السعودية تطلق: التحالف الإسلامي العسكري!

يبدأ بكذبة، وينتهي بفضيحة!

هاشم عبد الستار

الساعة الثالثة فجراً من يوم ١٥ ديسمبر الجاري، ظهر محمد بن سلمان، وزير الدفاع، ومسؤول لجنة التنمية والإقتصاد، ليعلن تشكيل تحالف اسلامي عسكري لمواجهة الإرهاب، حسب الطلب الغربي/ الأمريكي تحديداً. قال ان ثلاثاً وأربعين دولة قد انضمت اليه، في حين أن معظم الدول المذكورة لم تسمع بالأمر إلا في التلفاز! فلبنان نفى علمه بالأمر، وأندونيسيا حذرت من استخدام اسمها في أمور لم يتم التشاور معها بشأنها، تماماً مثلما حدث في تحالف الأحزاب ضد الشعب اليمني. والباكستان اعلنت مفاجأتها من هذا الإعلان الذي لم تُستشر بشأنه، وقالت أنه حلف يحتاج الى إعداد كبير. أكثر من هذا فإن تركيا التي رحبت في البداية، قالت انها ليست جزءً منه، وأنها يمكن أن تدعمه استخباراتياً. فلماذا يكذب السعوديون ويضعون قائمة دول تدعم مشاريعهم الورقية الفاشلة بدون استئذان احد، ودون حساب العواقب والفضائح؟

صدر الإعلان الثالثة فجراً بتوقيت السعودية، وحسب ايان بلاك، الصحفي في الغارديان، فإن القرارات الملكية لا تستهدف ايصال رسالة الى المواطنين العرب او السعوديين، النائمين الساعة الثالثة فجراً، وإنما المواطن الأمريكي الذي يشاهد التلفاز في وقت الذروة. والسبب ان السعودية تريد ان تدافع عن نفسها ازاء اتهامات غربية متزايدة لها بأنها وراء الإرهاب العالمي الداعشي والقاعدي، فكراً وتمويلاً ورجالاً ومقاتلين ومفتين. أو تريد كما في قرارات أخرى، أصدرها الملك سلمان نفسه، بما فيها قرار عاصفة الحزم، تلميع (الذات) عند الأمريكيين.

كان يفترض قبل اعلان تشكيل هذا الحلف الجديد المزعوم، وبثلاث ساعات فقط، أن يبدأ وقف اطلاق النار في اليمن. لكن تمّ تأخير وقف اطلاق النار، الى الساعة التاسعة صباحاً، في عملية مستهدفة للتغطية على الهزيمة السعودية الفضيحة في اليمن.

الرياض لا تريد ان يسلط الضوء على مفاوضات سويسرا بين الأفرقاء اليمنيين، وفي وسطهم السعودية الحاضرة رغما عنهم. ودعت الى اجتماع سري، لكنه ليس كذلك ولا يمكن ان يكون. فالرياض تريد ان تخرج بماء الوجه من اليمن، فأعلنت حلفاً جديداً عسكرياً ترضي به الغرب من جهة، وتغطي على المفاوضات اليمنية من جهة ثانية، وأيضاً لتوفر غطاءً للتدخل في دولتين على الأقل هما العراق وسوريا، اللتان تعانيان من الإرهاب الوهابي، واللتان لم تدعيا اصلاً للمشاركة في هذا الحلف، ومعهما ايران.

أمريكا وحليفاتها الغربيات رحبت بالحلف الجديد، وتركيا كانت اكثر ترحيباً، فهي تبحث عن غطاء إسلامي سنيّ لتدخل قواتها في العراق وربما سوريا إن خفضت موسكو عصاها بوجهها. لكنها فيما يبدو اكتشفت من خلال التصريحات السعودية ان الغرض هو تحويل المعركة السعودية ضد الإرهاب الى حرب ضد خصومها السياسيين في المنطقة. ترى من هو المستعد أن يخوض حرباً بالنيابة عن السعودية؟ لا أحد! اللهم الا جيبوتي، والصومال وأمثالهما!!

بقي ان نقول بأن محمد بن سلمان ظهر ولأول مرة منذ تم (تمليكه) البلاد من قبل أبيه، في مؤتمر صحفي، وجيء بالصحفيين النائمين ليسمعوا منه اجاباته القصيرة، والتي تمّ تدريبه عليها ـ كما تؤكد المصادر المقربة منه. والأمر الآخر المهم هو أن محمد بن سلمان مسؤول عن الدفاع، أما قضايا الإرهاب فمسؤول عنها محمد بن نايف ـ ولي العهد ووزير الداخلية. ومن الواضح ان ابن الملك قد سطى على صلاحيات ابن عمّه، الذي هو الرجل الثاني رسمياً في الدولة.

هيئة كبار العلماء دعت العالم الاسلامي للمسارعة للإنضمام الى التحالف الإسلامي العسكري، فمشايخ الوهابية يعتقدون بأن ذلك يدفع تهمة الإرهاب عنهم وعن نظام حكمهم، ويرسخ الزعامة السعودية بزعمهم. وهذا ما يقول العسكري السعودي ابراهيم آل مرعي، الذي اكد ما قاله محمد بن سلمان بأن الغرض مكافحة كل التنظيمات الإرهابية، اي ان الغرض تحويل الموضوع الى مكافحة لتنظيمات شيعية، وتخفيف الوطأة عن التنظيمات التي تستقي من الوهابية تكفيرها وعنفها ودمويتها. وقال آل مرعي بأن التحالف الجديد بديل عن القوة العربية المشتركة الفاشلة.

المهم ان الصحافة السعودية وجدت مادة جديدة لحرف انظار المواطنين عن هزيمة آل سعود في حرب اليمن؛ وروجت لانتصار سعودي جديد على الأوراق الصفراء، وما أكثر الإنتصارات الوهمية السعودية.

مصير التحالف السعودي المزعوم الجديد، سيكون مثل مصير تحالف الحرب على اليمن. يبدأ بكذبة وينتهي بفضيحة.

الصفحة السابقة