفع من عدمه!

الأكثر أهمية من هذه الصحف، هو ما يصدر في الباكستان. هنا حيث مزرعة آل سعود واستثمارهم الطائفي. هناك وثيقة واحدة ـ وربما كان هناك غيرها ـ تفيد بأن الرياض تشترك في سبع صحف ومجلات، سياسية ودينية. فجريدة جنك وهي مشهورة لا يوجد سوى اشتراك بمبلغ ستة آلاف دولار لعامي ٢٠١١/ ٢٠١٢. وجريدة الفجر (دون) كان اشتراكها بمبلغ يزيد على تسعة آلاف دولار، ومجلة اخبار العرب اكثر من ستة آلاف دولار، ومجلة اهل الحديث حصلت على ٢٤ الف دولار، ومجلة تكبير ثمانية آلاف دولار، وجريدة باكستان اوبزيرفر كان اشتراكها بمبلغ يزيد على ٢٣ ألف دولار!

بالطبع لا يمكن ان تكون كل المعالجات السعودية بالدعم المالي، فهناك الحرب ايضاً، كما هو الحال مع قناة العالم، حيث يقول وزير الخارجية السعودي: (اما بالنسبة لقناة العالم الايرانية، فإن موقف المملكة في هذا الشأن محسوم بأمر خادم الحرمين الشريفين رقم ١٠٧٣/م ب، وتاريخ ٥/٢/١٤٣١هـ، لمعالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، بالإيقاف الفوري لقناة العالم من على القمر الصناعي عربسات، وأن يتولى معاليه حشد التأييد لهذا القرار في اجتماع مجلس عربسات). وهو ما تم فعلاً، حيث اوقفت القناة من البث.

لكن قد يكون البعض محظوظاً، فالرئيس البوسني حارس سيلاجيتش، أسس محطة تلفزيونية عام ٢٠١٠، ورأى أن يحولها الى تجارة، ويريد أن يبيع ٥١٪ من أسهمها الى أحدٍ ما، وهل يوجد مشترٍ غير آل سعود؟!

لكي يغري آل سعود، قال سيلاجيتش للسفير السعودي في سراييفو انه تلقى عرضين: أحدهما تركي والآخر يوناني (لكنه يرغب في أن يكون المستثمر من دولة اسلامية) وكأن تركيا ليست اسلامية!! وقال الرئيس حارس بأنه (كان يود الحديث تلفونياً مع سمو وزير الخارجية ليعرض عليه هذه الفكرة، ولكنه يقدّر إنشغال سموه بالأحداث في الشرق الأوسط). 

السفير قدّم العرض لوزارته في الرياض، وقال بأن السفارة في سراييفو سبق وأن أوضحت ان هناك اهتماما من دول عديدة بالنشاط الاعلامي في البوسنة (مثل قناة الجزيرة التي اشترت قناة تلفزيونية خاصة، وحوّلتها الى قناة الجزيرة البلقان، باستثمار تقدّر تكلفته بعشرين مليون يورو، وقد بدأت نشاطها من سراييفو في عام ٢٠١١)، كما أن تركيا افتتحت مكتباً لوكالة انبائها وان التلفزيون التركي يفكر في شراء قناة خاصة والعمل من خلالها.

أسامة نقلي، مسؤول الاعلام في وزارة الخارجية كتب للوزير السابق سعود الفيصل مبدياً رايه وموضحاً أن هناك أمراً سامياً منذ اربع سنوات (منذ ٩/٩/١٤٣٢هـ) قضى (بالموافقة على دعم بعض القنوات التلفزيونية الخاصة في البوسنة و الهرسك). وأن (مبدأ شراء المملكة لحصة في قناة تلفزيونية هو فكرة جديدة وجديرة بالإهتمام في ظل الحرب الإعلامية في البوسنة والهرسك ـ من قبل أفراد ومجموعات مرتبطة بكل وضوح بإيران واسرائيل، ومجموعات متطرفة في صربيا ـ على المملكة واتهامها بدعم المتطرفين)!

والمعنى؟ اشتروا ما يعرضه عليكم فخامة الرئيس، مادامت المواجهة مع ايران!

أكثر من أخذ أموالاً من السعوديين، قد يكون اللبنانيون! سواء كانوا سياسيين أو صحفيين او مالكي وسائل اعلامية. هناك وثائق عن قناة ام تي في وغيرها، ودعمها بنحو مليون دولار، تجد بعض تفاصيلها في موضوع آخر.

الصفحة السابقة